ثلث الله.. وثلثين لطالب.. وثلث الله يطالب بي طالب
هذه الأهزوجة كان يرددها مزارعي البصرة على طالب النقيب
– طالب النقيب كان واحداً من شيوخ الإقطاع ومن كبار ملاكي الأراضي في البصرة.. التي كانت مساحة اراضيه كبيرة جداً.. تمتد من العشار وتصل إلى الفاو.. وتسمى مقاطعة النقيب
يصفه الدكتور علي الوردي: بأنه
ـ شخصية ذكية وقوية ومخيفة.. مرهوب الجانب.. مهيب الطلعة.. طويلٌ.. عريضٌ.. ذو شاربين مفتولين إلى الأعلى… ونظراتٌ حادة ترعب من ينظر إليه.. كما كان أنيقاُ سواء بملابسه العربية أو الأوربية…. وكما يقول العراقيون: وكح
ـ كانت تتمثل فيه الشخصية القيادية البدوية.. فهو نهّاب ووهّاب.. فقد كان يفرض الإتاوات على الأغنياء.. ويوزعها على الفقراء
ـ ثريٌ يملك القصور والبساتين.. مشاكسٌ.. بل كان يتسم بالعناد.. والمكابرة.. والتحدي البدوي.. فنفرً منه الانكليز
سلوك السياسي
ـ بالمقابل تقيمنا لطالب النقيب.. هو رمز الانتهازية السياسية.. وهو الرجل الذي تملكه شعور حب المنصب.. فأفرغه من حب الوطن
ـ راح يتقلب في كل الاتجاهات ويصطبغ بكل الألوان.. فمن نزعته العثمانية كمندوب في مجلس المبعوثان.. و حاكم للأحساء 1901 -1903
ـ الى طائعاً ذليلاً للأتراك.. حتى أﻧﻌِﻢً عليه بالوسام العثماني من الدرجة الاولى.. ثم برتبة (ﺑﺎﻻ) الرفيعة الشأن
ـ ثم تحول الى نزعته الإنكليزية.. وتقربه منهم طمعاً.. بالحصول على عرش العراق
ـ وتحول من سني الى شيعي.. ومن قومي تركي الى قومي عربي.. ومن ملكي الى جمهوري
ـ ومن هروبه من اسطنبول خوفاً من الاتحاديين بعد فوزهم.. الى عضواً مدافعاً عنهم في البصرة.. وبغداد.. ورافع لواء الطورانية
أسرة النقيب
ـ تنحدر أسرة النقيب في حدود النصف الثاني من القرن التاسع عشر من مدينة مندلي.. حيث نزح السيد طالب وهو الجد الأعلى للأسرة إلى البصرة خلال الأعوام (1811ـ 1814) معه أولاده عبد الرحمن ومحمد سعيد.. أصبح للسيد مكانة متميزة بسبب دخوله مع السيد درويش الرفاعي نقيب أشراف البصرة آنذاك في مصاهرة
ـ العام 1896 أصبح السيد رجب نقيب الأشراف في البصرة.. وهو والد السيد طالب النقيب.. وبعد وفاة رجب خلفه في النقابة السيد طالب النقيب
ـ كان نقيب الأشراف يقوم بمهام القاضي في محكمة من ينتسبون الى ذرية الرسول فقط
ـ بعد منتصف القرن التاسع عشر أصبح لنقباء البصرة دوراً مهماً في الحياة السياسية للمدينة.. وفي علاقتها مع الدولة العثمانية
ـ ساهم طالب نقيب البصرة في حل المشاكل القائمة بين الدولة العثمانية وحكام إمارات الخليج العربي.. والقبائل العربية الثائرة على السلطان العثماني
ـ نقابة الأشراف كانت تستند الى قاعدة روحية صوفية تتمثل في كون نقيب الأشراف في البصرة رئيساً للطريقة ألرفاعية.. فصار للرفاعية السيادة على الطرق الصوفية الأخرى في البصرة
السيرة والتكوين
ـ طالب باشا ابن السيد رجب بن السيد محمد سعيد بن طالب بن درويش ألرفاعي.. ولد في البصرة في 28 شباط / فبراير / العام 1871.. درس القران والعلوم واللغة العربية على يد معلمين خصوصيين.. ثم تعلم اللغات التركية.. والفارسية.. والإنكليزية.. وشيئاً من اللغة الهندية
ـ طالب النقيب.. هو جد الشيخ ناصر أل محمد الأحمد الجابر الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالفترة من 7 شباط 2006 إلى 30 تشرين الثاني 2011.. وهو الابن الثاني لأول وزير دفاع في الكويت الشيخ محمد الأحمد الجابر الصباح من زوجته نسيمه طالب النقيب
تنقسم حياة طالب النقيب السياسية بين عهدين
حياة النقيب في العهد العثماني
ـ يعتبر العام 1899 بداية البروز السياسي للسيد طالب النقيب على الساحة السياسية في اسطنبول عندما أرسله والده السيد رجب النقيب لحل الخلاف الواقع بين الشيخ مبارك في الكويت ووالي البصرة حمدي باشا.. وقد نجح طالب النقيب في مهمته.. وتم عزل حمدي باشا من الولاية.. وعين مكانه محسن باشا (1899ـ 1901).. كما استطاع حل الخلاف بين الدولة العثمانية والشيخ خزعل شيخ المحمرة حول أملاك الأخير في البصرة
ـ حضيت أسرة النقيب برعاية الشيخ (أبو الهدى الصيادي) شيخ الطريقة ألرفاعية في إسطنبول.. الذي كان لها تأثير على السلطان عبد الحميد الثاني.. فقد استطاع أبو الهدى الصيادي أن يسهل للسيد طالب النقيب تبوء المراكز المرموقة.. سواء في البصرة أو في ولايات الدولة العثمانية
ـ العام 1901 عين متصرفاً للواء الإحساء في نجد.. وأنعمً عليه بالوسام العثماني من الدرجة الأولى.. ومن ثم برتبة بالا الرفيعة الشأن
ـ بعد سنتين استقال وعاد إلى الأستانة فعين عضوا بالقسم المدني من ديوان شورى الدولة.. حتى إعلان العمل في الدستور العام 1908
ـ انتخب عضواً في مجلس المبعوثان العثماني.. وأعيد انتخابه أعوام 1912 و1914
ـ في 6 آب 1909 تأسس الحزب الحر المعتدل في البصرة.. وتكونت هيئته الإدارية من طالب النقيب رئيساً.. والحاج محمود باشا عبد الواحد رئيسا ثانياً.. والشيخ عبد الله باش أعيان نائباً للرئيس.. وسليمان فيضي أميناً عاماً.. والسيد عبد الوهاب الطبطبائي سكرتيراً.. والحاج محمود المعتوق النعمة أميناً للصندوق.. واحمد الصائغ وعبد اللطيف المنديل والحاج طه السلمان والحاج محمود احمد النعمة أعضاء
ـ أسس فرعا لحزب الحرية والائتلاف المعارض لحزب الاتحاد والترقي في 6 آب / اغسطس / 1911
ـ أسس جريدة الدستور لسان حال الحزب التي صدرت في 9 كانون الثاني / يناير / 1912
ـ بعد فوز حزبه بست مقاعد في مجلس المبعوثان العام 1914.. طالب بحقوق العرب في الحكم.. والمساهمة في الوظائف العامة.. ونظام لا مركزي في إدارة شؤونهم ومتابعة قضاياهم
ـ دعا النقيب الشريف حسين بالثورة على العثمانيين في وقت مبكر.. حيث رفع في العام 1911 إلى الشريف حسين يدعوه إلى الثورة
ـ أيد المؤتمر العربي المنعقد في باريس العام 1913 الذي دعا إلى العمل على تحقيق حقوق العرب مفاجأة قاسية للانقلابين والمحافظين
ـ تبعها بدعوة جريئة لقيام اتحاد كونفدرالي بين ولاية البصرة التي كانت تضمّ الجانب الجنوبي من العراق وشرق الجزيرة العربية والإمارات الجنوبية في الخليج.. وبين إمارتي الكويت وعربستان.. وكان يمكن أن تؤسس أكبر قوة اقتصادية وبشرية لو قيّض لها أن تقوم لغيّرت وجه التاريخ العربي
ـ العام 1913 صَعدً طالب النقيب معارضته للأتراك بتأسيس الجمعية الإصلاحية في البصرة.. التي تبنت برنامجاً يعترف بسيادة الإمبراطورية العثمانية على العراق.. مؤكداً وجوب أن يكون الولاة عراقيين.. وان تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.. وأصبحت جريدة (الدستور) لصاحبها عبد الله الزهير تنطق باسم الجمعية
ـ نشطت الجمعية وعقدت مؤتمرها في مدينة المحمرة.. حضره طالب النقيب.. وشيخا المحمرة والكويت لمناقشة مستقبل العراق السياسي.. انتهت الجمعية بدخول القوات البريطانية العراق والبصرة تحديداُ في العام 1914.. وقيامها باعتقال طالب النقيب ونفيه إلى بومباي
حياة النقيب في ظل الاحتلال البريطاني
رغبته في عرش العراق
نشاطه السياسي
ـ بعد دخول القوات البريطانية إلى البصرة تم اعتقال طالب النقيب.. ونفيه إلى جزيرة بومباي بسبب معارضته للغزو البريطاني
ـ عاد بعد خمس سنوات من منفاه إلى البصرة لتتزامن مع اندلاع ثورة العشرين.. وأعلن معارضته للثورة.. ليكون بعد ذلك أول وزير داخلية في تأريخ ألعراق الحديث في حكومة (عبد الرحمن النقيب
ـ من المرشحين لتولي عرش ألعراق بقوة.. لكن معارضة بريطانيا له حالت دون ذلك
ـ تقول المس بيل السكرتيرة الشرقية لدار الانتداب البريطاني في بغداد: إن الوطنيين العراقيون ينظرون إلى طالب النقيب بعين الريبة أولا.. لأنه طامح بالمنصب الأعلى.. الذي يطمحون إليه هم أليه.. وثانيا لأنهم يخافون منه
ـ من جانب آخر تقول: انه بحق اقدر رجل لإدارة البلاد.. كان يريد أن يؤسس حزبا معتدلاً.. على أن نتعهد له بالتأييد للحصول على المنصب الأعلى
ـ وتضيف بيل أن بهلوانيات السيد طالب كانت تثير اهتمام الإنكليز.. ويتحدث الناس عن أفاعيل السيد فهو خبير في هذه الألاعيب.. فقد قضى ثلاثين سنة في مكايدة الأتراك.. وعرف كل صغيرة وكبيرة في دهاليز الحكم
ـ تضيف بيل: عندما يئس من ترشيح الانكليز له للعرش.. أخذ يتظاهر بالوطنية فأعلن استقالته من الوزارة ليجذب إليه المتطرفين والوطنيين ومن هم ضد الإنكليز.. واتصل بجريدة الاستقلال فنشرت له حديثاً يقول فيه: إن الناس ضد هذه الوزارة.. وهو يعتقد إن الحكومة إذا لم يعاضدها شعبها فلا يمكن أن تنجح
ـ قدم مطالب مشروعة ومعتدلة.. إلا انه حصل بعض التردد في قبولها.. ومنها عودة جميع المنفيين.. ومنح حرية أكثر للوزراء لممارسة أعمالهم بعيداً عن المستشارين الإنكليز
ـ السيد طالب حدث المس بيل عن الحاجة الضرورية لسد أفواه رواد المقاهي.. وتقول بيل: يبدو لنا هنا ذكاء السيد طالب وإدراكه لمخاطر البطالة
ـ لكن طالباً لم ييأس بعد.. وما زال عنده أمل أن يساعده الانكليز للحصول على العرش
ـ وتضيف بيل: واقع الحال إن سياسته لم تكن واضحة وغير مستقرة.. بل كان ما بين موال ومعاد.. فمرة يؤيد الأتراك.. وأخرى يقف ضدهم.. ويعمل على قتل الوالي العثماني في البصرة.. ومرة يوالي الإنكليز.. وفي نفس الوقت يأوي من يلجأ إليه من الفارين منهم.. وتارة يعاديهم ويتحداهم.. وفق ما تقتضيه مصالحه ونزوعه إلى الزعامة والرئاسة
ـ كما انه لم يكن يمتلك الرؤية الثاقبة للأمور.. ولم يكن سياسياً حاذقاً.. ولا يمتلك مقدرة التحليل السياسي لما وصل أليه العراق.. أو معرفته ببواطن الأمور وجوهر مشكلات العراق السياسية والاجتماعية
ـ لما انتهت الحرب العالمية الأولى.. كتب طالب النقيب للإنكليز يرجوهم العفو عما سلف.. ويتعهد برعاية مصالحهم في العراق.. وقد أراد ويلسن الحاكم البريطاني العام الإفادة من خدماته لتهدئة الأوضاع.. فتم إعادته من منفاه إلى العراق في شباط / فبراير / 1920.
ـ وعندما اندلعت ثورة العشرين (1920).. جاهر النقيب في معارضتها كعربون مقبول يرضي به الانكليز. وشجب في الوقت نفسه الاساليب التي يذرع بها رجالها في تحقيق الغايات السياسية.. وهكذا منح الإنكليز منصب وزير
ـ وبدأ بإعلان رغبته الصريحة باعتلاء عرش العراق لفيلبي في الباخرة التي أقلته مع كوكس وفيلبي من البصرة إلى بغداد في تشرين الأول / اكتوبر / 1920
ـ كان فيلبي يميل إليه ويؤيده.. ويقول إن السيد طالب هو ابرز شخصية في العراق في الذكاء وقوة الشخصية.. لكنه على جانب كبير من الطيش والغرور
ـ أما المس بيل فقد كانت تتخوف منه وتحاول تهديمه.. لأن الانكليز كانوا يفكرون بالأمير فيصل ووضعوا الخطط لتنصيبه.. لأنه كان هادئا طيِّعا عكس المشاكس المشاغب السيد طالب
ـ كان الرأي الغالب كان بترشيح فيصل ملكاً على العراق بعد خسارته لتاج سورية.. بعد إعلان مقررات سان ريمو في نيسان1920.. التي وضعت سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.. والعراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني
ـ طالب النقيب لم ييأس وكرر رغبته باعتلاء عرش العراق أمام مس بيل حيث تقول: “جاءني السيد طالب النقيب اليوم 18 كانون الأول 1920.. ويجب أن اعترف انه احدث شعوراً حسناً جيداً عندي.. فأنه اخبرني بصراحة انه يريد أن يكون أمير العراق
ـ البريطانيون كانوا ينظرون إلى طالب على أنه رجل خطير لا يمكن الاعتماد عليه والوثوق به
ـ لم يكن يدعم مشروع النقيب سوى الجنرال فيلبي وبعض الساسة العراقيين أمثال: حكمت سليمان وعبد الرحمن النقيب.. ويقال إن ساسون حسقيل الشخصية اليهودية البارزة في ذلك الوقت.. وأول وزير مالية عراقي هو الذي قد خوف المس بيل منه.. وقال لها إن الناس يكرهون السيد طالب.. لكنهم يتظاهرون بحبه خوفا منه
وزيراً للداخلية
لكن الخط البياني المتصاعد لطالب النقيب بدأ بالهبوط تدريجياً.. بعد تعيين ( برسي كوكس ) حاكماً سياسياً للعراق
ـ بعد أن اختار كوكس السيد عبد الرحمن الكيلاني لرئاسة أول حكومة عراقية مؤقتة العام 1920
ـ بدأ التفكير في اختيار الوزراء.. فرشحوا السيد طالب لوزارة الداخلية.. إلا إن طالب كان ممتعضاً.. لأنه لا يريد أن يكون تابعا.. وفي مرتبة ثانوية تحت أي رأس
ـ حاولت مس بيل أقناعه بالتعاون مع فيلبي.. ولم يقتنع إلا بعد أن طلب منهم أن يعلنوا انه يأتي بعد عبد الرحمن الكيلاني بالمرتبة مباشرة.. وإذا تمرض الكيلاني أو مات حل السيد طالب محله
ـ كما أراد أن تمنح له ارفع التشريفات ويحاط بحرس شخصي كبير
ـ يكون راتبه أعلى من باقي الوزراء.. يقول فيلبي انه أوصى السيد طالب بالصبر والإذعان لخطط كوكس
حملته الانتخابية
ـ بعد أن أحس النقيب إن الانكليز لا يريدونه.. حتى إنهم لم يختاروه عضواً في الوفد الذاهب إلى القاهرة لتحديد مصير العراق.. بينما اشترك فيه حسقيل ساسون.. ونوري السعيد.. وجعفر العسكري.. والمس بيل وكلهم ميالون لفيصل.. انتهز السيد طالب فرصة غياب كوكس عن العراق لاشتراكه في مؤتمر القاهرة فصار يبذل جهودا كبيرة وأموالا طائلة للدعوة لنفسه.. وكان شعاره: العراق للعراقيين
ـ بدأ جولته في الألوية الجنوبية.. وكان يصحبه العديد من رؤساء العشائر وعمداء العوائل العراقية المتنفذة.. وكان أنصاره يقيمون له في كل بلدة استقبالا حافلا وولائم كبيرة
ـ كان يخطب في الناس محببا نفسه إليهم.. ويبشر بالمبادئ التي توافق معتقداتهم.. وفي النجف خطب قائلاً: أدعو الله بحرمة أجدادي الطاهرين.. لاسيما جدي الأعظم أمير المؤمنين (عليه السلام).. أعاهدكم على تحقيق آمالكم أمام حضرته المقدسة
العراق للعراقيين
ـ كان الرأي العام في بغداد منقسما إلى فريقين
الأول: يدعو إلى مبدأ العراق للعراقيين.. كان هذا الفريق يضم أبناء الأسر العريقة
الثاني: كان يدعو إلى اختيار احد أبناء الشريف حسين (شريف مكة).. وكان يضم معظم الذين شاركوا في ثورة العشرين.. ودعاة القومية العربية
طالب يتحدى
ـ نيسان / ابريل / العام 1921 وصل بغداد مندوب جريدة (الديلي تلغراف اللندنية).. فاغتنم طالب الفرصة وقرر أن يقيم لمندوب الجريدة وليمة عشاء كبرى في بيته.. ودعا إليها القناصل ورؤساء عشائر ربيعة وأسد محمد الأمير وسالم الخيون وعددا من الوجهاء.. خطب السيد طالب.. وكان فحوى ما قاله: إن شائعات تعيين فيصل ملكاً أخذت تملأ الأندية.. وهو يريد أن يوضح للحكومة البريطانية إن أهالي العراق لا يريدون فيصل.. ولا يتساهلون في فرضه ملكاً عليهم.. وان الحكومة البريطانية قد وعدت بأن العراقيين سينتخبون الحكومة.. والملك الذي يريدون.. إن أهل العراق مصممون على أن تفي الحكومة البريطانية بوعدها.. وإذا لم تفعل فإن العشائر لديها أكثر من ثلاثين ألف بندقية ومسلح رهن الإشارة.. اعتبر كوكس كلمة السيد طالب بمثابة تهديد بإعلان الثورة فقرر اعتقاله ونفيه
من إنجازاته
ـ لم يقتصر نفوذ النقيب على البصرة فقط بل تعداه ليشمل الكويت والبحرين.. فأسس طالب النقيب فرعاً لحزب الحرية والائتلاف المعارض لحزب الاتحاد
ـ أصبحت البصرة في زمن طالب النقيب قلعة الائتلافين ومعقلهم بفضل نفوذه وسطوته.. خاصة بعد نجاحه في الانتخابات
ـ لعب دوراً أساسياً في المحاولة الوحدوية بين كل من: البصرة وعربستان والكويت.. لإنقاذ منطقتهم من السياسة الجديدة التي انتهجها رجال الاتحاد والترقي في الدولة العثمانية وهي سياسة التتريك
آخر نشاطاته
ـ أحس وزير الداخلية طالب النقيب بما يبيته له الإنكليز.. فأخذ يجمع حوله مريديه ومؤيديه من شيوخ القبائل ورجالات عرب العراق المهمين.. وأخذ يتجول ويتنقل في مدن العراق.. ويخطب في الناس خطباً حماسية طالباً تأييدهم ومساندتهم له.. ووزع الأموال الكثيرة على الناس خلال جولاته وتنقلاته في إرجاء العراق
ـ كان هدفه من كل هذه التصرفات والجولات والخطابات التي يقوم بها.. وهو مازال وزيراً للداخلية فرض نفسه بقوة على الإنكليز.. لكي يسهلوا له الأمر.. بالوصول إلى تاج العرش العراقي.. لأنه يعتبر نفسه أحق به من الأمير فيصل بن الحسين.. ومن كل المرشحين الآخرين
المؤامرة.. والنفي
ـ أدركت بريطانيا بأن السيد طالب النقيب ليس رجلها الموعود (انه رجل قوي الشخصية.. لكنه لا يستحق الثقة
ـ لم تفقد بريطانيا الأمل في تحجيم دوره السياسي بعد عودته من الهند.. و قبوله منصب وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة.. وبذلك لمست فيه ضعفاً أمام الطموح السياسي
ـ خلال ثورة العشرين.. أدركت بريطانيا تدرك إنها يمكنها أن تدفع بالنقيب قرباناً لتنفيذ مخططاتها في المنطقة
ـ من خلال دفعه للمشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي العراقي برغم الهياج الذي بدأ يعمّ الوسط الجماهيري وبتأثير المحاولات الكثيرة التي بدأت قوات الاحتلال في ممارستها لخلق الصراع الطائفي والعشائري بالدعوة إلى القطرية التي تمثّلت في مجموعة من التنظيمات الشكلية مثل: حرس الاستقلال.. والتجمعات ذات المواقف المذهبية التي راحت تدعو علناً تحت السطوة البريطانية في جريدة عبد الغفور البدري ( الاستقلال) إلى ترشيح الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق
نفيه
ـ في 13 نيسان / ابريل / 1921 وأثناء إقامة السيد النقيب وليمة عشاء على شرف الصحفي البريطاني بريسفال لاندون.. ألذي كان بزيارة للعراق وبحضور القنصلين الفرنسي والإيراني والشيخ محمد الصيهود أمير قبائل ربيعة.. والشيخ سالم الخيون رئيس عشائر بني أسد.. أعلن النقيب صراحة رفضه لتولي فيصل عرش العراق مهدداً باستخدام القوى العشائرية لأصدقائه محمد الصيهود وسالم الخيون في حال فرضت بريطانيا فيصلاً ملكاً على العراق قائلاً: “إن بريطانيا كانت وعدتنا بأننا سننتخب شكل الحكومة الذي نريدها بحرية.. وأني أحتج ضد أي تغير يطرأ على ذلك الوعد
ـ وفي الحال وصل الخبر إلى مس بيل ألتي نقلته بسرعة إلى كوكس الذي أتخذ أجراء فوري بضرورة أبعاد ونفي طالب النقيب خارج العراق قبل أن يشتد ويستفحل خطره
ـ وفعلاً تم ذلك بطريقة عاجلة.. فدبرت له عملية ذكية وسريعة.. ففي مساء يوم 16 نيسان 1921 دعت الليدي كوكس زوجة المندوب السامي البريطاني وزير الداخلية السيد طالب النقيب إلى حفلة شاي في بيتها في دار الانتداب.. فلبى طالب الدعوة وجاء إليها.. ولما أراد الخروج شكرها على حسن استقبالها له وحفاوتها به.. ورافقته مشيعة له عند خروجه المس جيرترود بيل.. حتى أوصلته إلى الباب الخارجي لدار الانتداب
ـ بعد أن صعد السيد طالب إلى سيارته لوحت له المس بيل بيدها وعادت راجعة.. ولما شغل سائقه السيارة وتحرك وجد الطريق أمامه مسدودة بعدد من سيارات الحمل (اللوريات).. وعندما همً السيد طالب النقيب بالاعتراض على سوء الأدب هذا.. طوقت سيارته ثلة من الجيش البريطاني كانت تنتظره على الباب واعتقلته
ـ وتم نفيه إلى جزيرة سيلان بالهند مع صرف راتب شهري له مقداره 2500 روبية.. حتى تتويج الملك فيصل الأول ملكاً على العراق في آب 1921
وفاته
ـ لم يرجع النقيب من جزيرة سيلان للعراق إلا في الأول من أيار/ العام 1925.. بعد أن قضى 4 سنوات في المنفى.. عاد الى البصرة مقيما في قصره في منطقة السبيليات في أبي الخصيب في البصرة مشرفا على أملاكه ومصالحه التجارية.. حتى مرضه حيث سافر إلى ألمانيا بمدينة (ميونخ) للعلاج.. فأجريت له عملية جراحية.. توفي أثرها في 16 حزيران / يونيو / العام 1929.. ونقل جثمانه إلى مدينة البصرة.. حيث دفن في مقبرة الحسن البصري في مدينة الزبير
بقيً أنه هو ان طالب النقيب موجد الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالفترة من 7 شباط 2006 إلى 30 تشرين الثاني 2011 من إبنته نسيمة