خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
تم ترميم “مسجد الحسين”؛ بـ”القاهرة”، بدعم من فرقة “الإسماعيلية الداوودية”، وقد لفتت مشاركة؛ “مفضل سيف الدين”، سلطان “البهرة”؛ في مراسم افتتاح المسجد، انتباه الكثيرين إلى علاقة الدولة المصرية مع الطوائف “الإسماعيلية” المختلفة، وبخاصة “البهرة الداوودية” و”النزاريين”، أتباع “آقاخان”؛ بحسب تقرير أعده “أحمد بروايه”، ونشر على موقع مركز دراسات (جريان) الإيراني.
في غضون ذلك؛ تحظى طائفة “البهرة” باهتمام “الجمهورية الإيرانية” والعالم الشيعي، بسبب تبني تلك الطائفة توجهات أخوية تجاه باقي المذاهب الإسلامية؛ وبخاصة الشيعية، والميل إلى إقامة علاقات مع المرجعية الشيعية؛ بدليل لقاء داعي الطائفة المطلق ومراجع “النجف”، وفي المقدمة؛ آية الله “السيستاني”، و”الحكيم”، و”البشير النجفي”، و”فياض”.
تاريخ العلاقات بين “الإسماعيلية” والحكومة المصرية..
لأنها كانت عاصمة ومركز حكم الخلافة الفاطمية، تحظى “مصر” بمكانة كبيرة لدى أتباع الطوائف “الإسماعيلية” المختلفة، وقد تكررت زيارات أبناء هذه الطائفة إلى “القاهرة”، وبخاصة في فترات العشرينيات والثلاثينيات واستمر الأمر في عهود “عبدالناصر” و”السادات”.
ومن أبرز النماذج على هذه العلاقات، زيارة “طاهر سف الدين”؛ سلطان “البهرة” الأسبق، إلى “مصر”، عام 1938م، وتعرف “آقا خان الثالث” على زوجته الرابعة في “القاهرة”؛ عام 1930م، ودفنه في مدينة “أسوان” عام 1957م.
ويمكن القول إن العلاقات بين الفرق “الإسماعيلية” و”مصر”؛ كانت محدودة حتى وصول “أنور السادات” إلى السلطة في “مصر”، حيث سعت السلطات المصرية إلى التكيف مع سياسة خفض التكاليف، وكذلك جذب الاستثمارات الأجنبية، ولذلك وجدت “الإسماعيلية” الأجواء المناسبة لتكثيف الوجود في “مصر”.
وفي العام 1976م؛ منح “السادات” بعض أعضاء طائفة “البهرة” فرصة الإقامة بـ”مصر” وحق امتلاك الأراضي.
من جهة أخرى؛ ساهم سلطان “البهرة” في سداد ديون “مصر” وترميم المساجد الفاطمية ومزارات “آل البيت” بأكثر من: 10 مليون دولار، وبدأت في الوقت نفسه مؤسسة (آقاخان) نشاطها في “مصر”.
وقد كان هذا أحد أسباب تقارب حكومة “السادات”؛ ومن بعده “حسني مبارك”، مع “الإسماعيلية” وتمكين أبناء الطائفة من إقامة المراسم الدينية في المساجد والمناطق الفاطمية بـ”القاهرة”، وبخاصة “مسجد الحاكم بأمرالله” في “شارع المعز”.
ونفذت “الإسماعيلية” العديد من المشاريع في “مصر”؛ حتى العام 2011م أهمها:
– بناء “حديقة الأزهر”؛ على مساحة: 22 هتكار في “القاهرة” التاريخية.
– مشروع ترميم “مزار السيدة” (زينب)؛ والسيدة (نفيسة)؛ والجامع الأزهر.
– مشروع ترميم “مسجد الحاكم بأمرالله”، و”الجيوشي”، و”الأقمر”، وبعض المساجد الفاطمية الأخرى.
– العديد من المشاريع الخيرية في قطاعات المعمار وتطوير القرى وغيرها.
ومع إشتعال الانتفاضة الشعبية المصرية؛ عام 2011م، واتساع موجة الإسلاميين، وكذلك تعاظم قوة الجماعات السلفية المعارضة للوجود الشيعي في “مصر”، تراجعت أنشطة “الإسماعيلية”، قبل أن تتحسن العلاقات مجددًا بين طائفة “البهرة” والدولة المصرية بعد صعود؛ “عبدالفتاح السيسي”، إلى السلطة.
وفي هذا الصدد، زار سلطان البهرة؛ “مفضل سيف الدين”، “القاهرة”، بعد الوصول إلى منصب الداعي المطلق، والتقى “السيسي” آنذاك. ثم تكررت اللقاءات في الفترة: 2014 – 2017م، وتبرع سلطان “البهرة” بمبلغ: 10 مليون جنيه مصري إلى “صندوق تحيا مصر”.
أهداف الحكومة المصرية و”الإسماعيلية”..
يبدو أن العلاقات بين حكومة “السيسي” وطائفة “البهرة” توطدت بشكل يفوق علاقة الحكومة مع الطائفة “النزارية”، وذلك ربما بسبب عوامل من مثل تقارب “البهرة” الظاهري مع سائر مذاهب أهل الشريعة، وعدم ترويج مذهب “البهرة”، وارتباط “الإسماعيلية النزارية”؛ بقيادة “آقاخان الرابع”، مع مؤسسات المجتمع المدني الغربية، وانعدام أزمة الخلافة بين النزاريين.
ولذلك يمكن القول يتطلع الطرفان إلى تحقيق:
أولًا: “البهرة”..
01 – عودة “البهرة” إلى “مصر”؛ وإقامة المراسم المذهبية، يوطد شرعية “مفضل سيف الدين”؛ بين أبناء الطائفة.
02 – الوجود في “مصر” يُمثل بوابة للأنشطة الاقتصادية، وتوسيع وجود الطائفة الاقتصادي في “غرب آسيا” و”إفريقيا”.
03 – المحافظة على الإرث الفاطمي والسيطرة على هذه المناطق والحصول على فرصة إدارتها.
ثانيًا: الحكومة المصرية..
01 – تسعى الحكومة المصرية إلى تقديم وجه متسامح في المحافل الدولية والأوساط الغربية، وتستفيد من “البهرة” في تحسين الصورة على المستوى الدولي.
02 – تسعى الحكومة المصرية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية ورفع مستوى التجارة مع العالم، وبخاصة الدول الإفريقية وشبه القارة الهندية وغيرها.
وطائفة “البهرة” بما تمتلك من ثروات هائلة ودور تجاري؛ تُمثل خيارًا مناسبًا للحكومة المصرية.
03 – يبدو أن سياسة الخصخصة التي بدأت في عهد “السادات”؛ وصلت إلى مرحلة المساجد والمزارات التاريخية المصرية. وحاليًا أسندت الحكومة المصرية إدارة هذه الأماكن إلى مؤسسة شبه حكومية تُعرف باسم “مؤسسة المساجد”، وهي تكتل يجمع الجيش والتجار والأثرياء وبعض الوجوه الدينية، وتحظى بدعم مالي سري من طائفة “البهرة”.
ولذلك من المتوقع تعاظم دور “البهرة” في الاقتصاد المصري، والحصول على إمتياز إدارة بعض المناطق المذهبية التاريخية، وبخاصة المقابر الدينية والمساجد الفاطمية.