وكالات – كتابات :
كتبت “تارا جون”، و”تشاندلر ثورنتون”، و”إيمي كاسيدي”، تقريرًا نشره موقع (سي. إن. إن) الأميركي؛ حول مساعي “فنلندا” و”السويد” للانضمام إلى حلف الـ (ناتو)؛ على الرغم من تحذيرات “روسيا” بالانتقام منهم إذا ما أقدموا على مثل هذه الخطوة، ويأتي ذلك في وقت ترتفع فيه نسبة التأييد للانضمام للحلف في استطلاعات الرأي بعد العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”؛ كما تزعم الآلة الدعائية “الأميركية-الغربية” تبريرًا لتصعيد “واشنطن” المستمر للصراع ضد خصمها الروسي.
ويستهل الكتَّاب تقريرهم بالقول: أعربت الحكومة الفنلندية؛ يوم الأحد، عن عزمها الانضمام إلى حلف الـ (ناتو)، متخليةً عن عقودٍ من الحياد ومتجاهلةً التهديدات الروسية بالانتقام المحتمل، ويأتي ذلك في وقتٍ تُحاول فيه الدولة الإسكندنافية تعزيز أمنها بعد اندلاع الحرب في “أوكرانيا”. وقال الحزب الحاكم في “السويد”؛ في وقتٍ لاحق، إنه سيدعم أيضًا الانضمام إلى التحالف.
وأُعلِن القرار في مؤتمر صحافي مشترك للرئيس؛ “سولي نينيستو”، ورئيسة الوزراء؛ “سانا مارين”، اللذين قالا إن هذه الخطوة يجب أن يُصادِق عليها برلمان البلاد قبل أن تتمكن “فنلندا” رسميًّا من الحصول على عضوية التحالف. وقالت “مارين”؛ في “هلسنكي”، يوم الأحد: “نأمل أن يؤكد البرلمان قرار طلب عضوية الـ (ناتو)؛ خلال الأيام المقبلة، وسيقوم القرار على تفويض قوي، مع رئيس الجمهورية. وكنَّا على اتصال وثيق مع حكومات الدول الأعضاء في الـ (ناتو) وحلف شمال الأطلسي نفسه”. وأضافت: “نحن شركاء مقرَّبون من حلف شمال الأطلسي، لكننا اتخذنا قرارًا تاريخيًّا بالانضمام إلى الـ (ناتو)، ونأمل أن نتَّخذ القرارات معًا”.

830 ميلًا من الحدود مع “روسيا”..
يُلفت التقرير إلى أن هذه الخطوة ستُساعد التحالف العسكري الذي تقوده “الولايات المتحدة” في الوصول إلى حدود “فنلندا”؛ التي يبلغ طولها: 830 ميلًا مع “روسيا”، ولكن قد يستغرق تحقُّق هذا الأمر شهورًا، حيث يجب أن توافق الهيئات التشريعية لجميع أعضاء الـ (ناتو)؛ الثلاثين الحاليين، على المتقدِّمين الجدد بطلب الانضمام إلى الحلف. كما أن مثل هذه الخطوة تُخاطر بإثارة غضب “روسيا”، التي أبلغ رئيسها؛ “فلاديمير بوتين”، نظيره الفنلندي؛ “نينيستو”، يوم السبت؛ أن التخلي عن الحياد العسكري والانضمام إلى الكتلة سيكون: “خطأ”، وفقًا لبيان (الكرملين). وفي يوم السبت 14 آيار/مايو 2022، قطعت “روسيا” إمدادات الكهرباء عن الدولة الإسكندنافية بعد مشكلات في تلقي المدفوعات.
ويوضح التقرير أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، التي غزا خلالها “الاتحاد السوفياتي”؛ “فنلندا”؛ (بحسب الإدعاءات الأميركية)، ظلت الدولة غير منحازة عسكريًّا ومحايدة أسميًّا من أجل تجنُّب: “استفزاز” روسيا، وفي بعض الأحيان، سايرت “فنلندا” مخاوف (الكرملين) الأمنية؛ وحاولت الحفاظ على علاقات تجارية جيدة، لكن غزو “أوكرانيا” غيَّر تلك الحسابات؛ بحسب مزاعم التقرير الأميركي.
واتصل “نينيستو”؛ يوم السبت 14 آيار/مايو 2022؛ بـ”بوتين”، لإبلاغه بنوايا “فنلندا” بالانضمام إلى الكتلة، قائلًا إن: “المطالب الروسية؛ أواخر عام 2021، الهادفة إلى منع الدول من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والغزو الروسي المكثف لأوكرانيا؛ في شباط/فبراير 2022، قد غيَّرت البيئة الأمنية لفنلندا”، بحسب البيان الصادر عن مكتب الرئيس الفنلندي.
وأعادت “مارين” تأكيد الفكرة نفسها؛ يوم الأحد، وأخبرت المراسلين أنه فيما يتعلق بالتهديد النووي: “ما كنَّا لنتخذ هذه القرارات التي نتخذها الآن، إذا لم نعتقد أنها تُعزز قوتنا أو أمننا. لذلك، نعتقد بالطبع أن هذه هي القرارات الصحيحة وستُعزز أمننا القومي”.
“السويد” تسعى للانضمام إلى الـ”ناتو”..
ويزعم التقرير الأميركي؛ بأن “السويد” أعربت عن إحباطاتٍ مماثلة، وأعلن الحزب (الاشتراكي الديمقراطي) الحاكم؛ أنه يجب على البلاد السعي من أجل الانضمام إلى الـ (ناتو). وذكر بيان على موقع الحزب على الإنترنت؛ أنه يتعين على الحزب، في حالة موافقة الـ (ناتو) على الطلب، العمل على تحديد شروط أحادية الجانب ضد وضع أسلحة نووية وقواعد دائمة على الأراضي السويدية.
ووصفت رئيسة الوزراء السويدية؛ “ماغدالينا أندرسون”، غزو “روسيا”؛ لـ”أوكرانيا”، يوم الأحد؛ بأنه: “غير قانوني ولا يمكن الدفاع عنه”، مضيفةً أن بلادها: “لا تستطيع استبعاد” أن تتخذ “روسيا” الإجراء نفسه: “في الجوار المباشر لنا”. وقالت “أندرسون”؛ خلال مؤتمر صحافي: “هذا ما يتعين على السويد الآن أن تفكر فيه، وبالنظر إلى ذلك، نشعر بأن السويد بحاجة إلى الضمانات الأمنية الرسمية التي توفرها عضوية الـ (ناتو)”، ومن ناحية أخرى، وصفت وزيرة الخارجية السويدية؛ “آن ليندي”، الخطوة بأنها: “قرار تاريخي”؛ في تغريدة بعد الإعلان، مضيفةً أن: “الغزو الروسي لأوكرانيا أدَّى إلى تدهور الوضع الأمني للسويد وأوروبا ككل”.

ويُشير التقرير إلى أن البلدين يَفِيان بالفعل بعديدٍ من معايير عضوية الـ (ناتو)، والتي تشمل وجود نظام سياسي ديمقراطي فاعل يعتمد على اقتصاد السوق ومعاملة الأقليات معاملة عادلة، والإلتزام بحل النزاعات بالطرق السلمية والقدرة والاستعداد لتقديم إسهامات عسكرية لعمليات الـ (ناتو) والإلتزام بعلاقات ومؤسسات ديمقراطية “مدنية-عسكرية”.
تحفظات “تركيا” ورد “إدروغان”..
وألمح التقرير إلى أن الأمين العام لحلف الـ (ناتو)؛ “ينس ستولتنبرغ”، ردَّ على الأنباء؛ يوم الأحد 15 آيار/مايو 2022، قائلًا إن: “باب الـ (ناتو) مفتوح” أمام دول الشمال الأوروبي. وقال “ستولتنبرغ”؛ في مؤتمر صحافي: “فنلندا والسويد؛ هما أقرب شريكين لـ (الناتو)”.
لكن “تركيا”؛ العضو في “حلف شمال الأطلسي”، التي قدَّمت نفسها وسيطًا بين “روسيا” و”أوكرانيا”، أعربت عن تحفظات بشأن ضم هذين البلدين إلى الحلف، وقال الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”؛ يوم الجمعة 13 آيار/مايو 2022، إنه لا ينظر إلى انضمام “فنلندا” و”السويد” إلى الـ (ناتو): “نظرة إيجابية”، متهمًا البلدين بإيواء: “منظمات إرهابية” كُردية، وكان “إردوغان” يُشير إلى حزب (العمال الكُردستاني)؛ الذي يسعى لإقامة دولة مستقلة في “تركيا”، وتخوض الجماعة صراعًا مسلحًا مع “أنقرة” منذ عقود، وقد صنَّفتها “تركيا” و”الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي”؛ منظمةً: “إرهابية”.
وتُعِد “تركيا” أيضًا مقاتلي (وحدات حماية الشعب)؛ امتدادًا لحزب (العمال الكُردستاني)؛ على الرغم من أنهم كانوا حلفاء للتحالف الذي تقوده “الولايات المتحدة”؛ في “سوريا”، ولعبوا دورًا رئيسًا في طرد تنظيم (داعش) الإرهابي من شمال “سوريا”. ووفقًا للتقرير، يوجد في “فنلندا” و”السويد” جالية كُردية، على الرغم من أن “إردوغان” لم يُقدِّم أي تفاصيل بشأن الذين أشار إليهم في حديثه، وفقًا لما ورد في التقرير الأميركي.
وردًّا على تصريحات “إردوغان”، قال وزير الخارجية الفنلندية؛ “بيكا هافيستو”، يوم السبت 14 آيار/مايو 2022: “حسنًا، فيما يتعلق بقضية (الإرهاب)، أريد أن أكون واضحًا للغاية في أننا جزء من التحالف ضد (داعش)، إذ إننا نُشارك في اجتماع مراكش، ومحاربة (الإرهابيين) أمر غاية في الأهمية من وجهة نظرنا”.
ووفقًا للتقرير؛ قال الرئيس “نينيستو”؛ إنه قلِق من: “شكوك إردوغان”، قائلًا إنه خلال محادثة هاتفية قبل شهر بدا الرئيس التركي: “مؤيدًا” لانضمام “فنلندا” إلى الكتلة، وأضاف: “أعتقد أن ما نحتاجه الآن هو إجابة واضحة للغاية. أنا مستعد لإجراء مناقشة جديدة مع الرئيس إردوغان؛ حول المشكلات التي أثارها”. وفي حين أن عملية التصديق قد تستغرق بعض الوقت، قال “ستولتنبرغ”؛ للصحافيين، يوم الأحد 15 آيار/مايو 2022، إن نية تركيا: “ليست منع العضوية”. وأضاف قائلًا: “أنا واثق من أننا سنكون قادرين على معالجة المخاوف التي أعربت عنها تركيا بطريقة لا تؤخر العضوية أو عملية الانضمام، لذلك لا تزال نيتي أن أقوم بعملية سريعة”.
ونوَّه التقرير إلى أن “بوتين” يَعُد التحالف متراسًا للحماية يستهدف “روسيا”، على الرغم من حقيقة أن الكتلة قد أمضت معظم فترة ما بعد “الاتحاد السوفيتي”؛ في التركيز على قضايا مثل “الإرهاب” وحفظ السلام؛ بحسب المزاعم الأميركية.
الـ”ناتو” اقترب كثيرًا من “روسيا”..
ويدعي التقرير الأميركي؛ أنه قبل غزو “بوتين” لأوكرانيا، أوضح إعتقاده بأن الـ (ناتو) اقترب كثيرًا من “روسيا” ويجب ردَّه عائدًا إلى حدوده في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تنضم إلى التحالف العسكري بعض الدول المجاورة لـ”روسيا”، أو التي كانت جمهوريات سوفياتية سابقة.
وكانت رغبة “أوكرانيا” في الانضمام إلى الحلف، ووضعها شريكًا في الـ (ناتو) – التي يُنظر إليها على أنها خطوة على طريق العضوية الكاملة في نهاية المطاف – أحد الشِّكايات العديدة التي ذكرها “بوتين” في محاولة لتبرير غزو بلاده لجارتها. وتكمن “المفارقة” في أن الحرب في “أوكرانيا” عمليًّا أعطت الـ (ناتو) هدفًا جديدًا؛ كما يدعي التقرير الأميركي.

ومنذ الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”؛ في شباط/فبراير 2022، قفز الدعم الشعبي للانضمام إلى الـ (ناتو)؛ في “فنلندا”، من نحو: 30% إلى ما يقرب من: 80%؛ في بعض استطلاعات الرأي. كما يوافق معظم السويديين على انضمام بلادهم إلى التحالف، بحسب استطلاعات الرأي هناك؛ كما يستمر التقرير في استعراض مزاعم غير مدعومة بمعلومات.
ويختتم الكتَّاب تقريرهم بإدعاء: بعد أن بدَت “أوكرانيا” وكأنها تخفِّف من إلحاحها على الانضمام إلى الـ (ناتو)؛ في آذار/مارس 2022، في محاولة لتهدئة “روسيا”، تأمل الآن في النظر في طلبها للانضمام إلى الكتلة بسرعة. وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني؛ “أولغا ستيفانيشينا”، لشبكة (إيه. بي. سي)؛ إنها تأمل: “عندما يصل الأمر إلى النظر في الطلب الأوكراني، أن يحدث ذلك أيضًا بسرعة”.