17 نوفمبر، 2024 3:52 م
Search
Close this search box.

بماذا سيذكركم التأريخ ويذكرنا …ومن أنتم ؟!

بماذا سيذكركم التأريخ ويذكرنا …ومن أنتم ؟!

لقد إعتاد الأحقاد حول العالم وعبر التأريخ البشري على التفاخر بأجدادهم ، فهذا يقول ان اجدادنا قد بنوا كذا وكذا ..وذاك يقول ان اجدادنا قد عمروا كذا وكذا ..وثالث يقول ان اجدادنا قد اخترعوا كذا وكذا ..ورابع يقول ان اجدادنا قد اكتشفوا كذا وكذا ..” هذا الجسر العملاق بناه جدي …ذاك المصنع الكبير بناه جد جدي …هذا المطار الرائع بناه جد جد جدي …وهكذا دواليك ولكن قلي بربك وبعد خمسين عاما من الان ماذا سيتحدث الاحفاد عن الحقبة المظلمة التي نعشيها حاليا وبماذا سيتفاخرون :
– بالكهرباء التي لم تنجح الحكومات المركزية فضلا عن المحلية المتعاقبة بتأهيلها طيلة 19 عاما برغم الـ 80 مليار دولار التي انفقت عليها هباءا منثورا ؟
– بملف المياه مع الدول المتشاطئة الذي وصل الى طريق مسدود حتى بات العراق مهددا بالعطش وهو المسمى تأريخيا ” ميزوبوتاميا ” او بلاد ما بين النهرين ؟
– بملف الاثار التي نهبت وهربت وضاعت ذات يمين وشمال ؟
– بالمعالم التراثية والفلكلورية والتأريخية التي صارت اثرا بعد عين ؟
– بالقروض الخارجية والداخلية التي اغرق بها العراق رغما عن انف الشعب وبالمليارات ؟
– بالدكات والعراضات والنهوات والجلوات والفصليات والفصول العشائرية والقبلية ؟
– بالسلاح المنفلت والمؤدلج والموازي المنتشر في كل مكان ؟
– بالفساد المالي والاداري والسياسي الذي ييضرب اطنابه في كل رقعة هاهنا ؟
– بملف النازحين والمفقودين والمهجرين والمختفين قسرا ؟
– بالنفط وهو مورد العراق الرئيس الذي يعتاش عليه والذي بيع للشركات الاحتكارية العالمية في جولة – الفشافيش – ؟
– بمعدلات الانتحار اليومية المرعبة ومعظم ضحاياها من المراهقين وصغار السن وبشتى الطرق والوسائل المؤدية الى الموت اختيارا ؟
– بمعدلات البطالة الهائلة ومعظم ضحاياها من الشباب المنتج ؟
– بمعدلات الطلاق المفزعة وبعضها لايدوم اكثر من اسبوعين ؟
– بمعدلات هجرة الكفاءات المهولة الى خارج العراق بحثا عن فرصة عمل وحياة كريمة او للحفاظ على حياتهم من التهديدات ؟
– بمعدلات الاصابة بالامراض السرطانية بأنواعها ، وامراض الضغط والسكري والدم والكلى والتشوهات الولادية ، مع شح الادوية المخصصة لعلاجهم وغلاء ثمنها بما يكفي لبيع بيت كامل لتغطية النفقات وإجراء العمليات مع تقادم اجهزة ومعدات وخدمات المستشفيات الحكومية مقابل غلاء اسعار وتكاليف علاج الاهلية منها ؟!
– بالمدارس الكرفانية والطينية وذات الدوام الثنائي والثلاثي والرباعي ؟
– بالامية الابجدية والتقنية التي وصلت الى 7 ملايين امي ؟!
– بالعطل الرسمية وشبه الرسمية المخترعة اختراعا ، والمبتدعة ابتداعا لإلهاء الناس واشغالهم عن مأساتهم ، والتي عطلت الانتاج وشلت الحياة واوقفت مصالح الناس كليا ؟!
– بمئات المصانع الحكومية والاهلية المحوسمة او المتوقفة او المعطلة بسبب الكهرباء المقطوعة وغلاء الوقود وهجرة الخبرات والكفاءات ودخول البضائع الاجنبية – الستوك – ومنافستها المنتج الوطني من دون جمارك تذكر ولا ضرائب ولا تقييس ولا سيطرة نوعية ؟
– بملف البساتين والاراضي الزراعية التي تحول الكثير منها الى صحارى مقفرة ، واراض جدبة بسبب الجفاف ، وسوء التخطيط ، وغياب الدعم ، وغياب المشاريع والخطط الزراعية الخمسية والعشرية والمشاريع الاروائية وانعدام حفر القنوات وبناء السدود والاحواض والبحيرات العملاقة ، وهجرة الفلاحين والمزارعين المعاكسة الى المدن وبسبب ملوحة المياه ، اضافة الى التجريف المتعمد ، و تحويل جنس الاراضي الزراعية الى سكنية ..اين في العراق الذي كان يسمى يوما بأرض السواد لكثرة اراضيه الزراعية الخضراء !
– بملف المشردين والمتسولين والاطفال المعنفين ؟
– بملف ذوي الاحتياجات الخاصة (عددهم 3.5 ملايين ) ، المسنين ، الايتام ( عددهم خمسة ملايين ) ، والارامل (عددهم ثلاثة ملايين ) ، الفقراء والمساكين (عددهم 10 % من مجموع السكان تحت خط الفقر) ممن قد اهملوا جميعهم الا من قبل المحسنين والمتصدقين ؟!
– بملف العنوسة ..بملف الرشوة …بملف الاحتكار …بملف المخدرات ..بملف الربا …بملف السطو المسلح ..بملف الاختلاس ..بملف الغش الدوائي والصناعي ..بملف التزوير بدءا بالعملات وليس انتهاءا بالوثائق والشهادات ..بملف حرق السايلوات والمخازن والطوابق المخصصة للعقود ؟!!
– بتصنيف الجواز العراقي كأسوأ جواز في العالم ولمرات عدة …بخروج العراق من تصنيفات التعليم العالي …بتصنيف بغداد كأسواء مدينة للعيش في العالم ….بتصنيف العراق كأخطر بلد في العالم على حياة الصحفيين والمراقبين والناشطين …؟!
نصيحة …فكروا جديا بترك شيء ما يصلح أن يكون مادة وشاهدا – للترحم عليكم – مستقبلا على لسان الاحفاد ليقف الحفيد قائلا ” هذا المستشفى بناه جدي …هذه المدرسة بناها عمي …هذه القنطرة بناها خالي …هذه الجامعة اسسسها ابي ….” ولاتتركونهم حيارى لايلون على شيء للدفاع عنكم وتبييض صفحتكم حين تتحدث الاجيال عن فسادكم وافسادكم الذي ازكم الانوف ولو بعد حين ، ورحم الله امرءا جب الغيبة عن نفسه ..ومهما يكن من أمر فسيبقى السؤال الابرز مع هذا التخريب المستمر والمتواصل والممنهج قائما على قدم وساق وخلاصته هو ” من انتم ..ولماذا تصرون على خراب العراق ؟!” .
ولعل من خرابكم وتخريبكم اختفاء بحيرة أعجوبة ومعلم سياحي عمره 10 الاف عام من الوجود ، بحيرة ساوة الواقعة في قلب صحراء السماوة الضاربة في القدم والتي تستمد مياهها من ترشحات نهر الفرات ، بسبب التصحر ، انخفاض مناسيب الامطار ، حركة الصفائح التكتونية ، سوء التخطيط في حفر الابار الارتوازية بمعدل 1300 بئر عشوائي ، الاسراف في استخراج المياه الجوفية لصناعة الملح، التغيرات المناخية ، سوء الادارة ، إهمال المعالم الطبيعية اسوة بالاثار والسياحة والتراث ، النوم ملء الجفون عن شواردها من قبل المسؤولين والانشغال فقط بالمناصب والمقاعد وتحقيق اجندات دول الجوار وما وراء البحار على حساب الشعب العراقي المهموم والمظلوم ، تماما كنومهم عن ملفات الكهرباء والنفط والغاز والتهريب والمخدرات والانتحار وانتشار السلاح والدكات العشائرية والفساد المالي والاداري والسياسي وملف المفقودين والمهجرين والنازحين والمختفين قسرا ، وقد طالب بعضهم كالعادة بفتح ملف تحقيق بالاختفاء – ولعل هذا اشد ما اضحكني الى حد التشنج العضلي – والسؤال ” ماذا تبقى ليتفاخر به احفادكم لاحقا وكل شيء قد تحول في ظلكم الى خراب وظلام دامس وفي أسوأ وأحط وانتن حقبة عاشها العراق في تأريخه كله ؟! اودعناكم اغاتي.

أحدث المقالات