31 يناير، 2025 10:52 ص

فيلم my wonderful life.. المرأة تحمل العائلة فوق كتفيها

فيلم my wonderful life.. المرأة تحمل العائلة فوق كتفيها

 

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم my wonderful life فيلم دراما اجتماعية هادئ الإيقاع، يحكي عن امرأة تعاني من أعباءها الكثيرة وتحملها مسؤولية عائلتها، وكيف تضغط عليها تلك الأعباء حتى تسبب لها أعراضا مرضية على مستوى الجسد وطريقتها في التخفف من تلك الأعباء.

الحكاية..

يبدأ الفيلم بالبطلة التي يبدو أنها في نهاية الأربعينيات وربما في بداية الخمسينات وهي نائمة بجوار زوجها في سرير الزوجية، وتستيقظ في ضجر، تنظر من النافذة لتجد ابنها المراهق وهو يقبل فتاة زميلة له في المدرسة بنهم شديد، فتقول لزوجها الذي يبدأ في الاستيقاظ على ذلك ويجري ليتلصص هو أيضا من النافذة، وينظران في مرح على المراهقين اللذين يمتلكان الشغف والذي  افتقده العجوزان المتلصصان.

ثم على مائدة الإفطار تجهز البطلة الإفطار وسط صخب أمها المريضة بالزهايمر وصخب طفل ابنها البكر وصخب زوجته التي تحاول تهدئة طفلها بصخب أعلى، وصخب ابنها المراهق الذي يسمع الأغاني بصوت عال، ويبدو عليها الإرهاق الشديد، ثم يعاتبها زوجها على نسيانها بعض الأشياء أثناء التسوق مذكرا إياها أن تكتب قائمة بما تريد أن تشتريه.

مدرس الزراعة..

ثم تقود السيارة وبجوارها زوجها وبرفقة ابنهما المراهق وتؤكد له أنها ستوصله إلى المدرسة بسلام، لنكتشف أن زوجها مدير المدرسة وأنها تعمل مدرسة بها وأن ابنها معها في الصف الذي تدرسه، وتبدأ في تدريس طلابها ثم يأتي أحد المعلمين الذي يتصرف بطريقة غريبة لا يرضى عنها من حوله، فيطعم الحمام ويلاحقه عدد كبير منه ويعاتبه المدير على ذلك ويطلب منه التوقف عن إطعام الحمام لأنه يترك مخلفات كثيرة. ونفس المدرس نجده يبدي اهتماما بالبطلة ويلاحظ إرهاقها الشديد.

علاقة سرية..

ثم مشهد للبطلة وهي عند الطبيبة تشكو من أعراض غريبة وتتوقع مرضها، ومشهد آخر وهي تلف سجائر ماريجونا ثم نفس مدرس الزراعة وهو يطرق الباب ويطلب منها أن تخلع بنطالها، لنجدهما وقد تلاحما في علاقة حميمية، يرقصان سويا ويقومان بحركات غريبة ويضحكان ويسألها عن شعورها، فتقول له أنها لا تستطيع هجر عائلتها لأنهم يعتمدون عليها بشكل كبير، وأنهم مساكين لا يستطيعون تدبر أمرهم من دونها.

ثم تتوالي المواقف الغريبة بدء من كتابة على حائط المدرسة فيها إشارة لما تفعله البطلة، ثم خطاب يوضع على سيارتها يخبرها أن ما تقوم به خاطئ، فترتعب البطلة وتشعر بالهلع وتصارح ابنها الكبير فيطلب منها إخبار أبيه بالأمر، لكنها ترفض وتطلب منه مساعدتها في معرفة من يرسل الجواب عن طريق رفع البصمات، وبحيلة صغيرة تجمع ابنها المراهق وبعض زملائه وتعطيهم عصيرا لكي تجمع بصماتهم. لكن يخبرها ابنها أن لا أحد منهم هو المطلوب. ثم تذهب لتفتش في كاميرات المدرسة لتعرف من يدس لها الخطابات والصور والتهديدات، ومن شدة فزعها يظهر على وجهها طفح جلدي.

شك..

ويشك زوجها في كل ما يجري لكنه يلجأ إلى الجري كوسيلة لتفريغ شحنات قلقه وتوتره، ثم يذهب إلى الحانة ليحتسي بعض الخمر وهناك تغازله إحدى المدرسات الشابات، ويندهش في البداية لكنه يستجيب في خجل ويراقصها، وقبل ذلك ورغم شكوكه يحاول ممارسة الجنس مع زوجته ويتعمد أن يمارس معها بعنف ودون مراعاة لها، ويراقبها وهي تنظر له في لا مبالاة أثناء الممارسة.

لكن رغم كل تلك الأحداث والتوتر من جانب زوجته يختار ألا يقوم بأي فعل، فيظل في خانة المراقب، وحين يزداد التوتر لديه يضرب بكرة صغيرة على الحائط في أثناء عمله، ثم يندفع إلى الشجار مع مدرس الزراعة بسبب الحمامات التي تلاحقه.

 حب..

من جانبه يعبر مدرس الزراعة للبطلة عن مشاعره ويؤكد لها أنه يحبها وأنه يهتم لأمرها، ولا يريد منها أن تفترق عنه. وهي رغم رعبها الشديد تقابله في شقة أبويها ثم تذهب زوجة ابنها إلى هناك لتخبرها أنها علمت بأمرها، وفهمت السبب وراء امتناعها عن إعطائهما تلك الشقة ليعيشا فيها، وتطلب منها في نوع من المساومة أن تعطيها الشقة لكن البطلة لا تنصاع لذلك وترفض.

ذروة وكشف..

ثم يتطور الأمر نحو الذروة ليهاتف البطلة الشخص المجهول الذي يراسلها ويطلب منها أن تعرض فيديو، صوره لها أثناء وجودها مع مدرس الزراعة في شقة أبويها، على عائلتها وإلا سينشره لتعرف به البلدة جميعها. وتنهار البطلة وتعرض الفيديو على عائلتها، ويعبر الزوج عن سخطه بهدوء، يلومها على أنها لم تف بوعود الزواج، وتغضب أمها أيضا ويضحك ابنها المراهق، فتنفجر البطلة في الغضب وتعاتب أمها على رد فعلها شاكية من أنها دوما ما تحب أن تشعرها بالذنب، وتقول لزوجها أنها سئمت ضعفه وابتزازه العاطفي لها، وتعاتب ابنها الأكبر على أنه يتركها تتحمل مسؤولية عائلته. وتصرخ في ابنها المراهق لأنه يضحك. وتخرج أم البطلة معلنة أنها تبحث عن بعض الهواء، لكنها ترحل بعيدا، ويذهب أفراد العائلة جميعا للبحث عنها في الشوارع، ثم تجد البطلة أمها وهي تنام على ذراع زوجها في حزن، لكنها رغم ذلك لا تستسلم وتقول له أنها لن تبيت هذا اليوم في المنزل فيسألها: متى ستعود؟ فتقول له: لا أعرف.

تحرر غير مكتمل..

وتقرر البطلة أن تعيش في  شقة أبويها، وتقرر أيضا الاستقالة من عملها، ويحاول الزوج التقرب إليها بأن يتراجع عن قراره في طرد التلاميذ الذين قاموا بالكتابة على الجدار، واكتشاف أنهم يتناولون المخدرات، لكنها تخبر الجميع أنها ستترك العمل في المدرسة، ثم تذهب إلى شقة أبويها.

ونكتشف أن ابنها المراهق هو من كان يكتب تلك الخطابات التهديدية، وأنه كان يمسح بصماته وأنه كان متأثرا بعلاقة أمه برجل آخر حد الحزن.

ويأتي ابنها المراهق إليها في الشقة ويمازحها، ثم يأتي الجميع من أفراد عائلتها ويحتضنوها، حتى زوجة ابنها التي تتشاجر معها دوما، وتجد البطلة نفسها محاطة بهم، ويطرق الباب ليفتح الزوج وترى مدرس الزراعة الذي أتى لمقابلتها، وتنظر لها في اعتذار وينتهي الفيلم على ذلك، ونفهم أنها اختارت عائلتها.

مدى حرية المرأة..

الإخراج رائع، وأداء الممثلين بارع، وإيقاع الفيلم هادئ على كل المستويات، بدء من الديكور وحتى الصورة والموسيقى وحركة الكاميرا،  الفيلم يركز على الجانب الإنساني، وتصوير انفعالات الشخصيات وردود أفعالهم.

وعلى مستوى الفكرة الفيلم يناقش مدى حرية المرأة في أن تختار حياتها بعد أن تكون جزء من عائلة، فعندما تقرر الزواج هل يعني ذلك أنها تخلت بإرادتها عن حريتها، فالبطلة هنا هي محور العائلة الذي يدور حوله باقي الأفراد، هي من تقوم برعاية الجميع ومساعدتهم وتولي مسؤولياتهم، من التسوق وتحضير الطعام والعمل في الخارج وفي الداخل، وحتى قيادة السيارة، وحتى حين يتزوج ابنها يظل جزء من عائلتها ويظل تحت رعايتها هو وزوجته وابنه الصغير، وربما هذا أحد مفردات المجتمع الذي صنع فيه الفيلم.

لكنها رغم أنها لا تشعر بالسعادة، ورغم أن كل تلك الأعباء تضغط عليها وعلى أعصابها وجسدها لكن لا يحق لها أن تبحث عن السعادة في مكان آخر، وحين فعلت عذبها ابنها مقتنعا أنها ساقطة وأنها خائنة، ولامها زوجها عن تلك الساعات التي تسرقها بعد العمل، موضحا لها أن تلك الساعات التي تغيب فيها تجعلها تهمل عائلتها، في حين أنه هو نفسه يمتنع عن تقديم يد المساعدة في رعاية الأم أو رعاية أبناءه.

البطلة تقف حائرة ما بين أن تختار أن تكمل في علاقة ترضيها نفسيا وجسديا وتشبعها كأنثى، وبين أن تظل هي المتحملة لمسؤولية عائلتها والراعية لهم. وتجبر في النهاية أيضا على أن تختارهم حين يأسرونها بمحبتهم واحتضانهم لها.

ورغم أن المجتمع الذي صنع فيه الفيلم أوروبي يزعم أنه متحضر وأن المرأة فيه تحصل على حقوق، لكن يتضح من الفيلم أن هذا وهم وأن المرأة هي من تتحمل العبء الأكبر حتى في المجتمعات الأوربية، فهي التي تحمل العائلة فوق كتفيها وتهدر كل قوة عملها لأجل العائلة، وحين تتمرد توصم وتصبح ساقطة وعاهرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة