هل تُراهن “الرياض” على عودة “ترامب” للبيت الأبيض ؟ .. أسرار ضعف “بايدن” أمام الأمير الشاب !

هل تُراهن “الرياض” على عودة “ترامب” للبيت الأبيض ؟ .. أسرار ضعف “بايدن” أمام الأمير الشاب !

وكالات – كتابات :

يبدو أن “السعودية” تُراهن على عودة “ترامب” إلى “البيت الأبيض”؛ برفضها مساعدة “الولايات المتحدة” في معاقبة “روسيا” على عمليتها العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”، وبوضعها ملياري دولار في صندوق استثمار جديد غير مضمون يُديره صهره؛ “جاريد كوشنر”؛ كما يزعم تقرير بريطاني.

وقد ظهرت دعوات للتحقيق في الاستثمار الضخم الذي ساهم به “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي، الذي يُديره الأمير “محمد بن سلمان”، في “شركة التمويل الاستثماري” الخاصة؛ (Affinity Partners)، التي أسسها “جاريد كوشنر”؛ بعد شهور من مغادرته “البيت الأبيض” وعمله مستشارًا خاصًا لـ”ترامب”، والد زوجته، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية.

والأمير “محمد بن سلمان”؛ الحاكم الفعلي للمملكة، بخطوته تلك؛ تجاهل تحذيرات اللجنة الاستشارية للصندوق السعودي التي أثار قلقها محدودية خبرة (Affinity): فقد كان “كوشنر” يعمل في العقارات قبل توليه مهام “البيت الأبيض”، وملفه في الاستثمارات ليس قويًا كثيرًا. وأشارت إلى أن الاحتياطات الواجبة من جانب الشركة الجديدة في عملياتها: “غير مُرضية من جميع الجوانب”، وأنها تحصّل رسومًا: “مبالغًا بها”، وفقًا لتقرير نُشر في صحيفة (نيويورك تايمز).

هل تُراهن السعودية على عودة “ترامب” إلى البيت الأبيض ؟

يقول “بروس ريدل”، وهو مسؤول بارز سابق في “وكالة المخابرات المركزية” ومدير مشروع المعلومات الأمنية بمعهد (بروكينغز): “الأمر غاية في البساطة: السعوديون – وأعني بهم محمد بن سلمان – يراهنون على عودة ترامب إلى البيت الأبيض وهم متمسِّكون برهانهم”.

وأضاف: “هذا ليس افتراضًا بعيدًا عن المنطق. فقد منحهم ترامب كل ما يُريدونه: الدعم الكامل في اليمن، والدعم في مقتل جمال خاشقجي، وكل ما يُريدون الوصول إليه في في الولايات المتحدة”.

من جانبه؛ يقول “جون غينكينز”، سفير المملكة المتحدة السابق في السعودية: “أظن أن ولي العهد يُراهن على فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية ثم استعادة الرئاسة، مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض أو بدون عودته”.

وأضاف: “ربما يظن أن بايدن ضعيف سياسيًا؛ وبالتالي يمكنه تحمل نكايته. وهذا يبعث بإشارة لا إلى الديمقراطيين وحدهم، وإنما إلى الحزب (الجمهوري) أيضًا. وبالنظر إلى الجدل في دوائر السياسة في العاصمة حول هذه الأمور”.

غضب ديمقراطي من الاستثمار السعودي في صندوق “كوشنر”..

وقابل كبار الديمقراطيين نبأ الاستثمار السعودي في صندوق “كوشنر” برفض غاضب. إذ دعت السناتورة؛ “إليزابيث وارن”؛ “وزارة العدل”، إلى التأكد من مدى قانونية هذا الإجراء.

وغرد السناتور “كريس مورفي”؛ بالقول: “كون هذا الفساد الحابس للأنفاس يحدث في العلن لا يجعله غير حابس للأنفاس”.

ويُشار إلى أنه في الأشهر الأولى من إدارة “ترامب”، ساهم “كوشنر” بدور حيوي في تحويل دعمها من ولي العهد السابق، “محمد بن نايف”، إلى “محمد بن سلمان” الأصغر سنًا، الذي نشأت بينه وبين “كوشنر” علاقة صداقة قوية. وكان “كوشنر” أيضًا أقوى مدافع عن ولي العهد بعد مقتل؛ “خاشقجي”.

أما إدارة “بايدن” فتضم داخلها بعض الداعين لاسترضاء ولي العهد السعودي؛ سعيًا لتحقيق الهدف الجوهري المتمثل في خفض أسعار “النفط”، لتأثيره على خزائن (الكرملين).

وقال دبلوماسي أوروبي: “الفكرة السائدة فعليًا؛ في الوقت الحالي، أنه يمكنك إقامة صداقات مع أي جهة طالما أنها ليست روسيا”. وقد عقدت “وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، مؤخرًا؛ اجتماعات تهدف إلى صياغة بيان حول الترتيبات الأمنية الأميركية مع “السعودية” ودول الخليج الأخرى.

ولم يُعلق (البنتاغون) على ما يتردد عن إعادة صياغة الترتيبات الأمنية في الخليج. وقال المتحدث باسم “وزارة الدفاع”؛ الرائد “روب لودويك”: “وزارة الدفاع لا تزال مُلتزمة بالمساعدة في تعزيز أمن  السعودية ضد التهديدات الخارجية الخطيرة”.

وأضاف: “سنفعل ذلك عن طريق التعاون الدفاعي، وصفقات الأسلحة، والتدريبات، والتبادلات، إلى جانب المشاركة في حقوق الإنسان وتخفيف الأضرار المدنية”.

ولكن، حتى لو أرادت إدارة “بايدن” تقديم هذه الضمانات، فلا يمكن أن يحظى اتفاق كهذا بموافقة “الكونغرس”، حيث يُريد الجناح التقدمي للحزب (الديمقراطي)؛ من “بايدن”، أن يكون أكثر صرامةً مع “الرياض”، لا سيما بعد إحجامها عن التعاون بخصوص “روسيا” وإنتاج “النفط”.

يقول “سيث بيندر”، المدير في “منظمة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”: “الولايات المتحدة مستمرة في تقديم أنواع معينة من المعدات. فقد أعلنت عن مبيعات أسلحة عديدة خلال العام الماضي فقط. وتقدم دعمًا لوجستيًا وصيانة. كل هذه الأشياء في رأيي يجب طرحها للنقاش، خاصة إذا استمر هذا النظام السعودي في ممارسة هذا الضغط العلني على إدارة بايدن”.

غير أن العديد من المراقبين يرون أنه يُستبعد أن يتأثر؛ “محمد بن سلمان”، بالتودد أو بالتهديدات، لأن أسعار “النفط” المرتفعة تُعزز ميزانيته؛ في الوقت الذي ينتظر فيه إدارة جمهورية تكون أكثر مرونة.

وفي وقت بلغ معظم المصدّرين الحد الأقصى من حيث إنتاج “النفط” الخام، فإن “الإمارات”؛ وبالأكثر “السعودية”، هما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان لديهما فائض لتعويض جزء من الإنتاج الروسي، ويُقلل ارتفاع أسعار “النفط”، حيث أفادت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ بأن الطاقة الفائضة التي تبلغ نحو: مليوني ونصف المليون برميل تكاد تتركز بالكامل تقريبًا في “السعودية”؛ (نحو مليوني برميل)، وإلى حد أقل في “الإمارات”.

يقول “ريدل”: “لا أرى أن هذا سيُغير الكثير. السعوديون اختاروا الذهاب مع بوتين ومستوى إنتاج النفط الذي يريدونه، والاقتصاد العالمي يتكيف مع ذلك. ولا أظن أن بايدن أمامه مجال كبير للمناورة أيضًا”.

هل تُريد “السعودية” رفع التضخم في “أميركا” لإسقاط “بايدن” ؟

وحتى قبل الأزمة “الروسية-الأوكرانية” بأشهر؛ بدا أن “السعودية” تعمل على جعل أسعار “النفط” مرتفعة بالاتفاق مع “روسيا”؛ بهدف جعل الأسعار مرتفعة في “الولايات المتحدة” بطريقة قد تؤدي إلى هزيمة “بايدن” في الانتخابات؛ وعودة “ترامب” إلى “البيت الأبيض”؛ بحسب إدعاءات التقرير البريطاني.

وقالت “تريتا بارسي”، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد (Quincy Institute)؛ والمنتقدة لـ”السعودية”، إنَّ “محمد بن سلمان” يسعى إلى تعزيز الجمهوريين، الذين يعتبرهم ولي العهد حليفًا أكثر موثوقية. وأضافت: “أرى أنها جزء من إستراتيجية سعودية أوسع لتفضيل الحزب (الجمهوري)؛ إذ يُقدر محمد بن سلمان أنَّ رئيسًا جمهوريًا سيُعيد الاستثمار في فكرة الهيمنة على الشرق الأوسط عسكريًا؛ مما يجعل العلاقة مع المملكة العربية السعودية حاسمة مرة أخرى”.

وقالت “تريتا بارسي”؛ إنَّ “محمد بن سلمان” يُريد عودة “ترامب” إلى “البيت الأبيض”؛ لتعود الأيام التي كانت فيها “السعودية” مُحصنة تمامًا من أي انتقاد وتتلقى دعمًا أميركيًا دون طرح أي أسئلة. وأوضحت: “بينما من الواضح أنَّ بايدن لم يكسر تمامًا هذه السياسات المحابية للسعودية، على الرغم من تصريحاته، فإنَّ الديمقراطيين – خاصة التقدميين – يُضيفون المزيد من الاصطدام إليها وهم أكثر ترددًا في إعادة تأهيل محمد بن سلمان. لذا، فبالنسبة لمحمد بن سلمان على وجه التحديد، وكذلك حزب (الليكود) الإسرائيلي اليميني، والقادة في أبوظبي، فالرئيس والكونغرس الجمهوريون أفضل كثيرًا. وقد أظهرت جميع هذه الدول الثلاث بالفعل ميلاً كبيرًا للتدخل في السياسة الأميركية”.

وقبل الأزمة الأوكرانية أرجع “بايدن” أسعار الطاقة المرتفعة إلى: “مبادرة سياسة خارجية”؛ معينة له، مضيفًا: “هناك الكثير من الناس في الشرق الأوسط الذين يرغبون في التحدث إليّ. لكنني لست متأكدًا من أنني سأتحدث معهم”.

كان “بايدن” يُشير إشارة واضحة إلى رفضه لقاء “محمد بن سلمان”؛ والاعتراف به حاكمًا فعليًا لـ”السعودية”، بسبب دوره في قتل الصحافي السعودي؛ “جمال خاشقجي”، في تشرين أول/أكتوبر 2018.

تحالف “سعودي-جمهوري”..

وبات هناك شعور بأن العلاقة بين “السعودية” و”أميركا” قد تغيرت في طبيعتها.

فهي لم تُعد تحالفًا بين “أميركا” و”السعودية” كدولتين، بقدر ما هي تحالف بين “الرياض”؛ بقيادة الأمير “محمد بن سلمان”، والجمهوريين؛ بقيادة الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”.

مقابل عداء بين ولي العهد السعودي والديمقراطيين؛ الذين أصبحوا مع تزايد قوة الجناح اليساري في أوساطهم أكثر صراحة في انتقاد “السعودية”؛ دون مراعاة المصالح المشتركة بين البلدين، كما كان يفعل حكام “أميركا” عادة.

كما يبدو من أزمة ارتفاع الأسعار التي حدثت العام الماضي، والأزمة الحالية، أن السياسة السعودية لا تتحرك فقط من منطلق مصالح المملكة بل تدفعها روح انتقامية من الديمقراطيين و”بايدن” ومحاولة لتقوية موقف منافسيهم الجمهوريين، وهو ما يتأكد من سخرية الجمهوريين من “بايدن” في تعليقهم على التقارير بشأن رفض الأمير “محمد بن سليمان”؛ إجراء اتصال معه.

ويُعد هذا التشفي الجمهوري في “بايدن” جزءًا من ضعفه أمام “السعودية”، فلقد تحولت “السعودية” إلى جزء من الصراع الداخلي الأميركي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبالتالي لم يُعد بإمكان “بايدن” نسبيًا تقديمها كخطر على مصالح “أميركا” برمتها عبر مواقفها الأخيرة، بسبب الدعم الذي تتلقاه المملكة من الجمهوريين؛ وعلى رأسهم “ترامب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة