في ظل حكم “شهباز شريف” .. هل تعود “إسلام آباد” إلى الحضن السعودي ؟

في ظل حكم “شهباز شريف” .. هل تعود “إسلام آباد” إلى الحضن السعودي ؟

وكالات – كتابات :

نشر موقع (ميدل إيست آي) البريطاني تقريرًا للصحافي؛ “سال أحمد”، تحدث فيه عن سقوط حكومة رئيس الوزراء الباكستاني؛ “عمران خان”، الذي صوَّت “البرلمان الباكستاني”؛ مؤخرًا، لحجب الثقة عنه، وما الذي سيتغير في العلاقات “الباكستانية-السعودية”، في ظل الحكومة الجديدة؛ بقيادة “شهباز شريف”.

الفصل الأخير في الدراما السياسية الباكستانية..

يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى ما قاله المحللون؛ لموقع (ميدل إيست آي)، من أن رئيس الوزراء الباكستاني الجديد؛ “شهباز شريف”، سيجد صعوبة في ترسيخ مكانة بلاده في العالمين العربي والإسلامي ومنافسة كاريزما سلفه المعزول؛ “عمران خان”، بصفته رجلَ دولةٍ شاملًا.

وكان “شريف” قد أدَّى اليمين الدستورية قبل أسبوع في فصل أخير من الدراما السياسية في “إسلام آباد”، والتي شهدت هزيمة؛ “عمران خان”، في تصويت برلماني حجب الثقة عن قيادته التي استمرت قرابة الأربع سنوات، بعد أن قضت “المحكمة العُليا الباكستانية” بأن جهود “خان” لمنع التصويت غير دستورية.

ولكن شعبية “خان” تعززت أكثر بسبب الطريقة التي خرج بها من منصبه، إذ يجتذب لاعب الكريكيت السابق الحشود الضخمة في تجمعاته السياسية في جميع أنحاء البلاد، مع توقع المحللين بإجراء انتخابات مبكرة يمكن أن تسمح له بالعودة إلى السلطة من جديد.

كما يُراقب بعض كبار شركاء “باكستان” الدوليين الأحداث الجارية بقلق، فقد هنّأت “السعودية”، التي كانت الحليف الأقرب لـ”باكستان” في الخليج، “شريف”؛ بعد خمسة أيام من أدائه اليمين، مع أن “شريف” ذكر المملكة خصيصًا وشكرها على دعمها في خطابه الافتتاحي، ملمحًا إلى موافقة “السعودية” الهادئة على رئاسته للوزراء، بحسب التقرير.

وخدم “شريف”، وهو شقيق رئيس الوزراء السابق؛ “نواز شريف”، لعدة فترات رئيسًا للوزراء في “البنجاب”، المقاطعة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في “باكستان”، وعُد حاكمًا إقليميًا كُفئًا. بيد أنه، بحسب التقرير، يفتقر إلى الخبرة في الشؤون الدولية، كما تعرضت مسيرته المهنية لبعض التقلبات بسبب مزاعم بالفساد، بما فيها قضية ما زالت جارية أُجِّلت حاليًا، والتي اتهم فيها بغسيل: 16 مليار روبية؛ (90 مليون دولار)، وقد نفى “شريف” كل هذه المزاعم.

شخصيات قوية..

ينقل الكاتب ما قاله؛ “حسين نديم”، المدير التنفيذي لمعهد “إسلام آباد” لبحوث السياسات؛ وهو مركز أبحاث تابع لـ”وزارة الخارجية” الباكستانية، لموقع (ميدل إيست آي)، من أن تغيير القيادة في “باكستان” من غير المُرجح أن يؤثر على علاقتها مع “السعودية” على نطاق واسع، موضحًا: “سياسة باكستان مع الخليج مؤسسية وأهميتها الإستراتيجية عميقة للغاية. ويبقى علينا ممكن تنبط لعقود”.

واستدرك “نديم” قائلًا؛ لكن “شريف” ربما يواجه صعوبة في التعامل مع ولي العهد السعودي؛ “محمد بن سلمان”، بالفاعلية نفسها التي تعامل بها “خان”. وأوضح أن العاهل السعودي وولي العهد دائمًا ما يحظيا بخطوط اتصال مباشرة مع رؤساء الوزراء وقادة الجيش في “باكستان” عوضًا عن الاعتماد على القنوات الدبلوماسية بين البلدين.

وأردف “نديم” قائلًا: “وهنا يأتي تأثير الشخصية القوية على العلاقات، وكان محمد بن سلمان وعمران خان؛ قد انسجما على الفور؛ إذ توافقت شخصياتهما مع بعضها بعضًا. وفي حين أن باكستان تحتاج السعودية بسبب مخاوفها الاقتصادية المستوطنة، فإن السعودية تحتاج إلى باكستان أكثر؛ خاصة مع تلاشي الضمانات الأمنية الغربية”.

وتجلى إدراك؛ “خان”، لأهمية تنمية علاقة شخصية مع ولي العهد السعودي، عندما استقبل؛ “محمد بن سلمان”، في المطار في أول زيارة له لـ”باكستان”؛ عام 2019، ثم أوصله شخصيًّا إلى مقر إقامته الرسمي.

وفي ظل حكم “محمد بن سلمان”، أُطلق سراح آلاف السجناء الباكستانيين في السجون السعودية، كثير منهم سُجن بسبب مخالفات تتعلق بالإقامة وجُنح صغيرة. كما أعلنت “السعودية” عن مشروعات استثمارية بمليارات الدولارات في “باكستان”. بينما استجابت “باكستان” أيضًا لمطالب “السعودية” باتخاذ موقف أكثر صرامة من “إيران”؛ حول محاولاتها تجنيد شباب من الشيعة في “باكستان” و”أفغانستان” للقتال مع “الحوثيين” في “اليمن”. وقال “نديم”: “هذا النوع من الدبلوماسية القديمة أو الحنكة السياسية لم يُعد موجودًا، وسيجد رئيس وزراء باكستان الجديد صعوبة في ملء الفراغ الذي تركه خان”.

ووصف محللون آخرون العلاقة بين؛ “محمد بن سلمان” و”عمران خان”، بعبارات مختلفة، مشيرين إلى أن توجهات خطاب رئيس الوزراء السابق المؤيد للإسلام، وتطلعاته لأن يكون متحدثًا باسم العالم الإسلامي، التي ظهرت خلال استضافة “باكستان” الأخير لاجتماع وزراء خارجية “منظمة التعاون الإسلامي”، قد قرعت أجراس الإنذار في “الرياض”.

وقال “سامي حمدي”؛ رئيس قسم المخاطر السياسية في مركز (إنترناشونال إنترست): “إن مكانة عمران خان؛ بصفته رجل دولة شاملًا، وهو الذي يُثير قضايا مثل: الإسلاموفوبيا وكشمير وفلسطين بصوت عالٍ حول العالم، طغت على زعامة؛ محمد بن سلمان، للعالم الإسلامي، ونظر ابن سلمان إلى ذلك على أنه تهديد”.

مُضيفًا: “وبينما يقود محمد بن سلمان؛ زمام السعودية إلى عملية نزع الأسلمة عنها بتنظيم الحفلات في الصحراء، وفتح شواطيء البكيني، وقصر استعمال مكبِّرات الصوت الخارجية في المساجد والجوامع على رفع الأذان والإقامة فقط، كان خطاب خان المؤيد للإسلام يكتسب شعبية سريعة في الخليج والشرق الأوسط”. وقال “حمدي” إن “خان”؛ كان يضغط باستمرار على المملكة حول مسائل حساسة ذات أهمية جيوسياسية.

وأوضح “حمدي”: “ومن خلال عقد مؤتمر لمنظمة المؤتمر الإسلامي حول أفغانستان؛ بمجرد أن أنهت القوات الأميركية وقوات الـ (ناتو) عملياتها في البلاد، إذ لم تشعر السعودية بالإرتياح؛ لهذا الأمر لأنها لم تكن متأكدة من الموقف الذي تُريد أن تتخذه تجاه هذه الخطوة. وكانت القيادة الخليجية غاضبة أيضًا في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، التي اختُتمت مؤخرًا، عندما قال خان إن العالم الإسلامي قد خسر فلسطين، نظرًا إلى سعي الخليج نحو توثيق علاقاته مع إسرائيل”.

مضيفًا: “ثم إنه في قرار الأمم المتحدة حول الإسلاموفوبيا؛ الذي صدر في الأيام القليلة الماضية؛ جعل خان؛ محمد بن سلمان، يبدو زعيمًا ضعيفًا”. وأفاد “حمدي” أن “خان” أصبح مصدر إزعاج سياسيًّا للمملكة وأن كثيرين هناك سيكونون سعيدين لرحيله. “إنهم سعداء بشريف، فهو شخص أقل صخبًا وأكثر سلمية وقابلية لشغل موقع ثانوي”.

نزع الاستنكار..

يواصل الكاتب: لكن “عمر كريم”، الزميل المساعد في مركز “الملك فيصل” للبحوث والدراسات الإسلامية؛ قال لموقع (ميدل إيست آي)؛ إن طريقة عزل “خان” من منصبه وسط، مزاعم غير مثبتة أدلى بها “خان”؛ ونفتها “واشنطن” مرارًا وتكرارًا من أن هناك مؤامرة أميركية لإطاحته، ربما تكون قد قوبلت بالرفض في “الرياض”.

وقال “كريم”: “في الوقت الذي كان فيه؛ محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي؛ محمد بن زايد، يتجنَّبان مكالمات رئيس الولايات المتحدة الهاتفية، وبينما كان خان يتبنى موقفًا مضادًا للولايات المتحدة، فلن يكون الأمر جيدًا للقيادة الخليجية أن تكون الأطراف المؤثرة في باكستان قد رضخت لضغوط الولايات المتحدة وتخلصت من رئيس وزراء يحظى بشعبية كبيرة”.

وفي حديثه في البرلمان، قبل عزل “خان”، قال المتحدث باسم “وزارة الخارجية”؛ إنه: “لا صحة على الإطلاق”، للمزاعم التي تقول إن “الولايات المتحدة” كانت تُشجع نواب المعارضة للتصويت ضد “خان”، وشدد على دعم “واشنطن”: لـ”العملية الدستورية في باكستان وسيادة القانون”.

ويرى “كريم” أن الخلافات في الرأي المتزايدة؛ بين “خان” والقادة العسكريين الأقوياء في “باكستان” قد وجَّهت ضربة قوية لحظوظ رئيس الوزراء السابق السياسية. وأضاف: “توجه السياسة الخارجية الباكستانية مستوحى من جيشها، الذي لم يكن سعيدًا من دفع خان للأجندة السياسية الخارجية المناهضة للغرب”.

وفي حوار “إسلام آباد” الأمني؛ في وقت سابق من هذا الشهر، مثلًا، كان هناك علامات واضحة على التوتر بين “خان” والقائد العسكري الباكستاني؛ “قمر جاويد باجوا”. وانتقد “باجوا”؛ الغزو الروسي لـ”أوكرانيا”، وهو يُعارض موقف الحكومة المدنية، ودعا إلى رفع الحصار غير الرسمي للمعدات العسكرية الأميركية عن البلاد.

وقال “كريم”: “هذا يترك فجوة ثقة كبيرة بين ممالك الخليج وجيش البلاد”. وأضاف: “القائد العسكري الباكستاني من خلال انتقاده للغزو الروسي لأوكرانيا؛ يتعارض مع الموقف الذي اتخذته السعودية والإمارات. وهذا ما جعل بعض القادة في الخليج يتساءلون بشأن انتقال باكستان من الكتلة الصينية إلى الكتلة الأخرى بقيادة الولايات المتحدة”.

وبحسب “كريم”، يُشير الجيش الباكستاني إلى رغبته في اتخاذ موقف بين الكتلتين؛ وهو توازن يتطلب من الجيش والحكومة المدنية إلتزامًا أكبر تجاه الخليج. وقال: “إن اعتماد الجيش الباكستاني على المعدات العسكرية الأميركية؛ واعتمادها على الأموال من حزمة المساعدات الاقتصادية الأميركية وصندوق النقد الدولي هما سببان رئيسان وراء حرص البلاد على أن يكون لها موطيء قدم في الكتلة الغربية”.

وكانت “الولايات المتحدة” قد منعت مؤخرًا بيع طائرات هيلوكوبتر تركية الصنع للجيش الباكستاني؛ عبر رفضها منح شهادات طرف ثالث للمحركات التي تُصنعها “الولايات المتحدة”. وكانت “باكستان” أيضًا على “القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي”؛ (FATF)، منذ حزيران/يونيو 2018، لأنها لم تُكافح بفاعلية التمويل المرتبط بالإرهاب ولم تتخذ تدابير فعَّالة لمكافحة غسيل الأموال.

ووفقًا لـ”كريم”، تمثَّلت إحدى طرق إظهار “باكستان” إلتزامها تجاه الخليج؛ في تعزيز التعاون العسكري، مع أنه قال أيضًا إن: “مواقف الحكومة المدنية ستلعب دورًا رئيسًا في زيادة تحسين العلاقات”.

واختتمت “باكستان”؛ مؤخرًا، تدريبات استمرت لمدة شهرين مع الكتيبة السعودية المزودة بآليات ثقيلة بما فيها الدبابات والمدفعية. وأجرى الجنود الباكستانيون؛ في الماضي، عمليات أمنية على الحدود “السعودية-اليمنية”، وساعدوا المملكة في أدوار إستراتيجية واستشارية وتدريبية.

إن تغيير القيادة لم يكن مفيدًا لتحسين الوضع الاقتصادي لـ”باكستان”، ومع النضوب السريع لاحتياطات النقد الأجنبي للبلاد، فإن “شهباز شريف”؛ سيعتمد على المساعدات المالية من “السعودية” تمامًا مثل سلفه. وبحسب “كريم”، قد يكون ثمن هذه المساعدة موقفًا أكثر صرامة تجاه “إيران”. وأضاف: “إذا كانت باكستان تُريد مزيد من المساعدات المالية من الخليج، فإن السعوديين سيرغبون أن يفعل الباكستانيون المزيد من أجلهم”.

ويختم الكاتب تقريره مع “كريم”؛ الذي يقول: “وإذا لاحظت، فإن إيران لم تهنيء رئيس الوزراء الجديد بعد، لأنها ترى أن الحكومة الجديدة قد تميل بقوة نحو السعوديين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة