منذ إقرار الدولة العراقية المناهج الدراسية في مدارسنا ( الرابع الإبتدائي والمرحلة المتوسطة ) كان كتاب التربية الوطنية ملازما لنا في تلك المراحل حيث درسنا ولا يزال يدرس أبنائنا مادة التربية الوطنية ، وهي تعلم الطالب كل ما يتعلق بالوطن والمواطنة وصفات المواطن الصالح وواجباته وأهمية الوطن للمواطن ودورالأخير أزاء وطنه والى أخره من المواضيع التى تُحصن النشئ وتقويه ضد إختراق جداره الوطني تنتهي بمحصلة نهائية تقول حب الوطن من الإيمان وأن الوطنية لا تقبل القسمة الا على نفسها طالما ينعم المواطن بخيرات بلده ويعيش على أرضه ويستنشق هوائه وقد أحتضنه وأ سلافه منذ الولادة ..و…و….وعليه يجب على المواطن أن يعمل على خنق كل السلبيات التى تعيق تقدم الوطن وتضر بمصالحه دفاعا عنه في الداخل وعلى سياج الخطوط الحمراء بغض النظر من تمتعه بالحقوق من عدمه أيا كانت تلك الحقوق ومهما كانت غربته في الوطن .
وما بين هذه وتلك بمقاييس متفاوتة تبدأ إشكالية قذف التهم وإرسال إشارات عدم الرضى بين الجهات المختلفة وأطرافها ، منها السلطة وأجهزتها الأمنية ومنها البرلمان ومنها أحزاب مؤتلفة في الحكم ومنها المعارضة ومنها . . . ومنها. . . من الجهات المشاركة في بناء دعائم الوطنية وقواسمها المشتركة من المبادئ والشعارات التى تطول الجميع دون إستثناء وأصبح المواطن يبحث عن وطن يردد . . . أريد وطن !!!!! في خضم إرتفاع أصوات المشاركين في في بورصة المزاد العلني للوطنية ….
تُرى هل نحن بحاجة الى المزيد من الدروس في التربية الوطنية ..؟ .
أم إننا بحاجة الى إعادة قرائتها حسب منظور سياسة الدولة الحالية والسابقة ….؟
المعروف عن الوطنية أنها واحدة في الزمان والمكان ليست لها أوصاف او توصيفات معينة ( وطنية صادقة ، سليمة ، حقة ، مجردة ….الخ ) مع الإختلاف في الإلتزام بها والعمل بمضمون صورها وأشكالها التى قد تتعدد بتعدد المفاهيم والرؤى أزاء متطلبات مواقف الحدث ، حيث نجدها اي الوطنية قد طغت على القومية والتعصب والطائفية والتحزب وعلى كل الفروع والأصول الجزئية في أبهى صور النضال والمقاومة خلال الإنتفاضات والثورات والدفاع عن الوطن حين البأس والتضحية من أجله ….وصور النضال الوطني المشترك كثيرة في وطننا العراق جمعت أطيافه في خندق المصير الواحد … فهذه الف باء الثورات ( ثورة تلعفر في 4 حزيران 1920 تلاحمت معها الوسط والجنوب في 30 حزيران من نفس العام ) بمعنى أن الثورات والإنتفاضات والمناسبات الوطنية نسيج خيوطها كانت العائلة العراقية تجسد لوحة نضالية رائعة تعكس مدى التلاحم والتكاتف بين عموم قوميات وأطياف الوطن مع إحتفاظ كل منهم بخصوصياته الفرعية التى لا تضر الوطن ولا تمس أوتار التربية الوطنية بشئ .
لقد أصبح مصطلح الوطنية مع الأسف في الوقت العراقي الراهن لدى بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية لا ينسجم الا مع سلوك واضع الصفات الوطنية في قوقع ضيق وفي إطار التحزب الأعمى لا يختلف عن قياسات الحزب النظام المنهار فمن يقف ضد تياره فهو غير وطني او تبقى وطنيته معلقة في الهواء الى ان يجتاز الإمتحان حيث يبقى ينتظر إعلان قائمة نتائج الوطنية ، هل ورد اسمه في القائمة واجتاز الإمتحان ام لا …؟ وبعكسه سوف يساق به الى الدهاليز المظلمة وفي أحدى صفوفها يلقنونه أصول التربية الوطنية يلتزم ويعمل بها بعد خروجه من تلك المدرسة الخاصة ( دوائر الأمن والمخابرات ) إذا حالفه حظ التخرج او الخروج منها ( وهومتهم بالخيانة ) …!..!.. الاشكالية الصعبة في حل لغز الوطنية في العراق الجديد تكمن في كثرة الأحزاب وتفسيرها للوطنية حسب منظورها الخاص والخاص جدا ، والأنكى من ذلك أن قسما منها تعمل على تجزئة الوطنية وبالتالي تجزئة العراق باسم الوطنية وخدمة الشعب والوطن ، والوطنية التى لم نقرأها لا في دروس التربية الوطنية ولا في التربية اللاوطنية ، طبعا بعد بعثرة حروف الوطنية . . و. . أ . . ل . . ة . . ط . . ي . . ن . . حتى ُتقرأ حسب الأهواء وإختياراتها في ملئ مربعات الكلمات المتقاطعة التى تملاٌ أ حيانا بقراءة حروف مكررة ،او بقراءة حذف حروف من الكلمة الأصلية ، او بقراءة الكلمة متعاكسة ..او.. اوبانواع القراءات التى ظهرت حديثا.!! تلعن اولئك الذين يعملون تحت عباءة الوطنية في زمن التلاعب بسعر صرف الوطنية كأنها عملة غير مدعومة وليس لها رصيد في بنك . . .