25 ديسمبر، 2024 11:12 م

رواية الانفصال.. حزن المرأة على فقدانها لرجل عاشت معه

رواية الانفصال.. حزن المرأة على فقدانها لرجل عاشت معه

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “الانفصال” للكاتبة الأرجنتينية “سيلفيا أرازي” تحكي عن مشاعر المرأة ما بعد إنهاء الزواج، وكيف تشعر بعد سنوات من المعايشة لزوجها، ومشاعرها وقت تجاوز تلك المحنة.

الشخصيات..

لوثيا: البطلة، امرأة أربعينية، تقرر هي وزوجها الانفصال، ورغم سعيها لذلك إلا أنها تحزن حزنا شديدا وتحاول استئناف حياتها، لكنها لا تستطيع أن تقع في الحب مرة أخرى، وتظل لديها الهواجس والخيالات خاصة بسبب قربها الشديد من والدها في الطفولة.

بدرو: شخصية الزوج لم تسمح لها الراوية بالظهور إلا من خلال عيون الزوجة، ومن خلال تعامله معها، وعلاقتها به سواء في فترة الزواج أو ما بعد الانفصال، لذا لا نستطيع أن نكون رؤية عن “بدرو”.

بولا: أم البطلة، والتي سببت لها عقدة نفسية، بسبب جمالها الشديد، وبعدها عنها وعن شقيقتها، وسعي الرجال لخطب ودها، فيما كان الأب حزينا تعيسا يعيش على الهامش، لذا تبث الكاتبة كراهيتها للأم في أنحاء الرواية، وتفعل كل الأشياء التي تبعدها عن نموذج أمها المعتزة بنفسها وجمالها.

الأب: أيضا لم تدعه الكاتبة يتحرر من سطوة حكيها، فتحكي فقط عن علاقته بها، قربه الشديد، وهوسها به، كما تحكي عن مشاهد شجار بين الأب والأم وغيرة  الأب الشديدة، لكنها أيضا من خلال عيون طفلة صغيرة لا تعي كثيرا فنجد ملامح الأب غامضة ومموهة.

هناك شخصيات أخرى داخل الرواية، تدور أيضا في فلك البطلة الرئيسية “لوثيا”، وتحكي عنهم من خلال تفاعلها مع تلك الشخصيات..

الراوي..

الراوي هو البطلة “لوثيا”، التي تحكي بضمير المتكلم، عن نفسها ومشاعرها وأحاسيسها وعن باقي الشخصيات في منطقة تفاعلها معهم وفقط، وتأثيرهم عليها أو تأثيرها عليهم، ولا تترك الحرية للشخصيات للتحرك أو حتى للتحدث إلا قليلا.

السرد..

الرواية تقع في حوالي 160 صفحة من القطع المتوسط، كقارئة شعرت أن الراوية أهدرتها على الحكي عن أمها التي تكرهها، كنت أتوقع أن تحكي عن مشاعرها تجاه الانفصال ونحو زوجها ونحو علاقة الزواج، لكنها أسرفت في الحكي عن “بولا” وأبوها، وعن الأم الجميلة التي لا تهتم سوى لنفسها ولجمالها ولعشاقها، والتي تبتعد عن طفلتيها ولا تهتم بهما. ثم الحكي عن ما تفعله بعد الانفصال بحزن وإيقاع بطيء، وإحساسها بافتقاد زوجها. وجاءت النهاية مفتوحة لا هي سعيدة ولا هي حزينة، لكنها كانت قد قطعت خطوات نحو التحرر من إحساسها بزوجها الذي انفصلت عنه.

حزن ما بعد الانفصال..

تصور الكاتبة في الرواية بإيقاع هادئ حزنها بعد رحيل زوجها، وكيف أن حزنها هذا بدأ من أول يوم رحيله، حين استفاقت فوجدت نفسها وحدها في المنزل، وأنها رغم اتفاقها معه على الانفصال إلا أنها شعرت بالفقد حين رحيله، وبدأت في حياة ما بعد الانفصال بحزن ووجل. حاولت تغيير تفاصيل حياتها، لكنها ظلت أسيرة حزن الافتقاد له.

ثم استعادت ذكريات علاقة والدها بوالدتها الخربة، وكيف أن والدها تحمل سنوات طويلة مع زوجة يسعى الرجال وراءها ويتمنون التفاتة منها ورغم ذلك تحمل وعاش معها لكنه كان حزين ومستسلم.

وتنتقل الراوية إلى الحكي عن أصدقاء ذكور لها، وكيف تتعامل معهم، وكيف أنها دخلت في علاقة سريعة وجدت فيها ما حرمت منه لدى “بدرو”، اهتمام ومحبة وود، ومراعاة ما جعلها تشعر بالتقدير وتستعيد بعض من ثقتها في نفسها، لكنها رغم ذلك لم تستطع أن تحب ذلك الشخص وجاء سفره كنهاية لتلك العلاقة العابرة.

الاعتياد..

لكنها مع ذلك لم تقدم ممبررات منطقية لحبها لزوجها الذي لم تستطع أن تتخلص منه رغم سنوات الجفاء التي مرت على زواجهما، وإنما حكت عنه طريقته في تجاهلها، طريقته في فرض كلمته عند اتخاذ القرارات، الاعتياد الذي أصاب العلاقة بالفتور، وبعض تفاصيل صغيرة جدا عن مدى استمتاع الزوجان بالتفاصيل الصغيرة بينهما ومشاركة بعض اللحظات.

علاقة الابنة بأبيها..

ما ميز الرواية الحكي عن علاقة البطلة بوالدها، وكيف مثل بالنسبة لها نموذج الرجل الذي تبحث عنه، فقد كان والدها قريبا منها، يذهب معها إلى حديقة الحيوان ويكرر دوما أنها حلوة ويهتم بها ويرعاها، وكانت يديه القويتان هما رمز المحبة والرعاية والأمان، كان يمسك بها ويهدهدها بهما. لذا نجدها تهتم بيدي زوجها وتتذكرهما دوما، وكذلك يدي الرجل الذي أقامت معه علاقة عابرة.

كما برعت في تصوير إحساس الأنثى التي تفتقد وجود الرجل في حياتها، وإحساسها بأنها محرومة، وتحتاج لوجود رجل في حياتها، خاصة عندما وافقت على أن تبيت مع الرجل الذي أقامت معه علاقة عابرة فقط لتنام بجواره وفي حضنه.

نسبة الانفصال..

يلاحظ أن نسبة الانفصال عالية في الأرجنتين في هذه السن الأربعين، حيث يحدث انفصال بنسبة كبيرة في هذا السن بين الأزواج، ربما نتيجة التحولات النفسية التي تحدث للمرأة والرجل في هذا السن وكونه سن ما بين مرحلة الشباب ومرحلة الشيخوخة.

وقد رصدت الكاتبة أحاسيس أحد النساء تجاه هذا الانفصال لكن كقارئة كنت نهمة للمزيد من التفاصيل، كنت أتمنى أن تحكي الراوية أكثر عن علاقتها بزوجها وعن تفاصيل الزواج والانفصال،  ولقد استخدمت في الحكي لغة رقيقة وناعمة وهادئة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة