كتب الخبير النفطي العراقي الاستاذ حمزة الجواهري مقالا تحت عنوان ( مصفى ميسان والضّجة المفتعلة ) , وهذا المقال منشور في صفحة الاستاذ الجواهري في موقع الحوار المتمدن وبعض المواقع الألكترونية العراقية , والحقيقة هذه هي المرّة الأولى التي أشعر فيها أنّ الاستاذ حمزة الجواهري لم يكن مقنعا في تبريراته حول الضّجة التي أثيرت حول مصفى ميسان والتي جائت عقب الرسالة التي وجهها الأكاديمي العراقي الدكتور مثنى كبة إلى رئيس الوزراء نوري المالكي , والاستاذ الجواهري معروف بمنطقيته العالية وحجته القوية في طرح وجهات نظره , خصوصا فيما يتعلق بالملف النفطي العراقي والخلاف القائم بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان , وله الفضل في تبيان الحقائق المتعلقة بهذا الملف المهم والخطير , وكاتب هذه السطور من المتابعين للاستاذ الجواهري في جميع دراساته ومقالاته القيّمة التي تناولت هذا الملف .
ولا أدري ما الذي دفع باحثا وخبيرا كبيرا كالاستاذ الجواهري في التقليل من حقيقة الشبهات التي أثيرت حول مصفى ميسان , فربما هو يهدف من خلال هذا المقال إلى عدم إضعاف موقف وزارة النفط الاتحادية في مواجهتها لحكومة الإقليم الساعية إلى تصدير النفط عبر الأنبوب الكردي إلى تركيا دون موافقة الحكومة الاتحادية , وهذا التبرير مقبول لحد ما إذا كان الهدف منه تعضيد موقف وزارة النفط في صراعها مع حكومة الإقليم الخارجة عن القانون , لكنّ هذا لا يعني أنّ ملف مصفى ميسان خال من شبهات الفساد التي حامت حوله , والقول بأن العقد لم يكن سوى مذكرة تفاهم , يحتاج إلى وقفة خصوصا بالنسبة للاستاذ الجواهري , فهل يعقل أن التوقيع على مذكرة للتفاهم مع شركة صغيرة بحجم شركة تاساريم السويسرية يحتاج إلى احتفال يحضره رئيس الوزراء ونائبه لشؤون الطاقة ووزير النفط وكبار مسؤولي الدولة ؟ وإذا كانت وزارة النفط الاتحادية لم تفلح بإقناع شركات العالم المتخصصة بإنشاء مصافي النفط بالرغم من كل التسهيلات والضمانات التي قدّمتها , فكيف بشركة صغيرة لا يتجاوز رأسمالها رأسمال محل للبقالية أن تقنع شركات العالم الكبرى والمؤسسات المالية الممولة لهذا المشروع ؟ ثم ما دافع المبالغة في كلفة إنشاء المشروع إن لم يكن لأسباب تتعلق بارتفاع اسهم هذه الشركة الصغيرة في سوق الأوراق المالية ؟ وما حقيقة ما يتردد من اتهامات وشبهات جول دور السيد رضا الشهرستاني في هذا الموضوع ؟ ثم ما الذي يجعل من شركة صغيرة بهذا الحجم التفكير في أن تكون وسيطا بين الحكومة العراقية والشركات والمؤسسات المالية الكبرى دون أن يكون لهذه الشركة علاقات مشبوهة مع مسؤولين نافذين في مواقع القرار ؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات مقنعة وليس إلى تبريرات يراد منها التقليل من شأن الشبهات المثارة حول الموضوع .
وبالرغم من عدم قناعتي بتبريرات الاستاذ الجواهري في هذا الموضوع , إلا إنّ هذا لا ينفي الدور الوطني الكبير الذي ينهض به الاستاذ الجواهري في تصديه لملف النفط في العراق وتعريف العراقيين بخطورة النهج الذي تنتهجه حكومة إقليم كردستان في تفريطها بحق العراقيين في نفطهم , وكما يقال اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .