18 ديسمبر، 2024 10:16 م

الدستور العراقي بين حكم قرقوش والديمقراطية الامريكية..

الدستور العراقي بين حكم قرقوش والديمقراطية الامريكية..

منذ الخليقة الاولى للإنسانية وضع الله في الارض دستور سماوي ثابت لكل الاديان السماوية. ويعتبر القرآن الكريم هو الدستور الثابت للدول الاسلامية لحين نهاية الخلافة الراشدة حيث تقسم المسلمين الا عدة دول على اساس قومي ثم بعدها على اساس مذهبي وهنا اختلف المفهوم الدستوري لتلك الدول.. وبقى هذه الدول تراوح في كلماتها بصياغة دساتيرها والتي يبدأ اغلبها بانه مستمد من القرآن.. اما اليوم فانه يوجد في كل دول العالم هناك نظام قانوني تستمد الحكومة منه كل فقراتها القانونية لتسيير امور الدولة يسمى الدستور.. وهذا الدستور يكون المسؤول الاول عليه هو رئيس الجمهورية كونه يعتبر بحكم سلطته التشريعية حامي للدستور … اما فقرات هذا الدستور فهي وضعية من صياغة البشر ويقوم بصياغتها نخبة من الناس اغلبهم يحمل شهادة القانون او الحقوق او ممن لديهم صفة اجتماعية وتتطلب مساهمتهم كتابة بعض فقراته… والدستور في بعض دول العالم وخاصة المتحررة منها يعتبرونه شيء مقدس والبعض الاخر افرغه من هذه القدسية لمآرب اخرى… وهنا في بلداننا العربية عموما والعراق خاصة يتعرض الدستور في البلاد الى تغيرات وتعديل ببعض فقراته بعد كل انقلاب عسكري او تغيير للسلطة فيقوم النظام الجديد بكتابة الدستور حسب الاوضاع والمتغيرات الجديدة التي حصلت في هذه البلاد…
اليوم في العراق نسمع من بعض الساسة خطب رنانة بان الدستور وفقراته قد كتب بعجالة من الزمن وهذه التصريحات تصدر عندما تتعرض البلاد لهزات سياسية او تتناقض المصالح فيما بين الطبقات والاحزاب السياسية ولكن المضحك دوما في الدستور العراقي تفسير فقراته حسب مزاج الطبقة الحاكمة فمن يتمكن من الحصول على اكبر مقاعد انتخابيه تجد كلامه متضامن مع فقرات الدستور والعكس عند الخاسرين وقد تناسى هؤلاء السادة ان الشعب العراقي بأجمعه يعرف ان الدستور حماية للقوي وسيف على رقاب الضعيف وان اي فقرة من فقراته ليس لها صدى في التطبيق بارض الواقع وانما هو مجرد حبر على ورق تحتاجه الطبقات المتنازعة على كرسي السلطة لتمرير صفقاتها السياسية… وانني ارى حالة الدستور العراقي وربما كل القوانين الوضعية التي ساعدت اشخاص معينين للوصول الى السلطة وممارسة الفساد بكل انواعه دون رادع او خوف من احد بانها هزيلة ويذكرنني بمثل قديم يقول ((حكم قرقوش)) وقصة هذا المثل ان احد الحكام المتسلطين على رقاب شعوبهم في احدى الولايات العراقية حضر الى تجمع كبير من الجمهور لتقوم زبانيته بتنفيذ عقوبة الشنق بحق شخص متهم بشتم السلطة وعندما احضروا المشنقة وأتوا بالمتهم كان قصير القامة ومنصة الشنق مرتفعة ولايستطيون ايصال حبل المشنقة لرقبته فلم يستطيعون اتمام العملية فاستشاروا بقائدهم المحنك وملكهم المعظم قرقوش ولحفاظا على ماء الوجه امام تجمعات الناس اشار لهم ان يسحبوا اطول شخص موجود من الجماهير ويقومون بتنفيذ مهمتهم وشنقه بدلا من المتهم قصير القامة وفعلا تم ذلك.. والعبرة من هذه القصة ان دستورنا الديمقراطي اليوم تنفذه اجندة وضعت مصالحها فوق كل شيء ولايهمهم العواقب والا مضت اشهر وفراغ دستوري واضح من عدم تشكيل الحكومة فاين فقرات الدستور التي تلزم تشكيل الحكومة بمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر ولكن يبدوا انهم يبحثون عن دستور وفقرة دستورية تجيز لهم البقاء لأطول مدة ممكنة في السلطة وهذا ما نراه موجود حالياً… ومازلنا نعيش مع حكم قرقوش بارضاء القوي وعدم ضياع هيبته امام الشعب…