رواية “ليليا”.. الحب يمنح السلام لصاحبه ويحميه من تشوهات نفسه

رواية “ليليا”.. الحب يمنح السلام لصاحبه ويحميه من تشوهات نفسه

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “ليليا” للكاتبة السورية “نور قزاز” تحكي عن امرأة تشعر بالضياع وتتخبط في الحياة، وتحدث لها تحولات نفسية كثيرة لكنها في النهاية تكتشف الجمال في ذاتها.

الشخصيات..

ليليا: البطلة، تتعرض للظلم، وتشعر بالقهر، وتفكر في الانتقام وفقط، وفي رحلتها للانتقام تتعرض لخيبات أخرى كثيرة. لكنها تعمل عقلها وتقرر أن تكون مؤذية للآخرين وتنتقم، لكنها تكتشف أن الانتقام يؤذيها أكثر مما يؤذي من ظلموها.

وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية .

الراوي..

الراوي عليم، يحكي عن الشخصيات وعن ما تشعر به وعن ما يدور داخلها، ويحكي أيضا عن الأحداث وتصاعدها، ولكنه يركز في الحكي أكثر على “ليليا” لأنها البطلة. ويقوم بالحكي عن الشخصيات الأخرى فيما يخص تفاعلها مع البطلة.

السرد..

الرواية تقع في حوالي 233 صفحة من القطع المتوسط، وتتشعب في الأحداث حيث نجد أحداث كثيرة وثرية وشخصيات متعددة، ونجد أن رحلة “ليليا” طويلة والتحولات التي حدثت لها كثيرة، فقد تحولت من امرأة ليس لها خبرة في الحياة ومجرد ربة منزل إلى سيدة أعمال، وامرأة تعرف ماذا تفعل وتجيد التخطيط والانتقام. ثم تعود مرة أخرى لطبيعتها ولكنها تكتتسب خبرات أكثر، وتنتهي الرواية نهاية سعيدة.

الظلم الذي تتعرض له المرأة..

الرواية تركز على الظلم الذي يقع على المرأة في مجتمع شرقي مثل مجتمع سوريا، حيث عانت “ليليا” من غدر زوجها الذي عاشت معه سنوات طوال من حياتها، وانجبت له ابنة وابن، لتجد نفسها وقد تقدمت في العمر يتخلى عنها لأجل صديقة لها، بل ويسخر منها. لكنها لا تستلم لهذا الظلم وترفض أن تحصل على الطلاق وتعيش في مجتمعها، لأن المرأة المطلقة وفق ما رصدت الرواية تتعرض لكثير من المعاناة. فتركت ابنها الذي كان سيلتحق بالجامعة، وابنتها المتزوجة وهيأت نفسها أن تسافر وراء زوجها الخائن في تركيا لكي تنتقم منه هو وصديقتها.

ورغم أنها عديمة الخبرة وقضت طوال حياتها في سوريا وفي بيت زوجها، إلا أنها غامرت بالسفر للانتقام، وباختبار حياة جديدة عليها كلية، وقد ساعدها أحدهم ودلها على أحد الرجال الذي يساعد السوريين في تركيا لنرى شخصية أخرى هي شخصية “خالد”.

لكن بالنسبة لأوضاع المرأة فقد ذكرت الرواية الكثير عن تلك الأوضاع البائسة التي تعاني منها المرأة، فقط لكونها امرأة والظلم الذي تتعرض له سواء متزوجة أو مطلقة أو حتى عزباء.

نموذج ثوري منافق..

كما قدمت الرواية نموذج للثوري المنافق المتمثل في “خالد”، والذي كان يتاجر بثوريته لتحقيق مكاسب فردية وشخصية، فهو في الظاهر رجل خير يساعد الناس ويذهب إلى المخيمات التي يعيش فيها السوريين خارج سوريا، ويقدم لهم المساعدة. كما يتحدث دوما عن سعيه للتغيير والثورة لكنه كإنسان مخادع، خدع “ليليا” واستغلها جسديا، كما أنه يقضي أيامه مع مجموعة من الأغنياء ويعيش حياة الرفاهية. فهو يستخدم الأفكار الثورية كوسيلة للصعود الطبقي وللعيش في رفاهية ورخاء، ويرسم صورة مثالية عن نفسه دون أن يقدم في مقابل ذلك تضحيات تذكر، حيث سافر مع اندلاع الثورة في الفترة الأولى باعدا نفسه عن كل تفاصيل المعاناة التي عاشها الشعب السوري.

كما تحكي الرواية على لسان شخصيات أخرى داخل المخيمات، عن حجم المعاناة التي عاناها الشعب السوري منذ اندلاع الثورة، وقدمت وجهات النظر ما بين موافق على الثورة ورافض لها، من يعتبرها خيرا وتغييرا لأوضاع سيئة، ومن يراها شر ساهم في أن يعيشوا حياة قاسية ووحشية انعدمت فيها الخدمات وتدمرت البيوت وتوفي الكثيرون.

تحولات ليليا..

تحولت “ليليا” بدء من أخذها أموال السيدة العجوز التي استضافتها في بيتها في تركيا وعاملتها كابنتها، وكانت هذه الأموال لورقة يانصيب ربحتها السيدة، وبررت “ليليا” لنفسها أنها من اشترتها لها ومن اختارتها. وبهذه الأموال بدأت تهيء لنفسها استقرار مادي وتستعد للانتقام، لكنها بدأت ب”نزار” الشاعر والذي رغم أنه لم يؤذها هي شخصيا، لكنها رأته يؤذي فتاة أخرى أحبته ويرفض حبها والزواج منها، حتى بلغ الأمر بالفتاة إلى الانتحار. وبدأت تنتقم من “نزار” باغواءه وإشعال حكاية حب في قلبه نحوها.

ثم انتقمت من زوجها “فؤاد” وأخذت جميع أمواله وعرضته للضرب والتعذيب ونكلت أيضا بصديقتها التي تزوجته. وهي في رحلة الانتقام آذت أناسا آخرين، فقد آذت “عمران” صديق “نزار” حين رفضت إعطاء ابنه دماءها التي تتوافق وفصيلته ليموت الابن وكان هذه ايذاءا مجانيا.

الحب..

وقعت “ليليا” في غرام “عمران” حتى عندما أصبحت مؤذية وتحولت نفسيا، لكنها انكشفت بالنسبة له ولم يستطع الزواج منها، وكان هذا الحب هو من أعادها إلى صوابها، فحينما فقدته اكتشفت أن الانتقام لم ينفعها وإنما آذاها وجعلها مشوهة، فغيرت حياتها مرة أخرى لكن هذه المرة للأحسن، فاتجهت إلى فعل الخير وإلى عمل شيء تحبه كثيرا وهو صناعة العطور.

وقد سامحها “عمران” رغم خطأها الكبير، مما يعني أن الحب يمنح السلام لصاحبه ويحميه من تشوهات نفسه، وربما يعيده إلى اكتشاف ذاته والجمال الكامن فيها.

كما قدمت الرواية الشاعر الذي يدعي التحرر وإيمانه بالمساواة لكنه مع ذلك يتعامل مع النساء كفرص لعيش حالات متجددة من الحب، وقد فهمت “ليليا” أنه يتلاعب بالنساء وبمشاعرهن، لنكتشف في النهاية أنه لم يكن يفعل ذلك، لكنه مع ذلك يحاول أن يستفيد بشكل فردي من أفكاره التحررية.

سعت الرواية إلى تقديم شخصيات متفاعلة وحية، واستخدمت لغة شعرية عذبة، وتنوعت الموضوعات التي ناقشتها ورصدتها.

الكاتبة..

“‎نور قزاز” كاتبة سورية، ولدت في مدينة حلب صدر لها روايتين.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة