البربرية الأمريكية .. أصولية بيوريتانية تبحث عن عدو جديد !!
بعد غزو العراق وليبيا
والثابت أن الظروف الدولية قد هيأت لرأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية في ظل ما يسمى النظام العالمي الجديد، مع إمتلاكها لقدرات عسكرية واقتصادية قوية، مكنة إستخدام مجلس الأمن كأداة لتحقيق أهدافها وتوطيد هيمنتها على آليات عمل ذلك الجهاز، الذي يؤمن له ثلاث مزايا أساسية تتمثل في:
1- إضفاء الشرعية على تدخلاتها وحروبها العدوانية والعقوبات غير الشرعية.
2- تجنب النقد المباشر لسياساتها العدوانية والاستتار خلف غطاء قرارات المنظمة الدولية ودعم حلفائها الذين يدورون في فلكها.
3-ضبط إيقاع النظام الدولي بما يحقق مصالحها وأهدافها عبر آليات المنظمة وأدواتها، بما يقلل من تكلفة تلك الحروب العدوانية مادياً وأخلاقياً (8).
وفي سبيل خدمة تلك الأهداف والمصالح كانت حرب الخليج الأولى، التي لم تكن سوى ذريعة لتأمين وجود شرعي وقانوني للأفعى الإمبريالية الأمريكية في منطقة خزان النفط الأهم في العالم، وحماية أمن الكيان الصهيوني، هذا من جانب وفي الجانب الآخر تدمير بنى العراق الاقتصادية والعسكرية والعلمية باعتباره قوة ناهضة لها تطلعات قومية عربية تتعارض والمصالح الأمريكية في المنطقة.
ولأن إدارة المجرم الحرب بوش الأب لم تتمكن من استكمال تلك المهمة القذرة قام المجرم الحرب جورج دبليو بوش الإبن باستكمال ذلك المخطط بالتدمير الكامل للعراق من خلال الغزو المباشر، ولكن في هذه المرة بعيداً عن الشرعية الدولية،عندما عجز أمام فجاجة المنطق الأمريكي الفاشي وإنعدام الأسباب الجوهرية في تأمين غطاء من الشرعية الدولية لذلك الغزو العدواني الإرهابي من مجلس الأمن. ولعل ما نشر في دراسة صدرت عام 1977 عن معهد الدراسات الإستراتيجية في واشنطن، ما يلقي الضوء على خلفية والأسباب الكاملة وراء ما جرى في العراق منذ علم 1990 وحتى الآن، بأن جری تدمير منهجي للعراق المقدرات والإنسان وصولاً إلى الاحتلال العسكري المباشر للعراق ولدول الجوار تحت ذرائع متعددة.
فالمصالح الأمريكية غير شرعية إذن هي المحرك الأساس للحرب العدوانية البربرية عام 1990 التي شنت ضد العراق، رغم ” لافتة ” الأمم المتحدة، عندما تمكنت رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية قائدة الإرهاب العالمي من تسخير مجلس الأمن للقيام بذلك الدور، وهو ما عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويیار آنذاك بقوله ” إن مجلس الأمن هو الذي صرح بالعدوان وليست الأمم المتحدة، فالحرب ليست حرب الأمم المتحدة، ليس هناك خوذات زرقاء، ولاعلم لهيئة الأمم المتحدة، وأنا ببساطة تصلني أخبار عن سير الحرب عن طريق تقارير الحلفاء، لا يمكن القول أن الأمم المتحدة مسؤولة عن هذه الحرب”(9). بل أن شعبنا العراقي وقواه الوطنية المناهضة للغزو والإحتلال والعملية السياسية المخابراتية ونظامها المحاصصي المقيت وكاتب هذه السطور يقولان أن الأمم المتحدة شريكة بذلك .
إن هذا الإصرار المسبق فيما يخص تحطيم قدرات العراق الاقتصادية والعسكرية والعلمية والبنية التحتية، يبدو واضحاً من خلال عدد القرارات التي إتخذتها رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية في مجلس الأمن، ذلك أن مجلس الأمن أخذ أثنا عشر قراراً في الفترة من 2/8/1990 وحتى 29/11/1990″ (10).
إن كل تلك الشواهد تؤكد أن رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية قد نجحت في السيطرة على مجلس الأمن وتوظيفه لصالح دعم سيطرتها على النظام الدولي وتكريس نفسها زعيمة للعالم رغم إرادته، الأمر الذي جعل العديد من الشعوب ومنها شعبنا العراقي والشعب العربي أن تدفع ثمناً باهظاً نتيجة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية قائدة الإرهاب العالمي سواء في فلسطين أو العراق وليبيا وفيتنام أو غيرها من الدول، ولذلك فإن المصطلح الذي جرى تداوله وأصبح يطلق على مجلس الأمن هو: “مجلس الأمن الأمريكي” فيه ما يقارب الحقيقة، والوقائع الملموسة طوال السنوات الماضية وحتى الآن شاهد على ذلك.
لا تكتفي رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية قائدة الإرهاب العالمي بممارسة الأشكال المعروفة بإرهاب الدولة، كدعم المنظمات الإرهابية وممارسة الدبلوماسية كأداة قسرية إضافة للحروب والتدخلات العسكرية وغير العسكرية وتشكيل حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتوسيعه مما يكشف لنا عن جوهره ومضامينه وأهدافه ودوره التوسعي ونواياه الإستعمارية كنموذج جديد لإرهاب حيث يسعى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما نعلم لفرض هيمنته الاقتصادية والعسكرية على العالم .. حلف شمال الأطلسي (الناتو) منظمة عسكرية تعمل خارج الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تتحول إلى أداة فظيعة وقاتلة في يد قادة الدول. هنا لا يسع المرء إلا أن يتساءل لماذا لا تسعى الصين وروسيا عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة إدراج منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وإصدار قراراً بحل حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتصنيفه على قائمة المنظمات الإرهابية، وهي منظمة عسكرية لها طموحات توسعية وهي تعمل خارج الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما أكد سكوت ريتر المفتش عن أسلحة الدمار الشامل المعين من مجلس الأمن سابقاً ضابط مخابرات البحرية الأميركية (المارينز) سابقاً. قائلاً :” أن حلف شمال الأطلسي هي منظمة تعمل خارج الأمم المتحدة ومجلس الأمن “. إذاً حلف شمال الأطلسي، الذي أصبح قوة تدخل تقودها قائدة الإرهاب العالمي، الإمبريالية الأمريكية البربرية، بهدف بسط النفوذ الغربي، ولاسيما الأمريكي على المناطق التي يتم منها سحب النفط والغاز، بحماية عسكرية، إلى مكامن تلقيهما في الغرب الصناعي. وحيث أن الإتحاد الأوروبي لم يعد منصة اقتصادية بناءة ،بحسب ما تم إنشاؤه في البداية، بل تحول إلى لأعب عدواني، وبات يعلن بالفعل عن طموحاته خارج حدود القارة الأوروبية. ناهيك عن العقوبات الاقتصادية التي شملت في العصر الحديث دولاً تمتد من كوبا إلى فنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا حالياً والعراق الذي خضع لأقسى عقوبات ظالمة، بعد عام 1990، وغيرها من الدول التي طبقت العقوبات الاقتصادية في حقها بمستويات مختلفة بهدف إجبارها لتغيير سلوكياتها، بل تخترع أشكالاً جديدة من إرهاب الدولة، كان من أبرزها إصدار قوانين أمريكية وتطبقها دول غربية خاصة بهدف إبتزاز الدول وإجبارها للخضوع لإرادتها، ومن أهم هذه القوانين، قانون ( العدالة ضد رعاة الإرهاب ـ جاستا) كنموذج جديد لإرهاب الدولة، بعد أن أصبحت الأشكال السابقة، أما إنها غير كافية أو تكيفت الدول المستهدفة معها، بحيث أصبح تأثيرها محدوداً . ومن أجل توضيح العلاقة بين هذا القانون وإرهاب الدولة سيتم تسليط الضوء على مقدمات ومضامين القانون وأهدافه وإشكالياته، وتأثيره على سيادة الدولة الوطنية.
العقوبات المنفردة التي فرضتها رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية على الدول المعارضة لسياستها الخارجية، كأحد وسائل معاقبة الدول التي تقف مواقف مستقلة في العلاقات الدولية خلال فترة الحرب الباردة، وأول هذه العقوبات، التي فرضت على كوبا بعد انتصار الثورة الكوبية 1961، وهي مستمرة لحد الآن رغم إدانة المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة التي تؤكد على عدم شرعية العقوبات في اجتماعاتها السنوية.
عام 1996 أصدرت الإمبريالية الأمريكية البربرية تشريعاً باسم “هلوز بولتن” يكاد يكون مطابقاً لتشريع جاستا، ضد كوبا، بعد فترة تم إلغاء القانون، بسبب رفضه من قبل الاتحاد الأوروبي ودول أمريكيا اللاتينية ودول أوروبية أخرى.
قانون الأستثناء من الحصانة السيادية لعام 1996
ينص هذا القانون على استثناء الدول من الحصانة السيادية، إذا صنفت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، بإنها دول داعمة الإرهاب. وصدر هذا القانون بعد حادثة أوكلاهاما، وصنفت بموجبه، سوريا، السودان، ليبيا، كدول راعية للإرهاب.
نشير إلى أن رجال المال والشركات الإحتكارية الكبرى، هي التي تتحكم بالقرارات الإستراتيجة، وليس الإدارة الأمريكية أو الكونغرس، لذلك أتخذ القرار باغلبية تفوق الثلثين وهو نادراً ما يحدث، خاصة وإن الدول المستهدفة بالقانون تمتلك ودائع كبيرة في البنوك الأمريكية ( تقدر الودائع السعودية حولي 850 ميار دولار) (ii).
ما توصف الأحادية القطبية هذه بأنها هيمنة أميركية ساحقة ماحقة لا يستطيع معها شعب من الشعوب أن يرفع رأسه، ولا يستطيع بلد من البلدان أن يرفع صوته. وفق هذا التصنيف، تأتي الإجتياح التي أعلنتها روسيا على أوكرانيا تعبيراً حميداً عن الرغبة في كسر تلك الأحادية القطبية المطلقة، هذا إن لم تكن الحرب المذكورة نفسها بدايةَ عملية الكسر تلك.
أصحاب المنطق أعلاه أن قطبية أحادية بذاك الجبروت المنسوب إليها يصعب أن تسمح بالقفزة الاقتصادية الجبارة للصين أو بالقفزة العسكرية الروسية، وأن تتعايش تالياً معهما. والواقع أن رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية ذهبت أبعد من التعايش مع تحولات كان ينبغي، وفقاً لنظرية الأحادية المطلقة، أن تخنقها في المهد: لقد ساهمت، على نحو أو آخر، في إحداث هاتين القفزتين في دولتين منافستين لها.
لدى القيادة الإمبريالية الأمريكية والبريطانية والفرنسية مدرسة في التنكر لجرائمهما ضد الإنسانية وجرائم توابعها تشكل الوجه الأكثر قبحاً وتهافتاً لما يسمى بـ”ما بعد الحقيقة”. فوفقاً لهذه المنهجية تستطيع أن تسوق ما شئت من الأكاذيب أو تكذيب الحقائق، عن طريق تكرارها بكثرة مهما كان أساسها ضعيفاً، بحيث تترك أثراً ويصدقها قسم متفاوت الحجم من الرأي العام وسط “زحمة الحقائق” والأحداث والأخبار والفبركات التي توفرها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا.قد يمكن تفهم الأمر، في شأن وسائل الإعلام، لكن منهجية ما بعد الحقيقة تتحول إلى أداة فظيعة وقاتلة في يد السياسيين وقادة الدول. وإذا كان زعماء الإمبريالية الأمريكية البربرية قد إحتل المرتبة الأولى في عدد الأكاذيب التي روج لها، أما تشكيل لجنة تحقيق بقرار من مجلس الأمن فهو غير ممكن ما لم تضمن أمريكا وبريطانيا وفرنسا نتائج تحقيق تبرئها.
السجل الأمريكي والبريطاني والفرنسي المشين، في الانتهاكات والأكاذيب معاً، يحرمنا حتى من التشكيك في احتمال فبركة حقيقية قد تقوم بها جهات أخرى ضدها،على مثال حكاية الراعي الكذّاب الذي يقع في شر أعماله.
إنه إذا بقيت منظمة الأمم المتحدة عاجزة عن عمل شيء بشأن جرائم الحرب التي ترتكبها القوات الأمريكية والبريطانية في العراق وأفغانستان وليبيا وغيرها ، يمكن إلغاء المنظمة نفسها.والحال أن منظمة الأمم المتحدة طالما تعرضت لإنتقادات، محقة في كثير من الأحيان، بسبب بنيتها القائمة على التمييز بين دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، تملك حق النقض ضد أي قرار لا تريد تمريره، وسائر دول العالم.هذه بنية مختلة تشكل بذاتها تهديداً “للأمن والسلم الدوليين” كما تزعم المنظمة ومجلس أمنها أنهما وجدا أصلاً للحفاظ عليهما.
وإذا كان الإجتياح الروسي اليوم، والشلل المفهوم إزاءها في مجلس الأمن، تثير دعوات من نوع إخراج روسيا من المجلس أو طردها من المنظمة، فالإمبريالية الأمريكية البربرية وبريطانيا وفرنسا أيضاً سوابق تستحق طردها من المنظمة والمجلس. فقدرة أمريكا قائدة الإرهاب العالمي على تكذيب الوقائع ربما بلغت حدودها القصوى.
من يقرأ كتاب رامزي كلارك وزير العدل الأمريكي خلال التسعينات من القرن العشرين حول جرائم رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية البربرية في العراق وإن إضفنا إلى قائمة الجرائم المذكورة جرائم الإمبريالية الأمريكية البربرية فى أفغانستان وليبيا والصومال وفيتنام وهيروشيما ونكازاكي وغيرها فقط يقفز السؤال عن أية إنسانية وأي عدل تتحدث هذه الدول. يوماً عن يوم ينكشف الوجه القبيح لمدعي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان يسيطرون اليوم على مجلس ما يسمى بحقوق الإنسان يوماً عن يوم ينكشف الوجه القبيح لأفاعي أمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول الناتو.
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، 7-4-2022، على مشروع قرار يدعو إلى تجريد روسيا من عضويتها في مجلس حقوق الإنسان، ومقره جنيف،
الكل يعرف إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت هيمنة رأس الأفعى الأمريكي وحليفاتها بشكل رئيسي. الإمبريالية الأمريكية والإمبريالية البريطانية والفرنسية وهم بالأصل أكثر من اغتصب حقوق الإنسان في التاريخ، نعلم ان هذا المجلس كل تاريخه كان يتصرف ضد حقوقنا ويعاقبنا نحن بدل معاقبة صانع الحروب والمؤامرات والانتهاكات وجرائم ضد الإنسانية ومغتصب للأوطان. تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجميد عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان في جنيف حتى عام 2023 لا يغني ولا يسمن من جوع ولا يغير من الواقع شيء سيما أن رأس الأفعى الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحبت من هذا المجلس الصوري. نرى أن 93 دولة فقط من 141 كانت مع القرار الأمريكي ، 100 دولة ليست مع القرار الأمريكي، أي 100 دولة لم تصوت مع رأس الأفعى الأمريكي. ربما روسيا مع الصين و100 دولة من دول العالم سينسحبون من هيئة الأمم المتحدة التي جعلت منها رأس الأفعى الأمريكي مكاناً للحروب والمؤامرات والإخضاع والظلم والعقوبات .
إذا كانت مجزرة بوتشا الواقعة شمال غرب كييف.. قد هزت الضمير العالمي، فماذا عن مجازر الإحتلال الأمريكي البريطاني في العراق وعن مجازر الإحتلال الكيان الصهيوني في فلسطين ومنها مجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا والعديد من المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وتدمير الأبراج والبنى التحتية الصحية والإقتصادية والإجتماعية في غزة؟
بنفس الآلية يتعامل الإعلام الغربي مع العملية العسكرية الخاصة التي تقوم بها روسيا دفاعا عن أمنها القومي، ويفبركون الفيديوهات والصور والمشاهد، كان آخرها ما قالوا إنه “تطهير عرقي” و”جرائم حرب” يزعمون أن القوات الروسية قد ارتكبتها أثناء خروجها من مدينة “بوتشا” بالقرب من العاصمة كييف، في مسرحية جديدة حيث قالت صحيفة التايمز البريطانية إن فيديو تم تداوله يظهر جنوداً أوكرانيين يطلقون النار ويقتلون جنوداً روساً أسرى بدم بارد على بعد أميال فقط خارج بوتشا، البلدة القريبة من كييف. وتشدد الصحيفة على أن الجنود الأوكرانيين، الذين يمكن التعرف عليهم من شاراتهم الزرقاء على أذرعهم، كانوا يصيحون مراراً وتكراراً “المجد لأوكرانيا” ويسبون القتلى. بعدما تبين أن مجزرة بوتشا كانت بفعل النازيين الجدد (كتائب أزوف) ، ولكن من الواضح أن الهدف من ذلك السيناريو الإعلامي تهيئة الأجواء للتصويت في الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة على المبادرة البريطانية بإلغاء عضوية روسيا في لجنة حقوق الإنسان التابعة للهيئة.ربما تكون تلك نكتة مثيرة للضحك والتندر.. لكنه ضحك يثير الغثاء والبكاء على أحوال العالم المقلوبة.مهزلة القرن: الإمبريالية الأمريكية ودول الناتو تتهم روسيا بجرائم حرب.كان الإجدر على النظام الإمبريالي الأمريكي البربري ودول حلف الأطلسي أن يتوقفوا عن تأجيج الصراع في أوكرانيا وتزويد النازيين بالسلاح لأن ذلك تهديد للسلم والأمن العالمي. لماذا لا تريد الإمبريالية الأمريكية ودول حلف الأطلسي إيجاد أي جهود لمنع وقوع الحرب أو التوسط لإيقافها ؟؟
مجزرة بوتشا.. مثلها مثل الكثير من الدول والمدن التي لا ترى الضوء سوى بأحداث مروعة تشهدها خلال الحروب العدوانية.. فتصير تاريخاً مدوناً يستشهد بوقائعه.
لكن ماذا لو توجهنا إلى بقعة أخرى في حاضرنا تتكرر فيها الأحداث منذ عام1991، ثم كملتها عام 2003 ولحد الآن دشنتها بتدمير العراق على يد قائدة الإرهاب العالمي، الإمبريالية الأمريكية البربرية ..وكذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة على يد الكيان الصهيوني كلاهما شهدت ولازالت تشهد مجازر تفوق بوتشا بل وتفوق كل وصف من نفس الإعلام ” الحضارة ” المسمومة .. لكننا لم نسمع عن هذا الهوس الذي يصيب الرأي العام عقب إستخدام الأسلحة المحظورة على رؤوس المدنيين من أصحاب الأرض.. بل يخرج علينا من يبرر الفظاعة والجرائم .. هنا لا يمكننا أن نرى سوى العنصرية في أبشع صورها.. هنا يطل علينا الغرب بوجهه الآخر الذي لا يتورع عن أقتراف الأشنع في سبيل ما يصبو إليه.. هنا يصير مبدأ الغاية تبرر الوسيلة من المبادئ المشروعة في السياسة الدولية.. وهنا نرى أفظع الجرائم تتحول لتصير شعارات زائفة دأب العالم على سماعها.. فهل هذا هو الوجه الآخر للحرية وحقوق الإنسان التي طالما سمعنا بها في المحافل الدولية ؟ ! فكيف تحرر العالم وأنت تمارس الإبادة والتدمير والتهجير لملايين من الشعوب بحجة خلق نظام دولي جديد؟ وهذا يقودنا إلى السؤال الرئيسي: ما فائدة النظام الدولي الجديد القائم على متسلط واحد إذا كان سيدخل عليه متسلطون جدد كحلف الدول الناتو؟
هذا عدا غزو وإحتلال العراق وقتل أكثر من مليون عراقي وعدا عن مجازر الإبادة الجماعية ضد الروهينجا في بورما ودفن القتلى في مقابر جماعية وحوادث الاغتصاب كسلاح من أسلحة الحرب لترويع السكان الآمنين وتهجيرهم من أراضيهم وانتهاك أبسط حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.
بالنظر إلى الكم الهائل من الأدلة، لا ينبغي أن يكون لأمريكا وبريطانيا وفرنسا موقع في مجلس حقوق الإنسان.. هذه الهيئة التي تهدف إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان. من الخطورة أن تستغل أمريكا وبريطانيا وفرنسا عضويتهما في مجلس حقوق الإنسان كمنصة للدعاية للإيحاء بأن لديها اهتماماً مشروعاً بحقوق الإنسان. حان الوقت الآن لمطابقة صوت البشرية جمعاء بالأفعال. لابد من تعليق عضوية أمريكا وبريطانيا وفرنسا في مجلس حقوق الإنسان هو أمر يمكن القيام به بشكل جماعي في الجمعية العامة للأمم المتحدة إذ إمتلكت الإرادة الحرة وحد الأدنى من قيم الإنسانية والأخلاقية .
إلى طرد رأس الأفعى الأمريكي والبريطاني والفرنسي من مجلس الأمن الدولي، ننتهم العالم بالوقوف متفرجاً على ما تفعله الإمبريالية الأمريكية في شعوب العالم، هو إعادة هيكلة مجلس الأمن على أسس أكثر عدالة وإنسانية وديمقراطية من الصيغة الحالية وليدة ظروف الحرب العالمية.
ولماذا لم يتم تجميد عضوية رأس الأفعى الأمريكي وخصوصاً أن وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك الصهيونية مادلين اولبرايت قالت عندما سئلت عن قتل نصف مليون طفل عراقي بأن “هذا ثمن يستحق دفعه “. وعلى الرغم من ذلك لم تجمد عضوية أي دولة من الدول التي شاركت في العدوان على الدول العربية والإسلامية وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.
تساءل الكاتب والصحفي الأمريكي ديف ليندورف عن عدم طرد رأس الأفعى الأمريكي من مجلس حقوق الإنسان بعد غزوها للعراق وأفغانستان وليبيا، فيما لم يشكل أي من البلدان المذكورة خطراً على الأمريكيين.وتابع: لماذا لم يتم اتهام عدد من الرؤساء الأمريكيين الذين ما زالوا على قيد الحياة بارتكاب جرائم حرب؟وذكر الصحفي وبين أن الدمار الذي لحق أوكرانيا لا يمكن مقارنته بالدمار الذي ألحقته الولايات المتحدة بمدن عراقية مثل بغداد والفلوجة والموصل في العراق ؟واختتم مقاله: “على وسائل الإعلام الأمريكية على الأقل، التي تفتخر بحريتها المفترضة ومثابرتها ونزاهتها، أن تشير على الأقل إلى تلك الجرائم.. إنه لمن المحرج أن تكون صحفياً هذه الأيام في الولايات المتحدة”.
من المؤسف لم تقم هذه الجمعية العامة للأمم المتحدة علی تعلیق عضوية الإمبريالية الأمريكية البربرية حينما تقتل مليون عراقي دفن ثمانية آلاف منهم في حفرة واحدة على الحدود السعودية العراقية تلك المعركة التي إستخدمت فيها الإمبريالية الأمريكية البربرية قنابل نووية تكتيكية قتلت بما مجموعه ثمانية آلاف ضابط وجندي مرة واحدة في تلك المنطقة ولا شك إن البحث هناك عن قبور جماعية سوف يكشف عن تلك الجريمة النكراء يندى لها الجبين! یا للعجب یا مجلس حقوق الإسان! أيها العالم المنافق، لماذا إزدواجية المعايير؟ إنها فعلاً فظائع تمرس عليها الجيش الأمريكي البربري في هجومه الوحشي على العراق، قد مارس الجيش ذاته جانبها التدميري بكثافة في العراق، إنها فظائع مقيتة، مثلما هي مقيتة الفظائع التي ارتكبها الجيش الأمريكي وحلفاؤه في العراق وفي أفغانستان، ومثلما هي مقيتة الفظائع التي ارتكبها الجيش الصهيوني طوال تاريخه، لاسيما في حروبه على لبنان وجرائمه المتكررة لغزة. لا شك في ذلك، كما لا شك في أن الحكومات الغربية التي تعرب عن استنكارها، إنما يبدي بعضها درجة عليا من الصفاقة في التغافل عما ارتكبته قواته في ساحات شتى. أما الكيان الصهيوني فإذا لم يعل صراخه المنافق استنكاراً لما يسمى بالفظائع الروسية، فليس بالتأكيد لتواضعها وإدراكها أن بيتها من زجاج بحيث لا تستطيع أن تراشق الآخرين بالحجارة، بل فقط لأنها داخلة في تحالف مع رأس الأفعى الأمريكي والغرب المتخصصة في اللعب على الأضداد.هل أن التعرض للحروب الأمريكي أو الصهيوني أو البريطاني أو فرنسي، إلخ، أمر واحد لا فرق فيه؟
وكذلك، فإن الاحتلال الأمريكي قد ارتكب فظاعات في العراق، لاسيما في فلوجة وأبو غريب، لكن الكشف عن هذه الفظاعات قد أربك رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية شديد الإرباك، وقد واجهت في عقر دارها حركة مناهضة للحرب ساهمت في هزيمة مشروعها في العراق. وفي الماضي، ارتكبت أمريكا فظاعات أعظم بكثير في فيتنام، لكن المجتمع الأمريكي أصيب بأزمة أخلاقية حادة عند الكشف عنها، وبلغت الحركة الأمريكية المناهضة للحرب آنذاك حجماً عظيماً سرع في الإنسحاب الأمريكي من فيتنام. وقد أصبح هذان الإحتلالان لطختين كبيرتين على ضمير الأمة الأمريكية، كما تعكسه الأفلام العديدة التي خصصت لتصوير فظاعة الإحتلال الأمريكي لفيتنام، وبعده تلك التي تناولت إحتلال العراق.
وهنا يجب على روسيا والصين وحلفاءها البحث بكل جد لتشكيل منظمات وهيئات ومؤسسات مالية واقتصادية وتجارية وسياسية وثقافية وتربوية وإعلامية وحقوقية وقضائية بديلة ومستقلة عن منظمة الأمم المتحده بعدما أثبتت الأحداث والوقائع زيف المنظمة الدولية الحالية الموجودة مراكزها في الغرب وانكشاف إنحيازها الكامل للغرب وعدم حياديتها تجاه قضايا الأمم والشعوب. إن انهيار روسيا في هذه الحرب يعني دخول العالم مرة أخرى تحت الهيمنة رأس الأفعى الإمبريالية الأمريكية والغربية وعودة على الأقل قرناً إلى الوراء إلى أيام الإستعمار والعبودية وفرض نظام عنصري جديد يسخر ثروات وشعوب الأرض لصالح الإمبريالية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وحلف الناتو . من صالح الشعوب أن يكون هناك عالم متعدد الأقطاب لضمان العدالة للجميع .
السؤال الأهم ، هل الإمبريالية الأمريكية البربرية تحترم حقوق الإنسان؟ ماذا عن قتل أكثر من مليوني عراقي ؟ ماذا عن هيروشيما وناكازاكي؟ ماذا عن سجن كوانتانامو؟ ماذا عن سجن أبو غريب ؟ ماذا عن حرق العراقيين في ملجأ العامرية؟ ماذا عن حرق فيتنام؟ ماذا عن دعم مستوطنة إسرائيل التي ذبحت وما زالت تذبح فلسطين المحتلة؟
التأييد للكذب رأس الأفعى الأمريكي بدأ يضمحل. وربما ستصبح الإمبريالية الأمريكية الدولة الوحيدة المنبوذة والمعزولة في العالم . من يدري، الأيام دوارة ؟
المصادر
8- د. محمد عاشور مهدي، مصدر سبق ذكره، صفحة 386.
9- باتريك هيرمان، مصدر سبق ذكره، صفحة35.
10- سليم يونس الزريعي – المصدر السابق، صفحة 35.
يتبع