22 نوفمبر، 2024 7:55 م
Search
Close this search box.

ممر آمن في شمال سوريا سيتحقق خطوة بخطوة بعمق 35كم

ممر آمن في شمال سوريا سيتحقق خطوة بخطوة بعمق 35كم

لا يزال الترقب يحيط بالعملية العسكرية التركية في الشمال السوري والتي هدد بتنفيذها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان أن جيش بلاده سيشنها “ذات ليلة” في وقت لاحق من الاسبوع الماضي.
الممر الآمن على عدة مراحل خطوة بخطوة منطقة تل رفعت ومنبج اولا تحقق هدف 35 كيلومترًا ستعمل القوات الجوية التركية على تطهير 470 قرية وبلدة في شمال سوريا من ايدي العناصر الارهابية لقوات قسد ، وستتم السيطرة على 600 كيلومتر من الحدود حتى بعمق 45 كيلومترًا.

تركيا تريد، من خلال هذه العملية العسكرية المنتظرة، استكمال خطواتها السابقة في إنشاء “مناطق آمنةمن اجل عودة الطوعية للاجئيين السوريين” في عمق 30 كيلومترا على طول حدودها الجنوبية مع سوريا وكذلك من اجل “حماية أمنها القومي”، في هذه الخطة ترى الولايات المتحدة في آلية تنفيذها بانها “تهديدا لاستقرار المنطقة التي يسيطر عليها قوات قسد المدعومة من طرفها”، وكذلك”طهران كما الولايات المتحدة تعارض أي نوع من الإجراءات العسكرية،معتبرا أن أي هجوم “سيؤدي إلى مزيد من التعقيد والتصعيد”,بينما نجد ان روسيا “تناور” بالحديث المتعلق بهذا الشأن.

تركيا من خلال العمليات العسكرية الأربعة السابقة التي جرت في الشمال السوري منذ عدة سنوات كانت قد أقامت ممرها الآمن خطوة بخطوة بين عملية عسكرية وأخرى، وستكون العملية الأخيرة بداية لحقبة جديدة في سوريا على ضوء الاحداث الجارية في المنطقة والعالم بعد الحرب الروسي الأوكراني.

شنت تركيا في أواخر عام 2019 عملية “نبع السلام” في مناطق شمال وشرق سوريا،الخاضعة لسيطرة “قسد” المدعومة أمريكيا. حيث سيطر الجيش التركي، مع “الجيش الوطني السوري الحر” ،على طول الشريط الحدودي،من منطقة تل أبيض في محافظة الرقة، ووصولا إلى مدينة رأس العين في محافظة الحسكة،بعمق بـ30 كم تقريبا ،بمحاذاة الطريق الدولي المعروف باسم “M4”. وكادت تركيا تسيطر على مدينة “عين العرب” أعلنت تعليقها لعملية “نبع السلام”، بعد الهدنة أجرتها مع الولايات المتحدة الأميركية على أنها ستحقق هدفين رئيسيين، هما سيطرة تركيا على شريط من الأراضي السورية بعمق يتجاوز 30 كم، وطرد “وحدات حماية الشعب وقوات قسد من المناطق الحدودية السورية التركية .
منذ الفترة الأولى من الحرب في سوريا ، كانت تركيا عرضت على المجتمع الدولي إنشاء مناطق آمنة للاجئين في داخل الأراضي السورية ، ومن أجل تأمين حدودها وأمنها القومي. ولكن مع الأسف الشديد بسبب لامبالاة المجتمع الدولي ، وخاصة الأمم المتحدة بعدم النظر بجدية الى موضوع المنطقة الآمنه ، اجرت تركيا بسلسلة من العمليات العسكرية قضت فيها على المجموعات الارهابية من عناصر داعش وعناصر قسد وأخواتها وتهديداتهم الإرهابية على المحور الحدودي .
ثم قدمت تركيا الأمن والأمان لأكثر من 6 ملايين لاجئ سوري على خطوط حلب وإدلب وحماة والرقة واللاذقية بتموضع وانشاء النقاط العسكرية التركية المنتشرة في تلك المناطق.
الحقيقة إن “الجهات الفاعلة على الساحة الدولية أمريكا وأوربا لم تعطي الاهمية الكافية لحساسية المنطقة الآمنة التي طلبتها تركيا بانشائها في الشمال السوري كما في العراق (خط عرض 32 – 36) كل ذلك زادت من معاناة الشعب السوري وزادت من جرعة المجازر التي ارتكبتها مليشيات النظام السوري وحلفائها في مناطق السكنية.
طبعا عدم تجاوب المجتمع الدولي وعلى راسهم أمريكا مع مطالب التركية المحقة كانت ذلك خطة تهدف إلى وضع تركيا في موقف صعب مع وجود سلاح بيد الإرهاببيين المدربين من قبلهم على الحدود من جهة وضغط اللاجئين ونزوحهم من جهة أخرى.
ومع ذلك ، قطعت تركيا سرتها بيدها وبسواعد قواتها الخاصة وأقامت ممرًا آمنًا خاصًا بها خطوة بخطوة من دون النظر الى تنديدات دول الداعمة للاهاربيين على حدودها وان العملية الاخيرة التي سيتم تنفيذها ستكون بداية عهد جديد في سوريا المستقبل.

بدأت العملية مع اتفاقية “أضنة” الموقعة بين سوريا وتركيا قبل الاحداث 2011 وكانت أول اتفاقية شاملة بين البلدين ضد إرهاب حزب العمال الكردستاني ، الذي يهدد تركيا من الجنوب ، اتفاقية أضنة تم توقيعها في عام 1998 هذه الاتفاقية ، التي تسمح لتركيا بالدخول على عمق 5 كيلومترات في سوريا ، رفعتها تركيا إلى 30 كيلومترًا بسبب التهديد المتزايد خلال الحرب الدائرة في سوريا.
وفي المفاوضات التي بدأت في أستانا واستمرت في سوتشي ، واصلت تركيا هذا الإصرار وأقامت قواعد عسكرية في إدلب عند نقاط تصل إلى عمق 65 كيلومترًا في بعض المناطق.

بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي ، بدأت فترة تسيير الدوريات المشتركة في محور إدلب – اللاذقية – حماة. استمرت الدوريات رغم بعض المعوقات والاعتداءات التي تحصل بين الحين والآخر.
تسيير دوريات لأرتال عسكرية تركية وروسية على طريق حلب- اللاذقية على الطريق السريع M4.
ومن ناحية أخرى ، بدأت أول دورية مشتركة بين تركيا والولايات المتحدة في 1 نوفمبر 2018 في منبج ايضا . ونُفذ هذا النشاط مع روسيا في مناطق التي سيطرت حزب العمال الكردستاني ، مثل منبج وعين عيسى وأبو راسين وعين العرب والقامشلي وتل رفعت ، والتي سلمتها القوات الأمريكية للروس في وقت قصير.تم تسيير دوريات مشتركة ، خاصة في عين عيسى وحولها ، على الجزء الشرقي من الطريق السريع M4.

مع تطهير منبج وتل رفعت من العناصر قسد وأخواتها الإرهابية التي تسيطر على تلك المناطق،يتم بذلك تحقيق جزء من الهدف المرسوم لحماية الأمن القومي التركي البالغ طوله 35 كيلومترًا .
على محور رأس العين – تل أبيض من الشريط البالغ طوله 600 كيلومتر الموازي للحدود ، يمتد عمق المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة التركية – ووحدات الجيش الوطني السوري الحر يصل إلى عمق 35-40 كيلومترًا في بعض الأماكن.
والهدف من العمليات ، التي قال الرئيس أردوغان إنها ستستمر على مراحل ، هو تحرير المحور البالغ طوله 300 كيلومتر بين منطقة رأس العين ومنطقة المالكية.
طبعا نشرت مصادر من وزارة الخارجية التركية معلومات التي تفيد بأنه تم استخدام جميع القنوات الدبلوماسية من أجل عدم بناء مناطق تسيطر عليها المليشيات الإرهابية جديدة بعد تطهير الحدود ، وأنه تم إبلاغ جميع المحاورين بأنه لن يُسمح بتخصيص نقاط جديدة لحزب العمال الكردستاني والمنظمات الإرهابية المماثلة في تلك المناطق.

الأن هناك تريث بعض الشيء في انطلاقة العملية العسكرية التركية وذلك بهدف ترك المجال مفتوحا أمام إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة وروسيا الفاعلين الرئيسيين في هذه المسألة. الأن الحسابات التركية معقدة جدا بفعل تشابك علاقتها مع روسيا والولايات المتحدة بمجموعة من المصالح المتضاربة،وتعقيدات العلاقة موسكو مع واشنطن.

من غير الواضح الأن ما إذا كانت أنقرة تنسق خطواتها المقبلة مع موسكو بشأن العملية العسكرية المحتملة، لكنّ بالتأكيد عدم التوافق معها يزيد المخاطر على تركيا بشكل وبأخر. وهذه العملية ستكون فرصة لتركيا لاختبار موقف الغرب تجاه نشاط حزب العمال الكردستاني وأخواتها ، وكذلك اختبارا لمدى استعداد وجدية موسكو على مراعاة المصالح الأمنية لتركيا التي تقف في الحياد في الازمة الروسية الأوكرانية وتسعى لايجاد حلول سلمية للازمة.

أحدث المقالات