18 ديسمبر، 2024 10:45 م

الفرزدق والتاريخ المتناقض

الفرزدق والتاريخ المتناقض

التاريخ ليس علم سهل ومن زاد من تعقيداته هم الدولة الاموية واليهود الذين تلبسوا بلباس الاسلام ، والتساهل بسند الروايات التاريخية ان كان فيها اشكال والتي لا يترتب عليها حكم شرعي امر ممكن لا اعتقد بصحة ذلك ، نعم الاثر السلبي عن الخطا في الحكم الشرعي اكثر اثرا من الاثر السلبي المترتب على الخطا التاريخي ولكن من الاخطاء التاريخية حدثت خلافات وحروب حول الشخصيات وسيرتها ، والان بجعبتي شاعرا له حصة من متناقضات التاريخ انه الفرزدق المولود سنة 10 للهجرة .

يقول عنه ابن شهر آشوب في كتاب أنس المجالس: أن الفرزدق أتى الحسين (عليه السلام) لما أخرجه مروان من المدينة فأعطاه (عليه السلام) أربعمائة دينار، فقيل له: إنه شاعر فاسق مشهر فقال (عليه السلام): إن خير مالك ما وقيت به عرضك، وقد أصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كعب ابن زهير، وقال في عباس بن مرداس: اقطعوا لسانه عني

هنا الفرزدق فاسق بينما نفس التاريخ يقول عنه في صفحات اخرى :

فجاء به أبوه إلى الإمام علي ( عليه السَّلام ) و قال له : إن ابني هذا من شعراء مضر فاسمع منه ، فأجابه الإمام ( عليه السَّلام ) : ” أن علِّمه القران ” فلما كبُر تعلَّمه . كان متعصباً لأهل البيت ( عليهم السَّلام ) ، شديد التشيع لهم ، مجاهراً بحبهم ، معلناً له . كان أول من رسم النحو ، حيث تعلم ذلك من أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) .

واما قصيدة البطحاء التي هي اشهر من نار على علم بحق الامام السجاد عليه السلام وحكايتها اتفق المؤرخون على صحتها فقد روي انه عندما ذهب هشام بن عبد الملك إلى الحج وسعيه لكي يصل للحجر الأسود ولكنه لا يستطيع الوصول إليه؛ بسبب كثرة الحجاج في تلك الفترة، فلما عجز عن الوصل للحجر الأسود جلس على الكرسي مع كبار أهل الشام لينظر للحجاج وفي هذه الموقف جاء الإمام علي بن الحسين زين العابدين لكي يحج، فطاف بالكعبة ولما انتهى من الطواف ابتعد عنه الحجاج لكي يتمكن من الوصول إلى الحجر الأسود، تعجب الذين كانوا جالسين مع هشام بن عبد الملك فقال رجل من رجال أهل الشام: من هذا؟، فرد عليه هشام: لا أعرفه!، وهناك كان الفرزدق جالسًا فقال لهم: أنا أعرفه، ثم قال هذه القصيدة في مدح الامام السجاد علسه السلام مطلعها

هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

فثار هشام و أمر باعتقال الفرزدق ، فاعتقل و اُودع في سجون عسفان 4 ، و بلغ ذلك الإمام زين العابدين ( عليه السَّلام ) فبعث إليه بإثني عشر ألف درهم ، فردَّها الفرزدق ، و قال : إني لم أقل ما قلت إلا غضباً لله و لرسوله ، و لا آخذ على طاعة الله أجراً ، فأعادها الإمام ( عليه السَّلام ) و أرسل إليه : نحن أهل بيت لا يعود إلينا ما اعطينا ، فقبلها الفرزدق .

وللفرزدق موقف مع الحسين عليه السلام وان كان في بعض الروايات تذكر انه ليس الفرزدق

قَالَ الْفَرَزْدَقُ : لَقِيَنِي الْحُسَيْنُ ( عليه السَّلام ) فِي مُنْصَرَفِي مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: “مَا وَرَاكَ يَا بَا فِرَاسٍ”؟ قُلْتُ: أَصْدُقُكَ؟ قَالَ: “الصِّدْقَ أُرِيدُ”.

قُلْتُ: أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ، وَ أَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.

من هذه المواقف ماذا نستشف من مصداقية المؤرخين ؟