28 سبتمبر، 2024 3:12 م
Search
Close this search box.

حول تصريحات السيدة رغد صدام حسين

حول تصريحات السيدة رغد صدام حسين

… نشرت بعض وكالات االانباء تصريحاً للسيده رغد صدام حسين قالت فيه بالنص مايلي : أعطي كل شيئ حتى يعاد الحكم لنا مرة أخرى… تقصد بالطبع عودة حزب البعث لحكم العراق !
الذي دعاني لكتابة هذه الاسطر ليس رغبةً مني للرد على سيده عراقيه ثُكِلت بفاجعة عائلتها ، ويالها من فاجعه : مقتل زوجها والد ابنائها وشقيقه على يد شقيقيها وعمها ، مقتل هذين الشقيقين فيما بعد  ثم  إعدام والدها . فاجعه إنسانيه في كل المقاييس .
الذي دعاني للرد ليس ذلك بل دعوة السيده رغد لإعادة البعث الى حكم العراق من جديد . هنا القصد ، وهنا المقصد ، وهنا بيت القصيد .  هكذا بكل بساطه ، وكإن شيئاً لم يكن . ماعلينا إذن نحن العراقيين إزاء هذه الدعوه سوى التحضير لعرس الفرح هذا. هذا ماتتوقعه السيده رغده مناّ كما يبدو.
 إبتداءً ، أقطع بالقول بان السيده رغد لم تقرأ التاريخ ، ولم تقرأ ، وياللفاجعه دروسه ومواعظه . وأول هذه الدروس أن الحاكم الظالم والمستبد لا مكان له في التاريخ سوى مزبلته . ووالد السيده رغد لم يكن وحسب مستبداً وظالماً بل كان مجرماً تتبرئ منهُ كل ضباع الغابه الجرداء من لئامته وحقده وقسوته المتجرده من اية معايير أخلاقيه على أبناء شعبه ، بل وعلى أقرب الناس إليه .
 التاريخ ، ياسيده رغد، يقّوم بنتائج ماقدّم أولئك الذين أُوكلت اليهم صناعة القرار وحكم الرعيه ، أو الذين تولوا هذه المهمه ( طواعيةً ) وبدون دعوه من أحد ، كما هو حال السيد الوالد.
التاريخ ، ياسيده رغد ، لايحوّر ولا يزوّر ، ولا يُنتهك ، كما إنتهكهُ والدك إبان حكمه الذي جثمَ على صدور العراقيين طيلة خمسة وثلاثين عاماً.
ماأريد قوله هنا ليس تدبيجاً لمقاله سياسيه مطوله حول جرائم حكم البعث ، فهنا ليس مقامها ، ولقد سبق لكاتب هذه الاسطر ان تشرف بها وتصدّى لها عندما كان حكم البعث مازال قائماً ، ماأريدُ قولهُ الى السيده رغد كإمرأه عراقيه هو رجائي ان تنظر بموضوعيه الى الحجم الكارثي لولاية ( الخلافه ) البعثيه .
لاأريد ان أُطيل ، فلستُ هنا بمعرض الاشاره الى ألكوارث الاقتصاديه والمعيشيه للشعب العراقي المنكوب ، ولا الى مأساة إشعال الحرب مع إيران ، ثم إحتلال دولة الكويت ، وحلبجه ، حيث قضى اكثر من ستة آلاف كوردي وفي سويعات بفعل القصف الكيمياوي ” أو السلاح الخاص” حسب تعبير حسين كامل ، زوجك ، وبأمر من علي حسين المجيد ، عَمِك .  بل أود هنا ان أعرض عليك ياسيده رغد بعض وليس كل ، وما انا بقادر على ذلك ، الامثله على جرائم البعث أبان حكم والدك على المستوى الشخصي ، الاخلاقي ، وأركز على الاخلاقيات التي طالما ترددت على لسان والدك وبقية أفراد عائلتك :
ـ بايِ ذنب ، ياسيده رغد ، تم إعدام 22 من قادة حزبكم  في حفلة بهيميه وعلى صخب أنغام ” هلهوله للبعث الصامد ” عام 1979 . أتدرين ، ياسيده رغد ، إن من بين هؤلاء كان من خيرة شباب ومثقفي التيار القومي التقدمي في العراق ، أمثال عبد الخالق السامرائي ، محمد محجوب ، عدنان حسين والكادر العمالي محمد عايش ورفيقه بدن فاضل . بل والادهى أيضاً كان من ضمن من تمت تصفيتهم فيما بعد في أقبية التعذيب شخصيات من مثل مرتضى سعيد عبد الباقي ، وكان شخصيه تقدميه واعده – وقد كان من حسن كاتب هذه الاسطر التعرف به عن كثب عندما كان سفيراً للعراق في موسكو ، وقد كلفتُّ في حينها بتعريفه مقولات الاقتصاد الاشتراكي بناءً على طلبه من منظمة الحزب الشيوعي العراقي – .
ياسيده رغد أين مصير الكاتب اللامع عزيز السيد جاسم والشاعر شفيق الكمالي . ومن الذي سيكشف لنا عن مصير الدكتور صفاء الحافظ والدكتور صباح الدرّه . وكيف ولماذا تم إغتيال العلامه محمد الصدر ومن ثم وبكل إصرار إغتيال العلامه محمد باقرالصدر وشقيقته ألطاهره أم الهدى.
إعذريني ، ياسيده رغد لقد إبتعدتُ كثيراً . أين نتائج التحقيق في مقتل عدنان خير الله طلفاح ، خالك وإبن حاضِن والدك منذ طفولته المتعثره في أزقة العوجه . وهذا الحاضن بالمناسبه ، واعني به خير الله طلفاح هو بعينه صاحب المقوله الشهيره : إثنان كان على الله ان لايخلقهما: الفُرس والذباب !
ياسيده رغد ، هل تصدقينَ ماقاله وزيركم طارق عزيز لوكالات الانباء في حينها في تبرير إعدام هندال جادر ” ابو عيدان ” من انه كان عميلاً لدوله أجنبيه !! هل تعرفين أيتها السيده من هو هندال جادر. هو حمّال بصري بسيط ، ببساطة ووداعة سعف نخيل البصره . نعم حمّال أعدمتهُ سلطات أبيك مع مجموعة طلبه وكسبه بإعتبارهم جواسيس وخونه . لمن ؟ وكيف ؟ وما هي هذه المعلومات الخطيره التي مسّت الامن القومي التي قدّمها حمّال للاجنبي ؟
ياسيده رغد ، هل سمعت بإسم شاكر محمود . أقول لك من هو . عراقي الوطن ، بصرِي المولد. كان ذا سحنة جمال شرقيه غير مألوفه . كان في العقد الرابع من عمره . كان عندما إستقبلَ السياره التي دهستهُ حاملاً طفلته بين يديه ، إستطاعَ في اللحظه ما قبل الاخيره أن يرمي طفلته بعيداً ، أنقذها ، وبدا أنهُ قد أنقذَ نفسه . لم يَصدِق ظنه ، عادت السياره ذاتها إليه في ثواني لتقضي عليه للمرة الاخيره. هكذا ذهاباً ، إياباً . كانت سيارة أمن ، وكان هو عضو اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي العراقي ، الحليف الواعد حينها في تشكل الجبهه الوطنيه ألكسيحه فيما بعد. للحق أقول ، كانت ثمةَّ برقيه”مؤاساة” من قيادة حزب البعث !
هل ثمةّ مكان هنا لإعادة هذا التاريخ المثقل بآثامه واوزاره . ألا يكفيكم وزر هذا السجل الدامي. هل ثمةّ من فيكم ، ياأنصار البعث العفلقي ومؤازيريه من يريد المزيد من الدماء ، وسبي الحرائر من العراقيات وإثكالهن . هل ثمةّ من ضمير فيكم من يرفع صوته بالقول : لا، يكفينا تدليس وكذب وإفتراء ودعونا الرجوع الى شهامة أهلنا الاكرمون في الانبار وديالى والفلوجه والرمادي في تعاضدهم مع أخوتهم في أربيل والسليمانيه والبصره والعماره والناصريه وبغداد ، حاضنة كل العراقيين من كل أجنابهم من أجل بناء العراق الموحِد والموحَد .
وعوده إلى قولك ياسيده رغد من انك ستعطي كل شئ “حتى يعاد الحكم لنا مرة أخرى” ! لاأعرف ماهذا ال “كل شئ” .أعرف فقط أن عامل الزمن والاهتلاك المادي والمعنوي يفعل فعله في هذا المجال .
 حسب علمي ، ياسيده رغد ، لم يوجه أحد الدعوه لآل بيت المجيد والعفالقه عموماً لحكم العراق ، لا الان ولا في عام 1968 . وإن كنتُ أخطئت ، فارجو إثبات العكس بإبراز بطاقة الدعوه .
هيهات ، ياسيده رغد أن يعود العراق مرةً أخرى أسيراً لهمجية البعث . هيهات. هذا العراقي الذي يقدم يومياً أطباق الضحايا والقرابين من أطفاله ونسائه ورجاله ، في تفجيرات القاعده وداعش وبقايا البعث ، وفي تواطئ فاضح من بعض شركاء العمليه السياسيه من ذوي الوجوه الصفراء سوف لن تقف في وجهه أية عثره للحيلوله دون عودتكم الى حكمه والتسلط عليه مرة أخرى .
هل أطلت عليك ياسيده رغد . لم أرد ذلك . بيد ان الامر ليس بيدي ، فالَمداد له الحق فيما يريد ان يقول . أود فقط أن أذكرك أخيراً بأن شعارات ” التهميش ” لأهل السنّه التي تردودونها
الان وتتهمون السلطه الحاليه بها فيها الحق والباطل على السواء . ماأريد قولهُ عن قناعه وعن دراسه رَصدت تأريخ شعوب مماثله إن من يُهَمِش أحداً من أبناء وطنه إنما يُهمش نفسه . وفي ذلك حق. ولكن ، ياسيده رغد ، لنتذكر الماضي القريب في ظل “ولاية” أبيك ” ألم يكن التهميش للاكثريه الشيعيه هو الشعار المقيت السائد ، المخفي والمعلن في آن .
ياسيده رغد ، لدي ملحوظه أخيره أسوقها إليك ، لو سمحتِ ، منعاً لأيِ إلتباس :
كاتب هذه الاسطر ليسَ شيعياً من “الروافض” ، وليسَ سنياً من “النواصب” ، بل عراقي النخاع والعظم ، وإن شئت التدقيق فالرجاء قراءة تأريخ آل إبراهيم في البصره وإمتداداتها في شبه الجزيره العربيه .
     ” فأما الزبدُ فيذهبُ جفاء ، وأما ماينفعُ الناس فيمكثُ في الارض ”  صدق الله العظيم.

أحدث المقالات