خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
أعد “معهد الشرق الأوسط” تقريرًا بعنوان: “مفترق طرق العلاقات الأميركية مع الحكومة الخليجية: وقت الحاجة إلى إعادة الترتيب”؛ وقد أعاد “مركز الفكر الإستراتيجي” (تبيين) الإيراني نشره، يناقش تحديات العلاقات بين الطرفين بعد الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، وتقديم الحلول لإعادة ترتيب هذه العلاقات.
واشتمل التقرير على مقدمة وثلاث فصول من إعداد كتاب مختلفين؛ هى على الترتيب: التعاطي مع الدول الخليجية، الفصل في التحديات السياسية، والردع المتكامل مع الدول الخليجية، وتعاون “الولايات المتحدة” ودول “الخليج العربي” في مجالات الطاقة والاقتصاد.
والتقرير التالي هو ترجمة لأهم الأجزاء الواردة بالتقرير؛ وبخاصة المتعلقة بالتوصيات السياسية والتقييم الكلي.
أجزاء التقرير الأساسية..
للحقيقة أوجه جديدة أبرزها نفوذ “الصين” و”روسيا” الكبير في منطقة “غرب آسيا”، وهو ما يقود دول الخليج باتجاه الحياد الإستراتيجي، وأبرز مثال على ذلك ما حدث فيما يخص تطورات الهجوم الروسي على “أوكرانيا”.
ورد الفعل العالمي على الهجوم الروسي زاد من تركيز الانتباه على الاحتكاك بين “الولايات المتحدة”؛ وشركائها التقليديين في منطقة الخليج. وبينما ترى “الولايات المتحدة”؛ في الاعتداء الروسي، هجومًا أساسيًا على النظام الدولي، تقاوم دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ إزاء الضغوط، للمشاركة في قرار حاسم ضد “موسكو”، التي ترتبط معها بعلاقات إيجابية عمومًا.
لكن المشكلة والفجوة في العلاقات بين دول الخليج و”الولايات المتحدة” تتجاوز الخلاف بشأن الأزمة الأوكرانية. وهذه الخلافات هي انعكاس لتراجع الثقة الإقليمية في إلتزامات “الولايات المتحدة” من جهة، ويأس “واشنطن” من السياسات الإقليمية التي تُهدد الأولويات والتوجهات الأميركية الأساسية من جهة أخرى.
وانعدام القيم الديمقراطية المشتركة في العلاقات “الأميركية-الخليجية”، جعلها عرضة باستمرار للضرر إزاء التغيرات والتطورات الإقليمية والعالمية. في حين أن انعدام هذه الصلة “السياسية-الثقافية” يُقيد تناغم المشاركة، فإن العلاقات الثنائية أحيانًا تزداد تعقيدًا بسبب اختلاف الرؤى بشأن السلطة في “مجلس التعاون الخليجي”.
على سبيل المثال تزداد هذه الوضعية سوءً كلما ضغطت “الولايات المتحدة” على شركاءها الإقليميين لاحترام حقوق الانسان والحريات المدنية. وقد إزدادت هذه الفجوات عمقًا في فترة “الربيع العربي”، حيث لم تعتبر دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ السياسات الأميركية، سببًا في الانتفاضات الشعبية ضد شركاءها القدامى في المنطقة فقط، وإنما كانت تعتريهم مخاوف من إمكانية أن تقود “واشنطن” حملات لفظية ضدهم.
على كل حال؛ فإن إعادة ترتيب العلاقات الأميركية مع دول الخليج يستلزم تطبيق إستراتيجيات جديدة في عصر اتساع دائرة المنافسات الدولية.
إن تراجع نفوذ “الولايات المتحدة” إقليميًا؛ وثقة المنطقة في الوعود الأمنية الأميركية يعود إلى الكثير من الأسباب. ولذلك تقاوم دول الخليج إزاء مساعي تسيس مصالحها الاقتصادية؛ وبخاصة في مجال الطاقة، وتؤكد على اختلاف موقفها من الأزمة الأوكرانية الحالية. وفي ظل هذه الأوضاع يزداد الاحتكاك بين العلاقات بين الجانبين بسبب التوجهات الأميركية في منطقة “غرب آسيا”، التي ترى فيها حكومات دول “مجلس التعاون الخليجي” تجاهلًا متعمدًا لمصالحها الأساسية.
ويبدو أن على “الولايات المتحدة” في البداية القيام بعدد من الخطوات الأساسية التي من شأنها رفع الثقة في قيمة الحوار. علمًا أن زيادة نطاق التعامل الدبلوماسي لا يكمن أن يصحح منفردًا تدهور العلاقات الأميركية مع شركاءها في الخليج. لكن التعامل الدبلوماسي أساس يمكن البناء عليه للمزيد من التعاون الناجح في مجالات الدفاع والأمن والتعاون الاقتصادي.
والسعي للمحافظة على المصالح الحيوية الأميركية في المنطقة يتطلب رؤى إستراتيجية جديدة تُساهم في حلحلة الخلافات، تكفل تعاون دول “مجلس التعاون الخليجي” إلى حدٍ كبير مع القدرات الأميركية وإثبات إرادتها في الدفاع عن دول الخليج إزاء التجاوزات الإيرانية.
و”الولايات المتحدة” مكلفة بمساعدة شركاءها العرب في الخليج على تطوير قدارتهم العسكرية. لكن الأهم فيما يخص العلاقات الأمنية الأميركية مع دول الخليج، هو بناء هيكل متناغم للمشاورات والتنسيق الإستراتيجي.
مقترحات..
– بناء إطار مؤسسي للدراسة والعمل على مستويات عليا يهدف إلى حل المشكلات الطارئة في العلاقات الأميركية مع دول الخليج، وتحديد مجالات الاهتمام وفرص المشاركة.
ويجب أن يشمل هذا الإطار لقاء بين الرئيس الأميركي ونظراءه في الخليج مرتين في العام على الأقل.
– توفير إطار دفاعي إستراتيجي جديد مع دول الخليج؛ بغرض تطوير المشاركة الأمنية بأساليب تؤكد على الأسس الرئيسة والأهداف الواضحة القابلة للتنفيذ من أجل تحديد طبيعة العلاقات الدفاعية.
– تنفيذ خطة مشتركة طارئة مع الشركاء في الخليج تتعلق بالقضية الإيرانية.
– بناء منظمة دفاع صاروخية متكاملة في الخليج.
– التعاون مع “السعودية” و”الإمارات” في تلبية الاحتياجات المستمرة من المنتجات البتروكيماوية وإنتاج “النفط”، والتحرك صوب إنتاج الطاقة النظيفة.
– المحافظة على استقرار مسارات التجارة العالية، ومن بينها مسار شبة الجزيرة العربية.