بقلم محمد مختار ( كاتب وباحث )
يسود اللبس عند كثير من المسلمين بين المذهب الأشعري وبين فكر الاعتزال. وسبب هذا اللبس هو أن أبو الحسن الأشعري ، مؤسس المذهب الأشعري، ظل أربعين سنة يعتنق فكر المعتزلة . والمعتزلة هم أتباع واصل بن عطاء ، و سموا كذلك ، لأنم اعتزلوا حلقة الحسن البصري وفكر المعتزلة يقوم على فكرة أنه إذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه أصل النص، ولا يتقدم الفرع على الأصل، ومن أشهر المعتزلة الزمخشري صاحب تفسير الكشاف، والجاحظ، والخليفة المأمون، والقاضي عبد الجبار، ويؤخذ على المعتزلة أن عقيدتهم مشوشة بأفكار فلسفية لا تتناسب مع بساطة الدين الإسلامي .
فالمعتزلة أثبتوا أسماء الله، قالوا: إن الله سميع بصير قدير عليم حكيم … لكن قدير بل قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، عليم بلا علم، حكيم بلا حكمة. أثبتوا الأسماء دون الصفات. أما الأشاعرة فهم من قالوا: نثبت لله الأسماء حقيقة، ونثبت له صفات معينة دل عليها لعقل وننكر الباقي، نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره تحريفاً لا تكذيباً، لأنهم لو أنكروه تكذيباً، الصفات السبع هي مجموعة في قوله: له الحياة والكلام والبصر … سمع إرادة وعلم واقتدر
فهذه الصفات نثبتها لأن العقل دل عليها وبقية الصفات ما دل عليها العقل، فنثبت ما دل عليه العقل، وننكر ما لم يدل عليه العقل. آمنوا بالبعض، وأنكروا البعض.
والمأخذ الأساسي الذي يأخذه جمهور من أهل السنة والجماعة على عقيدة الأشاعرة هى أن إثبات وجود الله عند السلف أمر مقرر بالفطرة ، وأقام الله عليه الدلائل في الكون وفي الآفاق، ولكن الأشاعرة أحدثت في هذا الأمر ولم ترتضه، فجاءت بدليل (الحدوث والقدم ) ، وملخصه أن هذا الكون حادث ، والحادث لا بد له من محدث قديم . ثم بنوا على هذا مسائل الصفات وخلطوا فيها كثيرا . ولو أنهم قالوا إن هذا الكون مخلوق والمخلوق لا بد له من خالق لسلموا من التخبط ، ولكنهم في هذا آثروا موافقة الفلاسفة حتى في مصطلحاتهم . كما أن التوحيد عند أهل السنة والجماعة هو توحيد الله بأفعاله (توحيد الربوبية )كالإحياء والرزق والإماتة . أما التوحيد عند الأشاعرة : فهو نفي التثنية أو نفي التبعيض والتركيب والتجزئة وعلى هذا فهم ينكرون بعض الصفات كالوجه مثلاً لأنها تؤدي معنى التركيب والتجزئة .