تؤشر المعطيات الميدانية في الأنبار خلال الأيام القليلة الماضية، تحولا كبيرا في الملف السياسي لهذه المحافظة، ذات الأغلبية السنية، فبعدما كان الجدل يدور مع الحكومة المركزية بشأن تنفيذ مطالب ساحة الاعتصام المتعلقة بالمشاركة في القرار السياسي والتوازن في المؤسسة العسكرية. وغيرها، يبدو الوضع حاليا في طريقه نحو التقسيم، أو اللجوء إلى خيار الإقليم، وفق ما تؤكد شخصيات بارزة في الأوساط السنية العراقية.يأتي ذلك، في ظل تسريبات تتعلق بتسهيلات حكومية حصلت عليها شخصيات مطلوبة انتمت سابقا إلى الجيش الإسلامي، وهربت إلى خارج البلاد، من أجل العودة إلى الأنبار، لتحويل مسار العمليات القتالية كي تستهدف القاعدة، وليس الجيش العراقي، كما يحدث الآن في المحافظة.ويبدو أن الحكومة المركزية، منحت دعاة الأقلمة والانفصال، فرصة كبيرة لإثبات وجهة نظرهم، لجماهيرهم في الداخل، وللمحيط العربي والإقليمي، وحتى الدولي، وذلك عندما قرر رئيس الوزراء نوري المالكي فض اعتصام الأنبار بالقوة.وتقول شخصيات مطلعة على مجرى التطورات في الأنبار، إن “الحكومة المركزية منحت دعاة الانفصال شحنة هائلة، عندما أقدمت على فض الاعتصام”، مشيرة إلى أن “هذه الخطوة أتاحت لدعاة الانفصال فرصة لإقناع المترددين في مناطقهم بأن خيار الانفصال، أو الإقليم في أقل التقديرات، بات هو الحل الوحيد لأهل الأنبار”.وتشير مصادر قريبة من أجواء قادة ساحة الاعتصام، إلى أن شخصيات سنية مقيمة في الخارج، كانت تتولى عملية تمويل ساحة الاعتصام وإدامة وجودها، “قررت، في لحظة انتخاب أحمد الجبوري محافظا لصلاح الدين، تحويل مسار الدعم إلى جهات سنية تؤمن بخيار المواجهة المسلحة مع الحكومة المركزية”.وتقول هذه المصادر، إن “خطة الشخصيات السنية الثرية، التي تربطها علاقات قوية بدول خليجية، كانت تقوم اولا على السيطرة على المجالس المحلية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين، ومن ثم ترشيح محافظين موالين، قبل التخطيط لاحتكار مقاعد المحافظات السنية في برلمان 2014”.وترى المصادر، أن “هذه الخطة من وجهة نظر الداعمين، هي البوابة المثلى لتحقيق مشروع الإقليم السني، استنادا إلى خيارات وخطوات سياسية”.وتقول المصادر، إن “وصول أحد حلفاء المالكي، وهو أحمد الجبوري، إلى موقع محافظ صلاح الدين، أجهض مشروع الإقليم السني سياسيا، لذلك قررت الشخصيات الداعمة، تحويل التمويل من بعض قادة الاعتصمام إلى عدد من الفصائل المسلحة”. وأضافت أن “الخطة تستهدف تقوية فصائل مسلحة على الأرض في الأنبار، وانتظار لحظة المواجهة مع الحكومة المركزية، التي تيقن الجميع أنها لن تنفذ شيئا من مطالب المعتصمين”.وتشير المصادر، إلى أن “الحكومة المركزية عجلت بتنفيذ هذه الخطة من حيث لا تدري، فقامت بفض الاعتصام بالقوة، ما منح الخطة زخما كثيرا، وساعد على تقديم موعد تنفيذها”. وهذا ما يطمح له أسامة النجيفي وكتلة متحدون والمالكي وائتلاف القانون، وتعتقد المصادر أن “القتال الحالي في الأنبار يستهدف تحقيق الإقليم السني واقعا، بل يمضي إلى أبعد من ذلك بالعمل على الانفصال الكلي وإعلان دولة منفصلة عن العراق تضم العديد من المناطق السنية”.