18 ديسمبر، 2024 9:41 م

الإسلام بين التراث السلفي والفكر المعاصر

الإسلام بين التراث السلفي والفكر المعاصر

(( بما أن الإنسان يتطور في فكره وفي إنجازاته العلمية نحو آفاق مفتوحة متطورة في العالم والكون ووصوله إلى مستويات عالية من التقنيات تساعده على فك رموز الكون والطبيعة والمحيطة به من خلال الاكتشافات والحقائق الكونية والعلمية فأن الله تعالى وضع حيزا كبيرا ومتطورا لاستيعابه واحتوائه في كتابه المقدس القرآن الكريم كما قال تعالى ( فيه هدى للناس …… ) و( وتبيان لكل شيء….. ) فالقرآن الكريم ومحتواه وتفسيره لا يمكن أن يكون حبيس تفسير عقليات القرون الماضية فقط مقابل هذا التطور الهائل في العلوم الكونية والإنسانية والاكتشافات التي تتعارض مع عقلياتهم منها الفلسفية والأخلاقية وتطور نمط الحياة الجديدة لحياة الإنسان المعاصر مع جل الاحترام للعقليات التي سبقتنا وجهودهم التي قادت مجتمعاتهم في زمانهم فلا بد أن يكون للقرآن الكريم والعقيدة الدينية الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة لحداثة المجتمع والعلم ومواكبة تطوراته حتى قيام الساعة شريطة المحافظة على النص القرآني وقدسيته ومراده في العبادة والتوحيد لله تعالى وحده وقيمه الإنسانية وتنزيهه وطاعته وفق ما أراده للإنسان الحديث والقديم على حد سواء لهذا لا يمكننا أن نتماشى في حياتنا وتطبيق مفهوم أسس عقيدتنا على ارض الواقع الجديد وقيادة أجيالنا القادمة والحاضرة وفق أطروحات دينية على منهج السُنة السلفية والتراث والإرث القديم تحت دعوة السلفية القديمة وتطبيقها بحذافيرها وملابساتها بدون تمحيص ونقد وغربلة من خلال التحاور بعيدا عن النقاش والجدل فأن الاختلاف أنفع من الخلاف على ما علق بها من غبار أيادي وعقول العابثين بها .
أن عملية التنقيح والغربلة للعقيدة الإسلامية وتنقيبها من التراكمات الخاطئة المشوهة التي لحقت بها عبر العصور الماضية وإظهارها بحلتها الجديدة والصحيحة والرصينة من قبل رجال متنورين عرب وأجانب لتبيان عظمة الدين الإسلامي المحمدي وفكره الناصع الإنساني قبل كل شيء لكي لا تكون للآخرين من الجهة المقابلة من الإسلام الحجة القائمة لانتقاد الفكر الإسلامي برمته والخوف منه والوقوف بالضد من أفكاره وخصوصا من الأجيال الجديدة بحجة التطور والتقدم لعقلية البشر واتهامه بعدم تلبية متطلبات العصر الجديد وتطوره .
فقد بدأت في السنوات الماضية والحالية جهود حثيثة من قبل المفكرين والمتنورين في الوطن العربي والإسلامي محاولات للبحث والتنقيب وإعادة صياغة الموروث الديني والتاريخي والعقائدي والتفاسير لآيات القرآن الكريم والغوص في بطون أمهات الكتب وخصوصا المكتشفة حديثا والبحث بالإرث الإسلامي وإظهار مكنوناته القيمة والتعرف على حقائق جديدة غيرت اتجاه العقل العربي في كثير مما تضمنته عقيدتنا الإسلامية وكتبنا وأفكارنا التي عشنا معها وتناقلتها أجيالنا الماضية والحالية وبقيت جزءا مهما من ديننا ونظام حياتنا وتربيتنا الأسرية والاجتماعية وهذا لا يمنع من ظهور أفكارا معاصرة وطرح جديد ومغاير لما يحمله الإرث السلفي وخصوصا في عقيدتنا ( السنة النبوية الشريفة ) وهذا الكم الهائل من المحرمات والمنهيات ( المنهي عنه ) وأصبحت تنافس القرآن الكريم من خلال الأحاديث النبوية الموضوعة بين دفة الكتب تجعل المتلقي في حيرت من أمره بمن يثق أو يعتمد على من ؟ في الدراسة وهنا يجب الاعتماد على المقارنة والبحث والتفكير والنقاش والحوار الهادئ البناء مع الآخرين للوصول إلى الأفضل والأقرب للحقيقة العلمية والدينية والأخذ بأحسنها والاعتماد عليها بثبوت وجودها وصحتها مقابل ما قيل سلفا وهذا لا يدعنا أن نجزم بمعرفة كل شيء قيل في القرآن الكريم من حقائق فالعلم والتقنيات الحديثة كفيلة بمعرفة المزيد في القرآن ولا نغلق باب المعرفة بوجه المتنورين الجدد في البحث والطرح والتفسير ومن جانب آخر ليس من حقنا أن نشكك بحدود عقيدتنا في ما تطرحه النظرية السماوية وأن تقادم الزمن والعلم والمعرفة والتطور الحضاري للإنسان بفكره وعقليته بعيدا عن تكميم الأفواه وغلق باب الحوار والتحاور المثمر الهادف للتصويب في الفقه والعقيدة والتراث ولا نُخطأ الآخرين ونقف بالضد منهم كما فعلوا مع المعتزلة والذين أدلوا بدلوهم في هذا الصدد وقدموا دماء وذهبت أبرياء بل أعطاء الفرصة للأجيال القادمة مساحة مريحة تتحرك فيها بالتصحيح والتصويب والإضافة خدمة لديننا الإسلامي الحنيف )