18 ديسمبر، 2024 10:45 م

الادارة السياسية في حكم الانبياء ” منطق الطير”

الادارة السياسية في حكم الانبياء ” منطق الطير”

بسم الله الرحمن الرحيم
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) [سورة النمل] الآية 16

يميل بعض المفسرين ان الاشارة في سورة النمل وما فيها من علم في إدارة الدول والحروب تستدعي التأمل واعادة صياغة تفسير كلمة (عُلِّمْنَا) في الآية 16 من سورة النمل.. حيث يسند القول لسليمان الملك الذي ورث من أبيه داوود الملك يقول: (علمنا) من الذي علمه ولم لم يقل علمني ربي أو علمنا الله؟ الملك سليمان هو الآمر الناهي ولا يوجد غير الله اعظم واكبر منه .. لذلك قال (علمنا) فما معنى حالة تعلم منطق الطير ..

** الملاحظ في الاية انه قال منطق الطير ولم يقل نطق .. ويوجد فرق كبير بين النطق والمنطق.. النطق هو الصوت الذي يصدره الانسان او الحيوان الى جهة اخرى يعبر فيه ما يريد ان يقوله.. كما حصل لموسى وهارون حين بعثهما الله الى فرعون . { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} وغاية الكلام (يَفْقَهُوا قَوْلِي) هنا للقول فقه أي معرفة بلغة خاصة لا بد ان يعرفها الطرفان حتى لو كان الكلام من لغة إلى لغة آخري.. واحيانا نفس اللغة تحتاج الى توضيح لعل المقابل لا يعرف ما تقول لاختلاف الثقافتين . ودائما الجهات الحكومية تعين شخصا يتكلم باسمها يسمى الناطق الرسمي.

*** اما ” المنطق” عرفوه انه آلة قانونية تحمي وتعصم العقل والذهن عن الوقوع في الخطأ أثناء التفكير. والمنطق انه يختلف عن النطق لانه كلام يدور داخل عقل الانسان سواء معتقدات او اراء ومتبنيات وغيرها . وعلم المنطق هو عملية البحث ىفي نفس وعقل الانسان لمعرفة ما يور في عقله .. مثلا نقول راي فلان منطقي .. أي ذو عقلية وتصور صحيح دون ذكر ما تحدث ونطق به .. هنا تحدثنا عما في عقل المتحدث وليس عما ذكره لسانه .وقد عرفوا الإنسان بأنه حيوان ناطق، وكلمة ناطق بمعنى مفكر.

** بعد هذا التوضيح. نقول: ان ما بين كلام البشر ونطق الطير اختلاف كبير فلو كان فهما لما يصدر من صوت الطيور والحيوانات الاخرى لقال علمنا قول الطير ولكن القران دقيق في اللفظ لم تأتي كلمة (منطق) إلا مرة واحدة في الآية المباركة اذا ما معنى المنطق والذي على الملوك معرفته من منطق الحيوانات؟ الجواب: المنطق هي الرسائل المشفرة بين الملوك وبين المسؤولين الكبارمثل قائد الجيش أو رئيس القضاة او من يحافظ على امن البلد .. وبما أن سليمان كان ملكا فلزاما عليه أن يعلم الخبراء تلك الرموز وطريقة التشفير والمراسلات السرية التي كان الحمام الزاجل يحملها لتبادل المعلومات السرية ولضمان عدم معرفة ايا كان رمز تلك الشفرات فيما لو وقع الطير بيد أحد أو لأي طارئ.

فالمنطق هي تلك الرسائل السرية التي كتبت برموز خاصة { شفرة سرية}في ورقة تربط برجل الطيور لتسافر بها من بلد إلى بلد ليعرف القادة بأمور السياسة والحروب والعلاقات ما بها او يستلمون الأوامر والتعليمات. اما المفسرون للأسف لعدم إطلاعهم على تأريخ وإدارة الدول والحروب جعلوا من اللفظ على انه اعجازي وامتياز ومعرفة لسليمان على انه يستمع للعواء او تغريد الطير او نباح الكلب ونهيق الحمار وصهيل الخيول وهكذا .

انظر الى الاية 20 من سورة النمل قال تعالى( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) معناها تفقد الطير: أول ما تقع عين المسؤول بداية عمله اليومي هي الأخبار التي تأتي من مراسلات الطيور فتفقدها واحتاج أن يعرف منها معلومات ما يمكنه معرفته من بلاده الشاسعة .. وخفي عليه امرها وتم استخدام الطيور كاستخبارات ومنها الهدهد الذي كان يضع على رأسه خوذة على شكل عرف الديك . ولما تفقد كل الرسائل المشفرة التي حملتها الطيور بحث عن رئيس استخباراته الهدهد الذي يعرف فك الشفرات فطلب الملك سليمان هذا العنصر فلم يجده حيث كان في مهمه قد أخذت منه جهدا ووقتا في متابعة ملف سبا مملكة بلقيس ولما عاد قالت الاية:” فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ”.. يبين النص انه جاء من بلد بعيد دولة مجاورة وجئتك من سبإ بنبإ يقين أي تأكدت من المعلومات بنفسي لأن اليقين لا يمكن تيقنه إلا أن يقف المرء عليه بنفسه ويتحسس الخبر ..

الخلاصة ليس في الاية معجزة او امتياز من الله بتعليم منطق الطير . بل هو قدرة وامكانية للنبي في احاطته بما يستوجب ان يحكم البلاد ويضمن سلامة المواطنين فيه ..