18 ديسمبر، 2024 11:12 م

لكل دولة متحضرة ومتقدمة فرسان ورجال وقادة تركوا بصماتهم الواضحة من أجل النهوض ببلدانهم ، أولئك الرجال الفرسان لم يأتوا من القمر أو كوكب آخر ، لكنهم فهموا وخططوا وعرفوا كيف تُبنى الأوطان ، وعرفوا كيفية استغلال الموارد البشرية والمادية ولم يجلسوا مكتوفي الأيدي على أطلال اسلافهم من الذين مروا بظروف وتجارب قاسية ، بل بالعكس كانت تلك الظروف والأزمات الصعبة والقاسية دروسا بليغة للأنطلاق نحو المستقبل والبناء واعادة النظر بالسياسات السابقة ، كذالك استفادوا من كبوات اسلافهم .. ومثال ذلك الدكتور ( مهاتير محمد ) رئيس وزراء ماليزيا .. هذا الرجل الذي يستحق ان ننحني ونرفع قبعاتنا له ، رجل سطع نجمه في تاريخ ماليزيا الحديث … الدكتور مهاتير محمد اشتغل بائعاَ للموز ومن هنا بدأ الكفاح ، ودخل كلية الطب وأكمل دراسته في ( سنغافورا ) بعدها عمل طبيبا جراحا حتى استقلال ماليزيا عام 1957 وتقلد منصب رئيس وزراء ماليزيا عام 1981 لغاية 2003 . استطاع هذا الرجل ان يحلّق ببلده من بلد متخلّف الى بلد يتربع على قمة الدول الناهضة التي يُشار لها بالبنان ، لقد اعتمد الرجل على ارادته ووطنيته وحبه لشعبه ووطنه وراهن على شعبه وعقولهم .. واستطاع الطبيب الجراح والسياسي المحنك ان ينقل ماليزيا نقلة نوعية لتصبح ( نمرا ) آسيويا يُحسب له الف حساب . لقد كان دخل الفرد الماليزي عام 1981 ألف دولار سنويا حتى اصبح ستة عشر الف دولار وان يصل الأحتياطي النقدي من ثلاثة مليارات دولار الى ثمانية وتسعين مليار دولار … اعتمد هذا الرجل في ادارته للدولة على ركائز مهمة وكان بحق رجل دولة ، الركيزة الأولى عمل على توحيد البلاد وتجنب الصراعات الداخلية بين المجموعات العرقية ، فقد عمل على الوحدة بين فئات الشعب
مع اختلاف دياناتهم ( الأسلامية / البوذية / الهندوسية ) ، اما الركيزة الثانية فهي الأعتماد على دولة داعمة لماليزيا ، والركيزة الثالثة جلب الأستثمار نحو ماليزيا وقام بأدخال التكنولوجيا الحديثة والتدريب عليها ،،، ركّز ( مهاتير محمد ) على ثلاثة محاور : كان في مقدمتها محور التعليم ويوازيه محور التصنيع ثم المحور الأجتماعي … كان هناك عاملان لنجاح الدكتور : أولهما القدوة والبحث عن تجارب الدول الناجحة واستقر ان تكون ( اليابان ) هي القدوة ، اما العامل الثاني فهو ( الأدارة الجيدة والمخلصة والنزيهة ) . وبعد ماتوفرت ارادة النجاح لدى المجتمع الماليزي بجانب تكوين قاعدة من تعليم جيد ، بقي دور القائد الماهر الذي يستطيع ادارة هذه العوامل ويجيد استخدامها ليصل الى النجاح المنشود . ولم يكن هذا الأمر سهلا فقد استطاع ان يستنهض همم شعبه الى جانب ذلك حرصه على تنفيذ سياسة خارجية متميزة جعلت له مكانة متميزة في المحافل الدولية كصاحب رأي ومفكر .. يقول الدكتور مهاتير محمد عن اسباب نجاح التجربة الماليزية ( ان ماليزيا لم تحقق معجزة لكن أولينا التعليم كل جهدنا ووفرناه لكل فئات الشعب بسهولة ) . في عام 2003 وبعد احدى وعشرين سنة قرر بأرادته ان يترك الجمل بما حمل ليستريح رغم كل المناشدات ، تاركا لمن سيخلفه خارطة طريق وخطة عمل اسمها ( عشرين … عشرين ) اي شكل ماليزيا عام 2020 وبعد اعتزاله كما أسلفنا قرر ان يخوض الأنتخابات من جديد ليفوز بالأغلبية ويعلن عن نشكيل الوزارة وهو بعمر 92 سنة .. وهكذا تفوّق الطبيب الجراح بمهارته وارادته الصلبة وحبه لشعبه ووطنه …. ماأحوجنا الى ( مهاتير محمد ) عراقي
السلام عليكم …….