17 يونيو، 2025 10:07 ص

هروب ذكي من “النمط اللبناني” .. “الصدر” يعلن انتقاله لـ”المعارضة” لمدة 30 يومًا كمخرج محتمل من الانسداد السياسي !

هروب ذكي من “النمط اللبناني” .. “الصدر” يعلن انتقاله لـ”المعارضة” لمدة 30 يومًا كمخرج محتمل من الانسداد السياسي !

وكالات – كتابات :

في موقف مفاجيء يبدو أنه يهدف إلى إحراج منافسيه، أعلن زعيم (التيار الصدري)؛ في “العراق”، “مقتدى الصدر”، تخليه عن مساعي تشكيل الحكومة العراقية، والانتقال إلى صفوف المعارضة لمدة: 30 يومًا، في خطوة قد تؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة في حال فشل القوى السياسية الموالية لـ”إيران” في تشكيل الحكومة.

وتصدّر (التيار الصدري)، الانتخابات البرلمانية المبكرة؛ التي جرت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، بـ 73 مقعدًا من أصل: 329، وشكّل تحالفًا مع أكبر كتلتين للسُّنة؛ (تحالف السيادة)، والأكراد؛ (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)، باسم: (إنقاذ وطن).

ومرت نحو 07 أشهر حتى الآن؛ منذ أن ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع بالانتخابات البرلمانية، في تشرين أول/أكتوبر 2021، وقد أدى التنافس الشرس بين المعسكرين، الذي يقود أحدهما زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، والآخر (الإطار التنسيقي)؛ المدعوم من “إيران”؛ (والذي يضم أبرز القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري)، إلى منع تشكيل حكومة جديدة.

وقال “الصدر” في بيان: “بقي لنا خيار لا بد أن نُجربه، وهو التحول إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن ثلاثين يومًا”.

وأضاف: “إن نجحت الأطراف والكتل البرلمانية، وضمنها من تشرَّفنا بالتحالف معهم في تشكيل حكومة لرفع معاناة الشعب، فبها ونعمت، وإلا فلنا قرار آخر نُعلنه حينها”، دون تفاصيل.

كيف تُعطل “إيران” تشكيل “الصدر” وحلفائه للحكومة رغم أن لديهم الأغلبية ؟

وأوضح أن سبب اتخاذه هذا القرار؛ هو إزدياد “التكالب” عليه من الداخل والخارج؛ وعلى فكرة تشكيل حكومة أغلبية وطنية، دون تسمية أي جهة.

مصدر الصورة: رويترز

ورغم أن التحالف؛ الذي يقوده “الصدر”، يشغل: 175 مقعدًا، أي أغلبية أعضاء “البرلمان العراقي”، فإنه فشل في تحقيق هدفه بتشكيل الحكومة، بعدما عطلت القوى المنافسة ضمن (الإطار التنسيقي)، إنعقاد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

وتحتاج جلسة انتخاب الرئيس الجديد حضور ثُلثي أعضاء البرلمان؛ (210 نواب)، وهو العدد المطلوب لمنح الثقة لأحد المرشحين، حيث يُعد انتخاب الرئيس خطوة لابد منها دستوريًا للمضي قدمًاً في تشكيل الحكومة.

ويتمتع “الصدر” بنفوذ كبير على حكومة تسيير الأعمال الحالية؛ التي يقودها رئيس الوزراء؛ “مصطفى الكاظمي”، بالفعل، حيث يُنظر إلى “الكاظمي” على أنه مُعادٍ للنفوذ الإيراني، وأنه هندس الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ التي عُقدت مبكرًا وأدت إلى تراجع مقاعد القوى الشيعية الموالية لـ”إيران”؛ بحسب وكالة (الأناضول) التركية في تقرير لها.

هكذا يُحاول “الصدر” التغلب على خطة حلفاء “إيران” لتعطيل البرلمان..

ومنذ ظهور نتيجة الانتخابات؛ في تشرين أول/أكتوبر 2021، حاول “الصدر” تشكيل حكومة أغلبية إلى جانب حلفائه الأكراد والسُّنة، والتي من شأنها تهميش الفصائل المدعومة من “إيران”، والتي قاطعت جلسات البرلمان لتحول دون انتخاب رئيس جديد للبلاد، ومن ثم اختيار رئيس للحكومة لتأكيد موقفها الداعي إلى المحاصصة الحكومية على غرار الحكومات؛ التي تم تشكيلها سابقًا؛ منذ عام 2005.

ووفق مراقبين، تنعدم فرص نجاح القوى المنافسة لـ (التيار الصدري) في تشكيل الحكومة، فيما قد تكون خطوة “الصدر” المقبلة هي دعوة البرلمان إلى حل نفسه وإعادة الانتخابات، علمًا بأن الانتخابات التي أفضت إلى تشكيل هذا البرلمان كانت في الأصل مبكرة عن موعدها، حيث جاء إجراؤها استجابةً لمطالبات احتجاجات عام 2019، ضد سوء الأوضاع في البلاد.

ويعيش “العراق” انقسامًا سياسيًا، من جراء خلافات بين القوى الفائزة بمقاعد برلمانية بشأن رئيس الوزراء المقبل وكيفية تشكيل الحكومة، كما تسود الخلافات بين الأكراد بشأن مرشح رئاسة الجمهورية.

ويسعى “الصدر” إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، من خلال استبعاد بعض القوى منها؛ وعلى رأسها ائتلاف (دولة القانون)؛ بزعامة رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”.

وهو ما تُعارضه القوى الشيعية ضمن (الإطار التنسيقي)؛ المقربة من “إيران”، والتي تُطالب بحكومة توافقية تُشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان على غرار الدورات السابقة.

وتقوم خطة حلفاء “إيران”؛ لتعطيل هدف “الصدر” بتشكيل حكومة تستبعدهم، على أن انتخاب رئيس الوزراء يحتاج إلى النصف زائد واحد، وهي نسبة قد يصعب عليهم تحقيقها، بينما يمكن لـ”الصدر” وحلفائه تحقيقها إذا إنعقد البرلمان، في المقابل فإن تعطيل عقد الجلسة الأولى للبرلمان التي تُطلق العملية الدستورية يحتاج إلى ثُلث الأعضاء فقط، وهي نسبة يمتلكها التحالف الموالي لـ”إيران”؛ الذي يخشى أنه إذا سمح بعقد الجلسة أن يتم استبعاده من تشكيل الحكومة بعد ذلك.

“الصدر” يُهاجم “الحشد” ويتوعد بإبعاد أنصار “إيران” عن مناصبهم..

وسبق أن شدد “الصدر” على أنه لا مكان للميليشيات والفساد في “العراق”، وأن الكل سيدعم الجيش والشرطة والقوات الأمنية، في غمز واضح بـ (الحشد الشعبي)؛ الموالي لـ”إيران”، والقوى السياسية الممثلة له والمتحالفة معه.

وهيمنت الفصائل المدعومة من “إيران” على الحكومة العراقية و”البرلمان العراقي”، منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وهي تشغل ما يُقارب ثُلثي المناصب العليا، وتم ذلك عبر قيام بعض رؤساء الحكومات بتعيينات لمسؤولين مؤقتين بالإنابة؛ للإلتفاف على إخفاقات البرلمان في التوافق على شغل هذه المناصب، بسبب المنافسة الشرسة.

وقال قادة (التيار الصدري) إن هذه النسبة ستتغير تمامًا، لأن التعيينات دون موافقة البرلمان ستنتهي قريبًا.

ونقل تقرير لموقع (ميدل إيست آي)؛ عن عضو بارز في (التيار الصدري)، أن تحالف “الصدر” لديه القدرة على مواصلة أو حل البرلمان، وأن استمرار الوضع الحالي كما هو، لا يُعيق مشروعه، بل العكس يلحق ضررًا شديدًا بخصومه، وأضاف أنه سيتم إنهاء إدارة البلاد بالوكالة، وأن هذا ما يُريده الجميع وهو ما سيفعلونه.

يرفض تطبيق النموذج اللبناني على “العراق”..

واتهم زعيم (التيار الصدري)؛ في التصريح الذي أعلن خلاله الانتقال لصفوف المعارضة، القضاءَ العراقي بالتغاضي عن الثُلث المعطل في الحكومة، وهو مصطلح مشتق من الثقافة السياسية اللبنانية، تحتفظ بموجبه الأقلية السياسية بثُلث حقائب الحكومة زائد واحد؛ لضمان حلها أو عدم تمرير القرارات، في حال عدم موافقة الأقلية على قراراتها، وكان شرط أن تتضمن الحكومة الثُلث المعطل مطلبًا مطروحًا من (حزب الله) وحلفائه، وكان يُصر عليه لتشكيل أي حكومة إذا لم يحصل تحالفه على الأغلبية.

مصدر الصورة: BBC

ويُشير موقف “الصدر” إلى رفضه النمط اللبناني لتشكيل الحكومات والذي تم استيراده إلى “العراق”، وأدى فعليًا في “لبنان” إلى مشاركة (حزب الله) الموالي لـ”إيران” وحلفائه في الحكومة؛ والقدرة على تعطيلها وحلها، حتى لو لم يكن معهم الأغلبية.

في المقابل؛ يُريد حلفاء “إيران”؛ بـ”العراق”، عبر اشتراط ضرورة انضمامهم إلى الحكومة رغم فقدانهم الأغلبية، ترسيخ هذه الممارسة اللبنانية، رغم أنه ليس هناك نص في دستور “العراق” على ذلك، بينما استندت هذه الممارسة في “لبنان” إلى ما يُعرف: بـ”الميثاق الوطني”، الذي يشترط مشاركة كل الطوائف في الحكومة، وهو ترجمته القوى اللبنانية الموالية لـ”إيران” إلى ضرورة مشاركة القوى الحائزة أعلى الأصوات في كل طائفة بأي حكومة؛ وليس مجرد ممثلين ينتمون لهذه الطوائف.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة