18 ديسمبر، 2024 9:43 م

حرب المياه و أزمة التصحر في العراق

حرب المياه و أزمة التصحر في العراق

الماء ذلك السر خلف بيولوجيا الحياة على الأرض و الأساس الأولي لقيام جميع الحضارات في العالم و أحد اهم اسباب الصراعات في التاريخ البشري في السعي للسيطرة على المنابع و الروافد من اجل التحكم في الشعوب و قهرها سياسيا و اقتصاديا و بيئيا
يشهد العراق حاليا هذه الحرب حيث أنه يعتمد في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جمعيها من تركيا وإيران، اللذين يجريان فيه من أقصى الشمال والشمال الشرقي والتقاءً بشط العرب عند الجنوب بمحافظة البصرة ، و نلاحظ اليوم انخفاض حاد في منسوب مياه النهرين بعد أن بلغت مستويات غير مسبوقة طيلة السنوات الماضية جراء السياسات المائية التي تعتمدها تركيا وإيران بتخفيض نسب الإطلاق وتغير مسارات الروافد وإقامة السدود العملاقة حيث يأتي إنشاء سد “إليسو” التركي في إطار مشروع جنوب شرق الأناضول المعروف اختصارا بـ(GAP)، والذي باشرت تركيا بتنفيذه منذ ثمانينيات القرن الماضي ، ويشمل المشروع الكبير بناء 22 سدا و19 محطة كهرومائية على نهري دجلة والفرات
ويُعَد هذا السد من السدود الإملائية الركامية، وتبلغ مساحة بحيرته نحو 300 كيلومتر مربع و كذلك جففت ايران اغلب الأنهار التي كانت تجري في الاراضي العراقية عبر تغيير مجاريها نحو اراضيها .
فالنهر الذي كان بالأمس القريب، يهدد بفيضاناته المدن الواقعة على ضفتيه، أصبح اليوم يحتضر
هذا و اسباب أخرى أدت لدخول العراق بأزمة تصحر و جفاف غير مسبوقة منها :
1. ان 90% من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف حيث يقع المناخ الصحراوي الحار والجاف في حدود منطقة السهل الرسوبي والهضبة الصحراوية الغربية ويمثل هذا المناخ حوالي 70 % من مساحة العراق الكلية.
2. ارتفاع درجات الحرارة في الصيف التي تصل احيانا الى أكثر من 50 درجة مئوية.
3. انخفاض نسبة تساقط الامطار، وتفاوت كمياتها بين 5 – 15 سم، متأثرة بنسبة التبخر العالية اذ تقل في اغلب مناطق العراق.
4. الرياح السائدة في العراق هي الرياح الشمالية الغربية الجافة والحارة وتعمل على نشر الغبار المحلي، وصيف حار جاف وطويل. وهذا العامل له دور مهم في حدوث التصحر في العراق .
فالتصحر عملية هدم أو تدمير للطاقة الحيوية للأرض، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى ظروف تشبه ظروف الصحراء، وهو مظهر من التدهور الواسع للأنظمة البيئية، الذي يؤدي إلى تقلص الطاقة الحيوية للأرض المتمثلة في الإنتاج النباتي والحيواني ومن ثم التأثير في إعالة الوجود البشري.
في كل ما يجري لا نلاحظ اهتمام يوافق مستوى الكارثة من قبل الحكومات العراقية لوضع خطط لبناء سدود أو بحيرات أو انظمة لخزن مياه الامطار و المياه العذبة أو إقامة معاهدات رسمية مع تركيا او ايران من اجل تحديد كميات المياه للعراق .
كما و ان التصحر أحد العوامل الرئيسية التي تعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ويزيد من المشاكل الاقتصادية التي تعمل على تفاقم التدهور البيئي وهكذا نواجه حلقة مفرغة في الحفاظ على البيئة، إذ ان حالة البيئة لا يمكن فصلها عن حالة الاقتصاد، ومن هنا يتبين لنا أن التخلف الاقتصادي والتدهور البيئي يعزز كل منهما الآخر لتكريس وجودهما.
و أن هذا سوف يكون له تداعيات كبيرة و خطيرة على الوضع الأمني و الاجتماعي في العراق حيث لكون المناخ المغبر يسبب الاكتئاب النفسي و الغضب المتزايد من دون وجود مرافق ترفيهية للتنفيس عن الحالة المعيشية للفرد لذا سيؤدي إلى :
1 _ زيادة نسبة الجريمة و حالات الخطف و التجارة بالاعضاء البشرية .
2_ زيادة نسبة الفقر و تردي الحالة المعيشية للفرد العراقي .
3 _ زيادة نسب الطلاق و تردي الأحوال الاجتماعية .
و غيرها من المشاكل الناتجة عن تدهور الاوضاع الإقتصادية و الاجتماعية و الأمنية .