ـ الشعوب الحية تتوحد في موقف واحد للدفاع عن الوطن عندما يمر الوطن في خطر داهم.. والكل تحمل السلاح للدفاع عن الوطن.. وتضع خلافاتها مهما كانت على جانب.. وشعوب الاتحاد السوفيتي المثل الأعظم
ـ نجد اليوم في عراقنا كل من يدلي بدلوه شماتة بالآخرين.. وهو البطل المغوار والمنقذ.. والآخرون خونة ورعناء
ـ نجد اليوم في عراقنا.. كل واحد لديه جيش سيحرر العراق.. ويشتم ويعربد.. وينسى انه شارك منذ العام 2003 حتى اللحظة بتدمير العراق.. وقتل وسلب وعمق الطائفية.. وجميعهم استباحوا الوطن.. والعرض.. والمال
ـ متى نسكت ؟ ومتى نضع خلافاتنا على جانب ؟ متى نحترم شعبنا ووطننا ؟
ـ متى نحمل بندقية الدولة.. وليست بندقية خارج الدولة ؟
ـ متى يخرس اكثرية المثقفين من طائفيتهم ونقدهم الهدام لشعبنا ؟
ـ متى يسيل قلمنا للدفاع عن الوطن.. وترك خلافاتنا جانبا ؟
ـ متى يتوقف غالبية المسؤولين عن سرقة المال العام والخاص.. وشعبنا جائع؟
ـ متى يتوقف الكثير من موظفينا عن الرشوة.. ومواطنينا المراجعون هلكانين؟
ـ متى نوقف مهزلة التعليم الكذب.. وادفع فلوس واخذ شهادة؟ ويمارس المعلم دوره الحقيقي.. وفق شعار: كاد المعلم أن يكون رسولا
ـ متى نتوقف عن التزوير.. والغش.. والكذب.. والتهرب من المسؤولية.. والكراهية.. والحقد.. وسرقة حتى الجار.. والأب.. وألام.. والأخت
امام كل هذه المتى.. كيف ندافع عن الوطن؟
– الوطن: هو ذاك المكان الذي نشأنا وتربينا فيه.. والذي لم يبخل علينا بكرمه وفضله
– الوطن لا بد ان يمنحنا الأمن والاستقرار.. ويوفر لنا جميع الاحتياجات، ليُنشئ منا جيلاً واعياً مدركاً.. يستطيع التفرقة بين ما يُفيد بلاده وما يضرها
– ليس الوطن هو من يمنح.. بل القائمين على ادارة الوطن.. ليس من جيوبهم.. بل من خلال مسؤولياتهم وعملهم
– لا يقتصر الوطن على تلك البقعة الجغرافية التي تعيش بها، بل هو مفهوم أبعد من ذلك تماماً، فالوطن مصطلح لا تستطيع الكلمات أن تمنحه حقه في الوصف، وذلك لأن الإنسان لا يرتبط به من الناحية المادية فقط، كأن يقول هو المكان الذي نشأت به، وتربيت في مدارسه، واستفدت من خدماته، بل هناك علاقة أعمق من ذلك تربط بين الإنسان ووطنه، وهي علاقة المحبة والألفة، تلك التي تنشأ في قلب الإنسان بالفطرة، والتي تجعل عيناه لا ترى في وطنه إلا كل جميل
– فمهما كان بالوطن من مساوئ هو لا يرغب في تركه.. ولا يستطيع العيش دون أن يتنفس هواءه.. تلك العلاقة التي احتار بشأنها الجميع، والتي يُمكننا تلخيصها في كلمتين وهما: الحب والانتماء”.
– الوطن: هو كم كبير من الذكريات التي مر بها الإنسان منذ لحظة ولادته.. منها الحزين: منها السعيد.. فيتذكر في تلك البقعة لعبه مع الأطفال بعد انتهاء يوم دراسي شاق.. كذلك تلك المستشفى التي حملت دموعه بعد آخر زيارة لجدته.. وتلك الحديقة التي اجتمع بها مع أول حب في حياته.. وغيرها الكثير والكثير من الذكريات التي لا يستطيع أن ينساها أو يتركها
– تلك الأمور التي من شأنها أن تُهون عليه أي صعب.. وتُغير من نظرته إلى الوطن.. وتجعله يشعر بولاء شديد له.. لدرجة أنه لا يستطيع أن يتحمل رؤية من يذم وطنه.. أو يذكره بالسوء.. ليتخذ دور الدفاع دائماً.. وكأنه يُدافع عن عرضه
– ولماذا نقول وكأنه.. بل هو بالفعل يُدافع عن عرضه.. فالوطن هو شرف الإنسان وعزته.. فسلاماً على الدنيا إن كنا لا نحمل الولاء لأوطاننا
قيمة الوطن في الإسلام
– راعت الشريعة الإسلاميّة حُبّ الإنسان الفطريّ لوطنه ومحلّ نشأته وتعلقّه به.. فورد في ذلك الكثيرُ من الآيات والأحاديث النّبوية
– فقد ذُكرت كلمة الدِّيار بمعنى الأوطان.. في قوله تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ
– حيثُ ربط الدِّيار ونسبها للمؤمنين الذي أُخرجوا من وطنهم لشدة ارتباطهم وتعلّقهم به حِسّاً ومعنى
– كما قال تعالى: قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا
– حيثُ جُعلت أحدُ دوافع الجهاد في سبيل الله الإخراجُ من الأوطان
– حوت السُّنة النبوية أمثلةً على حُبّ الوطن وقيمته في النفوس.. كذلك، أشهرها موقفُ رسول الله
– حين ضاقت عليه الحال في مكّة من أذى المشركين وتكذيبهم.. مما اضطره للخروج منها.. فقال: أمَا واللهِ إني لأَخرجُ منكِ وإني لأعلمُ أنك أحبّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ وأكرمهُ على اللهِ..ولولا أهلكِ أخرجُوني منك ما خَرجتُ
الدفاع عن الوطن في الإسلام
– قال تعالى في الآية السادسة والستين من سورة النساء: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ
– من هنا نجد أن المولى عز وجل ربط الخروج من الديار أو من الوطن مع قتل النفس.. وكأنه يوَّد أن يوضح لنا أن هناك بعض الأشخاص الذين يحملون حباً جماً لأوطانهم.. الأمر الذي يجعل الخروج من الوطن يتساوى في القدر مع قتل النفس
– وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يضرب خير الأمثال في حب الوطن.. وضرورة التمسك به.. وذلك عندما حرص أهل مكة على إخراجه منها.. فقال: ما أطيَبُكِ مِن بلدٍ.. وما أحبُّكِ إلَيَّ.. ولولا أن قومَكِ أخرَجُونِي مِنكِ ما سكَنتُ غيرَكِ أبداً
– الدفاع عن الوطن في الإسلام لن يكون بشعور فردي.. أو رغبة فردية.. وإنما هو من خلال الجماعة.. فيد الله دائماً مع الجماعة.. ويتم ذلك من خلال اتباع الإخاء.. مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المهاجرين والأنصار.. لأنه على يقين تام بأن القوة في الجماعة.. وما دام أهل الوطن الواحد متعاونين.. ومتحابين.. فليس هناك ما يُشكل خطر عليهم إطلاقاً
– مفهوم الوطن خلال العصر العباسيّ على لسان الشّاعر ابن الرّومي الذي قال عنه أنّه: بلد المنشأ.. وبلد الصّبا والشّبيبة: (وطن صحبت به الشّبيبة.. والصبًا.. ولبست ثوب العمر وهو جديد).. وقال أيضاً إذا: ذكروا أوطانهم ذكرتهـم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
حماية الوطن والمحافظة عليه
– تتعرض الأوطان للكثير من الاعتداءات والانتهاكات.. وعلينا في هذا أن نقف مدافعين متربصين لكل عدو لا نسمح له بأن ينال من أمننا واستقرارنا
– ولا يُمكن أن يكون ذلك من خلال تلك الأغاني والأشعار.. أو ترديد مجموعة من الجمل الحماسية دون أن يصحبها الفعل المباشر
– إنما لابد أن يكون الأمر أفضل من ذلك.. فنحن نعيش الآن عصر لا يقتصر فيه الاعتداء على الوطن في الهجوم المسلح.. أو غزو الدولة لدولة أخرى
– وإنما يكون الاعتداء من خلال شن المؤامرات والخطط التي تهدف للنيل من أمن الوطن واستقراره
– كذلك دس الأفكار السُمية التي من شأنها أن تعرقل من مسيرة التقدم والنهوض الذي تعيش بها البلاد
– وبهذا لن تُفيد الشعارات والهتافات.. بل أن العمل هو خير وسيلة يتمكن من خلالها الإنسان من الدفاع عن وطنه.. فيضمن له الوصول إلى النهضة والتقدم.. ويرتقي به بين الأمم
– كذلك عليه أن لا يعمل على ترويج الشائعات.. وأن يتركها لتندثر مع الوقت.. حتى لا ينتج عنها حدوث الفتن.. واشتعال الأزمات والمحن
– في النهاية عليك أن تعلم أن الدفاع عن الوطن واجب قومي وديني.. سواء كان هذا الدفاع من خلال حمل السلاح.. أو ربما برجاحة العقل وقوة الفكر