تنمو وتزدهر السياسية كأي نبات يزرع في الأرض بوجود الاسباب الطبيعية لهذا النمو والبيئة المناسبة هي واحدة من تلك الاسباب الطبيعية التي تجعل من السياسة علاقة مثمرة وسلوك سوَي وفعال في اي مجتمع إنساني للوصول الى معالجات نلجعة لجميع قضايا الامة ومشاكلها المختلفة ابتداءاً من تشريع القوانين ، وليس انتهاءاً بتطبيق السلطات لتلك القوانين وتنظيم الحياة العامة. وفي نظرة سريعة لتصفح التأريخ العراقي، فأن المتابع لمجريات الاحداث يستنتج حقيقة واضحة للعيان مفادها أن العراق لم يلد فيه سياسيون بلغوا ذروة المجد في التعامل مع قضايا الدولة ومعالجة مشاكلها بالبراعة او بالامكانيات التي توفرت في شخصيات سياسية عالمية برزت في التأريخ الحديث للدول كأمثال ابراهام لنكولن الرئيس الامريكي السادس الذي وحد الولايات الامريكية، أو الماهاتما غاندي الذي قاد تحرير الهند بنظاله السياسي ، أو تشي غيفارا أو نيلسن مانديلا أو هلموت كول المستشار الالماني مهندس توحيد المانيا واحد اعمدة الاتحاد الاوروبي الذي ساهم مع الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في إصدار عملة اليورو.
البيئة العراقية بيئة صحراوية وان حباها الله بنهري دجلة والفرات، وحياة البداوة هي احد مظاهر تلك البيئة القاسية في طقسها وطقوسها، ومشكلة الصحراء أنها جدباء قاحلة، ليس فيها ماينبت، إلا الشوك. وطبيعيا يتأثر الانسان بالبيئة التي ينشأ فيها، فالانسان ابن بيئته، والقساوة أو الافراط في استخدام القوة تتعارض مع السياسة كمنهج للعلاقات الانسانية وسلوك يمكن أن يطبق طويلا لمعالجة مشاكل المجتمع وتنظيم إدارة شؤونه. ولو تعمقنا قليلا في المعالجات التي تطرح الآن على الساحة السياسية العراقية لحل المشاكل السياسية العالقة ، لوجدنا تطرف في النظرة والتطبيق وجميع المعنيين بالشأن السياسي هم غير مؤهلين تماماً في لعب أي ادوار سياسية يمكن أن يشار لها بالبنان. فالذي يقترح حكومة طواريء لايهمه إلا البطش والاستمرار في التسيد على الآخرين بدون الأهتمام بالشأن العام ومشاكل الناس ، فمعالجاته تخدم المصلحة الخاصة. أما منْ تراه يطرح مشروع اعادة الانتخابات وحل البرلمان فهو الآخر يغرد بعيدأً عن السرب ، ولاتهمه مصالح الوطن وحجم النفقات التي ستهدر جراء الانفاق على اي عملية انتخابية حتما ستؤول نتائجها لصالح من يدفع أكثر لأنها سيرافقها التزوير كما حصل مع سابقاتها من التجارب الانتخابية التي استطيع الجزم انها لم تخلي من تزوير منذ أول انتخابات الى يومنا هذا. الحل قد يكون سهلا، ولكنه في نفس الوقت سهل ممتنع، لأن معظم الاطراف التي تتصارع على ادارة الشأن السياسي في العراق غير مهتمة تماما لما يعانية العراق من مشاكل على صعيد الوطن والمواطن. ولو كان هناك من يتحلى باضعف الايمان في حبه للعراق لاختار ان يبقى برهم صالح رئيسا للجمهورية كما بقى الحلبوصي رئيساً للبرلمان وان يصوت على مرشح لرئاسة مجلس الوزراء تختاره القوى الشيعية في اقرب فرصة وتنهي بذلك الانسداد السياسي.