دفعت المعارك الجارية بين الجيش العراقي والمتمردين في الرمادي والفلوجة الاف الاشخاص الى الفرار واثارت مخاوف من حصول انتهاكات لحقوق الانسان في وقت يتدهور الوضع الانساني في هاتين المدينتين الواقعتين عند ابواب بغداد.
وما زال مسلحون من العشائر واخرون من تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) يسيطرون على مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) فيما ينتشر اخرون من التنظيم ذاته في وسط وجنوب مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الانبار، وفقا لمصادر امنية ومحلية.
وتعد هذه الاحداث الاسوأ التي تقع في محافظة الانبار السنية التي تتشارك مع سوريا بحدود تمتد لنحو 300 كلم، منذ سنوات، وهي المرة الاولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الاميركي العام 2003.
وحذرت الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من معاناة المدنيين اثر نقص المساعدات الانسانية جراء الحصار الذي تفرضه قوات حكومية.
وتمثل سيطرة المسلحين على مدينة الفلوجة اكبر تحد امام رئيس الوزراء نوري المالكي خلال سنوات حكمه الثماني، وتاتي قبل اشهر قليلة من موعد اجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في نيسان/ابريل المقبل. واكد شاهد عيان يوم الجمعة الماضي قيام مسلحين من تنظيم القاعدة يحملون اعلاما سوداء تمثل التنظيم خلال صلاة الجمعة، باعلان “الفلوجة دولة اسلامية”.
وخلال صلاة الجمعة اليوم، طالب الشيخ عبد الحميد جدوع امام وخطيب جامع الفرقان وسط الفلوجة بحضور مئات المصلين، زعماء العشائر ب”التدخل لحل الازمة التي تمر بها الفلوجة”. وقال “لا تجعلوا من الفلوجة مكانا لاستقطاب القتل والدماء”. ودعا الحكومة ايضا ب”عدم استخدام الجيش للاقتتال الداخلي في المدن ويجب ان تجعل منه سورا للوطن”.
وذكر مراسل لوكالة فرانس برس في الفلوجة نهاية الاسبوع الماضي ان عناصر شرطة المرور عادوا الى شوارع المدينة، كما اعاد عدد كبير من المحال التجارية فتح ابوابه وسط عودة تدريجية للحياة، لكن المسلحين ما زالوا يسيطرون على المدينة.
وفي مدينة الرمادي وقعت اشتباكات وسمع دوي قذائف في وسط وجنوب المدينة، حسبما ذكر مراسل فرانس برس. وشاهد المراسل احتراق عربتين تابعتين للجيش العراقي في الاطراف الجنوبية من الرمادي اضافة الى سيارة اخرى تابعة لتنظيم داعش في وسط الرمادي.
واكد مجيد سعيد الفهداوي الضابط في الجيش السابق والذي يتولى قيادة قوات العشائر في مدينة الرمادي ان “قوات الجيش وابناء العشائر والصحوات تخوض اشتباكات ضد تنظيم داعش في منطقة الخالدية” الواقعة شرق مدينة الرمادي، دون ذكر تفاصيل اضافية.
بدوره، اكد الطبيب احمد عبد السلام في مركز طبي في وسط الرمادي تحت سيطرة تنظيم داعش، ان “مدنيين اثنين قتلا واصيب 12 شخصا، هم اربعة مدنيين وثمانية من داعش، بجروح اليوم الجمعة”.
وما زال مقاتلون من تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” يسيطرون على احياء متفرقة في وسط وجنوب الرمادي، فيما تفرض قوات الشرطة والعشائر والصحوات سيطرتها على احياء اخرى في المدينة.
والجمعة اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان القوات الحكومية العراقية والمسلحين الموالين لتنظيم القاعدة بالتسبب بمقتل مدنيين عبر اتباع طرق قتال “محظورة”. وجاء في بيان للمنظمة ان “طرق القتال المحظورة من قبل كل الاطراف تسببت في خسائر بشرية ودمار في الممتلكات”.
ويشارك مسلحو تنظيم القاعدة المرتبط ب”الدولة الاسلامية في العراق والشام” بقوة في الاشتباكات الجارية في الانبار الى جانب مسلحين من ابناء عشائر المحافظة المناهضين للحكومة. واستعانت القوات الامنية في الوقت ذاته بالعشائر الموالية لها لمواصلة عملياتها التي بدات قبل عشرة ايام.
وحث نائب الرئيس الاميركي جو بايدن عبر اتصال مع رئيس الوزراء نوري المالكي للمرة الثانية خلال هذا الاسبوع على “مواصلة بذل الجهود للحوار” مع مختلف القادة الوطنيين والعشائر، حسبما نقل بيان للبيت الابيض.
وقال متحدث باسم الجيش العراقي الثلاثاء “لا يمكن اقتحام الفلوجة الان حفاظا على دماء اهاليها”.
وتعد مهاجمة الفلوجة، ذات الاغلبية السنية، اختبارا كبيرا للقوات العراقية التي لم تنفذ عملية مهمة حتى الان دون دعم القوات الاميركية. وتعتبر حساسة للغاية من الناحية السياسية لانها قد تؤدي الى تصاعد التوتر بين السنة والحكومة التي يرئسها شيعي.
واعلنت جمعية الهلال الاحمر العراقي في بيان الاربعاء ان المعارك الدائرة قرب مدينة الفلوجة وسيطرة المسلحين الموالين لتنظيم القاعدة عليها تسببت في نزوح 13 الف عائلة. واكدت الجمعية انها “تمكنت فرقنا من تقديم مساعدات لاكثر من 8 الاف عائلة خلال الايام الثلاثة الماضية في مختلف مناطق محافظة الانبار”.