لا زالت الأوساط السياسية والإعلامية تتناول بالنقد والتحليل مبادرة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم ( أنبارنا الصامدة ) , خصوصا بعد تسريبات تناولتها وسائل الإعلام المحلية عن عزمه الترشح لرئاسة الوزراء للدورة القادمة , وإذا ما صحّت هذه التسريبات فإنّ هذه المبادرة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمشروع السياسي للمجلس الإسلامي الأعلى , هذا المشروع القائم على انتزاع رئاسة الوزراء من حزب الدعوّة الإسلامية الذي توّلاها للدورتين الماضيتين , ويبدو أنّ تفاهمات داخلية وإقليمية قد تمّ التوّصل إليها من أجل إزاحة نوري المالكي الذي هو الآخر عازم على الترّشح لولاية ثالثة .
فالمصادر تؤكد أنّ مبادرة أنبارنا الصامدة قد جائت بعد حصول السيد عمار الحكيم على الضوء الأخضر من مسعود البارزاني وأسامة النجيفي على توّليه الوزارة القادمة مقابل موافقته واستعداده على تنفيذ مطالبهم , ويبدو إنّ الصفقة قد شملت كل الملفات العالقة بما فيها موضوع النفط وكركوك والبيشمركة والإقليم السنّي , بمعنى آخر الموافقة على إنشاء ثلاثة كونفدراليات مستقلة , وهذا هو مشروع المجلس الأعلى الذي دعى إليه المرحوم عبد العزيز الحكيم , وبالرغم من كون هذا المشروع سيقّسم العراق إلى ثلاثة دول مستقلة , إلا أنه يمثل المخرج والحل الأمثل في نظر الكثير من العراقيين بسبب الصراعات الطائفية والقومية التي تفتك بالبلد بعد سقوط النظام الديكتاتوري , وإذا ما أعاد السيد عمار الحكيم مشروع المرحوم أبيه ليكون شعاره للمرحلة الانتخابية القادمة , فإنه من المؤكد سيحظى بموافقة شعبية من غالبية أبناء الوسط وجنوب العراق , حتى أنّ قناعات الكثير من قادة ائتلاف دولة القانون هي الأخرى تلّمح لهذا الخيار بين الحين والآخر خصوصا بعد أحداث الرمادي والفلوجة .
أمّا فيما يتعلق بالمبادرة نفسها فهي لا تعدو أكثر من كونها دعاية انتخابية , فالمبادرة تحتاج إلى تشريعات قانونية ودستورية من أجل وضعها موضع التنفيذ , وهذه التشريعات مستحيلة في هذا الوقت بسبب الانقسامات بين الكتل السياسية وانعدام الحد الأدنى من التفاهمات والتوافقات السياسية , وفي نظر أبناء الوسط والجنوب فإنّ أنبارنا ليست أولى من بصرتنا أو ذي قارنا أو سماوتنا , كما إنّ انبارنا لم تعاني التهميش مثل بصرتنا وسماوتنا وباقي مدننا , لا في ظل النظام السابق ولا في ظل النظام الحالي , وحتى إن حصتها من الميزانية العامة أكثر من حصة بصرتنا مصدر نفطنا .
والحقيقة أنّ هذه المبادرة ليست سوى مدخلا للمشروع السياسي القديم الجديد الذي يتبنّاه المجلس الإسلامي الأعلى , وهو بداية تسويق عمار الحكيم للوزارة القادمة .