خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
قصة فيلم (العنكبوت المقدس)؛ وتطاول طاقم التمثيل والإخراج على الإمام الثامن (عليه السلام)، والذي أثار على مدى الأيام القليلة الماضية، الكثير من ردود الأفعال المتباينة، وتلك ليست بداية القصة ولا نهايتها؛ بحسب “جواد نوائيان رودسرى”؛ في تقريره المنشور بصحيفة (خراسان) الإيرانية الأصولية المتشددة.
مناهضة الإسلام لأهداف سياسية..
فالكل يعلم أن هناك الكثير من الخطط التي تستهدف معتقدات المسلمين، والتي سبق الإعداد لها قبل عقود؛ وما نراه اليوم ليس إلا جزءً من هذا التوجه، وقد سبق أن مررنا بأحداث مشابهة، مثل كتاب (آيات شيطانية)؛ للمؤلف “سلمان رشدي”، أو “حرق القرآن”؛ للكاتب “تيري جونز”.
والحقيقة نحن لا نواجه حدث طاريء؛ بحيث لا نستطيع تقديم تحليل دقيق للحادث. ويكفي أن نلقي نظرة إلى الوراء حتى نرى أن في العقود الثلاثة الماضية على الأقل، أن الإنتاج الإعلامي أو السينمائي الغربي، وبخاصة في دول “أوروبا الغربية” و”أميركا”، إنما تطرح أفكار مناهضة للإسلام من زوايا مختلفة ولأهداف سياسية.
إنهم بشكل رسمي وبدون إجابات قوية، يدعمون بكل قوة إي إنتاج يُسهل تشويه صورة الإسلام النقية، لاسيما وإن اتخذت هذه المنتوجات شكل الواقع؛ فإنها تبقى وتترسخ في ذهن المخاطب.
فيلم “العنكبوت المقدس”..
ولو نريد التعبير بشكل دقيق عن هذا التوجه، يجب أن نعتبره نوعًا من الاختبار المتكرر الذي يعمل على نقش المعايير والمعتقدات في ذهن المتلقي.
وتتخذ هذه التجارب كل مرة؛ شكلًا تفصيليًا أكثر، ولو هاجموا الإسلام ككل وشخص “خاتم الأنبياء”، (صلي الله عليه وسلم)، مرة، فإنهم يحرصون في المرات التالية على الخوض في المزيد من التفاصيل.
على سبيل المثال؛ لو أنك اصطدمت في بداية فيلم (طارد الأرواح الشريرة)؛ بصوت الآذان فقط، أو التواجد في بيئة إسلامية فيها يسعى المخرج إلى الترويج لفكرة التنشئة السيئة على تعاليم الإسلام، ففي فيلم (العنكبوت المقدس)، تواجه بشكل مباشر وصريح صور مهينة في بداية الفيلم لا تحتاج بالأساس إلى تفسير أو توضيح جانبي، وإنما تدفع المخاطب بشكل مباشر باتجاه ثيمة المخرج الأساسية.
حيث يُعلن مخرج الفيلم بشكل صريح ودون مواربة، أن الفيلم لا يتحدث عن قاتل متسلسل نشأ في بيئة حاضنة للقتلة المتسلسلين، في حين يعزو المخرج جذور تنشئة هذا القاتل إلى الأصل الديني.
وقصة الفيلم تُشبه الكثير من الأفلام ذات التوجه المعارض للإسلامية أو الإيرانية، تدور حول قصة واقعية مع تغيير جذري في الرواية، بحيث يقتنع المخاطب بشكل أفضل بأهداف صناع الفيلم؛ وحين تمضي مع الرواية والقضايا الفرعية تكتشف حجم الاختلاف العجيب والغريب عن الأحداث الواقعية.
لن يكون الأخير..
مع هذا؛ وكما قلنا لن يكون هذا الفيلم بالتأكيد الأخير من هذه النوعية، وما يجب أن نراعي هو تبني رؤية طويلة المدى تقوم على إنتاج الثقافة والمحتوى الفكري في مواجهة هذه التوجهات التخريبية، فضلًا عن وجوب الإدانة والاعتراض.
والعدو لا يتورع عن القيام بأي عمل مدفوعًا بأهداف سياسية ويصنع المزيد من الأفلام والمنتجات الإعلامية، ويستفيد من الوسائل المتنوعة في ترويج هذه المنتجات داخل منازلنا؛ ويضعنا في مواجهة هجمة قوية.
والسؤال: هل نمتلك في هذه المعركة الثقيلة، القدرة على الصمود والدفاع عن أنفسنا وتغيير الوضع الحالي من الدفاع إلى الهجوم أم لا ؟
نحن نعتقد بحق في ثراء إمكانياتنا العلمية والدينية في الرد وإقناع أجيال الشباب، وبالتالي نحن بحاجة فقط إلى إسترتيجية تنقل هذا المخزون بسهولة وسرعة وبشكل مؤثر في الوقت نفسه إلى المجتمع.
والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الدفاع المدعوم بقوة أخلاقية وعقلية، يحظى بقوة أكبر على الاستمرار، والتأثير.
ومما لا شك فيه إن التطاول على الإمام الثامن يتطلب ردًا قويًا، لكن من الضروري تمهيد المجتمع من خلال تسليح الأفراد بالعلم والعقلانية، حتى لا يقتصر الدفاع على فترات ثورة المشاعر والأحاسيس.