الافكار العظيمة لا تهرم ولا تشيخ ولاتموت، كما ولا يعتلها العقم.. نصغي اليها ابداً، ونحتكم لطهرها.. وننحاز لفضيلتها.. وهي تكتشف وتؤسس، وتبني، وترسم، وتؤثث، وتبتكر، وتفتح مغاليقٍ، ومقافل لأزمنة ومراحل، وتنهض بأحلام بيض- وآمال ارجوانية من تطلعات العالم البشري. وهكذا اذاً من حقه أن يحتفل العقل بأيما انتصار.. أعني وهو يقرر لأية حقيقة وسط عناء البحث والأستكشاف والعمل والمواظبة على شتى المستويات المعرفية، والبحثية. وهي مناسبة لتقول ان نحتفي يومياً بمفكرينا وعلمائنا وادبائنا.. وممن لهم صلة من بعيد او قريب بقداسة الحرف وجلالة الكلمة وأفق المعرفة والحقيقة.. ونعود لنقول . من الحكمة ـ في عظمة “الأفكار” ان تنهي اللحظة بحسم مفيد وان تجد نهاية الرحلة، في كل خطوةٍ، وان لا تترك الفراغ بلا حقيقة، وهي تمنح الزمن أفقها.
فالحقيقة من القوة ان تقود التاريخ، وتأخذ بزمام المراحل، والأعمال الجلية توسم الأجيال والأزمنة معاً، بمستوياتها وايقاعها الفكري والحضاري، مثلما تحرر الجنس البشري من آلام عبوديته وتطلق ملكاته في فضاءات المعرفة والتحرر، وليس ثمة أبلغ من توق الانسان لنور الحقيقة والفكر ـ الذي يصنع منا شهداء، ومصلحين وقديسين، وعشاقاً كباراً في هذا العالم الذي نضع اصبعنا على نبضه ، وتنكسر قصبتنا بأنكساره، ونتماهى كثيراً في ألقه حد الشعور بنكهة الحياة فيه احياناً!!
هكذا اذاً حينما تنهض الافكار العظيمة ـ فأن كل الاشياء تنهض إذ ذاك وعندما تختفي الأفكار العظيمة، فأن الاشياء تختفي ، كما يرى ـ هيوانغ بو ـ نعم أنها من الفاعلية ـ ان تحرك الكون ـ وتمنحه دفقاً حركياً متقدماً ، ودينامية عالية وأزاحة متصاعدة.. وهي مصدر حصانة؟ وانقاذ للأنسان، مثلما هي دليل استنارته، وأستشرافه، وتطلعه صوب يقينه وأزاء مستقبلة ومصيره. وهي محط أنظاره.. في عالمٍ مقلق.. تتسع فيه محاور التضاد، وتتنابز، وتصطرع فيه ـ الادلجات ـ وتتسابق فيه قوى الظلام والاستحواذ والتسلط.
عالم، لا تحتاج فيه الافكار العظيمة الى اجنحة فحسب، بل الى مدارج للهبوط (كما يقول ج . ك. تشسترتون) والاشارة هنا ابلغ كثيراً في مجازها!!