15 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

بسبب “إقليم الصحراء” .. “الجزائر” تعاقب “إسبانيا” بالغاز وتحول قبلتها نحو “إيطاليا” !

بسبب “إقليم الصحراء” .. “الجزائر” تعاقب “إسبانيا” بالغاز وتحول قبلتها نحو “إيطاليا” !

وكالات – كتابات :

أدارت “الجزائر”؛ في الأسابيع الماضية، دفة علاقاتها الاقتصادية شرقًا، نحو “إيطاليا”، باتفاق لزيادة إمدادات “الغاز” إلى “روما”، مقابل برودة وحديث عن عقوبات بحق “مدريد”، عقب انقلاب موقفها بشأن النزاع في “إقليم الصحراء الغربية”؛ لصالح “الرباط”.

وتُعتبر “إيطاليا” و”إسبانيا”؛ من أهم شركاء “الجزائر” الاقتصاديين في العالم، إذ ترتبط معهما بعقود طويلة لتوريد “الغاز الطبيعي” من خلال خطوط أنابيب تمتد من عمق “الصحراء الجزائرية”، وصولاً إلى جنوب البلدين الأوروبيين. كما تستورد “الجزائر” سنويًا سلعًا بمليارات الدولارات من “إيطاليا” و”إسبانيا” على غرار المعدات والتجهيزات الصناعية والخزف والرخام ومواد أخرى.

الجزائر وإيطاليا.. فصل جديد من التقارب..

وقعت “الجزائر” و”روما”؛ في 11 نيسان/إبريل الجاري، اتفاقًا بحضور الرئيس الجزائري؛ “عبدالمجيد تبون”، ورئيس الوزراء الإيطالي؛ “ماريو دراغي”، يقضي بزيادة إمدادات “الغاز” إلى البلد الأوروبي بواقع: 09 مليارات متر مكعب سنويًا، منها: 03 مليارات خلال 2022.

وتضمن الاتفاق إضافة لزيادة الإمدادات تفاهمًا بشأن إمكانية مراجعة الأسعار بين شركتي: (سوناطراك) الجزائرية الحكومية؛ و(إيني) الإيطالية، يسمح لهما بتحديد مستويات أسعار مبيعات “الغاز الطبيعي” تماشيًا مع معطيات السوق، وذلك لسنة: 2022 ـ 2023.

وخلال تواجده بـ”الجزائر”، أوضح “دراغي” أن “إيطاليا” تعتزم ضخ استثمارات في قطاعات عدة، على غرار الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر في “الصحراء الجزائرية”.

كما تحدث “دراغي”؛ خلال لقائه الجالية الإيطالية ورجال الأعمال بسفارة بلاده في “الجزائر”، عن استثمارات ستُضخها “روما” في قطاعات عدة على غرار صناعة الحوامات والسفن وزيادة إنتاج “القمح” والصناعات الغذائية.

وأعلن أيضًا عن قمة حكومية ثنائية رفيعة المستوى ستُعقد بـ”الجزائر” العاصمة؛ يومي: 18 و19 تموز/يوليو المقبل، موضحًا أن “الجزائر” هي: “الشريك الاقتصادي الأول”؛ لـ”إيطاليا” في القارة الإفريقية. وتسبق القمة الثنائية، زيارة دولة رسمية للرئيس الجزائري إلى “إيطاليا”؛ نهاية آيار/مايو المقبل.

وفي ظل أجواء التقارب هذه مع “روما”، مدح الرئيس الجزائري، الأحد 24 نيسان/إبريل 2022، “إيطاليا”، واصفًا إياها بأنها: “البلد الوحيد الذي وقف في صف الجزائر” خلال ما سمّاه: “سنوات الإرهاب”؛ التي شهدتها بلاده في التسعينيات.

وأوضح الرئيس “تبون”؛ أنه: “خلال سنوات الإرهاب التي شهدها البلد في التسعينيات، لم تجد الجزائر في صفها سوى إيطاليا”، لافتًا إلى أنه: “في تلك الحقبة الصعبة التي مرت بها الجزائر، قاطعت كل شركات الطيران العالمية الجزائر باستثناء إيطاليا”، بحسب صحيفة (النهار) الجزائرية.

الجزائر وإسبانيا.. شرخ تسبَّبت به قضية “إقليم الصحراء”..

تزامن تقارب “الجزائر” و”إيطاليا” سياسيًا واقتصاديًا، مع شرخ في علاقات البلد العربي مع “مدريد”؛ على خلفية إعلان رئيس الوزراء الإسباني؛ “بيدرو سانشيز”، دعمه لخطة الحكم الذاتي التي طرحتها “الرباط”؛ قبل سنوات، لتسوية النزاع في “إقليم الصحراء”.

وفي 19 آذار/مارس الماضي، أعلنت “الجزائر” استدعاء سفيرها لدى “مدريد” للتشاور؛ احتجاجًا على ما اعتبرته: “الانقلاب المفاجيء” في موقف الحكومة الإسبانية إزاء ملف الصحراء.

جاءت الخطوة الجزائرية حينها؛ بعد أن وصفت الحكومة الإسبانية، في رسالة بعث بها رئيسها؛ “بيدرو سانشيز”، إلى العاهل المغربي؛ “محمد السادس”، مبادرة “الرباط” للحكم الذاتي في الصحراء، بـ”الأكثر جدية” للتسوية في الإقليم المتنازع عليه، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.

واعتبر مراقبون ذلك: “تحولاً تاريخيًا” في موقف “مدريد” من القضية؛ باعتبارها المستعمر السابق للإقليم، لا سيما أنها كانت تتبنى موقفًا محايدًا في السابق.

ومنذ 1975، هناك نزاع بين “المغرب” وجبهة (البوليساريو) حول “إقليم الصحراء”، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

وتُصر “الرباط” على أحقيتها في “الصحراء الغربية”؛ وتقترح حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، فيما تطالب (البوليساريو)؛ المدعومة من “الجزائر”، باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه “الجزائر”؛ التي تستضيف لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.

الخلاف الدبلوماسي قد يؤخر تشغيل القدرات الإضافية للغاز من الجزائر لإسبانيا..

من جهته؛ قال الرئيس الجزائري؛ “تبون”، السبت 23 نيسان/إبريل 2022، في مقابلة مع وسائل إعلام جزائرية، إن بلاده لن تتخلى أبدًا عن إمداد “إسبانيا”؛ بـ”الغاز”، مهما كانت الظروف، رغم الخلاف بين البلدين بشأن النزاع في “إقليم الصحراء”. وأضاف في هذا الصدد: “أطمئن إسبانيا والشعب الإسباني بأن الجزائر لن تتخلى أبدًا عن إمداد إسبانيا بالغاز”.

وحسب الرئيس الجزائري، فإن: “إسبانيا يجب ألا تنسى أن مسؤوليتها التاريخية ما زالت قائمة في إقليم الصحراء؛ بالنظر لكونها هي القوة المستعمرة سابقًا للمنطقة”.

لكن مطلع نيسان/إبريل الجاري، أعلن الرئيس التنفيذي لـ (سوناطراك)؛ “توفيق حكار”، أن “الجزائر” تنوي مراجعة أسعار “الغاز”؛ في العقود المبرمة مع الشريك الإسباني، دون سواه من الشركاء الأوروبيين.

وتزود “الجزائر”؛ “إسبانيا”، بـ”الغاز الطبيعي”، عبر خط أنابيب (ميدغاز) يربط بين البلدين مباشرة عبر المتوسط، بطاقة: 08 مليارات متر مكعب سنويًا.

وتجري أعمال توسعة حاليًا على الخط لرفع طاقته السنوية إلى: 10.6 مليار متر مكعب سنويًا.

وأكد مصدر بشركة (سوناطراك)، لوكالة (الأناضول) التركية، فضَّل عدم كشف هويته، كونه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام، أن الخلاف الدبلوماسي يمكن أن يؤخر عملية تشغيل القدرات الإضافية لنقل “الغاز” عبر أنبوب (ميدغاز).

كانت (سوناطراك) راجعت أسعار “الغاز” المورد لصالح شركة (ناتورغي) الإسبانية؛ عام 2020، في ظل جائحة (كورونا)، وحسب وسائل إعلام إسبانية فقد تم تخفيضها دون الكشف عن تفاصيلها.

إسبانيا تحت ضغط كبير..

في هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة “الجزائر” الحكومية سابقًا؛ “حسين بوقرة”، أن رد “الجزائر” على “إسبانيا”: “سيكون بمنطق أنه لا يمكن فصل الدبلوماسية الاقتصادية عن الدبلوماسية العامة للبلاد”.

وأوضح “بوقرة”؛ في حديث لوكالة (الأناضول) أن دولاً أوروبية؛ ومنها “إيطاليا”، سعت إلى دفع علاقاتها الاقتصادية؛ وخاصة الطاقوية، مع “الجزائر” قدمًا في ظل الحرب “الروسية-الأوكرانية”.

وتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين برودة في الفترة المقبلة، قائلاً: “إسبانيا حاليًا تحت ضغط كبير من الناحية الطاقوية؛ وخاصة في هذا الظرف والحرب في أوكرانيا”.

وقال: “لذلك أعتقد أن الجزائر لا يستبعد أن تستخدم العامل الاقتصادي من أجل التأثير في الموقف السياسي والدبلوماسي الإسباني”.

أوروبا تتفرّق بحثًا عن بديل للغاز الروسي وإفريقيا من أهم الوجهات..

واتفقت غالبية دول “الاتحاد الأوروبي” بقرار شبه موحد، على أهمية خفض إمداداتها من “الغاز الطبيعي” الروسي خلال الفترة المقبلة، ضمن جهود يتبعها التكتل لإضعاف “موسكو” اقتصاديًا.

تورّد “روسيا” سنويًا قرابة: 178 مليار متر مكعب من “الغاز الطبيعي”؛ إلى “أوروبا”، من إجمالي صادراتها البالغة قرابة: 235 مليار متر مكعب. ومقابل ذلك، قالت “المفوضية الأوروبية” إنها ستقوم بتأسيس منصة لشراء حاجة أعضائها من “الغاز الطبيعي”، بأسعار معقولة، في السياق الجيوسياسي الحالي وللتخلص التدريجي من الاعتماد على “الغاز الروسي”.

وبينما اتجهت “ألمانيا”؛ منذ آذار/مارس الماضي، إلى دول “الخليج العربي”؛ وبالتحديد “قطر”، لتعويض “الغاز الروسي”، ذهبت “إيطاليا” إلى “إفريقيا”؛ وبالتحديد: “الجزائر وأنغولا ومصر والكونغو ونيجيريا”.

وحتى اليوم، تعتمد “ألمانيا” على “روسيا” للحصول على: 50% من حاجتها لـ”الغاز الطبيعي”، بينما تعتمد “إيطاليا” على “الغاز الروسي” بنسبة: 40%.

ولولا إصابته بفيروس (كورونا)؛ الأسبوع الماضي، فقد كان رئيس الوزراء الإيطالي؛ “ماريو دراغي”، سيرأس وفدًا للسفر إلى عدة دول إفريقية لتوقيع عقود لتوريد “الغاز الطبيعي”.

بينما “فرنسا” – تستورد 25% من الغاز من “روسيا” – أعلنت عن خطوات لتوسيع محطات لتسييل الغاز، وبناء مخازن أكبر لتخزين مصدر الطاقة الأبرز بالنسبة لها؛ والبحث عن مصدّرين جدد من “آسيا” و”إفريقيا”.

في المقابل؛ عزّزت “إسبانيا” حصتها من “الغاز الطبيعي” القادم من “الجزائر”، لكنها بدأت تخشى على حصتها لصالح “إيطاليا”، نظرًا للعلاقات القوية التي تجمع “روما” و”الجزائر”، بينما دول غرب “أوروبا” و”المملكة المتحدة” وجدت من “الغاز الطبيعي” القادم من “الولايات المتحدة”، بديلاً لتعويض “الغاز الروسي”.

وأمام هذه الجهود الفردية، قد تجد غالبية دول التكتل نفسها في وضعية العجز عن توفير حاجتها من الطاقة، لعدم وجود علاقات قوية أو شراكات بينها وبين الدول المنتجة.

وهنا، تبرز أهمية شركات الطاقة في بناء عقود جديدة لـ”الغاز الطبيعي”، مثل: (إيني) الإيطالية؛ التي تنشط في: 12 بلدًا إفريقيًا، و(توتال) الفرنسية، و(بريتش غاز) البريطانية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة