بعد اللقاء النادر بين “عبدالله الثاني” و”هرتسوغ” .. هل تتكسر العلاقات “الأردنية-الإسرائيلية” على صخرة “الأقصى” ؟

بعد اللقاء النادر بين “عبدالله الثاني” و”هرتسوغ” .. هل تتكسر العلاقات “الأردنية-الإسرائيلية” على صخرة “الأقصى” ؟

وكالات – كتابات :

أصبحت العلاقات بين “الأردن” و”إسرائيل” على المحك؛ بسبب الانتهاكات الإسرائيلية بحق “المسجد الأقصى”، رغم أنها كانت قد شهدت تحسنًا قبل هذه الأزمة، فهل تؤدي أحداث “الأقصى” إلى أزمة دائمة في العلاقات بين الطرفين أم تترك آثارًا بعيدة المدى.

نقلت قناة (كان) الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين، الإثنين 18 نيسان/إبريل 2022، أنهم يشعرون: بـ”خيبة أمل” إزاء الموقف الأردني المحتج على الانتهاكات التي تُمارسها سلطات “تل أبيب” بحق “المسجد الأقصى”؛ منذ مطلع “شهر رمضان”.

وأعلن “الأردن” استدعاء القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في “عمّان”؛ للاحتجاج والمطالبة: بـ”وقف فوري” للانتهاكات بحق “المسجد الأقصى” ومُصلّيه في “القدس الشرقية” المحتلة، بحسب بيان لـ”وزارة الخارجية”.

في المقابل تتجه “تل أبيب” للبحث عن طريقة للرد على الموقف الأردني، وحسب قناة (كان) فقد عقد وزير الخارجية؛ “يائير لابيد”، الإثنين 18 نيسان/إبريل، اجتماعًا لبحث الرد الإسرائيلي على ما وصفته: بـ”الاتهامات الأردنية”، دون مزيد من التفاصيل.

سُئل رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “نفتالي بينيت”، في مقابلة مع محطة (راديو إسرائيل)؛ يوم الأربعاء 20 نيسان/إبريل: “هل يلعب الأردن لعبة مزدوجة في علاقاته ليكسب طرفين ؟”.

تجنَّب “بينيت”، في مقابلته الإذاعية مع (راديو إسرائيل)؛ يوم الأربعاء 20 نيسان/إبريل، الفخ الذي أنطوى عليه السؤال حول مراوغة “الأردن”، وأجاب بأنه لم يُلاحظ شيئًا كذلك، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (The Jerusalem Post) الإسرائيلية.

جاء السؤال بعد أسبوع حاشد بالاضطرابات، تسببت فيه اقتحامات المستوطنين ومهاجمة القوات الإسرائيلية للمرابطين في “المسجد الأقصى”؛ في حدوث صدعٍ مباغت في العلاقات بين “الأردن” و”إسرائيل”؛ بعد عامٍ عملت فيه الحكومتان على إصلاح العلاقات وتجاوز التوترات.

“عبدالله” يستضيف الرئيس الإسرائيلي في قمة نادرة !

كان الملك “عبدالله الثاني”؛ العاهل الأردني، قد أبدى في نهاية آذار/مارس الماضي، إرتياحًا شديدًا لتحسن العلاقات بين “الأردن” و”إسرائيل”، وقدم عرضًا مفتوحًا للصداقة مع “إسرائيل”، حتى إنه استضاف الرئيس الإسرائيلي؛ “إسحاق هرتسوغ”، علنًا لأول مرة.

كانت جميع الزيارات السابقة بين ملك “الأردن” ورؤساء إسرائيل؛ تُعقد في سرية، ولا يُكشف عنها إلا بعد ذلك.

وكان لقاء الملك “عبدالله الثاني”، و”هرتسوغ”؛ تتويجًا لمساعٍ استغرقت قرابة العام، وتضمنت اجتماعات بين كبار مسؤولي البلدين وصفقات بشأن التجارة والمياه والطاقة، علاوة على مشاركة “الأردن” في مناورة جوية للجيش الإسرائيلي.

ولم يكد يمر شهر على هذا التحسن في العلاقات؛ حتى تلقت العلاقات بين: “الأردن” و”إسرائيل”، ضربة خاطفة، وكأن كل ذلك التوافق بين “الأردن” و”إسرائيل” لم يحدث.

إذ أدت الانتهاكات الإسرائيلية بحق “الحرم القدسي” إلى ظهور لهجة مختلفة من قبل “عمان”؛ فاستدعى “الأردن”، السفير الإسرائيلي، بناءً على طلب من “مجلس النواب” باستدعائه، ومدحَ رئيس الوزراء الأردني؛ “بشر الخصاونة”: “كلَّ المطلقين حجارة وابلاً سجيلاً على كل المتصهينين المدنِّسين للمسجد الأقصى بحماية حكومة الاحتلال الإسرائيلي”.

وحذرت “وزارة الخارجية” و”شؤون المغتربين الأردنية”، من أن استمرار “إسرائيل” في خطواتها المستهدفة تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في “المسجد الأقصى” المبارك/الحرم القدسي الشريف، وفرض التقسيم الزماني والمكاني فيه، يُمثل تصعيدًا خطيرًا وخرقًا مُدانًا ومرفوضًا للقانون الدولي ومسؤوليات “إسرائيل” بصفتها القوة القائمة بالاحتلال.

وشدد الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية؛ “هيثم أبوالفول”، على أن “إسرائيل” تتحمل كامل المسؤولية عن التبعات الخطيرة لهذا التصعيد، الذي يقوض كافة الجهود المبذولة للحفاظ على التهدئة الشاملة ومنع تفاقم العنف الذي يُهدد الأمن والسلم.

وعمد الأردنيون و”السلطة الفلسطينية” إلى تسليط الضوء على صور الشرطة الإسرائيلية وهي تعتدي على الفلسطينيين، وصور المستوطنين اليهود وهم يقتحمون “الحرم القدسي”. واتهموا “إسرائيل” بمحاولة تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم.

“الأردن” لديه وصاية خاصة على “الأقصى” بموافقة إسرائيلية..

تستدعي الانتهاكات الإسرائيلية لـ”الحرم المقدسي”؛ حساسية خاصة لدى “الأردن”، لما تضمه البلاد من عدد كبير من السكان الفلسطينيين، وما تستند إليه “المملكية الأردنية” من علاقة وصاية خاصة على “الحرم القدسي”؛ نصَّت عليها معاهدة السلام بين “الأردن” و”إسرائيل”؛ عام 1994.

ومن ثم فإن استقرار الوضع القائم في “الحرم القدسي” يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار النظام الملكي الأردني، واضطرابه قادر على زعزعة هذا النظام، الذي ترى “إسرائيل” أن اعتدال الحكم فيه (بمعايير إسرائيل) هو أساس العلاقة بين البلدين، وهو الكفيل لاستمرار “الأردن” شريكًا أمنيًا بارزًا لـ”تل أبيب”، لا سيما أن أطول حدود “إسرائيل” وأشدها استقرارًا هي حدودها مع “الأردن”.

علاوة على ذلك، تولي الدول العربية والخليجية استقرار النظام الملكي الأردني أهميةً كبيرة، وقد تدافعت هذا الأسبوع للإطمئنان على الملك “عبدالله الثاني”، بعد عمليته الجراحية، وتأييد موقف بلاده، وأعادت “الولايات المتحدة” و”أوروبا” ودول الخليج التشديد على وصاية “الأردن” على “الحرم القدسي الشريف”، حتى إن “الإمارات” استدعت سفير “إسرائيل”.

أوضح “غيث العمري”، الباحث البارز في “معهد واشنطن  لسياسات الشرق الأدنى”، أن قضية “الحرم القدسي الشريف”: “قضيةٌ مهمة ليس بين الأردنيين فحسب، بل في جميع أنحاء العالم العربي. وقد رأينا  في الأردن الأسبوع الماضي؛ دعوات للتظاهر، وحثًّا للناس على قضاء الليل في المساجد، والتوجه إلى مسيرات الاحتجاج بعد صلاة الفجر. فقد بدأ الأمر يأخذ منحى شعبيًا”، وهو اتجاه يقول “العمري” إن آثاره امتدت إلى “البرلمان الأردني”.

وقال “العمري”؛ إن “المملكة الأردنية” تخشى أيضًا تداعيات الاضطراب في “الحرم القدسي” على مكانتها الخارجية وتتخوف إزاحتها عن وصايتها على الحرم، أو أن تفقد جزءًا من هيمنتها هناك لمصلحة دول أخرى، مثل: “السعودية” أو “تركيا”، على حد قوله.

هل تؤدي الأزمة إلى نكسة في العلاقات بين الأردن وإسرائيل ؟

شدد الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية؛ “هيثم أبوالفول”، في انتقاده للممارسات الإسرائيلية، على أن “إسرائيل” تتحمل كامل المسؤولية عن التبعات الخطيرة لهذا التصعيد، الذي يقوّض كافة الجهود المبذولة للحفاظ على التهدئة الشاملة ومنع تفاقم العنف الذي يُهدد الأمن والسلم.

وشدد على أن “الأقصى”؛ بكامل مساحته البالغة: 144 دونمًا، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن “إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية”، هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.

ورفض “أبوالفول” التصريحات الإسرائيلية التي تدعي أن للشرطة حق فرض زيارات لغير المسلمين إلى الحرم، مؤكدًا أن تنظيم هذه الزيارات هو حق حصري لإدارة الأوقاف حسب الوضع التاريخي القائم.

قال “العمري” إن “المملكة الأردنية”، وإن كانت الآن بصدد التعامل مع الأزمة التي ظهرت في الحرم، فإنها لا تواجه خطرًا حقيقيًا يتعلق بذلك في الداخل، ولم تنل هذه الأزمة من الأسس التي تقوم عليها العلاقة بين “إسرائيل” و”الأردن”.

وذهب إلى أن الأزمة الأخيرة لم تنتقص من التحسن الذي شهدته العلاقات بين البلدين العام الماضي، كما أنها لن تُضر بعلاقات التطبيع بين “إسرائيل” ودول ما يُعرف بـ”اتفاقات أبراهام”، “الإمارات والبحرين والمغرب”.

“عمان” سوف تُشارك في “اتفاقات إبراهام”..

ويرى “العمري”؛ أن “الأردن” سيُشارك من الآن فصاعدًا في مشروعات “اتفاقات إبراهام”، إلا أن التوترات فيما يتعلق بـ”القدس” وغياب الحل للصراع بين “فلسطين” و”إسرائيل” ستستمر، وسيتولَّد عن ذلك أزمات في بعض الأحيان. وقال “العمري”: “من الخطأ النظر إلى هذا التوتر على أنه تراجع عن مسار التحسن في العلاقات، فالتغيير حقيقي”.

وأشار “العمري” إلى أن جميع الدول يتعين عليها التعامل مع نوعين من التحديات، تحديات في الداخل وتحديات في الخارج، والمعضلة التي تواجهها “المملكة الأردنية” – ضرورة إرضاء مواطنيها في الداخل وإنشاء علاقات قائمة على تبادل المنفعة مع “إسرائيل” – ليست فريدة من نوعها.

بناءً على ذلك، فإن هذا السلوك شبيه بالمراوغة التي ينتهجها كثير من القادة، ومنهم رئيس وزراء “إسرائيل”، فهو يمر الآن بأزمة انشقاق في ائتلافه الحاكم، ويتعيَّن عليه إرضاء الجناح اليميني في حكومته؛ باتخاذ خطوات ستؤدي إلى إثارة غضب شركائه العرب والغربيين.

من جهة أخرى، فإن أحداث الأسبوع الماضي؛ تذكير بقرب الإسرائيليين والفلسطينيين الدائم من العنف، وتنويه بتأثير الأحداث الجارية في “القدس” في الحفاظ على هدوء الأوضاع أو اضطرابها. كما أنها إنذار بالخطر المحتمل المتمثل في ترك الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي” من دون حل، لا سيما أثناء المضي قدمًا في إقامة علاقات تطبيع إقليمية بين “إسرائيل” ودول المنطقة.

مع ذلك؛ ففي غياب السلام، يُراوغ جميع القادة الإقليميين على طرفين، ويعملون على حفظ التوازن بين المخاوف من السخط المحلي والرغبة في تعزيز العلاقات الدبلوماسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة