سوريا كانت و لا زالت مستهدفة منذ انشاء نظامها القومي في العام 1963 و تحركت ضدها مختلف المؤامرات الخارجية و كانت مثال على نجاح مجموعة من الشباب الذي “يريد” ان يصنع شيئا جديدا في الواقع العربي و هؤلاء الشباب استطاعوا تحقيق الاستقلالية و دولة الرعاية الاجتماعية للمواطن العربي السوري و لكل “عربي” اخر يقيم على ارض الجمهورية القومية التي أسسها الجناح اليساري لحزب البعث العربي الاشتراكي , و هذه الدولة بالتأكيد فيها من سلبيات النظام الرسمي العربي الكثير و هي جزء مما حدث في أنظمة حكم الحزب الواحد من عبادة شخصية او من تراكمات بقاء اشخاص من هنا و هناك في مواقع السلطة متكلسين و اشتبكوا في تحالف مع طبقات تجارية قديمة او جديدة و هذه المواضيع و اكثر ناقشتها في عمق اكثر في كتابي الصادر في العام 2017 بعنوان “ما و راء الستار” و في الكتاب تفاصيل اكثر عن ثورات الألوان و كيفية صناعة الاستحمار الداخلي بواسطة الاستعمار الخارجي , و هذا الامر أقوله ليس لترويج كتاب انا الفته و لكن لتحويل المهتمين من يريدون ان يتحركوا في عمق اكثر و تفاصيل ادق لما يجري و يحدث في واقعنا العربي المريض و الذي يغيب عنه مشروع للنهضة شامل كما حدث أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي انتهى لما وصل اليه من سقوط و انهيار في هزيمة 1967 وصولا الى مرحلتنا الحالية حيث بقت للمنطقة العربية ثلاثية مشاريع ناقشناها في مواقع اخري ومنها المشروع السوري لحزب البعث و الذي أصبحت به سوريا احد مواقع صراع الأقطاب في العالم بل هي البؤرة الأساسية لصناعة العالم الجديد ب “أقطابه” الجديدة و تراجع القطب الأمريكي , و ان كان لا زال يقاوم و جزء من هذه المقاومة الشيطانية هو استخدام المخطط النيوليبرالي ليس ضد سوريا فقط بل لباقي العالم , و هنا اخترنا سوريا لأن هناك اشتباك و تداخل حصل ضمن معركتها مع اعلان رئيسها قناعات لدولته التي يرأسها و هذه ما سنشرحه لاحقا بهذه السطور القادمة.
ان الجمهورية العربية السورية تعرضت منذ العام 2011 الى تحريك “مبرمج” للثورات الناعمة على أراضيها ضمن استغلال “حدث” و “موقف” من هنا و اختلاق امر من هناك و أيضا استغلال تراكمات سلبيات و أخطاء و جرائم من هنالك مضافا اليها سلبيات أي نظام رسمي عربي و هي سلبيات تراكم معها الاحتقان وهي جبال من الغضب الشعبي تصنع فتيل الانفجار اذا صح التعبير , و لعل ذلك ما ساعد على نجاح تفجير ثورات الألوان داخل الجمهورية العربية السورية و والتي نجحت الدولة في سوريا مع “إيجابيات” استخباراتها و أجهزتها الأمنية و المخلصين المؤمنين الصامدين في الجناح اليساري الحاكم من حزب البعث , كلهم نجحوا في احتوائها و من ثم انطلق التسليح “الخارجي الأجنبي” و صناعة الجماعات المسلحة المرتبطة في التمويل و الدعم مع “حلف الناتو والصهاينة وادواتهما التوظيفية” و “تحويل ” يافطات اسمائها كل فترة و أخرى الى أسماء متعددة مختلفة ضمن صناعة دعايات زائفة عاطفية و استغلال كل ما هو ممكن و متاح و أيضا كل ما هو غير معقول لأسقاط اخر قلعة للصمود العربي و تدمير اخر جيش عربي “نظامي” “قتالي” “حقيقي ” في المنطقة العربية , الى ان وصلت المسألة الى أيامنا الحالية حيث احتلال امريكي من هنا وهناك حيث تجميع لأوباش البشر و قمامات التكفير و جواسيس و عملاء حلف الناتو و الصهاينة في منطقة ادلب المحتلة من تركيا الطورانية , تمهيدا لنجاح متوقع للبرود الاستراتيجي السوري الى حد التجمد في القضاء على هكذا “خراج” و “قيء” متعفن من الخونة والجواسيس الذين باعوا انتمائهم لوطنهم وقوميتهم و دينهم , و اشتغلوا كبندقية عميلة للأيجار ضد “الدولة” السورية و ضد “جيشها”.
اذن هذا مختصر للكلام للحدث السوري ننطلق منه شابكين ذلك ارتباطا مع ما قاله رئيس الجمهورية العربية السورية د. بشار الاسد في شكل غير مسبوق و وحيدا بين كل قيادات و زعامات النظام الرسمي العربي و هو منهم؟! , , حيث قال نقاط مهمة جدا , قوتها ليس في ارتباطها في شخص من قالها بل لأننا نعرف انه ك “فرد” يمثل “رسميا” و “قانونا” كامل جهاز تفكير و قناعة “دولة” سوريا بأجهزة استخباراتها و “الشخصيات الرزينة” التي تفكر مع الرئيس و التي يستشيرها ضمن نطاق عملها “الوظيفي” و أيضا “جهاز التفكير المؤسسي” التي تملكه “دولة سوريا القومية العربية” , والتي هي دولة علمانية لديها مشروع استراتيجي حركي يسعى لتحرير الانسان العربي ضمن فكرة صناعة دولة رعاية للمواطن و أيضا الالتزام في فكرة تحرير الأرض ضمن مواقع القوة الموجودة لديها لذلك هي دولة أعلنت رغبتها في “السلام” العادل والمشروط مع حقوق الشعب العربي , و هذا ما وضع الصهاينة و من ورائهم من حلف الناتو و المتصهينين العرب في الزاوية , ان مشروع تحقيق و “فرض” السلام السوري في المنطقة احرج الصهاينة و حلف الناتو , و مجمل المشروع العربي الفكري السوري اذا صح التعبير ليس منطلقه طائفيا و لا علاقة له في دين او المذهب الوراثي لرئيس الدولة و كل كلام عن علوية الدولة السورية او طائفيتها هو كلام دعائي استخباراتي صهيوني كاذب و مزيف هدفه الحركة الخبيثة في تفكيك الشعوب العربية و أيضا خلق اسفين من الحزازيات الوهمية ناهيك على ان هذا الكلام يخالف الواقع و التاريخ و ما هو ملموس في الجمهورية العربية السورية القومية حيث مجمل و اغلب قيادات الدولة هناك من مناطق دير الزور و درعا حيث العشائر العربية السنية المذهب و الأغلب الاعم من كوادر حزب البعث العربي الاشتراكي و قيادات الجيش العربي السوري من المسلمين السنيين المذهب اذا صح التعبير و على العكس من الأكاذيب الصهيونية ضد الدولة السورية و رئيسها العلماني البعثي القومي العربي فأن حزب البعث العربي الاشتراكي الجناح اليساري الحاكم في سوريا هو من الغى الزامية وجود المسلمين العلويون في مواقع الامن و العسكر وابعاد الاخرين وهو تقليد عثماني تركي طوراني موروث من أيام الاحتلال التركي لسوريا و هي عقلية تركية طورانية دخيلة على العرب كانت تستحقر العشائر العربية الاصيلة و تعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية !؟ واقل منهم “عرقيا”! علما بأن الرسول الاكرم عليه أفضل الصلوات والسلام كان “عربيا” اصيلا، اذن الدولة العربية السورية البعثية الغت استحقار العرب الممارس ضد هؤلاء الذي تمت ممارسته عليهم من القوميون العنصريين الطورانيين الاتراك.
من هذا و ذلك ما نريد ان نشدد عليه ان ما ذكره رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد مؤخرا ليس تصورات فرد بل انها قناعة دولة و أجهزة و مؤسسات اطلقها رئيس اخر “قلعة” للصمود العربي اذا صح التعبير , و هي وان كانت مطولة و لكنها تشمل قراءة مهمة حيوية يجب ان تتم دراستها و نقاشها و تحليلها و اثارة ما احتوته من ملاحظات و نقاط و أيضا ان يتم العمل على الانطلاق المعرفي التحليلي في تبني مع ما هو مناسب فيها , لأنها كاشفة للمخطط النيوليبرالي الخبيث والمبرمج, حيث يقول رئيس الجمهورية العربية السورية د. بشار الاسد:
“عندما نتحدث عن الفكر في منطقتنا أنا لا أتحدث الآن عن سورية في هذا الشرق الكبير قد لا يكون هناك تعريف قد يكون الشرق يمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ومناطق أخرى هو شرق عقائدي. شرق ديني. عندما نتحدث عن الفكر فاليوم هذا الفكر هو الدين لأنه يدخل في كل جوانب الحياة. يدخل في العقل. يدخل في العاطفة يدخل في السلوك. في الماضي. وفي الحاضر. وسيكون كذلك في المستقبل. فإذا يكفي أن نخرب هذا الفكر لكي نخرب المجتمعات. وهذا الشيء يحصل منذ قرن تقريباَ أو أكثر بقليل. وبالمحصلة بعد مئة عام فقد حقق أعداء تلك المجتمعات نجاحات كبيرة في هذا الشيء وبدلا من أن يكون الدين الذي أنزل أداة للمجتمعات لكي تتطور استخدم هذا الدين لكي يكون أداة لتخريب تلك المجتمعات. أنا أريد أن أشبه الوضع والعالم الذي نعيش فيه بمحيط. محيط كبير. محيط هائج. أمواجه عاتية تضرب بكل الاتجاهات. تضرب بالاتجاه الأمني عبر الإرهاب. تضرب بالاتجاه الاقتصادي عبر الحصار والتجويع. تضرب بالاتجاه الفكري عبر دفع المجتمعات إلى الدرك الأسفل. في هذا المحيط نرى سفنا ونرى مراكب ترتفع تعلو وتهبط. البعض منها يهتز بهدوء والبعض يترنح والبعض قد غرق. ما يحدد الفارق وما يحدد قدرة هذه المراكب على مواجهة الأمواج هو عوامل الأمان والاستقرار التي تمتلكها تلك المراكب. هذا هو حالنا كمجتمع. لو لم نكن نمتلك هذه العوامل لكنا غرقنا منذ الأسابيع الأولى. وبالوقت نفسه لو كنا قد قمنا بصون هذه العوامل والحفاظ عليها بشكل جيد لما دفعنا ذلك الثمن الغالي اليوم.”
“هذه الأمواج مستمرة لا تتوقف تضرب بمجتمعاتنا بشكل مستمر. تضرب بنية المجتمع. تضرب عقائد المجتمع. وتضرب رموز المجتمع. وهذه الأمواج ليست أمواجا عفوية لأن هذا المحيط الهائج ليس هائجا بفعل عوامل الطبيعة وإنما بفعل المصالح الدولية وهناك تعارض بين تلك المصالح وبنية مجتمعاتنا سواء كانت البنية بالمعنى الاجتماعي البحت أو البنية بالمعنى العقائدي لأننا لا نستطيع أن نفصل مجتمعاتنا عن ديننا.”
“بالمحصلة خلال القرن الماضي نحن نتراجع. نحن نخسر والأعداء يتقدمون إلى الأمام. السؤال الذي يجب أن ننطلق منه بالبداية من هو المسؤول؟ نحن أم هم؟ طبعا نحن لا نتحدث الآن عن سورية. أنا أتحدث عن العالم الإسلامي ككل وسورية اعتبرها في هذا المجال متقدمة جدا وحققت نقلات نوعية جدا ولكننا جزء من هذا العالم الكبير لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عما يحصل في العالم الإسلامي. وأنتم تعانون. تخطون خطوة إلى الأمام. تلاحظون بعد فترة أن هناك دائماً انتكاسات سببها التفاعل والتأثر بما يحصل في مناطق أخرى من العالم الإسلامي وخاصة مع تطور أو انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.”
“بالطريقة نفسها يجب أن نفكر. ما هو موقعنا لو أردنا أن نسقط هذه الحالة على وضعنا في العالم الإسلامي بشكل عام نستطيع أن نقول إنه لا يوجد مخفر شرطة لأنه لا يوجد قانون دولي ولا توجد مؤسسات تضبط. فإذا يبقى نحن وهم. ونحن أصحاب البيت هل أغلقنا الأبواب؟ وإذا كيف نردع اللص؟ بحالتين إما بالردع من خلال القوة والآن لا يوجد ردع دولي والمؤسسات الدولية غير موجودة والقانون الدولي والأخلاق الدولية كلها غير موجودة. وهناك تحصين المنزل فكيف نحصن هذا المنزل؟ هذا بيدنا. الموضوع ليس بيد أحد وهذا أساس الحماية. التحصين أهم من الردع والتحصين أهم من الشرطي بغياب كل العوامل الأخرى نستطيع أن نحصن منزلنا.”
“لكن في الواقع كل ما يحصل هو عبارة عن رد فعل. يعني الغضب هو تنفيس. تنفيس للاحتقان ولكنه ليس فعلاً. هم يحاربوننا بالفعل ونحن نرد برد الفعل ودائماً من يعمل دائماً برد الفعل يخسر. غضبنا كرد فعل ولكن هذا الغضب لم يتحول إلى فكر. لم يتحول إلى خطة عمل. وعندما لا يضبط العقل الغضب يتحول كالعاطفة. العاطفة شيء جميل وإنساني ولكن عندما لا تضبط العاطفة بالعقل تصبح ضارة. الشيء نفسه الغضب هو رد فعل طبيعي ولكن عندما لا يضبط بالعقل يتحول إلى مجرد تنفيس وبالتالي يعرف الأعداء أن هذه المجتمعات لا تستطيع أن تقوم بشيء أكثر من الغضب. فإذاً نحن في حالة حرب. هذه الحرب قد تكون اقتصادية. قد تكون عسكرية وقد تكون فكرية تتوجه باتجاه العقائد ولكن كل أنواع الحروب إذا أردنا أن نتصدى طالما وضعنا الغضب جانباً ونتحدث عن التصدي لا بد أن يكون موقعنا كالعسكري. العسكري لكي ينجح في الحرب لا بد من أن يأخذ الموقع الصحيح والاتجاه الصحيح والطريقة الصحيحة كي لا يخسر المعركة. والحرب فيها كل المصطلحات. فيها هجوم وفيها دفاع وفيها هجوم تضليلي وفيها رصد وكمائن وغيرها. الشيء نفسه في هذه الحالة لو أردنا أن نقوم بعملية الإسقاط العسكري يأخذ الموقع الصحيح. أنتم كعاملين في الوسط الديني وكمجتمع مسلم ما هو الموقع الصحيح الذي يجب أن نضع أنفسنا فيه؟ بكل بساطة هو استخدام المصطلحات الصحيحة وهو السلوك الصحيح وكلاهما ينطلق من تعاليم الدين وينطلق من مقاصد الدين. فقط أربع كلمات إذا عرفنا الربط بينها عرفنا ما هي الطريقة التي يمكن أن نخوض من خلالها معركة شرسة قديمة ولكنها في حالة تصاعد ولن تتوقف. فإذا غضبنا ونفسنا ولم نحول هذا الغضب إلى طاقة منتجة فسيأتي البعض ويقول نحن بشر يهاجمون الرموز ولا ننفعل؟ نقول لا بالعكس انفعل. الغضب هو حالة إنسانية ولكن ابق الغضب في الداخل وحوله إلى إنتاج. حول هذا الغضب إلى نقاش وحوار وأفكار وخطط لأننا لو تناقشنا لقلنا ألا تتوقعون أن سيكون هناك هجوم وهجوم بعده وإلى آخره؟ اعتقد أن الجواب نعم. إذاً ماذا نحضر للهجوم التالي؟ خطة غضب. لا بد أن نحضر خطة عمل. النقطة الثانية نغضب ونقاطع البضائع يومين. ثلاثة أيام. أسبوعاً وبعدها تعود الأمور كما كانت. البائع الذي وضع لافتة /نحن لا نبيع البضائع مرة فرنسية ومرة دانماركية/ بعد أسبوع تخرج البضائع نفسها والغاضب نفسه الذي كان في الطريق يعود في الأسبوع الذي يليه لكي يشتري البضاعة نفسها. ما هي الرسالة التي نرسلها للخارج بأن علاقتنا بالدين هي علاقة متذبذبة غير ثابتة وبالتالي ليست مبدئية لأن المبادئ ثابتة.”
“ما هي الصورة التي نقدمها عن الدين وعمن نقتدي به؟ يعني الذي يمثل هذا الدين على الأرض هو الرسول عملياً والقرآن هو كلام الله والله فوق البشر ولكن الشيء الملموس بالنسبة لنا هو الرسول. هو قدم لنا نماذج في الغضب؟ أم قدم نماذج في الهدوء ورباطة الجأش؟ مع أنه في ذلك الوقت كان يعيش في زمن الكرامة كانت أخطر شيء وكانت تندلع الحروب من أجل الكرامة وتسيل الدماء لأجيال ومع ذلك هو تعامل دون أدنى اهتمام مع الذين حاولوا الإساءة له وإلقاء القاذورات عليه. وكان هناك شعراء جاهليون تفننوا وأبدعوا في هجاء الرسول ولم يذكرهم ولا نعرف شيئا إلا القليل عن تلك المرحلة. فالسؤال. هل يجوز للمسلمين أن يتبعوا الرسول في العقيدة ويخالفوه في السلوك؟ هذه مجرد نماذج. الأهم من ذلك هو ما يرتبط بالمسلمات. لدينا مسلمات تعلمناها منذ كنا في المدرسة والمفروض أن أي مسلم لديه الحد الأدنى من الايمان هذه المسلمات موجودة في عقله المصطلحات التي استخدمت في تلك المراحل السابقة عندما يقوم بها المسلمون بهذا الغضب هو نصرة الدين ولكن الدين هو الذي أتى لكي ينصر الإنسان الدين إلهي هو الذي ينصر البشري ولا يمكن للبشري أن ينصر الإلهي وهذه مسلمة. نحن ندافع عن الدين ولكن لنفترض بأننا سلمنا بهذا المصطلح وأردنا جدلاً أو افتراضياً أن نستخدمه فأنا أقول إن الدين ينتصر ليس بالغضب. ينتصر بالتطبيق وعملياً عندما نطبق الدين بشكله الصحيح في المجتمع من خلال تطبيق المقاصد أو الوصول إلى مقاصد الدين فعندها سيكون هذا المجتمع معافى وسليماً. عندها ينتصر الدين. فالدين إذا افترضنا أنه ينتصر فلا ينتصر إلا إذا انتصر المجتمع والمجتمع لا ينتصر إلا إذا كان سلوكه بشكل عام سليماً.”
” لا نبحث عن شهادة حسن سلوك من الغرب كمسلمين هذا أولاً. ثانياً لا. أكثر من ذلك هم من يتحملون المسؤولية. الإرهاب ليس منتجاً إسلامياً. هذا بديهي. هو منتج لثغرات لها علاقة في المجتمع ولكن من يستغل هذه الثغرات هو المجتمع الغربي هو من حرض الإرهاب في هذه المنطقة والأهم من ذلك أن جزءا من الإرهاب الذي يضرب عندهم في أوروبا لا علاقة له بالإرهاب الموجود لدينا. هم أدخلوا الفكر الوهابي فقط مقابل البترودولار. مقابل أموال والآن يدفعون الثمن. ولكنهم يلقون بالمسؤولية على المسلمين وعلى تطرف المسلمين وإلى آخره وصولاً إلى رموزنا. فإذاً التصدي يبدأ من معرفة الخطر ويبدأ أيضاً من معرفة نقاط الضعف. هذه النقطة لا نتحدث بها لأن المؤسسة الدينية في سورية قطعت خطوات مهمة جداً وعقدنا الكثير من النقاشات بجلسات مختلفة وتحدثنا عن نقاط الضعف واعتقد بأنكم أنتم من يقوم بمعالجة هذه النقاط. نقاط الضعف. لكن النقطة التي لم تكن ظاهرة للكثيرين وما زالت هي. تحديد هوية العدو الحقيقي. هنا تكمن المشكلة. يعني عندما يحصل شيء بطبعنا نشخصن الأمور ونهاجم الأشخاص. الشخص الذي قام بالهجوم لكن أشخاص عابرون يعني الأشخاص لا يمثلون أنفسهم هم يمثلون تيارا. أقصد التيار الذي يقوم بهذه الهجمات على المجتمعات الإسلامية أو إنهم أحياناً نتيجة لأسباب مصلحية يقومون بهذا العمل. هذا التيار الذي لم يكن واضحاً للكثيرين هو تيار الليبرالية الحديثة والقلة من الناس تعرف عنهم. طبعا يختلف عن الليبرالية. الليبرالية هي تيار سياسي اجتماعي لا يوجد فيه مشكلة. يقال هناك ليبرالي وهناك محافظ لا توجد مشكلة. الليبرالية الحديثة هي تشبه الآن الحديث عن تسويق الديمقراطية بالنسبة لأمريكا. يستخدمون الديمقراطية من أجل الهيمنة على الشعوب ويستخدمون حقوق الإنسان من أجل شن الحروب.”
” استخدموا الليبرالية لشيء جديد اسمه الليبرالية الحديثة التي بدأت تتطور منذ حوالي الخمسة عقود بشكل تدريجي وخبيث على مبدأ السرطان. لماذا يسمى السرطان ورماً خبيثاً؟ لأن الإنسان لا يشعر به. يتطور تدريجياً وببطء. أساس منهجيتها هو تسويق الانحلال الأخلاقي بشكل كامل وفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو انتماءات أو عقائد من أجل الوصول لأهدافها. وكأمثلة عملية هذه الليبرالية الحديثة هي من سوق الزواج المثلي من خلال التسويق الذي ابتدأ في السبعينيات تدريجياً إلى أن وصلوا منذ حوالي عشرة أعوام إلى أن أصبح هذا قانوناً والآن بدأ يكون لديهم أبناء وأعتقد بأنها تختلف عن صيغة التبني ابن مع أنه ليس ابناً يعني كيف يكون هناك ابن؟ هذه الليبرالية الحديثة هي التي سوقت فكرة أن الطفل لا يختار دينه بنفسه وأن هذا تعد على حرية هذا الشخص. هذا يولد من دون دين ولكن لاحقاً عندما يكبر يختار الدين الذي ينتمي إليه مع أن هذا مناقض لطبيعة الإنسان. لأن الإنسان منذ أن كان يخترع أدياناً ويخترع آلهة ويخترع أصناماً كان بشكل غريزي الابن ينتمي لدين العائلة التي ولد فيها فهم يناقضون إنسانية الإنسان. هي التي سوقت أعتقد العام الماضي وربما قبل المخدرات على اعتبار أنها ليست ضارة وأصبحت تباع بشكل قانوني وعلني في المتاجر ويبدؤون الآن هذا المخدر لا يعتبر مخدراً وبعدها يصلون لأنواع أعلى من المخدرات. والآن تستطيعون في بعض الأماكن أن تطلبوا أنواعاً من الخبز بنكهة هذا المخدر. هذه الليبرالية الحديثة هي نفسها التي سوقت الآن البدعة الجديدة أن الطفل يولد لا ذكراً ولا أنثى. هو يختار لاحقاً إن كان ذكراً أو أنثى. شيء عجيب؟ ماذا تفهمون من هذا الكلام؟ المطلوب من هذه الليبرالية ضرب إنسانية الإنسان وهنا تتناقض مع الدين. لأن الأديان أنزلت من أجل تكريس الإنسانية فتأتي الليبرالية لتفصل الإنسان عن إنسانيته. إذاً. عندما يفصل عن إنسانيته ويفصل عن قيمه وعقائده ما الذي يقود هذا الإنسان؟ شيئان. المال والغريزة. وعندها تسهل قيادته بالاتجاه المطلوب.”
“منهجية هذه العقيدة وهي طبعاً عقيدة ترفض العقائد لأنها تطلب من الإنسان ألا ينتمي للعقائد. منهجيتها هي أن تحول مرجعية الفرد من المرجعية الجماعية. كما هو الحال الطبيعي بالنسبة للبشر. إلى مرجعية الفرد. وبالتالي مرجعية الفرد المقصود فيها رغباته فكل ما يرغب به هذا الفرد هو صحيح بغض النظر عن المجتمع. فإذاً رغبات الفرد هي الأساس لا الأسرة ولا المجتمع الأكبر. انسلاخ الفرد عن هذه القيم هو منهجية ثانية. الانسلاخ عن الأسرة والانسلاخ عن الوطن. فإذاً هو لا ينتمي إلى أي شيء. ينتمي لنفسه في الداخل. وينتمي لهذه العقيدة الليبرالية. هم يسوقون أن هذه العقيدة هي ليست عقيدة. هي ترفض العقائد لكن في الحقيقة هي عقيدة. عندما نقول بأنها تسحب أو تلغي إنسانية الإنسان ماذا يعني؟ تحوله إلى حيوان. ما هو الفرق بين الإنسان والحيوان؟ الأشياء المشتركة. الإنسان لديه عواطف والحيوان لديه عواطف ويكره ويحب. الإنسان ينطق والببغاء ينطق. قد يقول البعض وهذا متداول بأن الفرق بينهما هو العقل. لا غير صحيح. لأن الحيوان لديه عقل ويتعلم. ويتعلم من التجربة والخبرة. الفرق بين الإنسان والحيوان هو شيء وحيد يتميز به الإنسان. هو العقيدة لذلك ضرب العقائد هو ليس شيئا جديدا وأنا سأذكركم عندما سقط الاتحاد السوفييتي وبدأ التفكك ما هو أول مصطلح طرح في أمريكا؟ بأن زمن العقائد قد ولى يعني لا توجد عقائد. يعني هذه هي بداية أو كانت مرحلة مهمة من مرحلة الليبرالية الحديثة.”
“فإذاً بالمحصلة هي أيديولوجيا ذات هدف سياسي لكنها لا تستطيع أن تصل إلى هذا الهدف من دون الأدوات الاجتماعية. لا يمكن لها. إذاً. إذا كان الهدف سياسياً فما هي المشكلة بينهم وبين الدين؟ هل هناك مشكلة؟ بالمظهر لا توجد مشكلة. لا مانع لديهم من أن نصوم ونصلي ونزكي ونحج وكل شيء. لكن يجب أن نتخلى عن المبادئ والقيم. يعني مقبول الدين الفارغ من المضمون مسموح به. الدين المتطرف مسموح به. أما دين صحيح فلا. غير مسموح على الإطلاق. إذا أنا سأعود مرة أخرى إلى التسعينيات عندما بدأت الفضائيات تنطلق. تذكرون كنا أمام حالتين إما فضائيات تفرغ العقل وتدفع الجيل الشاب نحو التغرب أي باتجاه الفكر الغربي وخروج عن القيم ومقابلها تماماً الفضائيات التي بدأت تكرس التطرف فكنا أمام حالتين إما الأولى أو الثانية. سيقول البعض هذا طبيعي فالمجتمع كان منقسماً. والتطرف الأول يخلق التطرف الثاني. والتطرف الثاني يخلق التطرف الأول. هذا كلام صحيح لو كان تمويل هذه القنوات يأتي من مصادر متطرفة أو مصادر متغربة ولكن تمويل هذه القنوات كان من مصدر واحد. نفس الدول تدعم الأولى وتمول الثانية. فإذاً كلاهما يصب باتجاه المضمون نفسه. مشكلتهم معنا هي عندما نكرس الدين الصحيح. لأن هذا الدين الصحيح هو الذي يمنع الأهداف السياسية عبر خلق حاجز يمنعهم من تحقيق الأهداف ويمنعهم من تحويلنا إلى قطعان من المواشي تقاد إلى المذبح. انطلاقاً من هذه الفكرة تستطيعون أن تفهموا لماذا نرى هذا الهجوم الشرس على المؤسسة الدينية. هذا هو السبب. لا يرتبط تماماً بالحرب على سورية. الموضوع أكبر. الموضوع أوسع. من اليوم بكل هذه المؤسسات المختلفة الموجودة على الساحة الإسلامية من هي المؤسسة التي تقوم بالقتال. وليس بالعمل. بالقتال من أجل تكريس الدين الصحيح؟ ومن هي المؤسسة التي تدفع الشهداء من أجل تكريس الدين الصحيح على كل الساحة الإسلامية؟ هي هذه المؤسسة فمن الطبيعي أن تكون هذه المؤسسة هي العدو الأول. هاجموكم كأشخاص وهاجموكم كمؤسسة. لأن الدين الصحيح الذي نتحدث عنه هو الذي يؤسس لبنية اجتماعية مناقضة تماماً للبنية الاجتماعية المطلوبة لتسويق الليبرالية. لذلك جزء كبير من الهجوم على المؤسسة الدينية يأتي من الخارج. صحيح أن الحرب على سورية. أنتم جزء من هذه الحرب. هذا وطن وهذا شيء طبيعي. ولكن يجب أن نرى الحرب على سورية والحرب على المؤسسة الدينية في سياق أبعد وأعمق هي ليست حربا منفصلة. هي ليست وليدة العشر سنوات الماضية. إن لم نر أين ابتدأت لا يمكن أن نعرف كيف ننهيها. وهذا ما علينا أن نفهمه جميعاً. هذه هي المشكلة بينكم كمؤسسة وبين الليبرالية الحديثة وهنا أريد أن أؤكد على أن الخلط الذي كان يحصل في الجدل الحاصل على وسائل التواصل الاجتماعي وأنا كنت أسمعه من قبل العديد منكم هو خلط بين الليبرالية والعلمانية.”
“الحقيقة أن الهجوم الذي يحصل والطروحات الشاذة التي نسمعها هي طروحات ليبرالية لا علاقة لها بالعلمانية. العلمانية شيء مختلف تماماً. العلمانية هي حرية أديان لا علاقة لها على الإطلاق. فيجب أن نميز ونعرف من هو العدو الحقيقي الذي نواجهه. شخصنا العدو ماذا نفعل؟ تحدثنا في البداية عن أنه لا يوجد قانون دولي ولا توجد حماية. الحماية الوحيدة واليوم ابن كل واحد فيكم موجود على الهاتف وعلى الحاسوب. هو على احتكاك مع هذا الفكر. قبل ثلاثة عقود نستطيع أن نتقوقع على أنفسنا ونعيش مع عاداتنا وتقاليدنا ومفاهيمنا. اليوم هذا الكلام غير ممكن لا خيار سوى التحصين. تحصين المنزل كما قلنا في البداية ما هو أهم عامل في التحصين؟ طالما أنا تحدثنا عن علاقة هذه الليبرالية بالدين فلا بد أن تكون البداية من الدين. والدين عندما نقول الدين يعني الدين الصحيح. أي دين لا يبدأ سوى من الفقه. ونحن بالنسبة لنا عندما نتحدث عن الفقه نربطه بالفقهاء وبالتالي العلماء وبالتالي هو أعلى مستوى من العلم في الدين. أنا لا أتحدث عن هذا المستوى أنا أتحدث عن الفقه المطلوب لكل مسلم. وهنا تكمن مشكلة أخرى وهي مشكلة كبيرة أن جزءاً كبيراً من المسلمين يمارسون الشعائر من دون أن يعرفوا لماذا. فهناك حد أدنى من الفقه وهو العلم والمعرفة مطلوب لكل ممارس للدين لا يجوز لمسلم أن يمارس الشعائر من دون أن يعرف أين هي المقاصد. كل شعيرة من الشعائر التي نقوم بها يجب أن يعرف ما هو الهدف. إلى أين يصل. يجب أن يعرف أنه لا يمكن أن يمارس أي شعيرة من دون أن تنتهي إلى مقصد. أن البداية هنا والنهاية هناك. ويجب أن يعرف أن ممارسة الشعائر لا يمكن أن تكتمل إن لم يصل هو إلى المقاصد. هذه مشكلة كبيرة موجودة لا بد أن نعمل عليها ألا يبقى الفقه. طبعاً العلم هو مستويات والفقه مستويات ولكن عندما نتحدث عن القاعدة العريضة التي لا تعرف أساسيات فهي نقطة ضعف كبيرة وهي أساس التحصين للمجتمع المسلم. أهمية المقاصد هي أن كل قطاع من قطاعات العالم والمجتمع بحاجة لقياس. يعني عندما نقول. نحن نقوم بخطة معينة ونطبق إجراءات محددة للوصول إلى هدف كيف نعرف أين وصلنا؟ بالاقتصاد هناك أرقام النمو والتضخم…. إلخ. بكل مجال من المجالات هناك قدرة على القياس ولكن في المجال الديني كيف نقيس؟ لا يمكن أن نقيس من خلال عدد المصلين. لا يعني شيئاً أنتم تعرفون أن عدداً من الذين خرجوا من المساجد في بداية الحرب هم من الملحدين الذين كانوا يهتفون. الله أكبر وهناك عدد من الناس الذين يمارسون الشعائر لمسايرة المجتمع من جانب ولكي يقال. بأن الأموال هي أموال حلال وإلى آخره من التفاصيل. فإذاً هي ليست طريقة قياس ولكن نستطيع أن نقيس أخلاق المجتمع وسلوك المجتمع والمصطلحات الصحيحة التي تستخدم من قبل عامة المسلمين. نستطيع أن نقيس عندما نرى أن التدين هو الذي يواجه التعصب وليس الربط بين التدين والتعصب وبالمناسبة هذه النقطة بالذات هي نقطة مضيئة بالنسبة للمجتمع السوري. لأن الذي تحدث بالتعصب وبالطائفية في بداية الحرب هم بمعظمهم من غير المؤمنين وإذا كان البعض منهم من التيار الديني فهم غالباً بالميول الإخونجية والذين تركوا البلد والحمد لله تخلصت من كل هؤلاء. أما عندما نتحدث عن الإيمان الحقيقي وعن المسلم الحقيقي فالحقيقة أن هذه كانت نقطة مضيئة لا بد أن تذكر كوثيقة وللتاريخ بأن المؤمن الحقيقي هو الذي واجه التعصب والتطرف يعني ببعض الأمثلة أنا لا أستطيع أن أقيس كم واحدا يستطيع أن يفهم أو يقرأ أو يحفظ //إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة// ولكن أعرف أن هذا الشخص وهذا المجتمع لا يخضع للإشاعات. لا أعرف هو كيف يتعامل مع مواعيد الصلاة ولكن أعرف أنه يحترم المواعيد في العائلة وفي المجتمع وفي العمل. لا أعرف عن وضوئه ولكن أعرف أنه نظيف. أعرف أنه غيري غير أناني. أعرف أنه لا يحب النميمة أعرف أنه لا يرشي ولا يرتشي ولا يبرر الرشوة. أن أمورنا لا تمشي إلا إذا رشونا ويجتزئ من الدين أعرف أنه لا يتهرب من الضريبة لأنها سرقة للمال العام فإذاً بالعودة أنا أتحدث بكل هذه الفقرة عن شيء أساسي هو المقاصد لن نصل إلى التطبيق الصحيح من دون المقاصد.”
“النقطة الثانية. اللغة العربية هي حامل الفكر والثقافة بشكل عام قبل أن تكون لغة القرآن. هي الحامل الطبيعي. عندما تندثر هذه اللغة أو تتراجع أو تضعف وهذا الشيء كلنا نراه في المجتمع بشكل واضح وبشكل خطير ومخيف فيجب أن نعرف أن هناك حاجزاً وهناك غربة بين الإنسان وثقافته. هذا شيء بديهي الشيء نفسه بالنسبة للقرآن وهناك هجمة حتى على لغة القرآن. كيف تتصورون القرآن من غير لغة؟ ولو جربتم أن تقرؤوا لغة مترجمة للقرآن يعني كتاباً مترجماً ولكن ترجم أيضاً من الإنكليزية عاد إلى العربية فسترون أنه هناك حاجز كبير بينكم وبين هذا الكتاب ولو تمكنوا من اللعب بهذه اللغة فسيكون هناك أيضاً حاجز بين المسلم وبين القرآن. ما هي مشكلتهم مع القرآن؟ أن الربط بين اللغة والعقيدة واحد ولا يمكن الفك ولكن يمكن ضربه. كيف؟ عندما نضرب لغة المجتمع فسوف نطوق هذا القرآن بلغات غريبة وبميول غريبة يبقى المسلم وتبقى الصلاة ولكن تصبح كاللغات القديمة هي لغة صلاة وهنا يحصل الفصل بين ثقافة القرآن وثقافة المجتمع. اللعبة واضحة. فلذلك لا نستطيع أن نفك اللغة عن العقيدة واللغة عن المجتمع والمجتمع عن العقيدة هي مثلثات أو مربعات لا يهم ولكن كلها مترابطة كالكرسي. إذا الآن ضربنا قدم هذه الطاولة تسقط الطاولة كلها بقدم واحدة هكذا يتم الموضوع فاللغة مهمة جداً.”
“الأسرة. الأسرة هي الوحدة الأصغر في مجتمعاتنا الشرقية وليس الفرد كما تحاول الليبرالية الحديثة تسويقه. الأسرة هي الحاملة للعادات والتقاليد والثقافة وكل ما يمثل الهوية نراه في الأسرة. والفرد هو عضو فيها. والأسرة لا يمكن أن تؤسس إلا على الغيرية لا يمكن للأنانية أن تبني أسرة. لأن هذه الوحدة هي أساس سلامة المجتمع عندما تكون سليمة فالأسرة الأكبر مع الأقرباء تصبح سليمة والحي والمدينة والمجتمع كله يصبح سليماً. لذلك ركز الدين على هذه الأسرة ولذلك من أهم الخطوات لضرب هذه البنية الاجتماعية هي ضرب الأسرة والنزول باتجاه الفرد. فإذاً في عملنا الديني يجب أن نركز على موضوع الأسرة في عملنا الديني والاجتماعي وأيضاً نتحدث عن هذا الموضوع. لأن الأسرة بدأت تتفكك بفعل عوامل مختلفة. بفعل تطور الحياة. العوامل التقنية. وبفعل الهجمة التي تحصل على الثقافة.”
“المسلمات وأنا بدأت بالحديث عن المسلمات ولكن المسلمات هنا عامة. هناك كثير من المسلمات التي تمثل القيم والعادات والتقاليد والمفاهيم التي يبنى عليها المجتمع. لا بد من تمتين هذه المسلمات أيضاً. مجتمعاتنا تفقد هذه المسلمات. العقائد مسلمات. الرموز والانتماءات الوطنية مسلمات. والقومية مسلمات. العادات والتقاليد. الأسرة كما قلت قبل قليل. احترام الكبار. هناك عناوين كبيرة وهناك عناوين صغيرة ولكن كلها مهمة. احترام الكبار سواء كانوا كباراً بالعمر أو كباراً بالقيمة هو من المسلمات. كثير من الأشياء لا أذكرها الآن كلها ولكن ضرب هذه المسلمات يلغي ثنائيات طبيعية تخلق التوازن في المجتمع. يقال إن الدنيا بنيت على الأبيض والأسود والليل والنهار والخير والشر وهذه الثنائيات هي موجودة. عندما نلغي هذه المسلمات يصبح الكبير كالصغير والطالب كالمعلم والأبناء يحلون محل الوالدين. يأخذون دورهم وتلغى الحدود بينهم. وفي هذه النقطة بر الوالدين هو أحد أهم المفاهيم التي يجب أن نركز عليها في بناء الأسرة ويصبح الفاسد كالشريف ويصبح الظالم كالمظلوم. إذاً إلى أين نصل عند ضرب هذه المسلمات؟ نصل إلى أن يكون المعتدي كالمعتدى عليه. وبالتالي بدلاً من أن تكون هذه أرضاً مغتصبة من قبل العدو ونحن المالكون الحقيقيون تصبح هذه الأرض محل نزاع لأن الطرفين بالموقع نفسه وقد يكون كلا الطرفين صاحب حق فكيف سيتم الحل في هذه الحالة؟ الطرف الثاني المعتدي المغتصب للأرض سوف يقوم أو أنا الطرف الأول بالبداية سأقدم تنازلاً له وأعطيه جزءاً من الأرض. تنازلاً مني له. وهو سيقوم أيضا بالتنازل عن جزء من الأرض أنا أملكها. سيتنازل لي عن حقي وبالتالي نصل للتسوية السياسية التي يسعون إليها. فنرى أيضاً أن المسلمات لا تنفصل عن المخطط السياسي لليبرالية الحديثة. فإذا أردنا أن نصل إلى الانهيار السياسي. أو إذا أرادوا أن يصلوا إلى الانهيار السياسي فلا بد من الانهيار الاجتماعي. وفي هذا الانهيار الاجتماعي تعرفون أقواس تدمر /أحجار. أحجار ويوجد حجرة في المنتصف تسمى حجرة العقد لأن كل الأحجار تستند عليها/ هنا يقع موقع الدين. فإذا انفكت هذه الحجرة تسقط كل الأحجار ولكن بالوقت نفسه كل الأحجار الأخرى إذا سقطت تسقط حجرة العقد. فالدين. من دون مجتمع سليم لن يكون هناك دين بالمعنى الحقيقي الذي تسعون إليه. من دون أسرة من دون مسلمات من دون أخلاق من دون فقه من دون كل هذه التفاصيل التي ذكرتها فكل هذه الأحجار سوف تسقط مع بعضها البعض وبالمحصلة لا يوجد خيار إلا أن نربح هذه المعركة وإذا أردنا أن نربحها لا بد أن نعرف ما هي هوية العدو الحقيقية. ما هي طبيعته. أين يتموضع. وما هي أساليبه. ولا بد أن نربح لأننا إن ربحنا فعندها سنكسب احترام الآخرين وسنفرض احترامهم أو سنفرض احترام عقائدنا ورموزنا عليهم. فإذاً إذا نظرنا إلى كل هذه الأشياء نراها مترابطة وهي كتلة واحدة ولكن عندما تأتينا بشكل متفرق فنتعامل معها بشكل مجتزأ ونتعامل مع الأسماء وننسى التيارات. فلذلك ننتقل من خسارة إلى خسارة ومن نكسة إلى نكسة ومن فشل إلى فشل.”
“هناك موضوع خطير يثار وأيضاً يرتبط بالجانب الآخر أو بشكل أو بآخر بموضوع الليبرالية الحديثة ولكنه يمس صلب المجتمع وهو يأتينا على شكل ثلاثة مواضيع منفصلة الأول يمس أو يشكك بعروبة سورية وبلاد الشام والعالم العربي بشكل عام والثاني يشكك بعروبة القرآن من خلال القول بأن القرآن كتاب سرياني والثالث يشك بعروبة الرسول من خلال القول بأن الرسول مستعرب وليس عربياً. طبعاً الهدف من هذه الطروحات الوصول لعدة أهداف الأول هو ضرب العروبة والإسلام بالرغم من أنها ضربت منذ أكثر من مئة عام وساهم الإخونجيون في التفكيك بينهما ونحن نعيش كمجتمعات أزمة هوية منذ عقود ومنذ قرن من الزمن أو أكثر بقليل أو ربما منذ بدأ التتريك في العهد العثماني. بدأنا نعيش أزمة هوية. وبدأ البعض يسأل نفسه أنا مسلم أكثر أم عربي أكثر؟ هل أنا أنتمي لدمشق أو حلب أو دير الزور أو اللاذقية أكثر أم أنتمي لسورية أكثر؟ ما هو التعارض؟ أنت تنتمي لعائلتك ولحيك ولقبيلتك ولطائفتك ولمدينتك وتنتمي للوطن وتنتمي للدين. ولكل هذه الأشياء. هذه أشياء لا تتعارض. ولكن خلق التناقض بينها. هذه النقاشات تهدف لخلق التناقض نفسه وهي متداولة الآن بشكل واسع وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي ومع كل أسف نرى أن هناك من يتقبلها ويسوقها عن قناعة السذج وفي بعض الحالات بسوء النية. وانا أفترض أن السذاجة هي العامل الأكبر في هذه الحالة. يريدون أن يفرقوا بين العروبة والإسلام ويفرقوا بين القرآن ولغته ويفرقوا بين المسلم والمسيحي ويضربوا جوهر انتماء هذا المجتمع وهو الانتماء العربي الذي تكرس عبر السياق التاريخي.”
ان هذه المطولات المهمة من كلام رئيس الجمهورية العربية السورية د. بشار الاسد ليس شرطا وليس حكما ان نتفق مع كل ما قاله بطبيعة الحال، ولكن علينا التأكيد وتكرار انها يجب ان تتم قراءتها وتحليلها على مستوى أمني استخباراتي اعلامي ثقافي يشمل المنظومات الحاكمة في المنطقة العربية كلها وتجهيز شعوبها للتصدي ولمقاومة من يريد بنا الشر والضرر والأذى هم من الذين يتبنون “النيوليبرالية” ومخططها، وهي مطولات شارحة في أجزاء كبيرة منها ماذا يجري ويحدث؟ وأهميتها المضاعفة انها تخرج من موقع رسمي وقانوني وهنا نكرر تلك النقطة مجددا من باب التأكيد والإصرار على قوتها من هذه الناحية
ما نريد قوله من ناحيتنا هو التالي:
ان هذه الليبرالية الجديدة “النيوليبرالية” هي منظومة أستحمارية حقيرة منحطة ساقطة أخلاقيا، خادمة لكل ما هو شر في العالم ولكل ما هو منحرف عن الفطرة والاخلاق العامة البشرية المتعارف عليها والمشتركة بين كل الأديان.
وهذه الليبرالية الجديدة تتحرك بالرد الدعائي ضد من يحاول كشف شيطانيتها، فهي تتحرك بالرد “الدعائي” الزائف وهي تخلط بين دواعي محقة او تعابير “فخمة” لا معنى لها في خط التطبيق ك “الحرية” او يافطة حقوق الانسان او الخلط “الاستحماري” الذي يربط كراهية العنصرية مع الترويج للانحرافات السلوكية الجنسية كاللواط والترويج لتعديل الجنس والغاء “ذهنية العائلة ” من الوعي المجتمعي للأطفال والشباب، وربط من يقول “لا” لهذا “الإرهاب الشيطاني الإبليسي” بالديكتاتورية او التخلف او في معاداة الحضارة.
اذن رد هذه الليبرالية “الجديدة” ضد من يقاوم هو “رد” ردعي، دعائي، غير علمي، ويستخدم الكذب والتدليس وأيضا سيطرة المنحرفين سلوكيا وجنسيا على وسائل الاعلام وأيضا ارتباطهم مع الحركة الصهيونية العالمية والنظام الطاغوتي الربوي الذي يريد ان يصنع عالم “لا” يتم احترام فيه العائلة بل تدميرها من الوجود و ان يتم خلط الأعراق و اسقاط أي ثبات و تأصيل فكري أيديولوجي يصنع شخصية قومية مستقلة للأنسان و ان تكون هناك “ميوعة” فكرية تقبل كل شيء بلا تمييز وبلا تمحيص و بدون مسطرة قياس ترتبط بالدين او الفطرة الإنسانية السليمة او القومية.
ان هناك نظام للقيم يحمينا ك “شرقيين” وك “عرب” وك “مسلمين ” وك “مؤمنين في وجود خالق”، او اليس الإسلام هو “ثقافة المسيحيين الشرقيين” واليست اللغة العربية “قومية الدين الإسلامي”؟ إذا صح التعبير، واليس كل تاريخ العالم من دين وثقافة ومعرفة ونهضة واساطير وحكايات وغموض كلها انطلقت وتفجرت ونبعت من هذا الشرق؟ وهو حاليا يواجه هجمة سيطرة ومحاولة “هدم” و “تدمير” بقيادة حلف الناتو وهو الأداة العسكرية للنظام الطاغوتي الربوي العالمي المدعوم من الكيان الصهيوني وأعوانهم اليهود منهم والمتصهينين كذلك في كل أنحاء العالم مع نظام قيمهم المستجدة على الساحة العالمية مع ليبراليتهم الجديدة التي تريد إلغاء “دور” العائلة كأساس للمجتمع، والتخلص من دور الأب “الرجل” كرب للأسرة، والتخلص من “الرجولة” ودورها في المجتمع وإعطاء مهام الرجل للمرأة !؟ وخلط الأنساب والاعراق وترويج الانحرافات السلوكية الجنسية تحت مسميات المثلية وحرية تغيير الجنس وزواج الجنس الواحد دينيا وقانونيا وفرض هذا الشذوذ وهذه اللوطية على باقي العالم…. كل العالم بما يخالف كل دين عرفه البشر وكل ما هو طبيعة إنسانية فسيولوجية بيولوجية وربط هذا الشذوذ والانحراف واللوطية مع مصطلحات الفخامة الدعائية لغسيل دماغ الإنسان هذه المصطلحات الفخمة الفارغة من اي معنى وهدف ك “الحرية” و”التنوير” ومناهضة العنصرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعالم المتحضر.
ولا يتم استغراب التدخل لغسيل دماغ الأطفال والشباب من هنا وهناك من ادخال نظام دعائي استحماري تكراري “ممنهج” يحمل صفة “القانون” ساعي الي وضع أفكار الانحراف والسقوط لليبرالية “الجديدة” في خط اللا “وعي” كما كان يتم في السابق عندما بدأوا في نشر الأفكار الليبرالية الكلاسيكية القديمة وترويجها وبثها في المجتمعات الشرقية المحافظة حيث في البداية تم وضع أفكار “عبادة الاستهلاك” وصورة فتاة الغلاف المثيرة جنسيا ؟! وصورة الرجل الذي تريده كل نساء العالم!؟ ان تكون على علاقة معه !؟ وهذه كلها صور إعلامية تكرارية “أستحمارية” لترويج صورة الانسان “الليبرالي” السعيد !؟ وهي حالة سينمائية وهمية لا حياة لها في الواقع والحقيقة، حيث الكأبة والجفاف الروحي هو سيد الموقف في الغرب و تحولت شعوبه المسكينة الى الات بلا روح ولا قيم ولا دين ضمن دائرة الذهاب والعودة من العمل والغرق في مراكز شرب الخمور في نهاية الأسبوع او انتظار إجازة الأسبوعين السنوية لكي يعيش الفرد الغربي هناك “وهم” الغنى والثراء في احدى منتجعات العالم الثالث , ولنتذكر عندما انتفضت الشعوب التي كانت تعيش في ظل “برودة” الستار الحديدي للاتحاد السوفيتي آنذاك، اكتشفت هذه الشعوب ان كل ما كانت تشاهده “سرا” من أفلام واعلام وترفيه ما هي الا أفلام ليس لها وجود الا في الخيال وأحلام اليقظة وفي دور السينما او في شرائط الفيديو “المهربة” الى نطاق البلدان الشيوعية الاشتراكية، وحين انفجرت فقاعة الوهم، اكتشف هؤلاء ان ما كانوا يعيشونه من فشل ومن عبادة شخصيات حكم الحزب الواحد الغير ديمقراطية؟! هي بالتأكيد ليست “جنة” و لكنها في اليقين والواقع و الحقيقة كانت افضل من مرحلة ما بعد سقوط كل هذه البلدان في فلك و سيطرة و استعمار و استحمار النظام الطاغوتي الربوي العالمي و ما يحصل لهم في ارض الواقع من مأسي الجوع و الدعارة والامراض و انتشار العصابات و تجارة المخدرات و سقوط الكرامات القومية والقيم الإنسانية الشرقية و تحول شعوب هذه البلدان من تصدير الثقافة “الحقيقية” و الحرية “الاجتماعية” و من انتاج الأطباء و العلماء و التصنيع الثقيل الى تصدير العاهرات و المخدرات و غياب غطاء دولة الرعاية الإنسانية من تعليم و طبابة و سكن وامن غذائي , كان الواقع الذي عاشوه بعد سقوط المنظومة الاشتراكية الشيوعية “كابوس رعب” لا يعكس صورة مشابهة للأفلام الأجنبية الغربية الاستحمارية و التي لا تتواجد الا في هذه الأفلام “فقط” , الا ان هذه دولة الرعاية الاجتماعية الإنسانية كانت شيء محسوس و مضمون عند شعوب المنظومة الاشتراكية وكانوا يتعاملون معها على ان هذه الرعاية الشاملة ستستمر و تصبح شيئا افضل فواجهوا الحقيقة المرة و الواقع الحقيقي للنظام الطاغوتي الربوي العالمي , كما واجه لاحقا و احس به السوريين المهاجرين الى بلدان أوروبا حيث كان هناك منهم من يعيش الوهم انهم سيذهبون الى “الجنة” فاذا بهم يدخلون الى جهنم الطاغوت الربوي الشيطاني و حيث اكتشفوا ان “السياحة ” في أوروبا ليست هي “المعيشة” فيها , و ان ما كان مضمون ومعتاد تلقائيا في دولة الرعاية السورية هو امر غير موجود هناك , و ان عليهم القيام بكل ما هو حقير و ساقط و دنيء لكي يتم السماح لهم ان يعيشوا هناك بالذل و الافقار و الإهانة و ان عليهم ان يتنازلوا عن اعراض بناتهم و شرفهم لكي يندرجوا في أسلوب حياة السقوط الأخلاقي الأوروبي , و ان على من هو محظوظ فيهم ان يدفع من ثلاثين في المئة الى ستين بالمائة من دخله الشهري “ان وجد” للدولة الأوروبية التي سمحت له في “طلب” اللجوء ,لا أقول اللجوء فهذا امر اخر مختلف , اما ممارسة السياسة و نقد الحكام و الرأي والرأي الاخر اذا صح التعبير , فهذا الوهم غير موجود في النظام الطاغوتي الربوي العالمي , واتحدى أيا كان ان يتكلم و يتحدث في اسقاط أي نظام سياسي أوروبي و تغييره او ان يتحرك ضد الأنظمة الاجتماعية و الاقتصادية هناك , فليقول من هم سوريين لاجئين ذلك و لنشاهد كيف سيختفون من على الخريطة.
ان غسيل الدماغ وتحريك الاعلام لصناعة عقل جمعي هي موجودة هناك كما هي موجودة في باقي بلدان العالم ولوسائل الاعلام توجيهات وأوامر يتلقونها من المملولين الحكوميين او من غيرهم والذين كلهم يمثلون شبكة مصالح وعلاقات وتشابك واحد.
يقول الكاتب “وسام سعادة”:
“يتأتى كل ذلك بالمحصّلة من كون» الدولة النيوليبرالية» في حركة إجهازها على «الدولة الليبرالية – الاجتماعية» التي سبقتها تقضي أيضاً على «عهد الأمان» الضمنيّ الذي كان يقول ما مفاده أن الإنفاق الاجتماعي أسلم للدولة وللسكان معاً من حصول تصدّعات اجتماعية حادة نتيجة لاستفحال الفوارق والمظالم واشتداد أشكال القهر والحرمان والاقصاء، وانّ الانفاق الاجتماعي المدروس يُفضّل، بالمطلق، على الانفاق الأمني المحموم. بالتالي، الخيار النيوليبرالي هو وبشكل مصّم خيار اللا أمان على الصعيد الاجتماعي. اللا أمان الذي يؤدي حتماً الى زيادة الاعتماد على المعالجات الأمنية الفظّة للقضايا الاجتماعية، ما يكثّف طبيعة التناقض التي تقوم عليه الدولة النيوليبرالية: حيث عليها أن تحمي السكان مع تقويض شبكات الأمان عندهم، في ضوء التخفيف من الحمايات الاجتماعية. وما يراه كتاب الرباعيّ هنا هو أنه من هذا التناقض ثمّة نمط عنف خاص بالدولة النيوليبرالية هو بصدد التكشف أكثر فأكثر ولا يمكن استيعابه بالعموميات حول «منظومة العنف الشرعي». ذلك أن الهدف هنا، من متلازمة ضرب الأمان الاجتماعي وزيادة الاعتماد على الحلول الأمنية ضد الطبقات والشرائح والمجموعات الأكثر نكبة بالسياسات النيوليبرالية، هو انتاج عدوّ داخليّ تسبغ عليه الصفات الإجرامية، ويجري تجنيد فئات واسعة من السكان، بما في ذلك من ضحايا السياسات النيوليبرالية، ضد هذا العدو.”
ان الاعلام الغربي المملوك بشكل كبير من اليهود والصهاينة ماكينته الترفيهية هي جزء من صناعة “الاستحمار” خدمة لتوجيهات النظام الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية ومن يتحالف معهم من المنحرفين سلوكيا وجنسيا في مواقع القرار السياسي والمالي ومراكز السيطرة والتحكم في هذا النظام نفسه الساعي الى تدمير نفسه! والعالم وهو بالمحصلة النهائية لا يخدم الا الصهاينة اليهود ومشروعهم التوسعي العنصري البعيدة عن الإنسانية في منطقتنا العربية.
ان “نظام للقيم الشرقية المعتمدة على أهمية دور الدين والاسرة” هو الذي سيحمينا وكذلك الانتماء القومي للعروبة ك “لغة” ول “حب الأرض” هي ما سيخلق “قلعة” دفاع مقاومة لكل هذا الشر الشيطاني الذي تتحرك به هذه الثلاثية وهم
1_ النظام الطاغوتي الربوي العالمي وهو “الممول الاقتصادي”
2-الحركة الصهيونية وهم “العقل المدبر”
3-حلف الناتو وهو المطرقة العسكرية الأمنية الاستخباراتية.
وهذه الثلاثية تتحرك في ليبرالية جديدة “نيو ليبرالية” يراد تصديرها للعالم، وإعادة ضبط ساعات العالم الى برمجة “لا “اخلاقية تخالف كل ما هو دين وفطرة طبيعية وفسيولوجيا.
وعلينا ان نتساءل عن الدوافع و الأهداف من نشر هذه الليبرالية الجديدة هنا علينا ان نركز على ما يحصل في منطقتنا العربية و تحديدا في سوريا و العراق و الذي يعتبرهم الصهاينة المتطرفين أجزاء من ارضهم الموعودة المزعومة , حيث أدت الحروب و التدمير المبرمج هناك المخطط له في هاذين البلدين الى تهجير الملايين من العرب قسرا من مناطقهم الى أوروبا , حيث يتم الضغط و ابتزاز الدول الأوروبية على قبول هؤلاء في بلدانهم واتهام أي تحرك مانع لنقل هؤلاء بالعنصرية علما ان الكيان الصهيوني لا يسمح في قبول أي مهاجرين مهما كانت الأسباب الا اذا استطاع المهاجر ان يثبت ان والدته يهودية !؟ أحد اهداف تفريغ شعوب هذه الدول العربية من سكانها هو لتمكين المشروع الصهيوني من التوسعة في المستقبل لأنه حاليا الكيان الصهيوني لا يملك العدد الكافي من اليهود للاستيلاء على أراضي دولتهم المزعومة لأن حاليا عدد السكان لديهم لا يسمح بذلك وأيضا هناك قنبلة سكانية عربية فلسطينية في طريقها للتفجر والصعود عدديا في المستقبل ومن هنا نفهم السبب لأصدار قانون يهودية الدولة في الكيان العبري والذي أيضا يريد منع هذا التفجر والزيادة السكانية الفلسطينية.
اذن عند وجود هذا الكم المليوني من المهاجرين العرب بالإضافة الى المهاجرين من ليبيا ودول إسلامية أخرى مثل أفغانستان والتي تم تدميرها في صورة ممنهجة بواسطة حلف الناتو، هنا المطلوب صهيونيا احداث تصادم حضاري بين مختلف حضارات العالم في المواقع الأوربي والتركيز على قوة القانون في خلط تلك النساب والأعراق واجبار توظيف المهاجرين في اعمال ليس لهم خبرة فيها ولا اختصاص.
ان التصادم هو ما سيحصل طبيعيا في مثل هذه الظروف و هذا التصادم سيخلق بيئة عدوانية عند الشعوب الاوربية يجعلهم يكرهون كل ما هو مسلم و كل ما هو شرقي و هذا يخدم صناعة الرأي العام في أي رغبة صهيونية و قرار مستقبلي لهم في التوسع الاستيطاني واي توسع عسكري لحلف الناتو و مع هذا الخلط المبرمج داخل أوروبا و مع نشر اللوطية و الانحرافات الجنسية و تفكيك الاسرة و خلط الأعراق فهذا سيخلق بيئة ضعيفة فكريا بلا منطق او فكر او إيدلوجية و بلا شخصية اجتماعية او فردية و من هنا سيصبح من السهل صناعة التحكم و السيطرة و توجيه الرأي العام و هذا ما شاهدناه و رأيناه مؤخرا في حركة “السود مهمين” و في ازمة وباء الكورونا و في الحرب الروسية الأوكرانية.
اذن علينا ان ندرك ونفهم ان مع مسألة خلط الانساب والأعراق فأن أوروبا ستصبح كما هي عليه الولايات المتحدة الامريكية ذات المشروع الفاشل رأسماليا اما الكيان الصهيوني فيظل كما يخططون “يهوديا” ك “عنصر”، ومن هنا أهمية القنبلة السكانية العربية الفلسطينية المجنسة إسرائيليا إذا صح التعبير ومن هنا يتفجر الخوف الصهيوني لأنهم يعرفون ان هذه القنبلة هي مقتلهم في المنطقة العربية وقد تكون نهاية اليهود حيث ان قرابة نصف يهود العالم يسكنون في دولة فلسطين العربية المحتلة صهيونيا منهم.
لماذا يتعاون النظام الطاغوتي الربوي العالمي مع الصهاينة في هذا المشروع؟ فليس كل المتمولين ماليا و التجار في المنطقة الاوربية من اليهود او الصهاينة , ان ذلك يتلخص في ان هناك مشكل سكاني أوروبي يتعلق في “قلة الانجاب” حيث تتراجع إعداد الشباب هناك بحيث هناك حاجة ملحة لتشغيل النظم الإدارية و التجارية والمعامل و المصانع والمستشفيات…الخ هناك و أيضا علينا ان نعرف ان هناك زيادة و توسع في اعداد كبار السن و العجزة بما يتطلب رعاية خاصة لهم في مختلف المجالات فيتطلب الامر من نظرة رأسمالية مصلحية “بحتة” استقطاب كتل بشرية شبابية من بلدان اخري وهنا الميزة المصلحية ان يكونوا من خارج بلدان اوروبا حيث انهم لا يعرفون حقوقهم الوظيفية و يتم استغلالهم في مختلف الوظائف المهنية و العمل في ساعات أطول في أجور اقل….الخ من الاستغلال الوظيفي المصلحي و هناك أمور أخرى تفصيلية.
اذن علينا الادراك و الوعي و المعرفة و الانتباه لهكذا مخططات تطبيقية حركية يتم تنفيذها على ارض الواقع الملموس و المحسوس و المشاهد لمن يريد ان يعيش البصيرة و الرؤية الحقيقية و ان يقرأ ما يجرى بعقله فتحركات تلك الثلاثية ستصبح اكثر شراسة و عنف في واقعنا العربي حيث ان العالم يتحول الى عالم متعدد الأقطاب و هناك مراكز جديدة للقوى العالمية الإمبراطورية كالصين و روسيا و حلفائهم سيكونون موجودين وحاضرين و هم حاليا يواجهون ما يجري من مشروع نيو ليبرالي “الليبرالية الجديدة” و ما حدث في أوكرانيا خير دليل على ذلك كأحد مواقع تفجر صراع الأقطاب.
ان علينا العمل على بناء ثنائية الدين و القومية العربية الحقيقية التي تصنع لنا نطاق حماية من خلال بناء نظام للقيم للأنسان العربي تحميه و نصنع له لقاح المناعة الذي سيواجه بها ويقاوم ويحارب كل هذا الشر و برمجة اللوطية القذرة الساعية الى دمارنا كلنا , و هذا الامر مهم للجميع ك “أنظمة رسمية عربية ” و ك “شعوب” , و سيأتي اليوم الذي سيتم الطلب من الجميع القبول باللوطية و الانحرافات السلوكية و سيتم وضع حديدة التحدي الملتهبة بالحرارة امام عيون الجميع الأنظمة و الشعوب لتطلب منهم في إهانة و شتيمة و اذلال و مهانة ان يقبلوا تلك الأمور دينيا وان يشتموا مقدساتهم الدينية , فهل هناك من سيقبل ؟
لن اجاوب على هذا السؤال!