18 نوفمبر، 2024 12:36 ص
Search
Close this search box.

متلازمة التدخل الخارجي في السياسة الداخلية للدول ” بوريس جونسون انموذجآ ” !

متلازمة التدخل الخارجي في السياسة الداخلية للدول ” بوريس جونسون انموذجآ ” !

من جواهر القول في السياسة انها تنظم طريقة عرض الأسس البنائية لأمن كل بلد بالعالم حسب الترتيب الزمني , وهذا يتطلب , بالطبع , عامل التوظيف المادي الذي يصوغ شكله الخارجي , بغض النظر عن المشاكل الداخلية العرضية التي يقحمها الساسة بشكل تعسفي لأغراض شخصية بحتة أحيانآ , أو إستجابة لإملاءات خارجية في احيان اخرى مما يؤثر ذلك على تلك الأسس .
والملاحظ ان المشاكل الداخلية في بعض الدول ومنها العراق , تشكل المزاج الدائم الذي يؤسس علية متلازمة التدخل الخارجي المستمر , الذي يفصل بين إرادة رأس الهرم السياسي العراقي وبين البدء بتلك الأسس .
هذه المتلازمة تقوم بتوجيه السياسي لمعالجة المشاكل بشكل ملزم قبل التحول الى طريقة عرض الأسس البنائية لأمن العراق على سبيل المثال , هذه العرقلة هي المطلوبة من الأجنبي لأنها تخلّف بصمات اخرى معرقلة في جوانب اقتصادية كثيرة , وتكون حاضرة لإنتهاك اي استعداد للمضي في بناء تلك الأسس , ومن الممكن أيضآ ان يتبناها اي مكون سياسي داخلي مرتبط بالإرادة الأجنبية .
وهكذا يرى المراقب السياسي ان مأزق متلازمة التدخل الخارجي المتنوع , الذي وجد السياسيين العراقيين انفسهم فيه منذ 2003 , قد اسقط العديد منهم سياسيآ دون تحقيقهم اي مرحلة على طريق بناء الأمن الداخلي الرصين للبلاد أو تحقيق أي أسس أخرى إقتصادية تدعم ذلك الأمن .
ولا يكتم المراقب القول من ان الإغراءات المقدمة للسياسيين من جانب الإرادة الأجنبية اثناء التدخلات واللقاءات لفبركة اعذار وحجج تبدو لهم مقنعة لمنع تحصين الأمن , إلا انها تشوش السياسيين من ناحية وتحافظ على بقاء الحال الأمني على ماهو عليه , إن لم يتخلف نحو الخلف بخطوات محسوبة من الجانب الأجنبي من ناحية اخرى .
بهذه الصورة , حدثت الحرب الروسية – الأوكرانية , إذ ان مشكلة روسيا هي الحفاظ على امنها القومي من تهديدات الناتو بقيادة امريكا , أما مشكلة اوكرانيا هي انها تخضع للتدخلات الخارجية , وأول هذه التدخلات كانت من الكيان اللقيط المرتبط بالصهيونية – الماسونية , التي دفعت بدورها امريكا لتمضي قدمآ وراء فتح متلازمة التدخل الخارجي في الشأن الروسي – الأوكراني , مستغلة في ذلك امورآ متنوعه ; اولها , ان روسيا تقف عائقآ امام انجاز المشاريع الصهيونية سواء في سوريا أولآ أو في فلسطين المحتلة ثانيآ . ثانيآ , ان نسبة 40% من سكان اوكرانيا هم من اليهود وعلى رأسهم رئيسها زيلينسكي المترع بأنفاسه المعطرة بالصهيونية . وهذا يعطي الدعم الكبير للحلم الامريكي – الصهيوني الداعي الى التحكم بالعالم من خلال السيطرة على الزاوية الشرقية من اوربا نزولا الى البحر الأسود وبحر آزوف جنوبآ سعيآ لتحقيق المشاريع الآنفة الذكر .
ولكن الحلم الذي تحول الى كابوس , كان بفعل اجراء روسي مباغت على السيطرة التامة على شرق اوكرانيا ومنطقة بحر آزوف والبحر الأسود التي عوَّلت امريكا والصهيونية ان يسندا ذقنيهما عليها للهيمنة على اوربا من كافة النواحي , وعلى العالم من النواحي الإقتصادية .
هذا الإجراء العسكري الروسي المباغت الذي قاده الرئيس بوتن غير العابئ بالعقوبات غير المحدودة التي فرضتها امريكا ودول اوربا الخاضعة لها على بلاده , قد سحب الدثار عن امور كثيرة , اولها ; أن سجاد اللقاءات السياسية بين امريكا ودول اوربا وبعض دول الشرق الأوسط من ناحية وبين دولة الكيان الصهيوني وبريطانيا على حد سواء وبين وروسيا , تبين انه كان قذرآ وملوثآ الى جانب اللغط غير المتجانس الذي انكشف خلال الحرب , بسبب العقوبات المفروضة على روسيا , بين دول اوربا وامريكا من ناحية اخرى .
ولكي تتفادى امريكا سحنة القرف والألم الذي بدا على وجه سياستها الخارجية , والذي تسببت بها على سير العلاقات بين دول العالم , قامت بدفع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ذي الجذور الروسية – اليهودية , والتركية – الشركسية الذي يسلك سلوك البوهيميين غير المقيّد بالتقاليد البرجوازية في حياته الشخصية , الى حقل اكثر قسوة ووحشية للسلوك الإنساني – السياسي وفي آخر جزء من فترة حكمه , ليرد فضلها في تأييد انتخابه كرئيس للوزراء على يد الرئيس ترامب الذي قال عنه : ” انه ممتاز وانا احبه ” .
لذلك قام جونسون فعلآ بفتح كل ثغور مدافع الحظر الإقتصادي البريطانية لضرب روسيا وبشكل سافر وبلا خجل إمتثالآ لأوامر امريكا . ومايفعله جونسون الآن ليس بعيدآ عما تفعله دول التطبيع العربية , إذ ان امريكا التي وضعت بوق التطبيع في فم البحرين والإمارات ومصر ليعزف بأصابع صهيونية , وراحت تراقب عن كثب من التافه من هؤلاء الذي يعارض التطبيع ويبقى طليقآ من اسوار هيمنتها , وخاصة في الوقت الحاضر وهم يرون كيف يرقص جونسون على انغام بوق الحظر الإقتصادي الذي وضعته في فمه وفي افواه دول اوربا الورقية على حد سواء , وكيف تحتفل دولة المولات التجارية بتأبين ضحايا الصهاينة في مغالطة تأريخية يقشعر لها البدن العربي وهو يرمق مايفعله حكام التطبيع من خونة الدين والتأريخ العربي المجيد , من تمرد وكراهية واضحة للصراع العربي – الصهيوني .
ولم يصدر عن جونسون البوهيمي ثمة تعبير انساني ولو بقدر التعابير التي يطلقها المستشار الألماني او الرئيس الهنكاري أو المجري الداعية الى العقلانية ومراعاة الظروف الإقتصادية في حال تشديد فرض العقوبات على روسيا , بل نراه مكتنزآ شحمآ وهو منتصب على قوائم فرس وبعينيين مبتهجتين يتأمل ان لاتنساه امريكا في رده لفضل دعم انتخابه رئيسآ لأكبر دولة في العالم بتأريخها الإستعماري .
هكذا تفعل متلازمة التدخل الخارجي الذي يبقي على أمن اي بلاد بالعالم بمنأى عن التحقيق , ومافعلته روسيا هو مقاومة هذا التدخل اولآ , ومافعلته امريكا في شرق اوربا هو ذات النهج الذي دأبت عليه للتأثيربالشؤون الداخلية للدول .
نعم ماتزال الحرب الروسية – الأوكرانية صبية حذرة تعيش على مبعدة عن الشرق الأوسط , ولكن عندما تكبر سيكون دخانها اطول ذيلآ من اذيال الحروب السابقة , إذا لم تتراجع امريكا عن سياساتها العدوانية وعن تحطيم البوق الذي بيدها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية , وإعادة الحقوق الفلسطينية , وتكف يدها خاصة عن العراق ليعود سجاد اللقاءات السياسية بينها وبين دول العالم نظيفآ ناصعآ , ويعود تأريخ السياسيين نظيفآ مثلما كان قبل انقلاب جونسون البوهيمي سلوكيآ على نفسه على الأقل , وتعود الشعوب حرة كريمة بلا أحزان .

أحدث المقالات