تكثر في مجتمعات ضائعة، الشعارات، والنصائح، والوعظيات، ولا تسفر عن منتج، أخلاقي، وماديّ.
وعلى جدران أماكن عامة وخاصة، تلصق مادة الغراء، منشورات “النظافة من الايمان”، لكن المواضع تمتلئ بأكوام القمامة.
وفي مؤسسة ومصنع وشارع، تثبّت المسامير على الحيطان، كليشات (الوقت من ذهب) فيما الموظفون يستغرقون في
الروتين، الذي يكدّس الواجبات على المناضد.
وفي بلدان معينة، تُؤسَّس مكاتب النزاهة ومؤسسات الرقابة، وتتشدق النخب والناس بالعفّة، وتنتصب في المكاتب، دروع الإخلاص وشهادات الأمانة، فيما البلاد تغرق في بحر الفساد.
وقد حدث لدى أمم، انّ المسؤولين يشيدون بالتواضع، ونسف الحواجز مع الناس، والتجول في الأسواق والميادين الشعبية، لكنهم يقضون جلّ وقتهم في الأبراج العاجية، والمكاتب الوثيرة، ويصلون الى الناس بقوافل السيارات الفخمة، ومن حولهم الحمايات والخدم.
وحدث في شعوب، ان المفاهيم تتكدّس، وتلال الكتب ترتفع، وتعج مرافق المجتمع بالناصحين والمثاليين، لكن
المسؤوليات لا تدار بكفاءة، والنزاهة تضيع بين صراخ المنظرّين، وسيطرة عقيمي الفكر، وسطحيّي الفهم.
ويُستدل على الفجوة الواسعة بين القول والفعل، حين تقرأ في واجهات المصالح، والمتاجر، عبارة من مثل “من راقب الناس مات همًّا”، فيما الواقع يحفل بمراقبة الآخرين، والتطفل على حياتهم.
وفي كل هذه الامثال، تُرصد المثاليات الإيجابية التي تحولت الى شعارات جوفاء لأنها لا تطبّق، تسوّقها أيضا نوافذ المئات من الفضائيات، ومواقع التواصل، ونغمات الهاتف الجوال، وواجهات المتاجر والمولات، والدعائيون الواتسابيون والفيسبوكيون في مختلف شؤون الأدب والأخلاق والعلم.
المؤكد انّ ذلك يجد له مرتعا، في الدول التي تعاني من تخلف واضطراب العقائد الاجتماعية، اذ يتناسل المدائحيون والقصّاصون والشعاراتيون، ومشلولو العقل، بأعداد أكثر من أصحاب الإنتاج، والابداع والتفكير العلمي.