الكاتبة الانكليزية صاحبة ال 66 رواية بوليسية الاكثر شهرة حول العالم أجاثا كرستي . تذكر قصة والدتها المؤلمة في مذكراتها عن الحرمان من الاسرة الذي عانت منه في بدايات حياتها . كان والد ام اجاثا ضابط في الجيش تعرض لحادث سقوط من الحصان, فتسببت بإصابة بالغة ادت الى وفاته .الامرالذي جعل جدتها الارملة تتكفل بتربية أربع أطفال صغار، كان عمر الجدة وقتها السابعة والعشرين .عرضت عليها شقيقتها المتزوجة من رجل ثري أن تضم احد اطفالها اليها ,لترفع عنها اعباء احد اطفالها ،تختار الارملة الحزينة ابنتها الوحيدة لترسلها مع خالتها لتكفل تربيتها وتعيش بعيدا عن اسرتها .بعد اكثر من سبعين عام كتبت اجاثا كرستي تقول : بالرغم من ان دوافع الجدة الارملة لأختيار امها للانتقال الى حضانة خالتها الثرية دون اخوتها الذكور الثلاث، كانت الدوافع واضحة ان الاولاد يستطيعون تدبير حياتهم عكس البنت، الا ان ابنتها ام اجاثا قد فسرت ذلك كطفله ان امها تهتم بالاولاد وتفضلهم عليها . عاشت الطفلة حياة تعيسة في بيت خالتها رغم التعليم الافضل الذي حصلت علية, والحياة الارقى, الا انها كانت تبكي كل ليلة في فراشها وتذوي صحيا. حتى جاءت خالتها بطبيب يفحصها فأخبرها إنها مصابة بمرض واحد وهو (الحنين الى الوطن) اي الى الاسرة التي نشئت وترعرعت وسطها .تعجبت الخالة كثيرا حيث تحبها وترعاها هي وزوجها. مع ذلك واصلت الفتاة الحياة مع خالتها حتى كبرت وتزوجت وانجبت، عدة اطفالها من ضمنهم الكاتبة العالمية اجاثا كريستي .إلا انها ظلت تحمل الالم في نفسها لأمها بعد ان تخلت عنها حتى ماتت وهي فوق الثمانين .علقت الكاتبة العالمية اجاثا بقولها ان الكثير مما قرأت بعد ذلك في ابواب البريد في الصحف الانكليزية رسائل لإباء وإمهات حائرين هل يضحون باولادهم ليقدموهم للاسر ثرية حيث يوفرون لهم تعليم افضل وحياة ارقى .فكات تقول اجاثا أصرخ في كل مرة لاتفعلوا ذلك، فبيت الطفل الخاص مهما يكن متواضعا واهلها مهما كانوا بسطاء والحب الذي يكنونه لها وتشعر به والامان الذي تجده لن يستطيع اي منزل ان يهبها هذه المشاعر .
تضعنا الكاتبة اجاثا كريستي امام تجربة مريرة مرت بها امها حيث ان الثراء والحياة المنعمة التي عاشتها في بيت خالتها لم تستطيع ان تعوضها عن فقدانها لمشاعر الحب والامان الغائبة حين غادرت منزلها مرغمة .المال والثراء لا يصنع أسر صالحة ولا ابناء جيدين، بالعكس يصنع جيل من البطالين والكسلة . التربية السلمية المبنية على الحب والاخاء والبساطة والاحترام , هو ما يأتي بالاسر الصالحة التي تقدم للمجتمع نماذج صالحة وجيدة . في الماضي الاباء والامهات كانوا إميين بسطاء لكن اهتمامهم بتربية الابناء والبنات تربية صالحة ،وزرع روح الحب والخير والاحترام , من خلال ذلك قدموا جيل يمتلك حس اخلاقي عالي ,ذو وروح انسانية نبيلة طيبة . ما يؤسف له الان ان العوائل توفر لأبناءها كل شي مادي من بذخ ومصروفات مالية عالية الا أنهم لا يهتمون بالبناء الروحي والاخلاقي للأطفالهم ,الذي انعكس بالتراجع الاخلاقي والروحي المنتشر الان خاصة بين الجيل الجديد الفاقد لبوصلة الخير ومعايير الصلاح .
ومضة:
التربية الخلقية أهم للإنسان من خبزه و ثوبه
سقراط