5 نوفمبر، 2024 8:39 ص
Search
Close this search box.

لا يجوز تقليد الساكت عن الحوادث الواقعة – دراسة في واقع المرجعية الدينية

لا يجوز تقليد الساكت عن الحوادث الواقعة – دراسة في واقع المرجعية الدينية

عندما ندرس واقع المرجعية الدينية، ونلاحظ المهام والمناصب الكبيرة التي في عاتقها.. نجدها انها تستمد مشروعيتها من منصب الإمامة نفسه..
فنلاحظ انها نائبة عن الامام المهدي (عليه السلام)..
بمعنى ان الامام المعصوم (عليه السلام) بعد ان تسبب الناس في اقتضاء المشيئة الالهية في غيبته..
فيكون الاتصال به (عليه السلام) والرجوع المباشر اليه في التكاليف الدينية واقامة الدين (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) مناف لتكليف الغيبة التي يمر بها..
وكل ذلك بُحث تفصيلاً في معنى غيبته (عليه السلام)..
هذه الغيبة ادت بالنتيجة الى ان يتعهد المعصوم (عليه السلام) بقيادة جديدة تسوس الناس بما يتصل بتطبيق الاحكام وفض الخصومات والإفتاء وغيرها ..
وبعد ان كان (في زمن حضور المعصوم) النص على الامامة بالإسم إماماً بعد إمام..
صار النص في زمن الغيبة على الشروط والمواصفات لا النص على الإسم.. وهذه الشروط هي التي تؤهل حاملها الى النيابة عن مهام الامامة..
ولم يحابي الأئمة (عليهم السلام) احداً حينما طرحوا هذه المواصفات لشيعتهم..
وبالنتيجة ان يطبق الناس هذه المعايير في المتصدين للفقاهة والمرجعية..
ففي الرواية عن الامام العسكري (عليه السلام): (فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه. وذلك لا يكون إلا [في] بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فان من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً، ولا كرامة لهم)..
وما ورد في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم)..
حيث كان تعبير رواة الحديث رديف مصطلح المجتهد (الذي ظهر في القرن السادس الهجري)..
وهي قضية معروفة في فلسفة القانون بقيمومة المقنن والمشرع على سير القوانين وتنظيم تداخلاتها في جزئيات الحياة ورفع التنازع وتقنين المستحدثات وغيرها..
والسؤال المحرج هنا: أين موقف بعض المرجعيات من الحوادث الواقعة؟!
فلم نطالع فيهم غير السكوت، ورمي الامور على الغارب!!
ولم نجد شيئاً يُذكر طيلة السنوات الطويلة التي عشناها..
وقد اجرينا مجموعة من البيانات الاحصائية لمواقف السيد السيستاني، في مقالتنا السابقة: ورأينا انه لم يصدر غير ٢٢ بياناً توجيهياً في المدة من (٢٠٠٣-٢٠١٣)!!!
اي بمعدل ٢ بيان لكل سنة تقريباً..
ان الحكمة الالهية التي اقتضت غياب المعصوم (عليه السلام) لها اسبابها..
وهي غير اسباب سكوت المرجع من دون مبرر!!
ثم ان الحكمة الالهية تخالف الرجوع الى المرجع الساكت عن الحوادث الواقعة!!
فالحكمة ارجعتنا الى المرجع الذي يبت بما يتصل بالحوادث الوقعة..
واذا كان ساكتاً لا يبدي علماً او رأياً او موقفاً ..
فيعني هذا اما ان نقول ان الحكمة (حاشا لله تعالى) خاطئة!! لأننا رجعنا الى الغيبة!!
فبعد غياب المعصوم ارجعتنا الى غائب!!
أو نعترف بتقصير من وقعت عليه المسؤولية!!
وهذا يجرنا الى الحديث عن عدم مشروعية الرجوع بالتقليد الى من الساكت عن الحوادث الواقعة.. والتقليد له بمثابة الفاقد للشروط..
فأنت تسميه مرجع..
ففي أي شيء ترجع له؟! وهو لا يمتلك اي شيء!!
في المقابل نواجه بعض المتنطعين بالتبريرات.. والتي يسمونها حكمة السيد!!
هذه التبريرات التي يعتاش عليها مصطنعي القداسات .. وهي اثارة مضحكة في ان يصبح السكوت والعجز عن ابداء المواقف..
والاهمال تجاه وظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر..
وعدم قابلية هذه المرجعية على ان تواكب التحديات التي تغمرها ..
صار ذلك وعياً .. وحكمة بالغة .. ومواقف رصينة!!
في الوقت الذي نقرأ فيه الحديث الشريف عن امير المؤمنين (عليه السلام) ان قال: (القول بالحق خيرٌ من العي والسكوت)..
وعنه (عليه السلام): (رُب كلامٍ أنفذ من سهام)..
وعندما سئل علي بن الحسين (عليهما السلام) عن معنى كون الكلام أفضل من السكوت، قال: (لأن الله عز وجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت)!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات