17 نوفمبر، 2024 5:37 م
Search
Close this search box.

لحم عراقي خالص

اعاني كثيرا وأنا أجالس شخص تعرفت عليه مؤخراًً وعن طريق الصدفة وهو صاحب مطعم في مدينة كركوك. مطبخ هذا المطعم والعياد بالله قذر للغاية. يستعمل في عمل الكباب اللحم الهندي الذي يباع بأربعة الاف دينار للكيلو الواحد. يأتي الناس إلى المطعم الذي كتب على بابه كباب باللحم العراقي الخالص وتجلس العوائل على الطاولة النظيفة. لا أحد يدري بحال المطبخ وبالرائحة الكريهة التي تنبعث منه. ولا أحد يدري ان الكباب الذي سيأكله معمول من لحم ليس عراقي وليس خالص ابدا كما هو مكتوب في باب المطعم.
صغار بعمر الورد اشاهدهم يجلسون مع ابيهم وهم ينتظرون قدوم الكباب والتكة باللحم الخالص. اباء وامهات ينتظرون ان يقدموا بين يدي ابنائهم الخبز الحار الذي اشاهده في المطبخ وهو مفروش على طاولة تتلاعب عليها الفئران والحشرات. انهم فرحون فهم يقضون الأن ساعات جميلة في جو اسري بديع في مطعم رنان.
وانا انظر إليهم أكاد ان اسرع إلى الاطفال لأخبرهم بأن ما يأكلونه يكاد أن يكون غير صالح للاستخدام البشري. اكاد ان اصيح بأعلى صوتي بأن صاحب المطعم دجال ومخادع وانه يضحك عليكم جميعاً. بالقوة امسك نفسي دون ان اتوجه إلى اطفال صغار وهم يشربون العصير بكؤوس لم تتعرف بعد على مساحيق الغسيل.  ابرياء لا يعلمون ما يدور حولهم من مؤامرات تهدد حياتهم وحياة اولادهم. لكن كيف السبيل لان تثبت بان اللحم مزور؟ فالمنظر جميل وبهي ولا يوحي بشيء من الذي ادعيه.
ليس لي إلا ان انصح صاحب المطعم للاهتمام بالنظافة والامانة وان يكون محل الثقة التي يبديها إليه الناس بقدومهم إلى مطعمه هذا. وما عليّ الا الالحاح والاصرار في الطلب، اما التنفيذ فانه شيء متروك تماما لأنصاف ومرؤة هذا الرجل.
الاحساس الذي يراودني وانا في هذا المطعم هو نفسه الذي يرافقني طيلة جلوسي امام شاشة التلفاز مستمعا للأخبار. حيث الذين يطلون علينا من خلال هذا الجهاز والذين يتحدثون عن حرصهم الشديد على خدمة المواطنين وتقديم الافضل له يجعلونني اعيش نفس الشعور الذي اعيشه وانا اشاهد الابرياء الجالسين في طاولة المطعم. اكاد ان اخرج الى الشارع لأصيح بأعلى صوتي يا ناس ان هؤلاء يكذبون. ولكن ما السبيل لكشف الكذب يا ترى؟ فالرجل يتحدث وهو يلبس القاط والرباط وصاحب مال. اعاني كثيرا وانا اشاهد هؤلاء المتحدثون من خلال وسائل الاعلام والذين ليسوا اقل شانا من صاحب المطعم هذا الذي لحمه ليس عراقيا خالصا في خداع الرأي العام. ان كان صاحب المطعم لا يقدم لحما عراقيا خالصا، فان هؤلاء المتحدثين ايضا لا يقدمون ما يخدم العراق وتطلعاتهم وانتماءاتهم كذلك ليست عراقية خالصة كلحة الغنم المزعوم.
اوقاتا سعيدة اتمناها للجميع مع اللحم العراقي الخالص والخدمة العراقية الخالصة.

أحدث المقالات