يبدو أنَّ صناعة الثأر الأقليمي بدأت تُثبت لنا بأنَ العراق ليس بلدنا ونحنُ غرباء فيهِ وان مواطنيه الاصليين هم داعش ومن يدعمهم ، لكن من منا لايجزم بأن حب الوطن زُق لنا كحليب امهاتنا منذُ ان ابصرناه وتنفسنا هواءهِ كلنا شُركاء في هذهِ البقعة التي لم تشهد سوى دماء وألم واغتيالات وتقلبات ملكية سياسية وانهيارات اقتصادية تلتها حروب مُنهِكة وجوع ومقابر جماعية واقتتالات داخلية وصناعة طغاة بأشكالهم واخيراً احتلالات وحروب اهلية وتكتلات طائفية سائرة الى تقسيمِ البلاد فلم يبقى لنا إلا هذا الخيار الذي يحتضر منذُ الولادة وحتى حينما نقف لنفكر قليلاً نتهم ونقذف ونذم الوطن بعاهاتنا المستديمة وبدلاً من ان نجدَ الحل نقوم بشدِ الحبل كي يُقطع ، حين ننظر الى واقعنا الافتراضي كما عمليتنا السياسيةِ الهرمة نجد انهيار تام للرؤية الصحيحة في حفظِ الارواح ، مثلاً ازمة حرب الدولة على داعشٍ نجد ان انقساماتنا اخذت شاكلتها الفوضوية التي اصبح فيها الجيش وبعض العشائر من جهةٍ وداعش وبضعة عشائر من جهة اخرى اما البعض الآخر فقد اخذ الليل غطاءاً لعمالتهِ اذ يقاتلُ داعش صباحاً مع الجيش وليلاً يقتل الجيش بازدواجية مرتزقة من نوع تأسلمي اخر فأذا كان يتبع الرسول كما يدعي فهل تناسى ان الرسول جعل الاسير يُعلم من حولهِ القراءة مقابل حريته فكيفّ اذن يطعن من الخلف كل من يحتمي بهِ وبأصولهِ العربية ، المُشكلة اصبحت ان كل من ينبع من اصولٍ جنوبيةٍ فهو صفوي بانظارهم وبدأت الفكرة تتبلور ايضاً ان كل من يسكن الجانب الغربي هو داعشي وقاعدي اذن نحنُ جميعاً بفكرنا المسموم نُزيد الطين بلة وندفع بأجيالنا وبلادنا الى الهاويةِ، اما السياسيين بالداخل والخارج فمستمتعين بنومٍ وما لهم من ليلٍ فهو على وسادة ملكية متمسكين بها الى حينٍ غير معلوم عسى ان يكونَ الخلود من نصيبهم فبكلماتٍ تسقطُ سهواً اوبالقصد من افواههم يذبحونّ العشرات كما يحدث اليوم فحين يتكلم وزير الدفاع السعودي عن اقتحامِ العراق لتخليص مجاميع داعش الارهابية نعلم مدى اهميتهم في المنطقة فقد تم صناعتهم وبُذخت اموالاً طائلة لايصالهم الى العراق وتغلغلهم وسط المجتمع لينتجوا لنا في النهاية صناعة جديدة للثأر الازلي القائم أصلاً منذُ اقدم الازمنة ،أما الحكومة فتبحث عن فرضِ سيطرتها وطرد كل من يحمل السلاح ويخالف القانون ويعمل على ذلك والشعب يريدُ الحياة لا اكثر ويحتاج الى مقوماتِ الاستمرار في مسيرتهِ ولكن كيف ان لم تكن ثورة الشعب بداخلهِ فلا نفع منها وان لم يثور المواطن في داخلِ نفسه ويُسقط كل تفكيرٍ مسموم يدور في خلدهِ ويتصالح مع ذاته ويحفز ضميرهِ على الصحوةِ ويكبح منظر الدماء والقتل والعنصرية في داخل عقلهِ الباطن بعدها فقط يستطيع ان يتسامح مع من حولهِ ويتفق فكرياً مع الاخر ليميز الامور السلبية التي تضر المجتمع ، حينها فقط سنلمس التحرك للثورة الصحيحة بوجهِ من ارادَّ به السوء .