خاص: إعداد- سماح عادل
ماذا يحدث عندما تقرر كاتبة أن تتغزل في رجل تحبه؟، وتدرج هذا الغزل في نصوصها، لما تفعل ذلك؟، وهل تواجه رفضا ما حين تفعل؟، هل تتغزل النساء بطريقة مختلفة وتفاصيل مغايرة، وزوايا الرؤية والتعبير لديها تختلف.
هذا التحقيق عن (الغزل في كتابات النساء) وقد جمعنا الآراء من كاتبات وكتاب وقراء من مختلف بلدان العالم العربي.
وكانت الأسئلة الموجهة للكتاب كالتالي:
- ما رأيك في كتابة النساء غزلا في الرجل هل تتقبل ذلك وهل تتقبل الجرأة في غزل الكاتبات؟
- هل قرأت الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم؟
- هل اطلعت على غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية وما رأيك فيه؟
- وهل يختلف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال؟
- هل تحب أن تتغزل فيك امرأة وتكتب ذلك، وهل تسمح لزوجتك أو قريبتك إذا كانت كاتبة أن تتغزل في نصوصها؟
الغزل العربي حسي وسطحي..
يقول الكاتب المغربي “مصطفى لغتيري”: “أقول دائما بأن الكتابة الأدبية تزدهر في أجواء الحرية، وحين نكبل المبدعة أو المبدع ونفرض عليهما الخطوط الحمراء في الكتابة، نكون بذلك قد اعتدينا على حرية الإبداع والمبدع معا، لذا أتقبل طبعا أن تخوض الكاتبة كالكاتب، حذو النعل بالنعل، في جميع الموضوعات بما فيها الغزل، حتى في درجاته القصوى، شريطة أن يكون هذا الغزل موظفا بشكل جيد، ويتطلبه النص. لا أن يكون مقحما إقحاما لخلق الإثارة فقط. أقصد أن تكون الضرورة الفنية تتطلب تلك الجرأة في الغزل. وهذا الشرط تتساوى فيه المرأة مع الرجل، فهو شرط فني لنجاح الإبداع عموما”.
وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم يقول: “بالتأكيد قرأت الكثير من الغزل، واعتبر الغزل الذي جاء في العهد القديم، في نشيد الإنشاد من أجمل ما كتب في هذا الباب، كما قرأت أقدم قصيدة غزل عثر عليها في لوح سوماري، وهي بحق قصيدة بديعة، كما قرأت قصائد سافو الشاعرة اليونانية القديمة، التي وصفت بأنها أول شاعرة طرقت بجرأة باب الغزل، بل تمادت في ذلك حتى لقبت بأول سحاقية في التاريخ، لأن غزلها كان في النساء، كما قرأت قصائد عربية لعمر بن ابي ربيعة وبشار وبرد وغيره، واستمتعت بأشعار ولادة بنت المستكفي التي أبدعت في قصائدها الغزلية”.
وعن غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية يقول: “بحكم اطلاعي على أغلب ما يتاح لي الاطلاع عليه من كتابات إبداعية للرجال والنساء، فإنني غالبا ما أصادف قصائد غزلية للنساء، ونصوص قصصية وروائية تطرق هذا الموضوع، أحيانا باستحياء وأخرى بجرأة، وتعجبني هذه الكتابة إذا كانت موظفة بشكل جيد، ويشعر القارئ أن تطور النص يتطلبها، وهناك نصوص كاتبة أظنها كردية قد حطمت في هذا الباب كل الحواجز. كما أن بعض الكتابات السعوديات طرقن هذا المجال، لكن القيمة الفنية لنصوصهن تبقى ضئيلة بالمقارنة مع جرأتهن”.
وعن اختلاف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال يقول: “الغزل عند النساء متفاوت، أحيانا يكون رمزيا بحيث يستشفه القارئ من خلال السياق أو الرموز، وأحيانا يكون فاضحا يسمي الأشياء بمسمياتها، وهي في ذلك لا تختلف عن الرجل كثيرا، فقط يميل الرجل إلى أن يكون فاعلا ومؤثرا في شعره الغزلي، ويجعل النساء موضوعا للرغبة، بينما أكثر النساء يتقمصن دور الموضوع، إلا في حالات نادرة تصبح فيها المرأة فاعلا ومشتهيا للرجل، أما رأيي في الغزل في الشعر العربي عموما فيلخصه ما جاء في كتاب “الخيال الشعري عند العرب” للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي، الذي اعتبر الغزل العربي حسيا، وسطحيا لا يمس عمق المشاعر، ويفتقد عموما للبعد الإبداعي العميق”.
وعن قبول التغزل فيه و السماح للزوجة أو القريبة إذا كانت كاتبة أن تتغزل في نصوصها يقول: “بطبيعة الحال، باعتباري كاتبا لزاما علي أن انتصر للحرية في الإبداع وفي الحياة عموما، لذا أشجع المرأة الكاتبة على أن تطرق في كتاباتها شتى المواضيع، بما فيها الغزل، لكن كما قلت سابقا بشرط أن لا يكون غزلا أو تغزلا مجانيا، بل يستحسن أن يأتي ضمن رؤيا عميقة، تجعل من الموضوع شكلا من أشكال الإبداع الثوري، الذي يكون معادلا موضوعيا لتمرد المرأة ضد الطابوهات، وتعبيرا منها على التمسك بكينونتها الكاملة والمستقلة وبحريتها، ولن يختلف الأمر سواء كانت هذه المبدعة تجمعني بها قرابة أو صداقة أو مجرد كاتبة أقرا لها واعرفها عن بعد”.
غزل ينزل الغيث على صحراء قاحلة..
ويقول الكاتب الكردي العراقي “آريان صابر الداوودي”: “لماذا لا تكتب النساء غزلاً؟، ألا يحملن مشاعر؟، كل شيء في الأنثى عبارة عن أحاسيس، فهي الأولى أن تكتب غزلاً، وستبدع في ذلك، ولكن أنا أتعجب، وإن كان كثيرون لا يرون هذا… الصحيح (حسب وجهة نظري) لا يوجد شيء باسم الكتابة النسائية أو الرجالية، هو مصطلح “أدب إنساني” يشمل الجنسين.. يشمل كل أدب فيه إبداع… ولأن نحن في مجتمع شرقي، نرى بعض الإبداع حكراً على الرجال فقط، لذا نتعجب لو أبدعت المرأة في مجال”.
ويواصل: “نعم قرأت الكثير في الأدب الكردي وأتذكر كانت إحدى الإذاعات الكوردية القديمة كانت تعرض عبر صوت المذياع مسلسلاً إذاعيا ينقل من خلاله الحوار الشعري العشقي الغزلي بين شهامة رجل القرية، وطهارة القروية، حتى في غزلها وقار، وهيبة…”.
وعن الغزل في الوقت الحالي يقول: “نعم، في وقتنا الحاضر الكثير من النساء حاولن التمرد، والتنفس، فكتبن غزلاً عن الوطن، ثم الأهل، حتى وصلن إلى غزل الحبيب. وبالتأكيد الكثير من الروايات كتبتها النساء ونقلن الغزل على لسان الشخصيات داخل الحدث الروائي”.
وعن اختلاف غزل النساء في الكتابة عن غزل الرجال يقول: “بالتأكيد الغزل يختلف، فهي تركز على التفاصيل الصغيرة، وهو على التفاصيل (الأكبر من الصغيرة)، عندما تكتب الأنثى غزلاً ينزل الغيث على صحراء قاحلة، تزهر الأرض، وتخضر”.
ويؤكد: “إن تتغزل فيّ امرأة وأكتب ذلك، فتلك حدث وسيحدث دائماً، فنحن كائنات نحتاج الشعور بالاهتمام كما تحتاج أجهزتنا إلى الشحن بين الحين والآخر.
أما بالنسبة لأن أسمح لإحدى القريبات أن تتغزل… لمَ لا؟، أليس من حقهن أن يعبرن عن أبسط حقوقهن؟. تندرج كل إجاباتي تحت مبدأ أساسي هو حرية كل فرد في التعبير. الحرية عندي قيمة مطلقة لا يحدها إلا تعارضها مع حرية الآخرين”.
الشاعرات في أغلبهن أكثر حياءً..
ويقول الكاتب السوداني “صلاح القويضي”: “عندي تحفظ أساسي بخصوص تقسيم “الكتابة” إلى نسوية وذكورية. فالإبداع الكتابي عندي تعبير عن “موقف” من قضايا وأسئلة “إنسانية”. هذه القضايا قد تتعلق بالمرأة أو بالرجل. المهم عندي هو طبيعة القضايا أو الأسئلة التي تتناولها الكتابة، وليس “جنس” من يتناول تلك القضايا في كتاباته”.
وعن الغزل لدى الشاعرات في الزمن القديم يقول: “بالتأكيد قرأت الكثير من شعر “الغزل” الذي كتبته شاعرات من العصور السابقة مثل ليلى الأخيلية، وأم الكرام بنت المعتصم بن صمادح، وبثينة بنت حبا بن ثعلبة العذرية، وليلى العامرية وغيرهن”.
وعن غزل كتبته كاتبات نساء في الوقت الحاضر سواء في الشعر أو القصص القصيرة أو الرواية يقول: “بالطبع، بحكم قراءتي للعديد من الروايات والقصص القصيرة. والشعر “المضمن” في السرد يتراوح بين “الغث” و”الثمين”، وما بينهما حسب مقدرات الكاتبة أو ذوقها في “الاختيار””.
وعن اختلاف الغزل في كتابات النساء عن الغزل الذي يكتبه الرجال يقول: “نعم يختلف. فالشاعرات في أغلبهن أكثر حياءً ويملن لعدم تناول الأمور “الحسية”. بينما الشعراء يميلون “للصراحة” وكسر “المحاذير” التي يطلق عليها النقاد “التابو””.
وعن قبول أن تتغزل فيه امرأة وتكتب ذلك، وهل يسمح لقريبته إذا كانت كاتبة أن تتغزل في نصوصها يقول: “من المؤكد أن النفس البشرية “تميل للإطراء، أيًا كان مصدره. أما بخصوص كتابة “زوجتي” أو “قريبتي”، فالأمر متروك لها”.