قرارات القادة على مر التأريخ عادة ماترسم خارطة جديدة للواقع ، ان كانت قرارات صائبة أو خاطئة على تقديرات غير دقيقة تقود الى نوع من انواع الندم الذي لايمكن معالجة مخرجاته !
عام 1812 قرر نابليون بعبقريته العسكرية اجتياح روسيا لتمويل جيشه العملاق المكوّن من 300 الف جندي ، وكان يتوقع ان جيشه سيذهب الى نزهة لاقتياد القيصر الروسي مكبلا بالسلاسل. تصورات نابليون وتقديراته للوقائع على الارض انتهت في اقل من ستة اشهر بمغادرة آخر جندي فرنسي الاراضي الروسية بما تبقى من جيش مهزوم تعداده نحو 27 الف جندي !
اللعبة الجهنمية نفسها لعبها هتلر القابض على معظم اوربا عام 1941 باجتياحه لروسيا بعملية ” بربروسا ” نسبة الى القائد التاريخي للامبراطورية الومانية ” فريدريك بربروسا ” لتنتهي مغامرته على يد ستالين ، بانتحاره بعقر داره في برلين العاصمة الالمانية وهزيمة مذّلة للجيش الالماني !
مثالان من عشرات الامثلة التأريخية المشابهة يشهدان على الاخطاء الستراتيجية لقادة كبار قادا بلديهما الى الكارثة ، وهما مثالان لايقللان من شأن عبقريتهما بقد ما يلقيان الضوء على احتمالية الخطأ في اتخاذ قرارات استراتيجية عسكرياً وسياسياً تودي الى الكارثة !
لنسأل : هل كان قرار السيد الصدر بالانسحاب من العملية السياسية صحيحاً ؟
علينا ان ننطلق من مبدأين للاجابة على هذا السؤال ، الاول ومنطقيا لايمكن ان يكون القرار ارتجاليا في مشهد سياسي خطير محفوف باحتمالات قد تودي الى الفوضى أو الصدام بين قوى لها شارع وبيدها السلاح المنفلت، والثاني ان يكون القرار أتخذ بناءً على معطيات ملتبسة اساساً برفقة استشارات عاطفية أو تقديرات خاطئة للمنافسين وطريقة تفكيرهم !
ولا احد يستطيع الاجابة على السؤال التالي غير الصدر نفسه:
هل ندم الصدر على قراره؟ !
المحصلة النهائية حتى الآن لقرار السيد الصدر ، هي ان الجهة الاخرى ممثلة بالاطار التنسيقي ذاهبة الى اقصى استثمار لقرار الصدر عاقدة العزم على تشكيل حكومة توافقية عامة ستشمل الجميع دون استثناء والانطلاق من المربع الأول وهو مربع تغانم الكعكة حسب الاستحقاقات والصفقات والاسترضاءات الى آخره من سياقات اعتادت عليها العملية السياسية بنفس شخوصها واحزابها ومتبنياتها !!
ولكن :
هل سيبحر المركب الاطاري في بحر هادىء الامواج ، ام ان بانتظاره مناخاً هو الآخر غير محسوب بدقة ليقلب المركب بامواج لاطاقة للاطار على الصمود امامها ؟
لن يكون الابحار سهلاً وربما لن يكون أي ابحار على الاطلاق في مركب يتنازع قيادته اكثر من ربان واتجاه وتوجه واستراتيجيات !
هل ستنجح ضغوط رفع العتب في ثني السيد الصدر عن قراره ؟
تقول المؤشرات حتى الآن ان لاعودة للصدر عن قراره ، وان لامفاجأة اكبر من الانسحاب ، والتهيؤ الصدري يذهب باتجاه استخدام ورقة الشارع الخطيرة كأخر معاقل صراع الصدر بمشروعه في مواجهة الاطار ومشروعه .
الشارع سيكون صدريا وغير صدري في صيف لاهب ، ولا احتمالات ان يلجأ الاطار التنسيقي الى استخدام الورقة نفسها ، لان قادته يدركون جيداً ، ان مواجهة الجمهور بالجمهور تعني الذهاب الى فوضى الصدام الذي ربما يتطور في أي لحظة الى صدام مسلح ، حينها يفقد الجميع بوصلتهم وتدخل عوامل خارجية في آتون هذا الصراع لصب الزيت على النار ، ولن تكون أي قوى قادرة على التحكم بمجريات صراع من هذا النوع في بلد كالعراق كل شيء فيه هش ..الحكومة والبرلمان والمجتمع والاحزاب والعملية السياسية برمتها !