18 نوفمبر، 2024 2:38 ص
Search
Close this search box.

مسرحية / حذائي 45 – مونودراما

مسرحية / حذائي 45 – مونودراما

تفتح الستارة… بعد أن ضاقت به السبل وجد له ملاذا امنا في حذائه الذي اصبح شاهدا حيا على خارطة الوجع الذي الم به.
هو (جالسٌ في داخل حذائه)، الى متى تبقى حذائي عاقرا؟ الى متى اتخفى من نباح الايام هنا. (الى الحذاء) يا ترى هل دخلتَكِ سهواً أم شهوةً؟ … لا اعرف لا اعرف، لا شك ان هناك فوضى في الطبيعة (يصرخ) أكيد أكيد (يهدأ) حينما تكون ايامك كلها فصل واحدا أ هذا لا يعني ان هناك فوضى؟ لماذا دوما يرسم الخريف على اجنحة الحلم وجوه بلا ملامح، (بهدوء وآلم) من الذي كسر تلك الاغصان، ورمي بي هنا بعد ان كنت اغرد…أغرد نعم اغرد (ينتفض) لكن لم أغرد خارج السرب.(متحديا) سوف اتخذ من زنزانة حذائي سوطاً يجلد اصواتكم.(يتأمل حذائه) رغم عفونتها لكن افضل من عفونتكم.(متألم)عذراً يا حذائي انا لا أستطيع من الذي سوف يروف جرحك الازلي…أصبحتُ بقايا لحلمٍ وردي، موت …موت…موت… كل شيء خارج نطاق التغطية إلا انت ايها الموت… من الذي سوف يموت قبل ، انا الذي غرس الوجع جذور ناياته في روحي، ام انت بعد ان فقدت كل شيء إلا عقمك. تتوضأ عيني بدمعها لكنها لا تستطيع الصلاة في أرض مصلوبة في افق الدم… رغم كل الدم صليتم …اجل صليتم …لكن لمن؟ للموتى السابقون…ام للأحياء اللاحقون…(بهستريا) هويات بلا عناوين أكل السكون جسدنا ونخر جسدها… في حمام الدم الذي يرتاده الكل، لا فرق بين رجل وامرأة وطفل، الشيء والوحيد الذي نحن متساوون به  هو حمام الدم… يسألونك عن هويتكَ. (يضحك) هههههههه ما أقسى ان يكون قاتلك أسمك؟ أسماؤنا هي ليست عناوين لنا، بل مقصلة لأحلامنا التي أرهق جفنيها الليل الذي لا ينجلي. أشد ما يؤلمني حذائي التي فقدت شهيتها للترحال لأنها تمتلك من الحياء ما يخجلها ان تسير فوق نهر الدم … نهر يؤمن بالفوضى و اللامعقول والضياع… وشم على خديه ابتسامات الاطفال التي تدحرجت في وسطه فغرقت … تخيل بؤس الخارطة التي تصحرت بها دغدغة ضحكات الاطفال كانت تلك القهقهات والابتسامات والضحاكات دائما تداعب الموت المستشري في أجسادهم… يهزون جذع العراق بدمعهم فيتساقط القتل عليهم جنيا. لماذا غيومنا تمطر وجعا؟ حتى الرياح من فرط قسوتها علينا أقصتنا. حذائي أصفر وجهها منذ أن احست قلب المدن تعتصر و بريقها بدء بالذبول…(يصرخ متألما) الى متى أبقى هنا في ذاكرة حذائي… اشتقت كثيراً لضياء الشمس والى زقزقة العصافير… من يميط لثام الخوف مني حتى اخرج من هنا. (بتأمل) ولماذا اخرج، هذه العفونة التي أرزخ تحتها افضل لدي من العفونة التي في الخارج. وطن شاخ فيه الوجع…جرحه يرتل بهمس حتى لا يوقظ الاخر … أصبحت كتلة من الجراح تمشي على طرق معبد بالملح . (يخرج صور صغيره من جيبه (لحبيبته)) عندما كانت عينيك وطن مثقل بالجمال… كنت اوسم رجل في الدنيا … بعد ان أحكم البؤس علينا لفنا الضياع لفة مريرة جعلنا سلعة غير معلبة تباع بأسعار زهيد… الفردوس تحول جحيم… لماذا دوما لا نعرف الى السلام طريقا إلا في التحية المزيفة؟ أرخص ما في الكون أحلامنا… في كل يوم وأنا ارى الكناس وهو يزين وجه الشارع … أرى احلامنا اصبحت تحت مكنسته تتدحرج بلا رحمة الى سلة النفايات…هكذا هو المعنى في بلدي للامعنى المتخم بأبجدية الفوضى… ما أقسى المرء حينما يكون صوته أكبر من فعله ؟ ما أقسى أن تخلق منتظرا في محطة هجرتها القطارات وتآكلت سككها؟ ما أقسى أن تكون سلعة بائرة ؟ كل عضو من جسد هذه البلدة يئن بصوت ناي … لا يبكي عليه أحد ولا يضمد جراحه … فيبكي على نفسه خجلاً … خمسة وأربعون عاما ونحن تحت خيمة الدخان والبارود. كم أتمنى أن احتفل وان خارج حذائي بجفاف ذلك النهر الاحمر… ولد بصورة غير شرعية على أرصفة الشوارع … كان في جريانه ندا شرسا للنهرين الذابلات… في جريانه كم دمعة سقطت… كم حلم بزغ فجر شيبه بلا موعد… يا ترى هل سوف أستطيع أن احقق هذا الحلم المختنق في انفاسي… (أصوات أنفجارات مع أصوات لعيارات نارية) (صرخ) لا لا لا لا … لا يزال العواء مستمراً … ما أسخف عبثية الحياة … أناس يفجرون حضارات بؤسهم بجسد طفل رضيع … تزغرد الرصاص عبثا لا تعرف أهي مع أم ضد؟ حينما يتصارع الأحمر مع الأسود مخلفين ورائهم أبهى حضارة للتخلف الانساني.هل سوف يأتي يوما واخرج من هنا ؟ لكن كيف وما أن تفطم من محرم حتى تدخل في محرم تجريبي أخر. كلكامش هل سوف يموت خلك مجدداً… كم أنا محتاج اليك … (يصرخ) أين انت… يبدو انت الاخر غيبك الموت … لكن يا كلكامش مت ولم تخبرني هل هناك حقا عشبة خلود؟ هل بإمكاني حذائي هذه ان تكون سر خلودي؟ (منزعجا وصارخا) لماذا لا تجيب لماذا؟ … مللت جدا من هذيان الصمت… كلكامش أنا اريد فقط عشبة سلام حتى أستطيع أن أبحث عنك … وان انام ما تبقى من العمر بهدوء (يسمع اصوات انفجارات) (صارخا) لالالالالالالالا…

انتهت
27/12/2013

أحدث المقالات