18 نوفمبر، 2024 5:30 ص
Search
Close this search box.

العراق في الزمن القادم  .. تغيير – الوجوه والعقول

العراق في الزمن القادم  .. تغيير – الوجوه والعقول

العراق  فيه مختلف الاطياف والالوان  والملل والنحل .. فهو اذا نظرت اليه بنظرة متفائلة  فستجده  فسيفساء جميل يؤطرها  وطن اخضر  بقلوب متصافية  تجمعها  وحدة التكافل الاجتماعي  واواصر الهدف  ووشائج الاخوة ، وروح المودة الانسانية  والتآخي العظيم .. اما اذا اردت ان تمزق هذا الشعب الذي يحمل عبواته الناسفة في طياته .. فأنك تشتغل على ان  هذا كردي وهذا عربي وذاك سني وسواه طائفي واخر تركماني ومسيحي وايزدي وغيرها .. فأن هذه التجزئة وهذه المسميات هي بحق قنابل موقوتة وسلاح فتاك بيد خصوم العراق الذين ينظرون اليه بعين الحسد .. وخاصة الذين يصاقبهم على كل مديات حدوده شرقا وغربا  وشمالا وجنوبا … عجبي انهم لا يتمنون له الخير  بل يفعلون بداخله افعال الشر ويسكبون الزيت على النار التي  توقد في اية لحظة اذا نثلمت  او تفككت  او انفصمت عرى الترابط الاخوي والتعايش السلمي  المصيري لسكانه . وهذا ما يحدث الان . فالقيادة في العراق  مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل ما يحصل له … وربما الشعب يتحمل مسؤوليته ولكن الشعوب على دين ملوكها ..
فأنك تقول انا سني فأقول لك انك لا تستطيع ان تقود العراق  .. والتجارب القريبة والاقرب دليل على ذلك … او انك تقول اني شيعي فأنك ايضا لا يؤهلك انتماؤك بأن تقود العراق بهذه الاطياف الواسعة .. وكذا الحال اذا كنت كرديا محضا او عربيا صرفا . ولكن اذا قلت انا عراقي فان مشروعك سيؤهلك لقيادة هذه البلد المتنوع والمتحد احيانا والمفترق احيانا اخرى … فالعراقية هي الحد الفاصل بين التبعثر والالتئام . وهي القاعدة المؤهلة لكل من يتصدى لقيادة العراق والعراقيين الى بر الامان … وليس  الحزبية او الطائفية او العرقية التي اثبتت فشلها على مدى السنيات التي مضت ، والتي زادت في تمزيق العراقيين وفرقتهم واقتتالهم احيانا ، والتي وجد فيها اعداء العراق ضالتهم وراحوا يسكبون الزيت على النيران التي اشتعلت . فنحن في المرحلة المقبلة علينا ان ننظر الى تاريخنا ، وهو لاشك مركب  من الناحية الحضارية .. بل احيانا نجد فيه قفزات مروعة احدثت فجوات من التفكك والانحلال ، ومعلوم ان ايقاع الحركة الحضارية في بلدنا ايقاع معقد يقتضي حساسية مفرطة في استيعابها  ورهافة في الحس عالية جدا لادراكها .. كي نحقق قفزات حضارية كبرى  بعد ان رأينا ولمسنا ان قادة التغيير الجدد من 2003 الى يومنا هذا قد اخفقوا في قيادة ثورتهم على ( الباطل ) للوصول بالبلد الى بر الامان . والان لم يعد بمقدورهم اعطاء اكثر مما قدموا .. واصبح ايضا ليس بمقدورهم ان يضرموا الثورة مرتين . اذن  نحن بحاجة الى تغيير الوجوه  وتغيير العقول .. لخلق مواقف جديدة في الحياة التي هي لا تحتاج الى مزج مفتعل بين افكار وتصورات ومواقف كل حزب على حدة والتي عادة ما اثبتت عدم تجانسها واصبحنا معها كمن يخلط الزيت بالماء . فنحن مثلا  لم نكن بحاجة  الى وضع تشريعات جديدة بقدر حاجتنا الى تربية عقول جديدة من المشرعين يتمتعون بتصورات مستقبلية  ملهمة .. كما اننا لم ندعوا ثوارنا  الحاليين الى تجديد ثوريتهم ولكننا ندعوا الى تربية جيل  جديد  من الثوريين  .. كما لم نطالب بقفزات نوعية بالتعليم بهذه العجالة وعدم الفهم بالتعليم اساسا ( النمط السائد في العراق ) ولكننا ندعوا الى اعداد جيل من التربويين . وان حالاات النكوص التي يشهدها العراق حاليا …  ليس احراجا للقوى السياسية في العراق  التي منعت من المشاركة فيه  بقوانين وتعليمات وضعتها القلة القادمة من الخارج بمعاونة ( بريمر  سيئ الصيت )   واحتكرت السلطة فيها  تحت مسميات حزبية سرعان ما تشضت واصبحت لا تحصى .. وكل يدعي وصلا بليلى .. وبنتيجتها حصدنا الخيبة والتمزق . بل سبب ذلك النكوص ايضا احراجا للشعب العراقي ومثقفيه  ومفكريه  وفنانيه  ومبدعيه … وعلمائه  ومرجعياته الدينية  والسياسية والاقتصادية  … دليلنا على ذلك حجم العراقيين الذين طردهم العراق  والذين يعيشون على فتات موائد الدول . كما ان السلطة منذ 2003 لحد الان لم تنتج لنا الا مزيدا من الدماء  والتضحيات والفرقة  ، في حين نحن احوج ما نكون الى مزيد من العقل الانساني وضبط النفس  والارادة الفاعلة والاقتصاد المتطور ببلد غني ، لم يزل بعض من شعبه يعيش دون خط الفقر .. واحوج ما نكون الى الكرامة الانسانية وانقاذ المحرومين  من التشرد والصعلكة والعوز والفاقة والاهتمام بصحة وتربية الفرد … واشباع رغباته ولكن ليس بالبسكويت الاردني منتهي الصلاحية . والمغمس بالخبث  الصهيوني . كما ينبغي  على القادمين الجدد الذين سيصنعهم العراقيون عبر انتخاباتهم باذن الله ان يأخذوا بعين الاهمية معاناة الفلاح الذي يحيا بصمت وذهول  جراء اهماله واهمال ارضه . والعامل الذي تعطل دوران ماكنته  والتاجر الذي بارت تجارته وانتاج جيل  من الكتاب والفنانين والشعراء  تملاهم  الثورة والتمرد  وكذلك انصاف المثقفين وطلاب الجامعات والصحفيين والروائين واللاجئين السياسيين بل وانصاف المرأة والطفل والشيخوخة ، والبنى التحتية للبلد والمعامل المعطلة والتعليم المخرب  ، ومصالحة الانسان مع نفسه وذاته ، والذي هاجر بعقله الى دول العالم .. والمبدع والمبتكر الذي ذهب عطاءه للغير … اذن لابد في التفكير بصنع ثوار جدد . حيث ان الجيل الذي  صنع الثورة في بدايتها  ليس بمقدوره صنع ثورة اخرى لانه استهلك

أحدث المقالات