خاص: كتبت – سماح عادل
مسلسل “وجوه” من أحد المسلسلات التي تتسابق في المنافسة الكبيرة في شهر رمضان لعام 2022، مثلما يحدث كل عام، وهو يناقش فكرة الانتقام المنظم.
الحكاية..
يبدا المسلسل ب”سلمى” البطلة الذي تقوم بدورها الفنانة “حنان مطاوع” وهي على وشك الخروج من السجن، وتتبعها وهي في حالة نفسية سيئة مع مقاطعة أشقائها لها، ويبدأ الكشف شيئا فشيئا عن محنتها من خلال الفلاش باك، حيث تمر المشاهد بالتوازي، مشاهد من الحاضر المؤلم والبائس ومشاهد من الماضي ليكشف غموض هذا الحاضر.
لنكتشف بالتدريج أنها قتلت زوجها وأنها أخذت براءة وأنها تعاني من مرض الذهان، لذا تتخيل أشياء غير حقيقية وتسمع أصواتا وصورا، ونتعرف أكثر عليها. هي دكتورة تعمل في مجال الطب الشرعي وقد اشتهرت بسبب كشفها غموض جريمة أثارت الرأي العام، لكن زوجها وبسبب خيانته يتعرض لأزمات لتكتشف أنه متورط في عملية زراعة الأعضاء غير القانونية وأنه يعمل مع رجل أعمال فاسد، “مروان” يقوم بشراء أعضاء الفقراء ليزرعها لمرضى أثرياء بشكل غير شرعي تعاونه في ذلك عشيقه الزوج “سليم”.
التكثيف..
وعلى مدار 15 حلقة، وهذه ميزة لهذا المسلسل أنه تخلص من فكرة الالتزام بطول 30 حلقة لكي يغطي شهر رمضان كاملا، مما يؤثر على سير الاحداث ويجعلها مملة وبطيئة، لذا فقد كانت الحلقات 15 لتكون حكاية واحدة، تتبعها حكاية أخرى لنفس البطلة.
ضحية وقاتلة..
نكتشف أن “سلمي” كانت ضحية لبطش “مروان” وعشيقة زوجها، وزوجها نفسه، لدرجة أنها أصبحت مدمنة على نوع خطير من المخدرات يسبب تلف الجهاز العصبي، وهو ما سبب لها الذهان.
ليس هذا فقط بل سعت هذه العصابة إلى فضحها وتشويه سمعتها وترويج صور عارية، لها مما جعلها تخسر وظيفتها وعلاقتها بأهلها، وتقرر “سلمى” وسط تشوشها الذهني والعقلي الانتقام، فتقتل زوجها بشكل عمدي وتخطط لذلك، وتدخل السجن وهي تراهن على حكم بالبراءة لأنها جعلت جريمة القتل تبدو وكأنها دفاع عن النفس.
عودة الابنة..
وبعد أن تحاول أم زوجها الانتقام منها وإيهامها بموت طفلتها الرضيعة تكتشف أنها مازالت حية وتجتمع بها مرة أخرى، وتعود علاقتها بأشقاءها بعد أن يساعدها زوج أختها لتنتقم انتقاما هادئا ومنظما، ويدخل “مروان” وعشيقة زوجها السجن وتنتهي الأحداث نهاية سعيدة.
الإفراط في الظلمة..
الاخراج جيد حيث كان هناك تناغم ما بين نقل أحداث الحاضر والرجوع إلى الماضي بالتناوب، كما كان أداء الممثلين جيدا. لكن أفرط المخرج في أن تكون المشاهد مظلمة، حيث أن الإضاءة خافتة مما يبعث على الكآبة، وكان التصوير يتم من زوايا بعيدة وكأنه يصور كيف تكون “سلمي” وحيدة وتنهشها الكآبة من خلال مساحات ضيقة في بيتها نراها في آخرها وهي تخاطب “سليم” أو تجلس مشوشة. حتى وإن كان يقصد من ذلك الإسقاط على غربة ذاتها، وشعورها بالوحدة والتخلي من خلال صورة بعيدة لها وسط فراغ الجدران وضيقها، إلا أنه أفرط في ذلك حد الملل وزرع الكآبة في نفس المشاهد.
الانتقام خارج القانون.
وعلى مستوى الأفكار قدم المسلسل قضية زراعة الأعضاء وفساد بعض رجال الأعمال الذين يبحثون عن الأعمال غير القانونية والمشبوهة للكسب السريع، مستغلين في ذلك حاجة الفقراء للمال، لكنه قدم أيضا نماذج لرجال الأعمال الشرفاء الذين يبحثون عن إنتاج حقيقي وأعمال لا تخالف القانون ولا تستغل الفقراء، كما قدمت قضية الرحاب الشهيرة التي قتل فيها أحد الشبان بخداع من خطيبته وووالدها.
لكنه مع ذلك لم يقدم ذلك وكأنه يطرح قضايا هامة على المجتمع وإنما في سياق حكاية كان التركيز فيها على فكرة الانتقام المخطط له جيدا. وعلى مستوى المنطق لم تكن تلك الحكاية منطقية تماما لأن “سلمى” نفسها كانت تعاني من مرض نفسي ومن تأثير المخدرات التي دمرت جهازها العصبي، فكيف وهي في ذلك الموقف الضعيف جسديا وعقليا تستطيع التخطيط للانتقام بمثل تلك الحرفية.
ويعاب أيضا على المسلسل أنه قدم جريمة قتل عمد على أنها انتقام مشروع، حيث قتلت “سلمي” زوجها عمدا وخططت للجريمة وخدرته ثم قتلته دون أن يدافع عن نفسه، وأدعت أنها هي من تعرض للاعتداء من قبله، وذلك لكي لا يتم احتجازها في مستشفى لتعالج من الإدمان. وكان الأولى وفقا للمنطق وللقانون أن تخبر الشرطة عن ما فعله بها وأنه هو من أعطاها المخدرات ليأخذ جزاءه القانوني، وأن تسلم الأوراق التي أخذتها عن طريق الصدفة والتي تدين “مروان” وتكشف عمليات زرع الأعضاء إلى الشرطة وتترك القانون يحميها من اعتداء هؤلاء، ويرد لها حقها. بدلا من أن تأخذ هي حقها بيديها، وإلا كنا نشرع لقانون الغابة وأن يأخذ كل فرد في المجتمع حقه خارج القانون وسلطته. كما أن ذلك يوحي بضعف سلطة القانون ووجود اختراقات كثيرة فيه تسمح للمجرمين بالنفاذ، وهذا ما عكسه المسلسل حين صور قدرة “مروان” على الفتك ب”سلمى” حتى وهي داخل السجن، وهذه رسالة سلبية جدا يقدمها المسلسل حتى، وإن لم يتعمد ذلك، عن ضعف سلطة القانون وقدرته على الحد من الجريمة.
يحسب للمسلسل أنه لم يسع إلى الاطالة والمط والتطويل كما تفعل مسلسلات كثيرة في رمضان نتيجة للالتزام بالتواجد طوال 30 جلقة هي طول الشهر، الذي تزدهر فيه المسلسلات وتتضخم أعدادها.