على مر العصور نجد أن أصحاب المشاريع الكبيرة ، والتي تهم الأمة يتحملون ظلما كبيرا وجورا شديدا، ولا يبالون بملذات الدنيا وهواها إن صادفتهم، وإن حصل ومالوا نحوها سقطت مشاريعهم، وأصبحوا من الخاسرين، ومن أؤلئك ما حصل في مصر اخيراً، فتحولوا من معارضين مضطهدين ينشدون الحكم الرشيد، إلى حاكمين ترشدهم مصالحهم لا مبادئهم .
ذلك الحكم تحول أيضا في العراق، وأصبح المعارض حاكما، لكن المأساة استمرت ولكن بطرق أخرى مبتكرة وجديدة،فالدستور يُعطل ويُعمل به حسب الظروف، والقوانين لا تطبق إذا كانت لشريحة لا تهم المنفذ، والعدالة الاجتماعية لم تتحقق، بل إزدادت الهوة بين الفقراء والأغنياء في بلد تحكمه ميزانيات انفجارية، والتعليم والصحة والخدمات في تأخر مستمر، والأزمات السياسية مستمرة وتتوالد مع مرور الوقت، والانفجارات والقتل والتشريد والنزوح مستمر بين تلك البلدة وهذه المدينة، والفساد فتح طريقا خاصا به وأمراءه أصحاب الثوابت والمطالبين بدولة الإسلام العادلة “سابقا” .
كانت شعارات رفع لواءها دعاة الحق والإنسانية ” سابقا”، لكن تطبيقها ليس بالامر الهين واليسير، لظروف جهلها النظام السابق ويجهلها من هم في سدة الحكم الآن، “فلو كان إصبعي بعثيا لقطعته” قد تكون كلمات قالها وهو يهجر، أو غلب عليه النعاس ولذلك تناسوها، وأصبح البعثيون ربيبا لهم في كل محنة، بل وتنصفهم القوانين أكثر من ضحاياهم، فالبعثي والفدائي يخير بين العودة لخدمة (تهديم الوطن وقتل الناس)، أو التقاعد وضحايا رفحاء لم يسمع صوتهم لحد لان .
لم يكن السيد الصدر بعيد عما يحصل الآن، وسيبقى يلاحق كل تخلى عن مبادئه في سبيل حكم زائل، لم يحتفظ به عتاة المستكبرين وحتى هارون نفسه، فكيف يصدق هؤلاء بدنيا هارون، وينكرون للصدر ما قاله لهم، وهل صدقت نبوءة السيد الصدر رحمة الله؟ وهل الواقع الحالي ينطبق عليها؟ أم ان القادم أسوء وأكثر ظلماً.