25 يونيو، 2025 11:07 ص

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. صادرات القمح الروسي تسجل أعلى ارتفاعات رغم العقوبات الغربية !

الحرب “الروسية-الأوكرانية” .. صادرات القمح الروسي تسجل أعلى ارتفاعات رغم العقوبات الغربية !

وكالات – كتابات :

في ظل اعتماد دول شرق أوسطية، مثل: “مصر وليبيا وتركيا وإيران”، على “القمح الروسي والأوكراني” بصورة أساسية، كان المتوقع أن تتسبب “العقوبات الغربية”؛ بسبب العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”؛ في تقليص الواردات، لكن العكس تمامًا هو ما حدث.

وكشف تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية؛ أرقامًا لافتة تتعلق بالصادرات الروسية من “القمح”؛ منذ بداية الهجوم على “أوكرانيا”، وهو الهجوم الذي يصفه الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، بأنه: “عملية خاصة”، هدفها منع عسكرة “أوكرانيا”، بينما يصفه الغرب بأنه: “غزو غير مبرر”.

تقرير الصحيفة الأميركية، وعنوانه: “في مواجهة أزمة القمح.. بلْدان تُسارع لإعادة تشكيل سوق كامل على عجل”، رصد عددًا من الحقائق المتعلقة بأزمة أسعار الغذاء بشكل عام، وأسعار “القمح” بشكل خاص، ورسم صورة غير جيدة خلال الشهور المقبلة.

شركات عالمية استفادت من الحرب الأوكرانية..

عندما بدأ الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، وهو الهجوم الذي اقترب شهره الثالث من الانتصاف، كان الاقتصاد العالمي في مطلع رحلة التعافي من حالة الانكماش التي فرضتها جائحة (كورونا)؛ على مدار العامين السابقين، لكن الحرب الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار “النفط والغاز” بصورة قياسية ومعها ارتفعت نسب التضخم العالمي وارتفعت أسعار السلع الأساسية لمستويات قياسية غير مسبوقة.

وقبل أن يمر على الحرب في “أوكرانيا” شهر واحد، تلقّى “أوغستو باسانيني”، الرئيس التنفيذي لشركة (United Grain Corp) للحبوب، إشارة غير معتادة من سوق “القمح” العالمية، بحسب تقرير الصحيفة الأميركية.

إذ عادةً ما تُوجِّه الشركة المُصدِّرة للحبوب؛ التي تتخذ من “واشنطن” مقرًا لها، وتملكها شركة (Mitsui & Co) التجارية اليابانية، منتجاتها عبر “المحيط الهاديء” وصولاً إلى “آسيا”. لكن في آذار/مارس الماضي، حجز مستورد مصري لم يكن قد تعامل مع الشركة منذ عقدين من الزمن، 60 ألف طن من “القمح” تُشحَن من “ميناء فانكوفر” في ولاية “واشنطن” الأميركية؛ عبر “قناة بنما” و”المحيط الأطلسي”، الذي يبعُد عن “مصر” آلاف الكيلومترات؛ أكثر مقارنةً بموردَي “القاهرة” الرئيسيَّين من الحبوب، “أوكرانيا وروسيا”، وبتكلفة أعلى بكثير.

وكانت تلك إشارة صغيرة إلى الاضطرابات في سوق الحبوب العالمية؛ التي أشعلها الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، بما يُهدد إمدادات الغذاء من إحدى أكثر مناطق العالم إنتاجية زراعية لبعضٍ من أفقر بلدانه.

وتتحرك البلْدان من “الهند” إلى “أيرلندا” لملء فراغ نابع من منطقة “البحر الأسود”؛ يمكن أن يبلغ إجماليه ملايين الأطنان من الحبوب. وتدفع تلك البلْدان أموالاً للمزارعين؛ كي يزرعوا مزيدًا من المحاصيل ويستخدموا عربات سكك حديدية وحاويات إضافية لنقل “القمح”.

ويستكشف عمالقة التجارة؛ أمثال: (Bunge Ltd) و(Archer Daniels Midland Co)، طرقًا بديلة لنقل المحاصيل من “أوكرانيا”، حيث يتعطَّل العمل في “ميناء أوديسا” الرئيس؛ وحوَّل القتال الحقول إلى ساحات معارك، وهو ما ألقى بظلال من الشك على قدرة المزارعين على زراعة وحصاد محاصيلهم. وفي غضون ذلك، تواصل شركات بينها: (ADM) و(Bayer AG) و(Cargill Inc)، العمل في “روسيا” بالوقت الراهن.

واردات “مصر” من القمح الروسي تتضاعف..

وفقًا لبيانات شحن من منصة (Logistic OS)، التي تُراقب شحنات السلع من الموانيء الروسية، صدَّر المُصدِّرون غير الروس، وضمن ذلك شركات: (Cargill) و(Louis Dreyfus Co) و(Viterra) وشركة الحبوب التابعة لعملاق السلع (Glencore PLC)، قرابة: 40 شحنة يصل إجماليها نحو مليون طن متري من طحين “القمح والذرة والشعير وبذور الكتان”؛ منذ بداية شباط/فبراير؛ وحتى 29 نيسان/إبريل الماضيين، لمجموعة مختلفة من الدول.

وفيما كانت “أوكرانيا” تُعاني لإيصال الحبوب إلى السوق، حققت “روسيا” مكاسب ضخمة، بحسب (وول ستريت جورنال). فوفقًا لشركة (AgFlow SA) للبيانات؛ ومقرها مدينة “جنيف” السويسرية، نمت واردات “القمح” المصرية من “روسيا” بنسبة: 580%؛ في آذار/مارس على أساس سنوي. في حين زادت صادرات “القمح” الروسية إلى: “إيران وتركيا وليبيا” بأكثر من الضعف.

مع ذلك، قال محللون إنَّه من المتوقع أن يحد ارتفاع ضرائب التصدير وتكاليف الشحن المتزايدة وقوة “الروبل”؛ الآخذة بالتزايد، من الصادرات الروسية في قادم الأشهر، خصوصًا من محصول “القمح الروسي” في النصف الثاني من العام.

ووفقًا لشركة (AgFlow SA)، نمت أيضًا الصادرات من البلدان الأخرى المنتجة للحبوب والمُطلة على “البحر الأسود”، مثل: “بلغاريا ورومانيا”، في آذار/مارس. وقالت الشركة إنَّ شحنات “القمح” من بلدان “أميركا الجنوبية”، وضمنها: “البرازيل والأرجنتين”، زادت بأكثر من الضعف، وزادت الشحنات من “أستراليا” بقرابة: 75%.

وتراجعت مبيعات “أوكرانيا” من الحبوب في ظل استمرار إغلاق المحطات بموانيء البلاد على “البحر الأسود”.

ووفقًا لمسؤولي الشركات وتجار زراعيين، نجح المُصدِّرون في شحن كميات ضئيلة من المحصول إلى خارج البلاد؛ عن طريق السكك الحديدية والشاحنات إلى: “بولندا ورومانيا”، ولو أنَّ القيود المرتبطة بالبنية التحتية حدَّت من الكميات.

البحث عن بدائل للقمح الروسي والأوكراني..

سيكون من الصعب على بقية مزارعي العالم تعويض الفجوة، بالنظر إلى أنَّ “روسيا” و”أوكرانيا” مجتمعتين تُمثلان عادةً أكثر من ربع صادرات “القمح” العالمية. وقلَّصت “وزارة الزراعة” الأميركية منذ بدء الحرب، توقعاتها لتجارة “القمح” العالمية في الموسم الحالي؛ بأكثر من: 06 ملايين طن، أو 3%.

ويقول المسؤولون الزراعيون والاقتصاديون إنَّه في حال استمرت الحرب بـ”أوكرانيا” وصولاً إلى فصل الصيف، سيتسبب نقص المحاصيل في استمرار ارتفاع الأسعار. ووفقًا لـ”منظمة الأغذية والزراعة”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة”؛ (فاو)، بلغت أسعار الغذاء العالمية بالفعل مستويات قياسية عالية، ويمكن أن تقفز الأسعار بمقدار: 22% أخرى، في ظل ما تؤدي إليه الحرب بـ”أوكرانيا” من فجوات في الإمدادات.

ووفقًا لـ”تشو دونغ يو”، المدير العام لـ (الفاو)، يُعَد “القمح” غذاءً أساسيًا لأكثر من: 35% من سكان العالم.

وبالفعل، تحوَّل المستهلكون لاستخدام “دقيق الكاسافا” أو “الذرة”؛ لإعداد الخبز والمعجنات. ويمكن أن يُحفز ارتفاع الأسعار المزارعين لزراعة مزيد من “القمح”. لكن في غضون ذلك، قد يخرج بعض المشترين المحتاجين من السوق بفعل ارتفاع الأسعار.

ووفقًا لـ (الفاو)، يعتمد قرابة: 50 بلدًا على “روسيا” و”أوكرانيا”؛ لتلبية أكثر من: 30% من واردات “القمح” المطلوبة، وفي المتوسط، يُمثل البلدانِ مصدرًا: لـ 60% على الأقل من واردات “القمح”؛ لـ”مصر وتركيا وبنغلاديش وإيران”.

ووفقًا لمحللين وتُجار سلع ووسطاء، وجد المُصدِّرون في “روسيا” حلولاً بديلة بعد إزالة بعض البنوك الروسية من نظام (سويفت)، نظام التراسل في النظام المالي العالمي.

ونظام (سويفت) المالي هو النظام المعتمد حاليًا في أكثر من: 90% من المعاملات التجارية والتحويلات المالية، وهو نظام قائم على اعتماد “الدولار الأميركي” عُملة رئيسة، لكن “العقوبات الغربية” الكاسحة التي فرضها الغرب على “روسيا” بسبب الهجوم على “أوكرانيا”، جعلت دولاً كـ”الصين” تسعى لإيجاد بدائل لذلك النظام.

ولو خسر “الدولار” هيمنته، فسيتضرر الاقتصاد الأميركي. إذ أوضحت شركة (Allianz Global Investors)؛ في تقرير لها عام 2018: “من المُرجح أن يضر ذلك بقيمة الدولار ويخلق ضغوطًا تضخمية على أسعار السلع الاستهلاكية. وفي النهاية، قد تؤدي خسارة الولايات المتحدة لميزة العُملة الاحتياطية إلى الحد من أي انخفاض جديد في الأجور فقط، والاحتمال قوي بأن يؤدي ذلك أيضًا إلى زيادة فقر المستهلكين الأميركيين”.

وفي الوقت الحالي، ارتفع التضخم في “الولايات المتحدة” بنسبة: 8.5% على أساس سنوي؛ في آذار/مارس، وفقًا لـ”مكتب إحصاءات العمل”، وهو أسرع ارتفاع في الأسعار في عام واحد منذ نحو: 40 عامًا.

وإذا ضعف “الدولار”، فسترتفع أسعار السلع المستوردة. وستزداد تكلفة سفر الأميركيين إلى الأماكن التي يضعف فيها “الدولار” أمام العُملة المحلية.

فالدولار ليس فقط عُملة تحتل عرش التعاملات التجارية في العالم بلا منازع، بل هو أهم رموز الهيمنة الأميركية؛ ربما أكثر من القوة العسكرية لـ”الولايات المتحدة”، التي انفردت بالقرار العالمي منذ إنهيار “الاتحاد السوفياتي” قبل أكثر من ثلاثة عقود.

وتعمل الحكومات من مختلف أنحاء العالم من أجل تعويض إمدادات الحبوب المفقودة. ففي آذار/مارس، أطلقت “أيرلندا” برنامجًا بقرابة: 11 مليون دولار لتشجيع المزارعين على زراعة مزيد من المحاصيل مثل: “القمح والشوفان والشعير”؛ على أمل تقليص اعتماد البلاد على الحبوب المستوردة.

وتبنَّت “المفوضية الأوروبية” إجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي العالمي، مثل السماح للمزارعين مؤقتًا بزراعة المحاصيل على الأرض المُراحة لأغراض المحافظة عليها وصيانتها. وهي تدعم أيضًا الجهود المساعِدة المحتملة لتخفيض نسبة الوقود الحيوي المُعتمِد على المحاصيل والممزوج بـ”النفط”، قائلةً إنَّ جهودها ستسمح للمزارعين بتخصيص مزيد من الأرض للإنتاج الغذائي وزيادة زراعة محاصيل مثل “الذرة” و”دوَّار الشمس”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة