1/ قُبيلَ نحوِ عشرة أيّام , كنّا قد كتبنا مقالةً كان جوهرها غياب ايّ دَورٍ للأمم المتحدة في الحرب الروسية – الأوكرانية , وإنّ الأمين العام لهذه المنظمة الدولية لم يبادر بزيارة ايٍّ من الدولتين المتحاربتين رغم مرور نحو شهرين على اندلاع الحرب .. وبعيداً عن كلّ ذلك ومنذ يومين قام السيد انطونيو غوتيريش أمين عام UN بزيارةٍ مفاجئة الى موسكو والتقى بالرئيس بوتين , لكنّ الإجتماع كان عبرَ طاولةٍ بيضويةٍ طويلةٍ , وجلس كلّ من الشخصين الى طرفي الطاولة وبهذه المسافة التي تفصل بينهما ” ولم يكن ذلك بسبب اجراءاتٍ وقائيةٍ من الكوفيد ” , < وبالمناسبة فهي ذات الطاولة البيضاء التي التقى حولها بوتين بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون , واظهرت او عرضت التلفزة الرئيس الروسي يسير أمام ماكرون بمسافةٍ ما عند فضّ الإجتماع . وكان من الواضح أنّ اختيار هذه الطاولة الطويلة كان إشارةً بارزة الى عدم التقارب بين الطرفين > .
بعد زيارة غوتيريش لأوكرانيا التي اعقبت زيارته لموسكو ” والتي لم تسفر عن ايّ نتيجةٍ وِفقَ الإعلام , فبدا أنّ الأمين العام لم يجد مايصرّح به بعد مغادرته لكلا البلدين سوى القول : < أنّ مجلس الأمن لم يتمكّن من منع وقوع هذه الحرب , ولم يتمكّن من إيقافها > .! ويبدوأنّ لهذا التصريح اكثر من تفسيرٍ او تحليلٍ ومعنى , او حتى بلا معنى ربما .! حيث وبقدر تعلّق الأمر بروسيا ” التي هي عضو دائم في مجلس الأمن ” فكيف لها أن تحول دون وقوع حربٍ وجدت نفسها مرغمةً عليها ولأكثر من سبب , أمّا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا – الأعضاء الدائميين الآخرين – فهم الذين دفعوا اوكرانيا او زيلينسكي لطلب الإنضمام الى حلف الناتو ” بغية إدخال اسلحة نووية على حدود روسيا ” , ولجرّ موسكو الى ردودِ افعالٍ ليس اقلّها عملية استنزافٍ سياسية – عسكرية , ثم التخطيط المسبق لفرض عقوباتٍ مبرمجة على ردّ الفعل الروسي المفترض , فهل تصريح الأمين العام كان بذكاءٍ ما , او لتجنيب الأمم المتحدة لممارسة ايّ ادوارٍ قد تُغضب الولايات المتحدة , وتنعكس عليه شخصياً !
2 \ مؤخّراً قام الرئيس التركي رجب طيّب اردوغان بزيارةٍ مفاجئة وغير متوقّعة الى المملكة العربية السعودية , لكنّ المفاجأة المفاجئة أن لم يكن الملك او العاهل السعودي في استقباله على ارض المطار , ولا حتى وليّ العهد محمد بن سلمان ” الحاكم الفعلي للسعودية ” وكانَ في استقباله أمير منطقة مكّة المكرمة الأمير خالد الفيصل ” مستشار الملك سلمان ورئيس اللجنة المركزية للحج ” .
وعلى الرغم لما يخالفه هذا الأستقبال للبروتوكولات والأعراف الدبلوماسية – الرئاسية , لكنّما كان لذلك شبه ما يشرعنه .! فالوضع الصحّي للملك السعودي وكِبَر السّن لا تتيح له الحركة من القصر الملكي الى المطار وبالعكس مع أداء مراسم الأستقبال ومتطلباتها , لكنّ عدم حضور وليّ العهد السعودي لإستقبال اردوغان , فلعلّه يشكّل الطامة الكبرى في هذا المضمار.! , حيث سبق لتركيا أن وجّهت إتّهاماتٍ حادّة للأمير محمد بن سلمان بوقوفه وراء اغتيال خاشقجي على الأراضي التركية , وتحديدا داخل القنصلية السعودية في اسطنبول , وغدت العلاقة بين الدولتين اقرب الى القطيعة المصحوبة بالتوتّر , ومن الطبيعي تصوّر مدى الإحراج اذا ما التقى الرجلان وجهاً لوجه على ارض المطار , وهنا لابدّ من القول او من المفترض أنّ الرئيس التركي كان على درايةٍ مسبقة بتخفيض مستوى استقباله لدى وصوله الى المملكة , لكنه آثر المصالح السياسية والأقتصادية لبلده على سواها .!
على الرغم من أنّ اهداف الزيارة لم تُعلن الى غاية الآن , لكنّ اغلب ما يمكن ترجيحه بهذا الشأن هو محاولة إقناع السعودية للإستجابة او عدم رفض الطلب الأمريكي بزيادة نسبة انتاج النفط السعودي تعويضاً عن النفط الذي تصدّره روسيا , وليس مستبعداً ايضاً إعادة ترتيب الأوراق في الشأن السوري , وإنّ مضاعفات الأزمة الأوكرانية في مناحٍ اخرى , فهي واردة ومحتملة الوقوع .!