24 نوفمبر، 2024 8:31 م
Search
Close this search box.

إجابة أميركية جديدة .. “ديفنس وان”: لماذا أدار الشرق الأوسط ظهره لـ”واشنطن” في الأزمة الأوكرانية ؟

إجابة أميركية جديدة .. “ديفنس وان”: لماذا أدار الشرق الأوسط ظهره لـ”واشنطن” في الأزمة الأوكرانية ؟

وكالات – كتابات :

قال المحلل الأميركي؛ “جون ألترمان” – مدير برنامج الشرق الأوسط في “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية”، وعضو لجنة السياسات الأميركية الأسبق – في مقال على موقع (ديفنس وان)؛ إن أكثر من شهرين مضيا على مستوى للتضامن الدولي غير المسبوق بشأن الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”. ثم صوت أكثر من: 140 دولة لصالح قرار “الجمعية العامة للأمم المتحدة”؛ الداعي إلى إنهاء الهجوم الروسي، مع إمتناع: 35 دولة عن التصويت. قد يعتقد مراقب غير رسمي أن التصويت دليل على أن النظام الدولي القائم على القواعد؛ (نظام دولي ذو شرعية) – بحسب وصف الكاتب الأميركي -، والذي كانت “أميركا” ترعاه لمدة 75 عامًا؛ قوي وبحالة جيدة، ولكن الأمر ليس كذلك.

بيد أن أزمة “أوكرانيا” تُعد (تحذيرًا صارخًا) لسياسات “أميركا” الخارجية كما يصف “ألترمان”؛ من أن النظام الدولي للاستثمارات الأميركية في الشراكات الدولية لم يترك الأثر المرجو منه. فقد أنفقت “الولايات المتحدة” تريليونات على هذه الاستثمارات من أجل حصد الدعم، ولكن بالنسبة لمعظم العالم، فإن قرارت دعم “الولايات المتحدة” أو بعض مظاهر القانون الدولي أيضًا غير موجودة كما يرى الكاتب. يكاد يكون الدعم الدولي للعقوبات على “روسيا” غير موجود خارج “أوروبا” و”شمال شرق آسيا”، أما خارج تلك المناطق، فلا توجد رغبة في اتخاذ أي إجراءات أخرى للتأثير في “روسيا”، كما يصف الكاتب رؤيته الأميركية للأمر.

ووفقًا لما يرى الكاتب، يُعد الشرق الأوسط أبرز هذه الأماكن التي تخلو من (دعم قرارات العقوبات على روسيا)، فبينما لدى “الولايات المتحدة” عدد قليل من الحلفاء الرسميين في الشرق الأوسط، شهدت المنطقة معظم التدخلات العسكرية الأميركية في نصف القرن الماضي. ودفع الوجود السوفياتي؛ آنذاك، الجهود الأميركية المبكرة إلى وجودها الإقليمي، حيث سعت “الولايات المتحدة” إلى عرقلة الجهود السوفياتية للوصول إلى “النفط” والمياه الدافئة؛ (موانيء إستراتيجية لا تتعطل مع برد الشتاء القارس)، في الشرق الأوسط.

وبعد زوال “الاتحاد السوفياتي”، تحول الكثير من تركيز “الولايات المتحدة” نحو جهد لتعزيز الاستقرار. مثَّل تأمين تدفقات الطاقة العالمية وردع “إيران” وحماية الجيران من الرئيس العراقي الأسبق؛ “صدام حسين”، جانبًا واحدًا من المعادلة، في حين مثلت حماية الحكومات الإقليمية من التهديدات الإرهابية العابرة للحدود الجانب الآخر.

كان الجهد المستمر هو إحاطة المنطقة بنظام قائم على القواعد بقيادة “الولايات المتحدة”. كرست “الولايات المتحدة” لعقود الدم والمال في السعي لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، في خضم الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”، لم يُعد يرى شركاء “الولايات المتحدة”؛ في الشرق الأوسط، الكثير من القبول في تعزيز النظام القائم على القواعد الذي بررت به “الولايات المتحدة” جهودها في المنطقة سابقًا. بدلًا من ذلك، فإنهم يتهربون من اختيار طرف في منافسة قوة عظمى، بحجة أن مصالحهم الاقتصادية والأمنية مع “روسيا” تحول دون تحالفهم مع “الولايات المتحدة”.

“أميريكا” وأسباب الحياد..

يُجادل البعض – وفقًا لوصف الكاتب – بأن هذا كله هو رد على حرب (غزو) “العراق”؛ التي لم تهتم إلا قليلًا بالشرعية، ويُجادل آخرون بأنه انتقام لمقاربة إدارة “بايدن”، التي يُفترض أنها هادئة تجاه “إيران”، أو لنهجها المتشكك في الحقوق الفلسطينية. وعلى الأرجح، فإنه يعكس الإعتقاد بأن “الولايات المتحدة” قوة متراجعة في المنطقة. وفقًا لهذا المنظور، تشعر الحكومات في الشرق الأوسط بأن “الولايات المتحدة” لن تتخلى عنها؛ (بمعنى قطع العلاقات أو تجميدها)، بدافع النكاية، وأنه لا يُعدُّ منطقيًّا استمرار أن يُعتد إلتزام “الولايات المتحدة” نحوهم على كيفية تعاملهم مع “روسيا”.

ويرى “ألترمان” أنه بالنسبة لصانعي السياسة في “الولايات المتحدة”، لا بد أن يتنبهوا لهذا المنهج من قبل حكومات الشرق الأوسط، وأنه لا ينجح دائمًا. فمثلًا الفكرة السائدة في عقيدة الساسة الأميركيين أنه سوف يكون هناك دعم واسع النطاق لنظام تقوده “أميركا” وقائم على القواعد؛ (نظام دولي ذو شرعية)، هو أصل الكيفية التي ترى بها “الولايات المتحدة” نفسها في مواجهة التحديات الدولية الكبرى، مثل التحدي الآتي من “الصين”؛ على سبيل المثال، هذا المثال السابق – لإعتقاد “أميركا” أنها ستحصل على الدعم من خلاله – يبدو غير فعال الآن.

ومع ذلك، بالنسبة لمعظم دول العالم، بما فيها التي كانت قريبة من “أميركا” لعقود من الزمان، فإن الحفاظ على سيادة القانون في “أوكرانيا” لا يُثير قلقهم كثيرًا. سوف تسعى أغلب حكومات الشرق الأوسط إلى تعزيز علاقتهم الثنائية مع “الولايات المتحدة”، لكن يجب أن تفهم الحكومة الأميركية أن تلك الدول ليس لديها مصلحة في الانحياز إلى جانب في صراعات القوى العظمى، ولا يشعرون بالحاجة إلى فعل ذلك.

“الصين” قادمة..

ووفقًا للكاتب: من البديهي القول إن “الصين” هي نوع مختلف تمامًا من القوة العظمى ونوع مختلف من المنافسين، عن “روسيا”. إن علاقات “الصين” الاقتصادية مع معظم دول العالم – بما في ذلك “أميركا” – تُقزم العلاقات التي تربطها بـ”روسيا”. مع استثناءات قليلة في “شمال شرق آسيا”، يبدو الخوف من التهديد الروسي بدلًا من التقارب مع “الولايات المتحدة” تفسيرًا أفضل لسبب اصطفافهم ضد العدوان الروسي. كلما ابتعدت الدول الأخرى عن “روسيا”، قل اهتمامها؛ بحسب مزاعم الكاتب.

وهذا يُثير سؤالًا خطيرًا للغاية ووفقًا للكاتب: هل هناك أي سبب للإعتقاد بأن العالم سيصطف مع “الولايات المتحدة” في أي نزاع مستقبلي مع “الصين” ؟

تُمثل اللامبالاة العالمية تجاه تصرفات “روسيا” في “أوكرانيا”؛ انتصارًا للدبلوماسية الصينية، التي تُجادل بأن الدول لا تحتاج إلى الاختيار بين العلاقات الوثيقة مع “الولايات المتحدة” ومنافسيها من القوى العظمى. إن إعتقاد “الولايات المتحدة” أن ثلاثة أرباع قرن من القيادة العالمية ستمنحها ميزة في المواجهة مع “الصين”؛ هو على الأرجح خطأ، ومواقف دول الشرق الأوسط تجاه أزمة “أوكرانيا” مؤشر كاشف. ستظل القوتان النارية والاقتصادية مهمتين في القتال، ولكن من المُرجح أن يظل بعض أقرب أصدقاء “واشنطن” بعيدين عن المعركة.

إذا أخذنا نظرة طويلة إلى الماضي، لوجدنا أن العالم كان يتنقل دائمًا بين فترات النظام والحرب، وأن النظام النسبي لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية قد أخذ مجراه. يمكن للمرء أن يرى هذا بشكل ضيق، علامةً على عدم اليقين في العالم من أن “الولايات المتحدة” لا تزال مُلتزمة بالحفاظ على نظام عالمي. كما يمكن للمرء أن يرى على وجه التحديد أن البلدان التي لديها جيران أكثر قوة بحاجة إلى معايرة أفعالهم بعناية؛ بحسب مزاعم الكاتب الأميركي.

ويُضيف الكاتب: يمكن القول بأن كُلًّا من الانقسام الداخلي الأميركي بشأن الحرب في “أوكرانيا”، وعدم الاهتمام العام في العالم بهذه الحرب، مؤشر على شكوك أعمق بكثير تجاه قدرة “أميركا” على قيادة العالم. إذ بدا واضحًا أن “أميركا” قد حصلت على الدعم الدولي فقط عندما إعتقدت تلك البلدان الداعمة أنه من مصلحتها المباشرة في فعل ذلك، فنحن في عالم مختلف كثيرًا عما إعتقدناه، وفقًا لما يختم الكاتب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة