18 ديسمبر، 2024 11:44 م

البقيع الغرقد يستغيث الانسانية من حقد الوهابية

البقيع الغرقد يستغيث الانسانية من حقد الوهابية

تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية الـ 103 لجريمة آل سعود ووهابيتهم الضالة المضلة بنكبة إسلامية كبيرة ضد “البقيع الغرقد”، والتي لا تزال تستصرخ الضمير الانساني لإنقاذها من براثن أبناء الطلقاء الحاقدين على الاسلام والمسلمين والبشرية عصابات التكفير الوهابية والسلفية بدعم من سلطات آل سعود التكفيرية المجرمة،الذين يمتهنون انتهاك المقدسات الاسلامية وإراقة دماء المسلمين ويعيثون الفساد في الارض على طول تاريخهم المنحوس مستنجدة إعادة هويتها ومكانتها والإهتمام بها؛ ألا وهي جريمة هدم الأضرحة الطاهرة لأئمة أهل بيت النبوة والعصمة والوحي والتنزيل عليهم السلام، وحشد من كبار الصحابة الطيبين والتابعين وزوجات الرسول الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين) في تلك البقعة الطاهرة بجوار مسجد النبي في المدينة المنورة.

أصل “البقيع” في اللغة يعني الموضع الذي أرم فيه الشجر من ضروب شتى والغرقد يعني كبار العوسج، فلذا سمي ب”بقيع الغرقد” لان هذا النوع من الشجر كان يكثر فيه ولكنه قطع بأمر من حكام الجور والطغيان وأمراء الانحراف وفتاوى وعاظهم المغفلين. حيث يروى أن النبي الأكرم (ص) خرج لنواحي المدينة وأطرافها باحثا عن مكان يدفن فيه أصحابه حتى جاء البقيع، وقال (ص):”أمرت بهذا الموضع” حيث كان يكثر شجر الغرقد ، فسميت به.

هي مقبرة مقدسة وأرض مشرفة ، قطعة من الجنة تقع الى جوار المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، تضم مراقد الأئمة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة (عليهم السلام)، وهم الامام الحسن المجتبى ابن أمير المؤمنين (ع)، والإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، والإمام محمد بن علي الباقر (ع)، والامام جعفر بن محمد الصادق (ع) , وكذلك مراقد كل من: إبراهيم بن رسول الله (ص) وسيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء بنت الرسول الأعظم (ص) سيدة نساء العالمين (برواية), وبعض زوجات الرسول (ص) من أمهات المؤمنين وكذلك عمه العباس بن عبدالمطلب (س) وعماته , وكذلك اسماعيل بن الامام جعفر الصادق (ع), ووالدة الامام علي أمير المؤمنين (ع) سيدتنا فاطمة بنت أسد (س) وكذلك زوجة الامام علي (ع) سيدتنا أم البنين (س) , ومرضعة النبي (ع) السيدة حليمة السعدية , وجمع من الصحابة وعلى رأسهم الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري (رض) الى جانب الشهداء والصحابة والتابعين المنتجبين للرسول محمد (ص).

لقد كانت لهذه القبور قباب أضرحة وبناء , وكان لها صحن وحرم، وغيرها من المعالم التي تدل على قدسية أصحابها، فكانت عظيمة في أعين الناس، شامخة في قلوب المسلمين، محفوظة حرمتها وكرامتها، وقد كان الناس يتوافدون على هذه البقعة المقدسة لزيارة المدفونين فيها، عملاً بالسنة الاسلامية من استحباب زيارة القبور وخاصة قبور ذرية رسول الله (ص) وأولياء الله تعالى .

بتحريك من الاستعمار البريطاني الخبيث وبتأثير من بعض الأفكار المنحرفة والمبادئ الباطلة التي لا تمت للاسلام المحمدي الأصيل بصلة، عمدت زمرة الوهابية هذه الفرقة الضالة المضللة المنحرفة التكفيرية الاجرامية الدموية والتي تأسست بأمر الاستعمار البريطاني في أواخر القرن الثاني عشر للهجرة الموافق القرن الثامن عشر الميلادي بإبتداعها على يد محمد بن عبد الوهاب (1703 – 1792) ومحمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية، عمدت وفي الثامن من شوال عام 1344 هجري قمري ـ الموافق لـ 25 نيسان / إبريل عام 1925ميلادي، عمدت الى هدم هذه القبور كليّاً وتسويتها بالأرض حقداً منهم على آل الرسول (ص) وأصحابه المنتجبين الميامين الذين يرقدون في تلك البقعة الطاهرة .. حيث حولوا مقبرة “بقيع الغرقد” الى تراب ومدر وأحجار بعدما كان مفروشاً بالرخام ونهبوا كل ما كان فيه من فرش غالية وهدايا عالية، وسرقوا المجوهرات واللآلئ التي كانت داخل أضرحة أهل البيت عليهم السلام.

كانت هذه المقبرة الطاهرة قد تعرضت لهدم جزئي على يد آل سعود وفرقتهم الوهابية التكفيرية الضالة عام 1220 هـ .ق ، وبعد أن سقطت دولتهم اللقيطة على يد العثمانيين، حيث أعاد المسلمون بناء “البقيع الغرقد”على أحسن هيئة من تبرعات المسلمين، فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع حيث عادت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.. العملية الاجرامية الدنيئة بهدم المراقد الطاهرة في “البقيع الغرقد” تتناقض مع كل القيم؛ فهي تحمل طابع التناقض مع ذاتها أولاً، وكذلك مع القيم الدينية ثانياً، ومع الحالة الحضارية ثالثاً، ومع واقع الأمّة الاسلامية وتاريخها رابعا؛ خاصة وإن التناقض في جريمة هدم مراقد البقيع مع ذاتها هي أنه إذا كان هدم القبور واجباً شرعياً، فلماذا هدمت بعضها دون بعضها الآخر؟ .

اما تناقضها مع القيم الدينية، فهو إن هذه البيوت التي هدموها هي من البيوت التي أمر الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها أسمه، حيث قال عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي (من كبار علماء أهل السنة) في كتابه “الدر المنثور”: عندما نزل قوله تعالى: “في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدوّ والآصال رجال لا تلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله و….” – النور:36، قام رجل وقال: يا رسول الله ما هي هذه البيوت؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الميامين: إنها بيوت الأنبياء.. فقام ابو بكر وأشار الى بيت علي وفاطمة سلام الله عليهما، وقال: هل هذه منها؟ فقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: نعم، من أفاضلها- رواه عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي في الدر المنثور، ج 6، ص 203؛ وأبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري في الكشف والبيان، ج 7، ص 107، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير الساعدي؛ وعبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي في الجواهر الحسان في تفسير القرآن، ج 7، ص 107؛ والعلامة أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج 18، ص 174؛ وغيرهم من كبار رواة العامة والخاصة.

أولئك الذين يريقون دماء الأبرياء ويقتلون البشر ويدمرون الحجر وينتهكون المقدسات السماوية لكل الاديان الالهية، يرسمون من خلاله أعمالهم الاجرامية البشعة بشعة لا مثيل لها على وجه التاريخ تعكس حقدهم ودناءتهم وقبحهم وبغضهم وكراهيتهم للمسلمين الحقيقيين والمؤمنين بالخالق المتعال خاصة من أتباع أهل بيت النبوة والامامة عليهم السلام، وانحرافهم عن القيم الانسانية والاسلامية التي يتشدقون بها والاسلام براء منهم جملة وتفصيلاً، عبدة الدرهم والدينار والسلطة والجبروت والظلم والطغيان مواصلين نهجهم المزيف وانتهاكهم لأبسط القيم واستهدافهم المقدسات حيث لا ينجو منهم لا مرقد طاهر ولا مسجد عامر ولا مركز للعبادة، والمجتمع الدولي المتشدق بحقوق الإنسان وحرية الأديان أصم أعمى وأطرش بفعل بترودولار السعودية وأخواتها الأقزام .

نزلَ الدمارُ بها وغابَ جميلُها كم كان سِحراً فجرُها وأصيلُها

تلك المنازلُ يالها مِن آيةٍ طابتْ وطاب ترابها ونزيلُها

مالي أرى تلكَ الديارِ حزينةً فلقد سَبانا في البقيعِ مَهيلُها

أضحتْ تؤرّقني المشاعرُ نحوّها بفجائعٍ يُبكي الغيورَ عويلُها

يا فجرُ فانظرْ للديارِ بحسرةٍ فالوجدُ والنوحُ الطويلِ خليلُها

[email protected]