الحديثُ والعنوانُ ” هنا ” يقتصر وينحصر – ولا ينحسر – عن اخبار ومصادر الأخبار في ” الفلّوجة – الرمادي ” وما يتخللها من تداخلات قصف دبابات ومدفعية الجيش العراقي , وما ينجم عنها من نزوح عشرات الآلاف من العوائل ” من هاتين المدينتين ” الى اتجاهاتٍ مختلفه من مدن العراق والتي وصلت حتى الى مدن كردستان العراق .! وكذلك ما تعرضه الفضائيات من صورٍ لأطفالٍ جرحى جرّاء القصف المدفعي ” وهنا تنبغي الإشارة الى انّ الصورة الناطقه في الإعلام لا يمكن التشكيك بها ” .. منَ المفارقات المبهمة التي ليس لها مبرّر ولا مسوّغ , هو انّ مجريات الأحداث ,وتفاصيل العمليات القتالية من داخل ” الفلوجة والرمادي ” تكادُ تغطيتها الإعلامية محصورةٌ بوكالة رويتر البريطانية بالدرجة الأولى وتليها وكالة الصحافة الفرنسية ” فرانس بريس ” ومن الواضح هنا انّ مراسلي ومصوّري وسائل الإعلام العراقية الرسمية وغير الرسمية ايضا غير مسموح لهم بتاتاً بدخول تلكما المدينتين من قِبَل السلطات العراقية , في الوقت الذي كان ينبغي ان تستفيد هذه السلطات من وجود وحضور إعلامي عراقي وعربي منوّع داخل هاتين المنطقتين بهدف إثبات وعرض وإظهار وجود ” داعش ” , ولاسيّما انّ اطرافاً عراقيه تقلّل من هذا الوجود , وبعضها ينفيه اصلاً . ولا ريبَ انّ إقتصار هذه التغطية الإعلامية على هاتين الوكالتين الأجنبيتين بشكلٍ رئيسي هو سؤالٌ لا احد يستطيع الإجابة عليه , وهو سؤالٌ مٌحرجٌ للحكومة العراقية ايّما إحراج , وتجدر الإشارة هنا , الى انه وبالتزامن الظرفي مع التخصيص المجهول ” لرويتر و فرانس بريس ” للتغطية داخل الفلوجة والرمادي , فأنه ومن المناطق المحيطه والمطوِّقه لها حيث تتحشد وتتمركز قطعات الجيش العراقي , فأنّ كلّ الفعاليات وعمليات القصف التي تقوم بها القوات العراقية فأنّما يجري عرضها وبثّها من مصدرٍ واحدٍ فقط لاغير .! وهو مصدرٌ غير عراقيٍّ .!! كما هو مصدرٌ غير مستقلٍّ ولا محايد .!! إنه فقط والوحيد : > قناة الحرّة عراق < .! وهي بالطبع قناة تابعه لوزارة الخارجية الأمريكيه , ولها فروع في عددٍ من الدول العربية ” كقناة الحرّة مصر وغيرها ايضا ” , وهي لاشكّ قناة مُوجّهه وليست بالحرّه , ولذلك إستخدمتْ مفردة ” حرّه ” لغرض التمويه والتضليل . وبقدر تعلّق الأمر بالحكومة العراقية بهذا الشأن الذي يشكّل نقطةً معيبةً لها .! فبينما تُهيمن هذه الحكومة على ” شبكة الإعلام العراقي ” بالمطلق والكامل , ولا تسمح لأيٍّ منْ دوائرها الصحفية وقنواتها التلفزيونية بالوصولِ او الأقترابِ منْ مناطق عمليات الجيش العراقي في المناطق المحيطه بالفلوجة والرمادي , فإنها إمّا لاتثق بهذه الشبكه التي جميع المنتسبين اليها هُم من الموالين والمبايعين لرئاسة الوزراء ” وهذا أمرٌ يصعبُ تصديقه ” , وإمّا أنّها واقعه تحتَ ضغوطٍ امريكيةٍ سرّيه لكي تغدو ” قناة الحرّه عراق ” هي المصدر الوحيد والفريد المُوَجّه الى الرأي العام العراقي بهدفِ توجيهه بالوجهةِ التي ترتأيها الادارة الامريكية وسواءً على المدى المنظور او المدى البعيد ” او ما بينهما ” , ثمّ إنه من الطبيعي في هذا الصدد أنْ هذه القناة لا تعرض ” بل لا تُصَوّر ” سوى المشاهد واللقطات المختارة والمنتخبه اللائي هي من صالح الجانب الحكومي او العسكري العراقي < كقصفِ مركبةٍ بواسطة الأباتشي او رمي الدبابات او الأسلحة المتوسطة المنصوبةِ على أسطحِ عجلاتِ ” الهمر او الهمفي ” اللواتي يتسلّح بها الجيش العراقي , < ومن الطبيعي هنا سهولة تصوير الأهداف الأرضية المُراد تدميرها من الجو بواسطة الأباتشي او غيرها من المروحيات الحربية , حيث لا حاجة اصلاً لوجود مراسل قناة الحره , إذ انَّ المروحيه او السمتيه هي التي تُسجّل وتُصوّر – ذاتيا – إنطلاق الصاروخ على الهدف , أمّا الأهداف او الأشخاص ” سواءً من داعش او غير داعش ” الذين يجري فتح النار عليهم بمدفعية الدبابات او اسلحة “الهمرات” فلا يمكن تصويرهم قط حيث ينتشر ويختبئ هؤلاء بين الأبنية والبيوت والشوارع الضيقه , بينما على الجانب الآخر : اي داخل الفلوجة والرمادي , فأنّ المقاتلين ” أيّاً كانوا ” فأنهم وبواسطة الهواتف الذكية يقومون بتصوير استيلائهم على بعض العجلات العسكرية للجيش العراقي ويعرضون صور اسرى من الجنود العراقيين وبالتالي يرسلوها الى بعض القنوات الفضائية . ومن خلال ذلك – وغير ذلك – فأنّ خللاً بائناً في العملية الأعلامية يُثْبت حضوره , ومما يضاعف من سخونة هذا الخلل هو التصريحات المتضاربه والمتدفّقه بين عدة جهاتٍ واطراف , فبينما بعض اعضاء البرلمان العراقي وسياسييون آخرون يدلون بتصريحاتٍ نقديّه ضد نهج المالكي في التعامل سياسيا وعسكريا مع الأزمةِ القائمه , فهناك تصريحاتٌ مقابِلة اخرى لبعض اطراف ائتلاف دولة القانون , وكذلك الأمر في جبهة الرمادي – الفلوجة , حيث ذات التصريحات المتباينه بين زعماءٍ للعشائر وبين بعض الموالين للحكومه , وكلّ ذلك ادّى الى اندلاعِ صورٍ مشوّشه عمّا يجري على الأرض . ولا شكَّ انّ الأحداث الجارية هناك قابلة لأحتمالات التوسّع والتصعيد خلال الأيام المُقبله , وفي ظلّ عدم التوازن الإعلامي , فمن الصعوبةِ رسم صورةٍ ذهنيةٍ مُقرّبه لما قد يحدث من مضاعفاتٍ وتطوّرات , بل حتى مفاجآتٍ مُفتَرَضة …